يُعد هنري برسل أحد أعظم المؤلفين الموسيقيين في تاريخ إنجلترا، ويمثل جسراً بين الموسيقى الباروكية الإنجليزية والنماذج الأوروبية، وُلد في لندن لعائلة موسيقية؛ كان والده رئيس المرتلين في وستمنستر، وعمه ملحناً ملكياً، مما وفر له بيئة خصبة لتطوير موهبته منذ الصغر.
بدأ برسل كمرتل في الكنيسة الملكية، وسرعان ما اتجه للتأليف، كتب أناشيد دينية لا تزال تؤدى حتى اليوم، في سن الثالثة والعشرين أصبح عازف الأرغن الرسمي للكنيسة الملكية، ثم لاحقاً صانع وصيان آلات موسيقية في البلاط، وهو منصب احتفظ به خلال عهدي جيمس الثاني وويليام الثالث.
أشهر أعماله هي أوبرا "ديدو وإينياس"، التي تُعد أول أوبرا إنجليزية مكتملة، تتميز هذه الأوبرا بعمقها العاطفي وتنوعها الأسلوبي، وتختتم بآريا مؤثرة "حين أُدفن"، والتي تُعد من أعظم المقطوعات الحزينة في تاريخ الأوبرا.
كتب برسل بعدها موسيقى لمسرحيات كثيرة، منها "الملك آرثر"و"ملكة الجنيات"، كما ساهم بأعمال موسيقية في عدد كبير من الاحتفالات والمناسبات الرسمية، منها أعياد سانت سيسيليا وتتويج الملوك.
ألف برسل موسيقى دينية مثل ترتيلة "يا ربنا، أنت أعلم بخفايا قلوبنا" لجنازة الملكة ماري، وأيضاً مقطوعات جنائزية استُخدمت لاحقاً في جنازته هو نفسه.
كما كتب سوناتات وآناشيد لاتينية وساهم في إحياء الطابع الإنجليزي في التأليف الموسيقي بعد التأثيرات الإيطالية والفرنسية التي طغت على المشهد في فترة عودة الملكية.
رغم وفاته المبكرة في سن 36، ترك برسل إرثًا موسيقيًا غنيًا ومتنوعًا يشمل الأوبرا، الموسيقى الدينية، والمقطوعات المسرحية والاحتفالية، ودُفن في وستمنستر آبي، قرب آلة الأرغن التي أحبها طوال حياته.