طبقا لإحصاء رسمى عن خريجى التعليم العالى صادر عن الجهاز المركزى للإحصاء عام 2019 فإن خريجى كليات التجارة فى الجامعات المصرية لم يتجاوز عددهم 100 ألف طالب وطالبة وتحديدا 99٫227 ألف طالب وطالبة، وطبقا للأرقام التى تم تداولها العام الماضى، فقد وصل عددهم إلى 120 ألف طالب وطالبة، ومن ناحية أخرى فهم الأعلى عددا بنسبة 26 فى المائة تقريبا من أعداد الخريجين بكل التخصصات، ولكن المفارقة أنهم مع هذه النسبة فهم الأعلى استحواذا على الوظائف فى سوق العمل والحصول على وظيفة بنسبة تجاوزت 40 فى المائة من سوق العمل طبقا لتحليل متميز أجرته جريدة المصرى اليوم منذ شهور قليلة، ومن هنا تأتى أهمية إطلاق التخصص الجديد فى منح بكالوريوس التجارة وبشعبة جديدة متخصصة لتطوير العمل والأداء.
مناسبة هذا الكلام والمقال أننى حضرت نهاية الأسبوع الماضى جلسة عمل لتدشين هذا التخصص الجديد، فهو يمثل أول شعبة للدراسة الأكاديمية للطلاب فى مرحلة البكالوريوس، وليس لمرحلة الدراسات العليا كما هو موجود حاليا، وإنما التخصص المستحدث سيكون بداية من دخول الطالب بالسنة الأولى وحتى الرابعة بقطاع كليات التجارة، وهو ما أطلق عليه اسم بكالوريوس العلوم المصرفية بالجامعات المصرية الحكومية.
وفى حوار باسم مع د. حسن عبدالله قلت له رغم أننى كنت أدبى لكن فهمت شرح البرنامج وأهميته، فقد أعادت كلماته والشرح للأهمية الشعبة الجديدة وأنها ستكون تمهيدا وتضم ملامح من الشهادات المتخصصة الدولية بعد مرحلة البكالوريوس مثل (CFA)، وهى شهادات عالمية فى عالم البنوك والتخصص، وهى موجودة وتجرى دوليا فى مصر أيضا ودراستها صعبة بالفعل، ولذلك أهمية أن يكون لها تمهيد بسنوات الإعداد الأكاديمى للطالب قبل العمل والتمهيد للحصول عليها، ووصف محافظ البنك المركزى البرنامج الجديد بأن فكرته بدأت منذ عامين ومن القطاع المصرفى، فتوجهنا بالحوار حوله إلى د. أيمن عاشور وزير التعليم العالى وأخذنا فى دراسته بعمق لأنه برنامج أكاديمى وتدريبى فى نفس الوقت وهذه هى أهمية هذا التخصص الجديد أو البرنامج، فالتدريب العملى إجبارى ومنذ الترم الثانى ووفق عدد من الساعات المحددة.
وفى العام الأخير سيكون التدريب هو المحصلة الأكبر لدراسة الطالب؛ أى أن الطالب سيتوفر له ومنذ الترم الثانى بالسنة الأولى، ووفقا لنظام الساعات المعتمدة وعن مراكز التدريب وسيكون مباشرا، وفى قطاع البنوك والأسواق المالية على سبيل المثال، وهى التى ستسعى للطالب والبرنامج وليس العكس، وأضاف نحن حلمنا بهذه الدراسة الأكاديمية والتخصص والخطوة تكون من بدايات الطالب وليس بعد تخرجه وعمله فى الجهاز المصرفى، والكفاءات البشرية مهمة وهى العنصر الرئيسى لأى تميز أو تطوير، والفارق أو من يفرق ويميز بنكا عن آخر هم البشر، لذلك سوف نساهم فى تأسيس هذا التخصص عبر المساهمة بنسبة وتمويل 50 فى المائة من التكلفة له، خاصة أن هذا التخصص أصبح مطلوباً عالميا وليس فقط للعمل فى الداخل وإنما فى الخارج أيضا كميزة تنافسية للشباب المصرى وهو شباب واعد وأتمنى تعميمه فى أكثر من خمس جامعات حكومية فى المراحل القادمة طبقا للخطة الموضوعة.
