رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

آلاف الشاحنات تواصل شق طريقها إلى القطاع رغم «تعقيدات تل أبيب».. قوافل العزة.. شريان مصرى لـ «إنقاذ الأشقاء»


16-8-2025 | 12:30

.

طباعة
تقرير: محمد رجب

فى وقت تتصاعد فيه الأزمات الإنسانية فى قطاع غزة، تواصل مصر الإصرار على مواصلة دورها التاريخى فى دعم القضية الفلسطينية بشكل يتجاوز حدود الوساطة السياسية، إلى قيادة حقيقية لمهمة إنقاذ إنسانية، بأفعال تسبق الأقوال، فالمشهد فى غزة بدأ يتغيّر، والأسواق تشهد انفراجة غير مسبوقة، حيث قوافل مصرية لا تتوقف، لاسيما أن القاهرة تصر على مواصلة إرسال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة عبر معبر «كرم أبو سالم»، بإطلاق القوافل تلو الأخرى من المساعدات الإنسانية التى تحركت باتجاه قطاع غزة حاملة مئات الأطنان من المواد الغذائية والماء والمواد الطبية والإغاثية، وشملت عودة تدفق شاحنات الوقود إلى قطاع غزة، وضمت الأفواج مئات الأطنان من المواد الغذائية والماء والمواد الطبية والإغاثية، ودخلت بالفعل ثلاث شاحنات وقود جديدة ضمن قافلة المساعدات الإنسانية الحادية عشرة من مصر تحت شعار « زاد العزة .. من مصر إلى غزة» التى تضم شاحنات مساعدات إغاثية لازمة فى اتجاه جنوب  قطاع غزة عبر « كرم أبو سالم» من خلال التحالف الوطنى، وذلك فى إطار الجهود المتواصلة للدفع بمزيد من المساعدات إلى قطاع غزة، كآلية وطنية لتنسيق المساعدات إلى غزة.

 

وتحمل قافلة «زاد العزة 11» أكثر من 3700 طن من المساعدات الإغاثية العاجلة إلى غزة، والتى ضمت ما يزيد عن 3300 طن سلال غذائية ودقيق، وقرابة 260 طنا من مستلزمات طبية وعناية شخصية، ألبان أطفال، و ذلك فى إطار الجهود المصرية لتقديم الدعم الغذائى لأهالى القطاع.

وقالت الدكتورة آمال إمام، المدير التنفيذى للهلال الأحمر، إن مصر أكثر دولة أدخلت مساعدات إلى قطاع غزة فى العالم، وإسرائيل هى من تعرقل دخول المساعدات»، مضيفة  أنه رغم كل هذه المعوقات، هناك خلية عمل تواصل العمل ليلاً ونهاراً بهدف إيصال المساعدات إلى قطاع غزة، وهناك جهود كبيرة للعمل على إيصال هذه المساعدات على النحو الذى يضمن وصولها إلى أيدى الفلسطينيين فى القطاع.

«وقالت»، أشارت إلى إطلاق مبادرة «لقمة هنية من مصر إلى غزة» كجزء من قوافل «زاد العزة من مصر إلى غزة» التى أطلقها الهلال الأحمر منذ 27 يوليو الماضى، مؤكدة أنه لا يتم الاقتصار على إرسال الدقيق بل يتم إرسال خبز طازج ووضعه داخل السلال الغذائية التى تنقل إلى القطاع، لافتة إلى أن الأسبوع الماضى، شهد إدخال 95 ألف سلة غذائية، تلبى احتياجات نحو نصف مليون شخص.

وعبرت مسئولة الهلال الأحمر، عن أملها فى أن تصل هذه المساعدات إلى الفلسطينيين داخل القطاع، مؤكدة أن الأولوية فى عملية إدخال المساعدات تكون للمواد الغذائية، كرد فعل رئيسى على أزمة نقص الغذاء الحادة فى القطاع.

كما أوضحت أن وتيرة إدخال المساعدات إلى قطاع غزة تشهد العديد من التعقيدات، حيث تنتظر آلاف الشاحنات الجاهزة داخل المنطقة اللوجيستية قرب معبر رفح، فى حين تنتظر شاحنات أخرى فى شوارع مدينة العريش ومخازنها فى انتظار دورها للدخول وإفراغ حمولتها من مساعدات غذائية وطبية يحتاجها أهالى القطاع وسط أزمة جوع متفاقمة.

وثمنت «د.آمال» جهود محافظة شمال سيناء فى دعم جهود العمل الإغاثى والإنسانى للهلال الأحمر المصرى بالمحافظة باعتبارها المحطة النابضة لتدفق المساعدات إلى قطاع غزة، مشيدة بحسن التنسيق والتسهيلات المقدمة من الأجهزة التنفيذية بالمحافظة، والتى تسهُم فى تسريع وتيسير أداء المهام الإنسانية، مشيرة إلى  سير العمل بالمراكز اللوجستية والجمركية المخصصة لتجهيز المساعدات إلى غزة بمدينة العريش، إضافة إلى مركز الإمداد الغذائى والمخبز الآلى داخل المطبخ الإنسانى المنوط بتجهيز الخبز الطازج إلى غزة.

