رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

حكومة الاحتلال تعيد عقارب الحرب إلى نقطة الصفر.. مخطط السيطرة الشاملة


16-8-2025 | 12:59

.

طباعة
تقرير: دعاء رفعت

بعد ما يقرب من عامين من حرب الإبادة الجماعية التى شنها الاحتلال على قطاع غزة، صادق «الكابينت» على قرار السيطرة على القطاع، والذى سيبدأ بهدف أضيق وهو السيطرة على مدينة غزة. ورغم الإعلان عن خطة رئيس الوزراء الإسرائيلى، فإنه لا توجد أى تفاصيل عن موعد بدء العملية أو المدة التى سوف تستغرقها أو حتى الهدف النهائى لها، وعلى ما يبدو أن خطة نتنياهو هى أنه لا يملك خطة.. ليبقى السؤال: لماذا يدق نتنياهو طبول حرب جديدة الآن، هل هو فراغ سياسى أم مخطط تهجير بطريقة أخرى؟

وفى حين يرى أمير أفيفى، المسئول الدفاعى الإسرائيلى السابق، أن التقدم السريع سيتطلب عدة فرق عسكرية تضم عشرات الآلاف من الجنود، وعليه فمن المرجح أن تختار إسرائيل عملية أكثر تدرجًا تُقلل الضغط على القوى البشرية، يرى المحللون أن إسرائيل تأمل على ما يبدو فى أن يُعيد الضغط العسكرى المتزايد حماس إلى طاولة المفاوضات بشروطها، ويمكنها إيقاف العملية فى أى وقت، لكنها مخاطرة كبيرة بالنظر إلى الضغط على الجيش والمخاطر التى تُهدد صورة إسرائيل الدولية ودعمها الداخلى -وهى حيلة ربما يعتقد نتنياهو أنها وسيلة ضغط جديدة على الحركة- إلا أن منظمات الإغاثة تحذر من أن أى هجوم قد يعوق جهود توفير الغذاء والرعاية الطبية للسكان فى مدينة غزة، وهى أكبر مركز سكانى فى الجزء الشمالى من القطاع، ويقطنها نحو 800 ألف فلسطينى، من المتوقع أن يتلقوا أوامر إخلاء خلال الأيام القادمة، وبحسب صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، فإن الجيش الإسرائيلى نفسه منقسم حول تلك العملية العسكرية التى قد تستغرق عامين دون وجود ضمان حقيقى للنجاح فى تحقيق أهدافها، إذ يرى يوئيل غوزانسكي، الزميل البارز فى معهد دراسات الأمن القومي، وهو مركز أبحاث مقره تل أبيب، أن إسرائيل «أثقلت كاهلها» بهذا القرار، خاصة بعد عامين من القتال على جبهات متعددة فى غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية، إذ أصبح من الصعب إقناع جنود الاحتياط بالمشاركة فى جولات قتالية جديدة فى غزة، وفق تصريحات قادة عسكريين فى إسرائيل، بالإضافة إلى تصريحات جنود احتياط بأنهم لن يعودوا إلى غزة إذا استُدعوا مرة أخرى، فيما وجد استطلاع رأى أجراه مركز «أكورد» فى الجامعة العبرية فى القدس أن 79 فى المائة من الإسرائيليين يرون أن إنهاء الحرب فى غزة هو المهمة الوطنية الأكثر إلحاحًا.

فى حديثه لـ«المصور»، أوضح الدكتور أشرف الشرقاوى، أستاذ اللغة العبرية والشئون الإسرائيلية، أن الوضع الداخلى فى إسرائيل متوتر لعدة أسباب؛ ربما يكون أولها مظاهرات أسر الأسرى الإسرائيليين الذين يطالبون بالتوصل إلى صفقة لتحرير أبنائهم من الأسر فى غزة (وعددهم 50 أسرة بالإضافة إلى داعميهم)، ومظاهرات الحريديم الذين يرفضون التجنيد فى الجيش. ولكن الحكومة اليمينية تمكنت من التغلب على ضغوط هؤلاء عن طريق الإيعاز لأسر قتلى الجيش الإسرائيلى (وعددهم ألف أسرة) بالنزول إلى مظاهرات مضادة لتحقيق أهداف الحرب التى مات أبناؤهم من أجل تحقيقها. بالطبع لا يطالب هؤلاء بإعادة الأسرى، ولكن يطالبون بتفكيك حماس وتدمير غزة وهى الخطة الأصلية لرئيس الوزراء الإسرائيلى منذ بداية الحرب. وبالتالى يؤكد قرار الحكومة الأخير خمسة أشياء: الأول القضاء على حماس وتفكيكها، والثانى نزع السلاح من غزة، والثالث السيطرة العسكرية على غزة، والرابع تحرير الأسرى، والخامس إقامة حكم فى غزة لا يتبع حماس ولا السلطة.

وأشار «الشرقاوى» إلى انتقاد بعض المحللين هذه الأهداف، قائلين إنها غير قابلة للتحقيق، ولكن الواقع هو أنها غير قابلة للقياس؛ فلا أحد يستطيع أن يحدد هل تحققت أم لا سوى نتنياهو. وبالتالى كان هناك حرص شديد فى صياغة القرارات. وعلى سبيل المثال، عندما اعترضت المستشارة القانونية للحكومة على احتلال غزة، وقالت إنه يجب على إسرائيل إطعام السكان ورعايتهم وحمايتهم حسب القانون الدولي، قال إن القرار لا يتحدث عن احتلال ولكن عن السيطرة على غزة. وبنظرة بسيطة، فالسيطرة العسكرية قد تعنى حصارًا من الخارج وقد تعنى احتلال كامل الأرض. كذلك نزع سلاح حماس، فلو قامت قوات الجيش الإسرائيلى بمذبحة، وتعرض لها طفل يمكن أن يُقال إن حماس لا تزال موجودة، ولكن يمكن أن تتعرض لها مجموعة مسلحة ويقول نتنياهو إن هذه حالات فردية. صياغة القرارات بهذه الطريقة تهدف إلى أن يكون لرئيس الوزراء طريق للتراجع. ولذلك قال أثناء النقاش إنه لو تم التوصل إلى اتفاق أثناء العملية يمكن وقفها والتراجع عنها. والخلاصة هى أن رئيس الوزراء بات مترددًا، يقدم رجلاً ويؤخر أخرى، ويجرى حسابات ثقيلة خوفًا من الفشل، خاصة بعد أن قال رئيس الأركان أثناء مناقشات الحكومة إنه يجب إلغاء بند تحرير الأسرى لأنه يتعارض مع العمليات العسكرية فى هذه المنطقة.

وفى تعليقه على قرار الاحتلال، كشف الدكتور عزام شعث، الباحث فى الشأن السياسى الفلسطيني، أن القرار الإسرائيلى بالعودة إلى «السيطرة الكاملة» على مدينة غزة هو تجديد للحرب الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، وكأن إسرائيل لم تكتفِ من حرب الإبادة الجماعية المستمرة ضد سكان القطاع، موضحًا أن الخلافات الإسرائيلية الداخلية تجاه قرار نتنياهو بإعادة السيطرة على غزة لا تندرج فى الإطار الأخلاقى لمعارضى القرار فى المستوى السياسى الذى مثّله سموتريتش، والمعنى أن إسرائيل، وفى المستوى الرسمي، ماضية فى سياستها ضد غزة ولا تكتفى بجولات محدودة، والهدف فى نهاية المطاف تنفيذ مخطط تهجير فلسطينيى غزة. وأشار «شعث»، إلى أن إسرائيل، على امتداد سنتين، لم تحقق أهدافها المعلنة فى إنهاء حكم حماس واستعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين فى غزة وغيرها من الأهداف، لكنها حققت أهدافًا غير معلنة بتغيير وجه غزة بالمعنى الجغرافى والديموغرافي، إلى جانب أعمال القتل والإبادة وسياسة التجويع الممنهجة، وهى ماضية باتجاه تحقيق هذه الأهداف باحتلال غزة وتدميرها وتهجير وتدمير المناطق التى لم تقم بتدميرها على امتداد سنتين من الحرب. ويرى «شعث»، أن هذا هو المخطط المعلن، ولا يتعارض مع سياسة الضغط على حركة حماس لتحسين شروط الحد الأعلى إسرائيليًا فى التفاوض مع حماس، بالذات مع الشروط الخمسة التى تضمنها القرار.

 
 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة