رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مكاسب مصر الضخمة من زيادة واردات حقول «غاز شرق المتوسط»


16-8-2025 | 14:53

.

طباعة
بقلـم: غالى محمد

بدون أية مهاترات أو مغالطات من الذين لا يعلمون على مواقع التواصل الاجتماعى، يمكن القول إن نجاح مصر فى زيادة الواردات من غاز شرق المتوسط لا يعد «جون» واحدًا فقط، بل انتصار كبير بلغة الاقتصاد، وتأمين لاحتياجات مصر المتزايدة من الغاز الطبيعى، وبما يحقق الهدف الأكبر فى تحقيق الأمن القومى للطاقة.

 

وإذا عدنا إلى الوراء، وتحديدًا إلى عام 2019، كان هناك إمداد من الشركاء الأمريكيين المسئولين عن تشغيل حقل ليفياثان فى شرق المتوسط، أن يتم التعاقد على تصدير نحو 60 مليار متر مكعب فقط فى الاتفاقية التجارية بين الشركاء والمساهمين فى حقل ليفياثان، والتى يصل عمرها إلى 15 سنة فقط.

لكن الجانب المصرى الوطنى، الذى يستحق أن نخلده ونصفق له، أصر على زيادة الكمية المتعاقد عليها إلى 85 مليار متر مكعب فى الاتفاقية التى تم تفعيلها فى عام 2020، وتنتهى فى عام 2035.

وبالفعل استجاب الشركاء فى حقل ليفياثان للإصرار المصرى، وتمت زيادة الكمية إلى 85 مليار متر مكعب حتى عام 2035.

ومع ذلك، وارتباطًا بتحقيق الأمن القومى للطاقة، وفى ظل اتفاقية تجارية بين شركات وليست بين دول، لم يقتنع الجانب المصرى، رغم توريد نحو 85 مليار متر مكعب، وطلب زيادة الكميات التى يتم توريدها.

وبالفعل، تم فى عام 2023 تعديل الاتفاقية فى الملحق وتمت زيادة الكمية التى يتم توريدها إلى 123٫5 مليار متر مكعب، ليس من حقل ليفياثان فقط، ولكن من حقل تمارا أيضًا.

ودون ضجيج، ومن ثم أصبح من حق مصر، وبعد تعديل الاتفاقية فى الملحق رقم واحد، أن تحصل على 123٫5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى من حقلى ليفياثان وتمارا، مما يعنى زيادة التوريدات اليومية إلى أكثر من مليار قدم مكعب يوميًا، ومن الممكن أن تصل إلى 1.2 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز الطبيعى، وطبقًا لمقدرات استيعاب الخطوط الناقلة من عسقلان إلى الشيخ زويد فى شمال سيناء، أو عبر خط الغاز الذى يربط مصر والأردن.

ورغم ذلك، لم يكتفِ الجانب المصرى، من منظور وطنى مائة فى المائة ولتأمين احتياجات مصر من الغاز الطبيعى، سواء لسد الاحتياجات المحلية المتزايدة أو فى إطار تحويل مصر إلى مركز إقليمى دولى للطاقة، وأصر على زيادة الكميات التى يتم توريدها من الغاز الطبيعى من حقول شرق المتوسط، وتحديدًا من حقل ليفياثان الذى تقوم بتشغيله شركة شيفرون الأمريكية، وبالفعل تم توقيع الملحق رقم 2، والذى تضمن زيادة الكميات التى يتم توريدها من الغاز الطبيعى من حقول شرق المتوسط، من 123٫5 مليار متر مكعب إلى 254٫5 مليار متر مكعب، وتمديد فترة الاتفاقية من عام 2035 إلى 2040.

أى أنه لا توجد اتفاقية جديدة، وإنما تم توقيع الملحق رقم 2 بين شركات فى اتفاقية تجارية وليست بين دول.

ومن مزايا زيادة الكميات فى الملحق رقم 2 إلى 254٫5 مليار متر مكعب، أنها أتاحت لمصر احتياطيات من الغاز الطبيعى تصل إلى نحو 10 تريليونات قدم مكعب حتى عام 2040، وهنا نقترب من احتياطيات حقل ظهر.

بل وسوف تزيد الكميات التى تأتى إلى مصر بعد إجراء المزيد من التعديلات النفطية وزيادة القدرة الاستيعابية للشبكة القومية للغاز فى مصر، إلى ما يقترب من 1٫8 مليار قدم مكعب يوميًا فى بعض أوقات السنة، والتى يحددها الجانب المصرى بالاتفاق مع الجانب الآخر.

وهذه ميزة غير مسبوقة، وتساعد فى تأمين احتياجات مصر من الغاز الطبيعى والعودة للتصدير خاصة مع توقعات زيادة الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعى بعد عام 2030.