وأكد الدكتور مصطفى زمزم، عضو مجلس أمناء التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى، أن قوافل المساعدات التى تضم شاحنات غذاء ووقود وإغاثة تدخل بشكل يومى إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البرى مرورًا بمعبر كرم أبو سالم، بالتنسيق الكامل مع الأجهزة الأمنية المصرية، ووفق توجيهات القيادة السياسية.

وأوضح ، أن دخول الشاحنات يتم وفق ما يسمح به الجانب الآخر، حيث تجرى إجراءات التفتيش والتسليم قبل السماح بعبور دفعات جديدة من المساعدات، مشيرا إلى أن شاحنات الوقود تخصص لتشغيل المولدات الكهربائية والأجهزة الطبية داخل المستشفيات والمراكز الصحية المتبقية فى القطاع، مؤكدًا أن الجهود متواصلة لضمان وصول الدعم الإغاثى والطبى إلى الأشقاء فى غزة فى أسرع وقت ممكن.

وأضاف «زمزم»، أن التحالف دائما فى حالة استعداد وتواجد لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، سواء تواجدت هذه المساعدات فى مخازن بمحافظة شمال سيناء أو مخازن القاهرة، مؤكدا أنه بعد مرور يومين على أحداث السابع من أكتوبر كنا جاهزين للمشاركة والاستعداد الدائم لإدخال المساعدات الإنسانية فى حالة فتح المعبر من الجانب الفلسطينى.

كذلك، أوضح عضو مجلس أمناء التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى، أن التحالف الوطنى خلال هذه الفترة من الحرب على غزة أدخل أكثر من 63 ألف طن مساعدات إنسانية، لافتا إلى أن المساعدات التى يتم تقديمها من كل بيت وكل محافظات مصر والمتطوعين بجميع محافظات الجمهورية.

فيما قال رامى إبراهيم، الباحث فى العلاقات الدولية، إن مصر يكفيها فخرا  أنها كانت حائط الصد المنيع الذى وقف أمام القوى الكبرى لمنع تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، وأن تاريخها الحافل بما قدمته وتقدمه للقضية الفلسطينية سيكتبه التاريخ بأحرف من نور.

وأضاف: لولا المساعدات الإنسانية وغيرها التى قدمتها مصر لقطاع غزة ما صمد الأهالى هناك حتى هذه اللحظة، وهى تبلغ 3 أضعاف ما قدمته دول العالم مجتمعة وعلى جماعة الإخوان الإرهابية وغيرها من الذين يحاولوا النيل من الدور المصرى لصالح دول أخرى فى الإقليم، الإجابة على سؤال ماذا لو لم تقدم مصر الـ 70 فى المائة من حجم المساعدات الإنسانية هل كان قطاع غزة سيصمد؟ وهو السؤال الذى يعرف الفلسطينيون وحدهم الإجابة عليه.

«إبراهيم»، أشار إلى أن الانقسام الإسرائيلى حول احتلال قطاع غزة، لن يخرج عن كونه توزيع أدوار بين الأطراف الإسرائيلية الراغبة فى الوصول إلى سدة الحكم ومحاسبة نتنياهو على فشله فى قطاع غزة، موضحا أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، يدرك جيدا أن انتهاء الحرب يعنى انتهاء وجوده فى الحكم وأيضا محاسبته ومحاكمته وتنفيذ ما عليه من أحكام سابقة، لذلك يتمسك باستمرار الحرب ويدعمه فى ذلك اليمين الإسرائيلى المتطرف.

كما لفت الباحث فى العلاقات الدولية، إلى أن إسرائيل، وخاصة نتنياهو لا يبالى ولا يعبأ بالرهائن أو الأسرى المحتجزين لدى حماس، بل هم حجته لتنفيذ مخطط التوسع والاستمرار فى الحرب داخل غزة واحتلال المزيد من الأراضى العربية، فى سوريا ولبنان.

وأكد أن «معبر رفح مفتوح على الدوام، من الجانب المصرى والجميع يعلم ذلك، لكنه مفتوح لإدخال المساعدات وليس لتهجير الفلسطينيين حتى لا يتم تصفيتهم، ومن يمنع دخول المساعدات هو الطرف الإسرائيلى الذى يسيطر على المعبر من الجانب الفلسطينى، كما أنه يدمر الطرق المؤدية إلى غزة، وعلى المجتمع الدولى أن يتدخل بقوة وأكثر فاعلية، والبيانات لاتكفى ومصر رغم قدرتها على دعم القطاع إنسانيا وسياسيا إلا أنه على دول العالم التدخل انطلاقا من الدور الإنسانى والأمنى، وأن تواجه بشفافية جريمة الإبادة الجماعية التى تنفذها إسرائيل ضد هذا الشعب».

