رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

أرباح متوقعة وطفرة اقتصادية فى 2026.. قناة السويس تترقب ما بعد قمة السلام


23-10-2025 | 17:40

.

طباعة
بقلـم: د. عبد المنعم السيد

تُعَد قناة السويس من أقدم وأهم الممرّات المائية العالمية، إذ تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط مباشرة، وتُشكّل شريانًا حيويًا للتجارة العالمية بين آسيا وأوروبا، ومنذ افتتاحها عام 1869، شكلت ميزة استراتيجية لمصر، ومصدرا رئيسيا للعملة الصعبة من خلال رسوم ترانزيت السفن وحجم الشحن المار، وبلغت ايرادات القناه نحو 10,3 مليار دولار.

إلا أنه فى السنوات الأخيرة، وبوجه خاص منذ اندلاع النزاع فى قطاع غزة، وتأثر الوضع الأمنى الإقليمى، تضررت حركة الملاحة والتجارة العابرة للقناة بشكل كبير، ما أدّى إلى تراجع كبير فى عوائدها، حيث فقدت مصر أكثر من 65 فى المائة من عوائد قناة السويس خلال عامى 2024 و2025، وقبل حرب الإبادة الإسرائيلية، تجاوز عدد السفن المارة فى عام 2023 حاجز الـ26 ألف سفينة تقريبًا، مقابل حوالى 13 ألفا فى 2024 بعد الأزمة فى غزة.

ورغم ذلك، فإن قناة السويس مازالت أحد المصادر المهمة للعملة الأجنبية لمصر، وتُعد من الأصول الاستراتيجية التى تُعزّز موقع البلاد فى المشهد التجارى العالمى، خاصة أن المزايا التى تجذب الخطوط الملاحية لاستخدام القناة تشمل تقليل المسافة الزمنية مقارنة بالمدار حول رأس الرجاء الصالح، تخفيض استهلاك الوقود وتكاليف التشغيل، تقليل المخاطر اللوجستية مقارنة بالمسارات الأطول، كذلك البنى التحتية والتسهيلات فى القناة، مثل نظام التوافد والإرشاد الملاحى، والبنية التنظيمية التى تدير عمليات العبور.

لكن هذه المكاسب جاءت مصحوبة بمخاطر سياسية وأمنية، وهو ما برز بقوّة خلال الأزمة الإقليمية الأخيرة، لكن منذ نهاية 2023، تبنّت جماعة الحوثى فى اليمن، استهداف السفن المارة بمنطقة البحر الأحمر وباب المندب، خاصة تلك التى تعتقد أنها ذات صلة بدعم إسرائيل، التى ترتكب إبادة جماعية فى حربها على قطاع غزة..

هذه الهجمات الحوثية، شملت إطلاق طائرات بدون طيار، صواريخ، وحتى مهاجمة سفن تجارية، ما تسبب فى حالة من الذعر لدى شركات الشحن، ودفع كثيرًا منها إلى إعادة توجيه مساراتها بعيدًا عن القناة، إلا أنه نتيجة لهذا التهديد الأمنى، بدأت سفن الحاويات والبضائع الكبيرة فى تجنب قناة السويس، وقررت استخدام الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح (جنوب إفريقيا) لتجنّب المرور بالمناطق المهدَّدة.

هذا الصراع العسكرى، تسبب فى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس خلال أول شهرين من عام 2024، وانخفض حجم التجارة العابرة للقناة بنسبة نحو 50 فى المائة مقارنة بنفس الفترة من 2023، ونتيجة الانخفاض الحاد فى حركة السفن، شهدت عوائد القناة تراجعًا كبيرًا فى 2024، حيث انخفضت الإيرادات إلى حوالى 3.991 مليار دولار مقابل نحو 10,3 مليار دولار فى 2023.

ومع إعلان عقد قمة سلام فى مدينة شرم الشيخ، فى محاولة دولية لإعادة استقرار الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط والتوصل إلى حلول سياسية للأزمات المندلعة، خصوصًا الحرب فى غزة والنزاعات المرتبطة بها مع وقف إطلاق النار، ورفع الحصار وعودة الفلسطنيين إلى ديارهم، وبالتالى انخفاض حدة الاضطرابات الجيوسياسية، ختامًا بإعادة إعمار غزة.

هذه القمة التى استضافتها الدولة المصرية، من شأنها أن تشجع شركات الشحن وتعيد ثقتها فى العودة إلى قناة السويس، وتبدأ فى إعادة قِطاع من أسطولها إلى المرور بالقناة تدريجيًا، وحال إتمام ذلك، وفى غضون 6 إلى 12 شهرًا، ستبدأ الأرقام فى التعافى نحو مستويات ما قبل الأزمة ربما تصل إلى ذروة العام 2023.

وقد تضطر القاهرة إلى تقديم حوافز مؤقتة، مثل خصومات على رسوم مرور السفن الكبيرة أو فترة انتقالية لتشجيع العودة، وهو ما قد يؤثر على صافى العوائد فى البداية.

ولاشك عند عودة الملاحة قد تتكبد مصر استثمارات لتعزيز الأمن، مثل مراقبة السفن، وإنشاء منظومات إنذار أو دفاع جوى أو بحرى، وصيانة إضافية للبنية التحتية، هذه التكاليف قد تقتطع من الفائض الصافى للعوائد، إلا أنه بالإضافة إلى رسوم إيرادات العبور، يمكن للقناة أن تستفيد من خدمات أخرى متعلقة بالملاحة مثل: الصيانة، الإرشاد، الإدارة اللوجستية، مرافئ تحويل، خدمات إضافية للسفن العابرة، ما يُخفّف الضغط على الإيرادات من جانب واحد، ومن المؤكد أن التنسيق مع شركات الشحن العالمية، وفتح قنوات حوار مع أكبر الخطوط الملاحية، تقديم ضمانات مخصصة، وإشراكهم فى مراحل التنفيذ لضمان أن احتياجاتهم مأخوذة فى الحسبان.

ومن المتوقع أن عام 2026 قد يكون نقطة تحول للاقتصاد المصرى، إذا صمد الاتفاق، وعادت الملاحة للقناة لما كانت عليه، ما سيؤدى إلى عدة مكاسب منها: استعادة الإيرادات من عبور السفن، تقليل الخسائر السنوية المتكررة، وتعزيز النمو الاقتصادى الكلى وزيادة الحصيلة الدولارية، ما يساعد فى تقليل الطلب على العملة الخضراء، وتقليل الاستدانة من الخارج، كما أنه أحد عوامل خفض سعر الدولار مقابل الجنيه المحلى، وأيضًا زيادة الاستثمار فى المنطقة الاقتصادية للقناة، كذلك تقوية صورة مصر الإقليمية والدبلوماسية أمام العالم، الأمر الذى سيساعد على تحفيز القطاعات المرتبطة، خاصة مجالات السياحة، الخدمات اللوجستية، والنقل البرى.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة