الدعوة كذلك فن، فالدعاة الناجحين قادرين على التعبير عن القضايا بشكل يحث الآخرين ويحفزهم على التنفيذ. إن لديهم إحساسًا شديدًا بالوقت، وقادرين على التعرف على الفرص عند ظهورها والتصرف عندما تحين الفرصة. إن الدعاة الناجحين مفاوضون مهرة ويستطيعون الحصول على الإجماع والتأييد لقضيتهم. إن فن الدعوة لا يمكن تعليمه من خلال دورة تدريبية، ولكنه بلا شك ينبثق من سمات فريق الدعوة أنفسهم.
يصعب تعريف الدعوة كمفهوم فى كثير من اللغات والثقافات التى تهتم بتغيير اتجاهات المجتمع نحو قضية بعينها. وأهم الاعتبارات التى يجب مراعاتها عند تعريف الدعوة، هى أن التعريف يجب أن يكون له معنى فى اللغة والثقافة المحلية وبالنسبة للمنظمات والأشخاص الذين يتولون هذا العمل.
إن الدعوة أولًا وأخيرًا عملية تحدث فى وقت غير محدد، أحيانًا يكون قصيرًا وفى كثير من الأحيان يكون طويلًا. كما أن الدعوة استراتيجية تستهدف أنشطة مصممة تصميمًا جيدًا وموجهة لجذب انتباه المجتمع والمهتمين إلى قضية مهمة والتأثير عليهم لدعمها وتبنيها وتوجيه متخذى القرار لحلها. وفى النهاية، فإن الدعوة قد توجه نحو تبنى قضية معينة أو للتأثير على السياسات، والقوانين، والنظم، والبرامج أو التمويل، وهى قرارات تتخذ على عدة مستويات تبدأ بالأسرة وتنتهى بالمستويات العليا للمنظمات الحكومية أو غير الحكومية.
فمثلاً فى إطار تبنى مفهوم الأسرة الصغيرة فإن جهود مجموعة الدعوة توجه إلى الشباب والمراهقين باعتبارهم متخذى القرار بالنسبة لحجم أسرهم فى المستقبل، أو إلى الرجال لتشجيعهم على أن يكونوا أكثر إيجابية فى صنع القرار الخاص باستخدام زوجاتهم لخدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، أو إلى مجلس إدارة الوحدة الصحية لتوفير طبيبات فى الوحدات الصحية التابعة لوزارة الصحة والسكان فى أوقات محددة، أو توفير الاستشارات فى مجال الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة للشباب حديثى الزواج والمقبلين على الزواج.
وعادة ما تتشكل مجموعة الدعوة من: المتطوعين من القيادات المحلية الطبيعية والتنفيذية والشباب والقيادات النسائية.
وهناك نماذج أخرى لتعريفات الدعوة
الدعوة هى “الفعل أو عملية دعم مبادرة أو قضية”. حملة الدعوة هى مجموعة من الإجراءات الموجهة لدعم فكرة أو قضية ونحن ندعو لفكرة أو قضية لأننا نريد أن: نبنى الدعم للمبادرة أو القضية من خلال التأثير على الآخرين لدعمها، أو محاولة تغيير الأنشطة والبرامج التى تؤثر عليها.
والدعوة هى المناصرة، وجذب انتباه المجتمع إلى قضية مهمة، وتوجيه متخذى القرار إلى حلها، والعمل مع الأفراد والمنظمات من أجل إحداث التغيير.
الدعوة هى مجموعة من الخطوات الموجهة إلى متخذى القرار لتأييد وتبنى حل مشكلة متصلة بالقضية السكانية.
والدعوة أن تنقل رسالتك إلى الآخرين حتى يكون هناك تفاهم عام حول بعض المشكلات مثل انتشار الحمل المبكر ووفيات الأمهات الناتجة عن ذلك، التسرب من التعليم وما يترتب عليه من عمالة أطفال وزواج قاصرات وخفض المساهمة فى سوق العمل وغيرها من المشكلات، وكذلك التفاهم حول التغييرات اللازمة فى السياسات والقوانين والخدمات لحل هذه المشكلات.
والدعوة ليست مجرد أن تطرح مجموعة جديدة من الاهتمامات، ولكنها تعنى تغيير حجم المؤثرين والمؤيدين. تتكون الدعوة من استراتيجيات مختلفة موجهة نحو التأثير على اتخاذ القرار على كل المستويات فى المجتمع (الأسرة، الهيئات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، الجهات الممولة) حسب نوع القضية والمهتمين.
فالدعوة هى فن التأثير على الأفراد لإحداث تغيير إيجابى فى القضية السكانية من خلال حل مشكلة محددة فى مكان محدد.
غالبًا يحدث خلط فى كثير من الأحيان بين الدعوة والمفاهيم الأخرى مثل الإعلام والتعليم والاتصال, تعبئة المجتمع. لذلك فإن شرح هذه المفاهيم سيساعد على الحد من الخلط بين التعريفات.
الإعلام والتعليم والاتصال: هو إعطاء معلومات من خلال وسائل الاتصال المختلفة. يستهدف الإعلام والتعليم والاتصال أفراد وفئات معينة فى المجتمع مثل النساء، الرجال، الشباب, سكان منطقة جغرافية معينة وأحيانًا القيادات، ويختلف الجمهور من حملة إعلامية لأخرى, إلا أنهم يشكلون جمهورًا محددًا طبقًا للنوع, العمر، المنطقة الجغرافية.. الخ. تهدف الحملة الإعلامية إلى زيادة المعرفة ورفع الوعى. يقاس نجاح الحملة الإعلامية بمدى التغير فى المعرفة والمعلومات والممارسة من خلال البحوث والدراسات والإحصاءات الخدمية. يقوم بالحملات الإعلامية مسئولو الإعلام ومقدمو الخدمة، سواء الصحية أو التعليمية أو التدريبية وغيرها.
تتضمن جهود الدعوة غالبًا مكون الإعلام والتعليم والاتصال لزيادة وعى الجمهور المستهدف، ولكن الدعوة لا تنتهى عند زيادة الوعى، ولكن تتم عملية الدعوة عندما يتبنى الجمهور المستهدف القضية ويعمل على حلها بإتخاذ قرار بشأنها.
تعبئة المجتمع: تعنى تقييم وضع مبنى على المشاركة الاجتماعية وعمل اجتماعات لأعضاء المجتمع وقياداته لحث المجتمع على المشاركة. يهدف إلى بناء قدرة المجتمع على ترتيب احتياجاته واتخاذ الإجراءات. ويُقاس النجاح بمدى القدرة على تحديد قضايا مجتمعية وحلها من خلال مشاركة المجتمع، وما إذا كانت المشاركة فعالة أم لا. يقوم بتعبئة المجتمع أعضاء المجتمع ومنظماته.
الدعوة: تعنى بناء الدعم لمساندة وتبنى قضية معينة واتخاذ قرار بحلها. تستهدف متخذى القرار على مستوى الأسرة وأصحاب المصلحة (المتأثرين بالقضية)، وصانعى السياسات والبرامج، والمخططين. تهدف إلى تبنى القضية وتغيير الخطط والبرامج أو تغيير اتجاهات وسلوكيات متخذى القرار. تقاس بمدى خلق مجموعة مساندة تتبنى وتدعم القضية، أو مدى التغيير فى الاتجاهات والسلوك، أو إصدار قرار جديد أو إلغاء قرار يساعد فى حل القضية أو جلب الموارد لتحقيق الهدف سواء موارد مالية- مادية- أو عينية.
وتنحصر خطوات الدعوة لكسب التأييد إلى الخطوات التالية:
تحديد القضية: تبدأ الدعوة بقضية أو مشكلة يتفق فريق الدعوة على تبنيها أو مساندتها من أجل إحداث التغيير المنشود فى موقف المجتمع أو متخذى القرار تجاه هذه القضية. ويجب أن تنطبق على هذه القضية المواصفات التى يتفق عليها الدعاة (مثال: أن تكون القضية محددة، واضحة وهناك اتفاق عام عليها بين أعضاء فريق الدعوة).
تحديد الغاية والأهداف المحددة: الغاية هى مصطلح عام يعبر عما يأمل فريق الدعوة فى تحقيقه على المدى الطويل (من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات), الهدف المحدد للدعوة يصف نتائج قصيرة المدى، محددة، وقابلة للقياس وواقعية ومناسبة وتساهم فى تحقيق الغاية من الدعوة.
تحديد الجمهور المستهدف: يتشكل الجمهور المستهدف لحملة الدعوة من:
الجمهور المستهدف الأولى: هو الجمهور الذى لديه القوة لتحويل هدف الدعوة إلى فعل.