وهنا لمحت ابتسامة رضا على وجه د. أيمن عاشور وزير التعليم العالى وقال إن الوقت الطويل للدراسة كان لدراسة كل شاردة وواردة به قبل إطلاقه، وأنه أول تطبيق للعلاقة بين الدراسة وبين جهات العمل فى غير قطاع الصناعة أو الزراعة وغيرهما، وأن هذا البكالوريوس الجديد سيكون ثمرة لتعاون بين القطاعين المصرفى والأكاديمى، وأن د. حسن عبد الله هو صاحب الفكرة ونحن الآن نعمل على تخريج الطلاب منذ البداية بالجامعة، ووفق ما تحتاجه التخصصات المختلفة، سواء شركاءنا من الصناعة أو البنوك، والجديد بهذا البكالوريوس أنه تخصص عابر للتخصصات الدقيقة فالطالب سوف يتدرب طوال العام وليس فقط فى الصيف، أى سيقضى الطالب أسبوعه ما بين دراسة أكاديمية لأيام فى الجامعة وأيام كتدريب عملى فى البنك أو غيره من المؤسسات المالية.
البرنامج الجديد سيبدأ فعليا من سبتمبر القادم بعد التعاون مع جامعة نيويورك، لندن. وذلك فى تخصصات إدارة المخاطر، الشمول المالى ويضع مصر وتعليمها على خريطة تخصص العلوم المصرفية الأكاديمية ببرنامج دولى عالمى من أجل التنافسية.
وأضاف د. حسين عيسى رئيس لجنة قطاع الدراسات التجارية بالمجلس الأعلى للجامعات، وبفخر شديد لتخصصه قائلا إن هناك إقبالا عالميا وكبيرا على تخصص المال والبزنس، فهو من أعلى القطاعات عالميا إقبالا ونحن الآن على الطريق بنقلة نوعية تمهيدا لإنشاء جامعة مالية متخصصة تكون نواتها المعهد المصرفى هو الذراع التدريبية للبنك المركزى وحصل على الاعتماد الدولى من 2009 وتأسس المعهد سنة 1991.
البرنامج الدراسى والذى يبدأ بجامعتى عين شمس وحلوان هذا العام سوف يجمع بين المهارات الأكاديمية الأساسيات متطلبات التجارة إلى جانب المتطلبات الأساسية للعلوم المصرفية، بالإضافة إلى برنامج التدريب العملى وهو مكون رئيسى فى برنامج البكالوريوس الجديد، أى أن الخريج سيحصل على وقت التدريب إجباريا ومن السنة الأولى بجانب دراسة المبادئ العامة. ومقررات اختيارية، ومصطلحات باللغة الإنجليزية فى سنة ثانية محاسبة أعلى، وخلال الدراسة بها سوف يذهب للتدريب بالبنك، فى سنة ثالثة إدارة مخاطر الاختيار وسيتم من خلال المعهد المصرفى واللائحة الجديدة تجيز الاستعانة به.
اللافت كما قال كل من تحدث وساهم لخروج البرنامج أن الطلب عالميا يزداد على الالتحاق بتخصص البزنس والأعمال والجهاز المصرفى، وهو ما أكده كذلك تحليل بيانى مهم نشر بالمصرى اليوم منذ عام تقريبا ، ويؤكد ذلك وأن قطاع خريجى كليات التجارة يستحوذ على ما يقرب من 50 فى المائة من سوق العمل، إذن فالأزمة ليست فى توفير التعليم وإتاحته بجودة، وإنما فى ربطه بقضية سوق العمل، وهو عامل متغير والوظائف فى تغير مستمر، فرغم كل ما يقال فإن خريجى التجارة هم الأكثر استحواذا على فرص العمل. إذن فالتعليم وإتاحته يظل هو المعيار الرئيسى لقدرة الطلاب حتى على التحول وأخذ كورسات والبحث عن عمل، وهو ما تؤكده الأرقام أيضا.
ولكن يبقى السؤال الذى ألح على ذهنى، وهو أن البرنامج المتطور والجديد والمهم للغاية سيتاح أولا بالجامعات الحكومية وتحديدا بعين شمس وحلوان ويعقبها القاهرة والإسكندرية، أى من خلال القبول أولا بمكتب التنسيق وفق مجموع الدرجات للطلاب، وهذا جيد فى حد ذاته أى المعيار الموحد للقبول. ولكن هل هذا التخصص المتطور سيكون بمصروفات مرتفعة للغاية أم معقولة أم ماذا؟!.