من جانبه أكد الدكتور محمود السعيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن ما يحدث فى غزة من انخفاض كبير فى أسعار السلع الغذائية والاحتياجات الأساسية، ليس وليد الصدفة، بل نتيجة مباشرة للتدفق الكثيف والمنظم للمساعدات المصرية عبر معبر رفح، أضاف أن مصر لا تقدم فقط مواد غذائية، بل تخفّف آلام شعب بأكمله، مؤكدا أن هذه التحركات جاءت فى توقيت حرج، بينما كانت غزة تغرق فى أزمة إنسانية خانقة.

كما أشار إلى أنه من قلب غزة، تناقلت وسائل الإعلام شهادات شعبية صادقة، تعكس امتنان سكان القطاع للدور المصر، فبعض المواطنين هناك تحدثوا عن سلع كانت تباع بأضعاف ثمنها، أصبحت فجأة فى متناول الجميع.

وأوضح أن مصر لا تتحرك عشوائيًا، بل تدير العملية بإحكام ودقة، بالتعاون مع الهلال الأحمر المصرى، وتوزيع المساعدات وفق أولويات إنسانية، وبينما تتحرك قوافل الإغاثة تتحرك أيضًا الجهود السياسية من القاهرة باتجاه تثبيت التهدئة ووقف إطلاق النار، فى إطار الرؤية الاستراتيجية المصرية الشاملة للأزمة.

وتابع: ما تقوم به القاهرة هو موقف سياسى وإنسانى ثابت، لا ينتظر المقابل، ولا يسعى للثناء، بل يقوم على إيمان راسخ بأن غزة جزء من أمن مصر القومى، وقضيتها جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، وذلك رغم أن مصر تتحمل  الفاتورة الأكبر، لكنها لا تتحدث عن ذلك أمام الكاميرات، بل تترك الأفعال تتحدث عن نفسها.

فى حين قال الدكتور إسماعيل تركى، أستاذ العلوم السياسية، أن موافقة «الكابينت» الإسرائيلى على خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للسيطرة الكاملة على قطاع غزة تمثل تصعيدًا خطيرا يهدف لفرض حصار مطبق وإجبار الفلسطينيين على الهجرة القسرية، فى محاولة لنسف إقامة الدولة الفلسطينية وتفكيك مقوماتها.

وأوضح أن مصر أدركت أبعاد هذا المخطط منذ اللحظة الأولى، فتبنت موقفًا ثابتًا فى رفض تهجير سكان القطاع، وضغطت بقوة لوقف العدوان وإدخال المساعدات الإنسانية، مشيرًا إلى أن الرئيس السيسى لم يترك فرصة على الساحتين الدولية والإقليمية إلا واستثمرها لتوضيح حقيقة الممارسات الإسرائيلية التى تتعنت فى إدخال المساعدات وتستخدم الجوع والعطش كأدوات للتهجير.

وكشف أن مصر قادرة على إغراق غزة بالمساعدات إذا لم تتعنت إسرائيل، مشيرا إلى دخول القافلة الحادية عشرة مؤخرًا محملة  بآلاف الأطنان، بدعم من أكثر من 30 ألف متطوع من الهلال الأحمر المصرى، بالإضافة إلى جهود منظمات ومؤسسات مصرية مخلصة، معتبرا أن هذه المساعدات  «شريان الحياة» الذى يثبت السكان فى أرضهم، ويُمكّنهم من الصمود فى مواجهة محاولات الاحتلال.

وأشار إلى أن إسرائيل تضع عراقيل معقدة أمام مرور القوافل، تشمل تفتيش الشاحنات أكثر من خمس مرات وإعادة تحميلها مرارًا، ورغم ذلك تتحمل مصر هذه الإجراءات الصعبة بصبر وإصرار لتحقيق هدفها الإنسانى والسياسى، موضحا  أن نجاح الدور المصرى فى ظل العدوان الإسرائيلى أدى إلى زيادة الضغوط الدولية على تل أبيب، وتنامى الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل دول كبرى مثل إسبانيا وأيرلندا والنرويج، بجانب مواقف داعمة من الصين وروسيا.

كما أكد  أن مصر تمثل «حائط الصد» الذى منع تمرير خطط تصفية القضية الفلسطينية، وأن دورها التاريخى فى دعم غزة لا يمكن تجاوزه أو تشويهه، مؤكداً أن الحقائق على الأرض أثبتت صلابتها فى الدفاع عن الفلسطينيين وحماية الأمن القومى العربى.

الاكثر قراءة