الجمهور المستهدف الثانوى: يتضمن الأشخاص والمؤسسات القادرة على التأثير فى الجمهور الأولى مثل القيادات الدينية، المحلية، المهتمين، الأحزاب، والتكنوقراط (الفنيين)، الجمعيات الأهلية، والإعلاميين.
بناء الدعم: يعد تكوين مجموعة من المؤيدين لدعم أو تبنى قضية الدعوة التى يدافع عنها الدعاة ذا أهمية كبيرة لتحقيق النجاح، فكلما زادت قاعدة المؤيدين، زادت فرص النجاح. وعلى فريق الدعوة أن يعملوا على تكوين علاقات مع المنظمات الحكومية أو غير الحكومية الموجودة فى المجتمع، الممولين، الجمعيات النشيطة فى المجتمع، والأفراد الذين يدعمون القضية ومستعدين للعمل من أجل تحقيق أهداف الدعوة.
إعداد الرسالة:
تعد رسائل الدعوة ويتم بلورتها لتوجه إلى جمهور مستهدف محدد من أجل تعريفه بحجم القضية وإقناعه بدعم موقف الدعاة. وهناك ثلاثة أسئلة مهمة يجب الإجابة عليها عند إعداد رسائل الدعوة وهيّ: مَن هم الذين تسعى للوصول إليهم من خلال الرسالة؟ ما الذى تبغى تحقيقه عن طريق الرسالة؟ ما الذى ترغب فى أن يقوم مستقبل الرسالة بعمله بعد استقباله للرسالة؟ (الإجراء الذى ترغب فى تحقيقه).
اختيار قنوات الاتصال:
يعتمد اختيار أنسب الطرق لنقل رسائل الدعوة على نوعية الجمهور المستهدف. وتختلف الطريقة التى يتم اختيارها بحسب الجمهور، التكلفة، احتمال التعرض لأخطار، والتواجد لشخصية لها تأثير. تتضمن قنوات الاتصال الأكثر شيوعًا لمبادرات الدعوة المقابلات الجماعية، وندوات يديرها متخصصو وقيادات المجتمع المحلى (الطبيب- إمام المسجد)، أو اجتماعات فى حالة أخذ قرار بتغيير سياسة، أو برامج....... إلخ.
تعبئة الموارد المحلية:
يمكن لحملات الدعوة الاستفادة بصورة دائمة من الموارد المحلية المتوفرة فى المجتمع المحلى. ويمكن أن تساعد الموارد المحلية فى توفير أماكن لعقد لقاءات أو ندوات وذلك من خلال التعاون مع الجهات الموجودة مثل مديرية الشباب، أندية المرأة، الجمعيات الأهلية، مقرات الأحزاب. وكذلك الاستعانة بالقيادات الدينية والطبيعية وطبيب الوحدة ومدير تنظيم الأسرة وأساتذة الجامعة والمتخصصين عند عقد ندوات مع المجموعات المستهدفة من الدعوة.
التنفيذ:
على فريق الدعوة أن يقوم بإعداد خطة تنفيذية لتوجيه حملة الدعوة، ويجب أن تتضمن هذه الخطة الأنشطة والمهام والأشخاص المسئولة عن التنفيذ، والوقت المحدد للتنفيذ وكذلك الموارد المطلوبة.
الأنشطة المستمرة:
هناك أنشطة مستمرة خلال خطوات الدعوة.
فجمع المعلومات: يدعم جمع المعلومات كثيرًا من مراحل عملية الدعوة الموضحة فى النموذج، فعلى فريق الدعوة جمع وتحليل المعلومات لتحديد واختيار القضية، بالإضافة إلى إعداد أهداف الدعوة، وصياغة الرسائل، وتوسيع قاعدة الدعم، والتأثير على الجمهور المستهدف. إن جمع المعلومات نشاط مستمر طول مدة حملة الدعوة.
متابعة وتقييم:
كما هو الحال مع جمع المعلومات، فإن المتابعة والتقييم تتم طوال عملية الدعوة. يحدد فريق الدعوة كيف سيقوم بمتابعة خطته التنفيذية للدعوة قبل البدء فى حملة الدعوة. يجب على المجموعة أن تقرر كيف ستقوم بالتقييم أو قياس التقدم والنتائج. هل يتوقع فعليًا أن يحدث تغييرًا فى الأفكار أو البرامج كنتيجة لهذه الجهود؟ وبالتحديد ما الذى سيتغير بعد انتهاء حملة الدعوة؟ كيف ستعرف المجموعة أن الوضع قد تغير؟
وللحديث بقية