ما بين دعم وتمويل ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز دور القطاع السياحي كأحد القطاعات المستهدفة في استراتيجية التنويع الاقتصادي، بات جهاز الاستثمار العُماني والمؤسسات التابعة له المحرك المحوري والرئيسي في تعزيز ودعم وتحقيق المستهدفات الوطنية لرؤية "عُمان 2040" التي تهدف إلى بناء اقتصاد معرفي تنافسي.
ولعل إعلان صندوق عُمان المستقبل التابع لجهاز الاستثمار العُماني عن إطلاق محفظته الإقراضية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، يعكس خطوة التوجه الاستراتيجي للصندوق ضمن منظومة دعم ريادة الأعمال، وتكامل أدواره مع المنظومة الوطنية لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، ما يعزز إسهام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في النمو الاقتصادي، ويوفر فرص عمل نوعية للشباب العُماني.
إذ يُوفر الخيار التمويلي الجديد حلولا مالية سريعة لا يتعدى الحصول عليها أسبوعين من تقديم الطلب، وخطة سداد مرنة تساعد أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة، والباحثين عن حلول تمويلية بإجراءات ميسرة للإقراض على تغطية احتياجاتها التشغيلية والنمو بثبات، وهو يُضاف إلى الجهود الوطنية لتعزيز أدوات التمويل وتوسيع نطاق الوصول إلى الموارد المالية لروّاد الأعمال.
ويتم تشغيل هذه المحفظة عن طريق شركة "بيهايف" التي تُعدّ أول منصة متخصصة في حلول التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة منذ عام 2014م، لتكون بذلك أول شركة يُعهد إليها تنفيذ هذا النوع من التمويل ضمن منظومة الصندوق، حيث تعتمد الشركة على أداة تستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل وضع الشركات المتقدمة للحصول على التمويل.
ويُمكن لرواد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة التقديم للحصول على التمويل من خلال الموقع الإلكتروني للصندوق بسهولة ويسر، حيث يتم من خلاله إحالة الطلبات إلى المديرين المختصين بحسب نوع التمويل، وستقوم "بيهايف" بتقييم الطلبات وتنفيذ التمويل بما يتماشى مع معايير الصندوق وأهدافه في تحفيز النمو الاقتصادي المحلي.
المؤكد أن إطلاق المحفظة الإقراضية الجديدة في الصندوق، يأتي تجسيدًا للخطط المرسومة له عند تأسيسه، واستجابةً لمخرجات الجولات الترويجية التي نفّذها الصندوق في مختلف المحافظات العُمانية، والطلبات الكثيرة التي وصلت إليه عبر منصته الإلكترونية منذ إطلاقه في مطلع 2024م ، والتي كشفت عن تفضيل واسع لدى روّاد الأعمال وأصحاب المشروعات للتمويل عبر القروض، بحيث يسهم هذا التمويل في تعزيز رأس المال العامل ليغطي النفقات التشغيلية.
يُذكر أن صندوق عُمان المستقبل وقّع حتى نهاية ديسمبر ٢٠٢٤م على ٤٥ مشروعًا استثماريًّا ضمن القطاعات الاقتصادية المستهدفة، بقيمة إجمالية بلغت ١,٢٤٩ مليار ريال عُماني، من بينها ٨٨٥ مليون ريال عُماني استثمارات أجنبية مباشرة، و٣٣٣ مليون ريال عُماني من استثمارات الصندوق، وتوزعت هذه المشروعات على عشرة قطاعات محلية مستهدفة، وهي تُسهم في توفير أكثر من ١٦٠٠ فرصة عمل، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى تحفيز وتنويع الاقتصاد الوطني وتوفير فرص أعمال ونمو للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة.
ترسيخ مكانة عُمان كوجهة إقليمية وعالمية للاستثمار السياحي
وفي ذات السياق، جاء إعلان مجموعة عمران، التابعة لجهاز الاستثمار العُماني، عن حزمة المشروعات السياحية المتكاملة والاستثمارات المتنوعة الجديدة التي تعزز دور السياحة كأحد القطاعات المستهدفة في استراتيجية التنويع الاقتصادي خلال خطة التنمية الخمسية العاشرة 2021 – 2025 والخطط التنموية المقبلة ضمن تنفيذ رؤية "عُمان 2040".
والمؤكد أن هذه المشروعات تستهدف تنويع مصادر الدخل وروافد نمو الاقتصاد الوطني وتعظيم الاستفادة من المقومات الطبيعية الفريدة والإرث الثقافي والحضاري العريق لسلطنة عُمان لترسيخ مكانتها باعتبارها وجهة إقليمية وعالمية للاستثمار ومقصدًا للسياحة المستدامة.
ولا شك أن تنشيط فاعلية جهود الترويج السياحي في الأسواق والمعارض الإقليمية والدولية، والتنويع المستمر لخيارات السياحة وما تتمتع به سلطنة عُمان من أمان واستقرار يعزز مكانتها بشكل متزايد كوجهة سياحية رائدة، ويحمل تنفيذ الاستراتيجية الوطنية العمرانية آفاقًا واعدة للسياحة في مختلف المحافظات مع تنفيذ مشروعات حضرية غير مسبوقة مثل مدينة السُّلطان هيثم ومدينة صلالة الجديدة ضمن منظومة المدن الذكية والمستقبلية في عدد من المحافظات التي تمثل نموذجا مبتكرا لنمط الحياة الذي يجمع بين مقومات الحداثة والتراث والاستدامة، ويسهم في جلب الاستثمارات التي تعزز مستهدفات التنويع والاستدامة ماليًّا واقتصاديًّا في سلطنة عُمان.
ووفقاً لمؤشرات التقييم العالمية والجدارة الإئتمانية، فإن سلطنة عُمان خلال خطة التنمية الخمسية العاشرة تقدمت بشكل متواصل في تطوير مشروعات البنية الأساسية، وتنفيذ المشروعات التنموية من خلال الموازنة الإنمائية وبرنامج تنمية المحافظات، مما يرفع جاذبية وتنافسية قطاع السياحة ويسهم في تحسين الخدمات السياحية وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وتشجيع وجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، وفتح مجال أوسع لأنشطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتوطين الوظائف وتوفير فرص العمل، وتحفيز الأنشطة الاقتصادية في كافة المحافظات دعمًا لتنفيذ المستهدفات الاجتماعية والاقتصادية لرؤية "عُمان 2040".
يأتي ضمن أهم المشروعات الإنمائية التي تعزز مكانة سلطنة عُمان باعتبارها وجهة أصيلة للثقافة والتراث والسياحة البيئية، افتتاح متحف عُمان عبر الزمان كأيقونة تبرز الطابع الحضاري الفريد لسلطنة عُمان وتعرّف بتاريخ عُمان العريق، كما يوشك على الانتهاء مشروع حديقة النباتات العُمانية التي تعد قيمة مضافة جديدة لتنويع خيارات قطاع السياحة والاحتفاء بإرث النباتات العُمانية الفريد من خلال بيئات تحاكي البيئات الطبيعية وتسهم في الحفاظ عليها، كما تشهد نسبة الإنجاز الفعلي تقدما في أحد أهم المشروعات التي تعزز الهوية والمواطنة والمعرفة والإبداع وهو مجمع عُمان الثقافي الذي يعد صرحًا حضاريًّا فريدًا يبرز تاريخ عُمان العريق ونهضتها المتجددة ومستقبلها الطموح نحو دولة في مصاف الدول المتقدمة.
فضلاً عن أن تنفيذ برنامج تنمية مختلف المحافظات العُمانية الذي يسهم في تعزيز الأثر الاجتماعي والاقتصادي للمشروعات الإنمائية يواصل تحقيق تقدماً في دعم الجوانب الخدمية وتحفيز الأنشطة الاقتصادية وتوفير فرص العمل وتعظيم الاستفادة من المقومات التنافسية في المحافظات.
ونتيجة لما سبق، سجلت مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان 691 مليون ريال عُماني خلال عام 2024، وحقق القطاع معدل نمو مرتفعًا خلال الربع الأول من العام الجاري 2025 بنسبة 11.7 بالمائة ليزيد إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان من 181 مليون ريال عماني خلال الربع الأول من عام 2024 إلى 202 مليون ريال عماني خلال الربع الأول من العام الجاري 2025.
إجمالاً... يمكن القول أن جهاز الاستثمار العُماني هو الذراع الاستثماري لحكومة سلطنة عُمان، ويلعب دورًا محوريًا في تحقيق التنمية المستدامة والاقتصاد المتنوع من خلال إدارة وتنمية أصول الدولة محليًا ودوليًا، يقوم الجهاز بدور أساسي في تعزيز الاقتصاد الوطني، جذب الاستثمارات، دعم القطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، توليد فرص عمل للعُمانيين، ورفد الميزانية العامة للدولة بالأموال اللازمة لضمان الاستدامة المالية.
