تحل اليوم ذكرى ميلاد الكاتب والشاعر الكبير بديع خيري، الذي يعد أحد أبرز كتاب المسرح المصري، وأول من كتب للسينما المصرية، اشتهر بتقديم الكثير من الأعمال المسرحية مع نجيب الريحاني في فترة العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين.
في 17 أغسطس من عام 1893، وُلد بديع عمر خيري في حي المغربلين الشعبي بالقاهرة، فمنذ طفولته، أظهر خيري ميلًا فنيًا مبكرًا، فحفظ القرآن الكريم وكتب أولى قصائده العامية في سن الثالثة عشرة تحت اسم مستعار هو "ابن النيل".
درس في المدارس الأميرية، وتخرج من معهد المعلمين عام 1905، ليُعيّن مدرسًا للجغرافيا واللغة الإنجليزية، قبل أن يعمل في هيئة التليفونات المصرية، مستفيدًا من إجادته للعربية والإنجليزية.
بدأ خيري مشواره الفني بكتابة المونولوجات، ثم انتقل إلى المسرح، فكانت أولى مسرحياته بعنوان «أما حتة ورطة»، انضم إلى جمعية التمثيل العصري، حيث تعرّف على المسرح الفرنسي، وفي عام 1912، التقى بسيد درويش وبدأ في تأسيس فن الأوبريت الراقص، وكان أول أعماله «الجنيه المصري».
في عام 1917، أسّس المسرح الأدبي، وكتب لفرقة عكاشة، ثم دخل عالم السينما، فكان أول من كتب لها في مرحلتيها الصامتة والناطقة، كتب فيلمه الأول «المندوبان»، ثم «العزيمة» و«انتصار الشباب»، وشارك في كتابة الحوار لعدد كبير من الأفلام التي أصبحت علامات في تاريخ السينما المصرية.
عام 1918، وقبل شهور من اندلاع ثورة 1919، التقى خيري بنجيب الريحاني، ليشكلا معًا ثنائيًا فنيًا لا يُنسى، كانت أول أعمالهما «على كيفك»، وآخرها فيلم «غزل البنات»، سافرا إلى الشام واكتشفا الفنانة بديعة مصابني، وكتب خيري أوبريتات شهيرة مثل «العشرة الطيبة» و«الليالي الملاح» و«الشاطر حسن».
بعد عودة سعد زغلول من المنفى، كتب خيري أوبريت «البرنسيس»، ثم توالت أعماله مع فرقة الريحاني مثل «أيام العز»، «الفلوس»، «مجلس الأنس»، و«لو كنت ملك»، وفي عام 1924، كتب مسرحيته التاريخية «محمد علي وفتح السودان»، ونال عنها الجائزة الثانية من وزارة الأشغال.
عندما سافر الريحاني إلى البرازيل، كتب خيري للفنان علي الكسار مسرحية «الغول»، ثم كتب لمنيرة المهدية أوبريت «الغندورة»، الذي حقق نجاحًا كبيرًا، تبعه بأعمال مثل «قمر الزمان»، «حورية هانم»، و«الحيلة».
وُصف خيري بأنه "صانع ثورة في عالم الزجل"، إذ كسر النمط التقليدي بكتابة القصيدة الواحدة على أكثر من بحر شعري، يرى الباحث حسن درويش أن أزجاله كانت تأريخًا واقعيًا للحقبة التي عاشها، بينما اعتبره خيري شلبي "الند الوحيد لبيرم التونسي" في كتابة الزجل المصري الأصيل.
من أبرز أعماله السينمائية: «سلامة في خير»، «سي عمر»، «أبو حلموس»، «العزيمة»، «امتثال»، «30 يوم في السجن»، «أنشودة الراديو»، «لهاليبو»، «أحمر شفايف»، وغيرها، أما في المسرح، فقدّم أعمالًا خالدة مثل «الدنيا لما تضحك»، «السكرتير الفني»، «إلا خمسة»، «الستات ميعرفوش يكدبوا»، و«لو كنت حليوة».
رحل بديع خيري عن عالمنا في 3 فبراير 1966، لكنه ترك وراءه إرثًا فنيًا لا يُنسى، وسيرة إبداعية لا تزال تُروى على خشبات المسرح وشاشات السينما، وفي قلوب عشاق الفن المصري الأصيل.