وإذا كنا قد تحدثنا أن الملحق رقم «2» سوف يتيح لمصر احتياطيات جديدة تصل إلى نحو عشرة تريليونات قدم مكعب، فإن الميزة الثانية أن سعر الغاز الطبيعى الذى سوف نستوردُه من حقول شرق المتوسط، سوف يكون أقل من 50 فى المائة من سعر الغاز المسال الذى نستوردُه الآن، وحتى عام 2040، لا سيما أن السعر يتم تحديده وفقًا لمعادلة مرتبطة بسعر خام برنت.

ومن ثم، فإن الادعاء من قبل إحدى الشركات فى الجانب الآخر بأن قيمة هذه الصفقة سوف تصل إلى 36 مليار دولار، فهذا لا يمت للحقيقة فى شيء، حيث إنها احتسبت ذلك على أسعار مرتفعة وهمية لخام برنت، لأنها شركة مسجلة فى البورصة، ولعبت هذه اللعبة لرفع سعر أسهمها فى البورصة.

وعلى هذا، فإن الصفقة ليس لها رقم محدد، لأن كميات وقيمة التوريدات سوف تتحدد كل فترة ثلاثة أشهر، وفقًا لمتوسط سعر خام برنت.

ووفقًا لكل هذا، فإن زيادة واردات كميات الغاز الطبيعى من حقول شرق المتوسط، ليست إلا عملًا تجاريًا يحقق مزايا عديدة لمصر، ويساعد مصر على توفير مبالغ ضخمة، كان يمكن أن تذهب فى زيادة استيراد الغاز المسال.

وفى جميع الأحوال، فإن البعض الذى يصرح بأن قيمة الصفقة فى عام 2040 سوف تصل إلى 36 مليار دولار – وهذا غير صحيح – عليه أن يعلم أن وارداتنا من الغاز المسال تصل إلى 20 مليار دولار فى العام، لا سيما أن هناك اتجاهًا من قبل المخططين فى وزارة البترول إلى استقدام مركب تغييز خامسة فى ميناء دمياط، لزيادة كميات الغاز المسال المستورد إلى ما يقرب من 4 مليارات قدم مكعب فى اليوم.

إذ إنه بعد المركب الرابع فى ميناء العقبة الأردنى، وفى حالة تشغيله، سوف تصل الواردات من الغاز الطبيعى المسال إلى نحو 3 مليارات قدم مكعب فى اليوم.

وهذا أصبح يحتم التوجه إلى ضرورة إنشاء وحدة تغييز ثابتة، بدلًا من دفع إيجارات يومية لمراكب التغييز، تتجاوز مليون دولار.

وفى جميع الأحوال، فإن واردات مصر من غاز حقول شرق المتوسط، ستكون جزءًا من كميات كبيرة من الغاز الطبيعى المسال المستورد، والتى يمكن أن تصل إلى نحو 4 مليارات قدم مكعب يوميًا، مع استقدام مركب التغييز الخامس إلى ميناء دمياط، وتوقعات زيادة الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعى إلى أكثر من 5 مليارات قدم مكعب يوميًا خلال السنوات الخمس القادمة، إضافة إلى واردات الغاز من حقول شرق المتوسط، الأمر الذى يستوجب وضع تصور لإجمالى المتاح من الغاز الطبيعى، وتحديد ما سيكون للاستهلاك المحلى، وما سيكون للتصدير، أو النظر فى خفض واردات مصر من الغاز الطبيعى المسال بعد عام 2030.

وفى جميع الأحوال، فإن ما تحقق من زيادة واردات مصر من الغاز الطبيعى من حقول شرق المتوسط، هو انتصار تجارى كبير، لأنه إذا لم يأتِ إلى مصر، فأصبح من السهولة أن يتم تصديره بعيدًا عن مصر عبر الاستعانة بمراكب إسالة أو الاتجاه شرقًا لمد أنابيب عبر سوريا إلى تركيا إلى السوق الأوروبية.

ومن ثم، فإن الجانب المصرى يدرك كل هذه التغيرات، ونجح فى توقيع الملحق رقم 2 بكميات كبيرة وبأسعار مغرية قياسًا بأسعار الغاز المستورد المسال.

وعلمت أن الجانب المصرى بدأ الاستعداد لاستيعاب كميات الغاز الطبيعى المستوردة من حقول غاز شرق المتوسط، بإنشاء خط العوجة فى شمال سيناء، للربط بالشبكة القومية للغاز فى منطقة التل الكبير، بطول 255 كيلو مترًا، وليس لهذا الهدف فقط، ولكن لزيادة القدرة الاستيعابية للشبكة القومية، ليكون لها دور كبير فى أن تكون مصر مركزًا إقليميًا دوليًا فى تجارة الطاقة، وخاصة الغاز الطبيعى الذى سوف نعود إلى تصديره بعد عام 2030، وربما قبل ذلك.

وفى الوقت نفسه، سوف تقوم الشركات المسئولة عن حقل ليفياثان بإنشاء شبكة خطوط وتسهيلات فى الجانب الآخر، لاستيعاب الزيادات فى إنتاج الحقل مع تنميته، لزيادة الكميات التى سوف تستوردها مصر.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة