رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

أسهمت فى تشغيل 13% منها وخبراء يضعون روشتة لـ«إنقاذ البقية»..المبادرات الرئاسية «مفتاح» إحياء المصانع المتعثرة


16-8-2025 | 15:36

.

طباعة
تقرير : محمد رجب

«المصانع المتعثرة»، واحدة من الملفات الشائكة التى ظلت لسنوات طويلة تبحث عن حل قبل أن تتدخل يد الدولة بتوجيهات رئاسية فى إطار خطة دعم الصناعة المصرية وتحفيز مساهمتها فى الناتج القومى والوصول بالصادرات المصرية لنحو 145 مليار دولار، حلم إعادة الحياة للصناعة المصرية جاء بقرارات غير مسبوقة بدأت بمبادرات رئاسية على رأسها «ابدأ»، كما أطلقت الدولة بالتعاون مع البنك المركزى المصرى مجموعة من المبادرات التمويلية تهدف إلى تخفيف الأعباء المالية، وتقديم حلول سريعة للمشكلات الإجرائية والفنية، وقد ساهمت هذه المبادرات بشكل مباشر فى إعادة تشغيل العديد من المصانع الصغيرة والمتوسطة، أسفرت عن إعادة تشغيل نحو 13 فى المائة من إجمالى المصانع المتعثرة فى مصر، حيث تم تشغيل 987 مصنعاً كانت متوقفة لأسباب إجرائية أو فنية، من أصل 7422 مصنعاً متعثراً تم حصرها خلال الفترة الماضية وذلك فى إطار خطة الحكومة لإنعاش القطاع الصناعى وتوفير فرص عمل جديدة.

وفى هذا السياق، قالت الدكتورة يمن الحماقى، الخبير الاقتصادى، إن «إعادة تشغيل 987 مصنعًا متعثرًا من أصل 7422 مصنعًا، وفق ما أعلنه مؤخرًا وزير الصناعة والنقل كامل الوزير، تمثل خطوة أولى إيجابية على طريق طويل لاستعادة النشاط الصناعى المتعثر»، مضيفة أن «هناك بعض التحديات التى تواجه المصانع، ترجع إلى مجموعة من العوامل المعقدة، من بينها المشكلات الإدارية، ونقص الكوادر الفنية المؤهلة، إلى جانب تقلبات السوق، وغياب التخطيط السليم، فضلًا عن أزمات فى رأس المال، وهو ما يتطلب معالجة شاملة على أكثر من مستوى».

وتابعت: المصانع تواجه أيضا منافسة شرسة من المنتجات المستوردة منخفضة التكلفة، إلى جانب ارتفاع أسعار الطاقة، ما يضاعف من أعباء الإنتاج، مشددة على ضرورة تقديم حزمة من الإجراءات العاجلة لدعم المصانع، تتضمن) تشجيع الاستثمار المحلى، زيادة الإنتاج، جدولة ديون المصانع، وتخفيف العبء الضريبي)، إلى جانب توفير الدعمين الفنى والمالى للمصانع المتعثرة، والدولة تعمل على دعم هذا الملف من خلال مبادرات متعددة، أبرزها مبادرة «مصنعك دايما شغال» التى أطلقتها وزارة الصناعة، وتستهدف إعادة دمج المصانع المتعثرة فى دورة الإنتاج عبر مزايا متعددة.

وأوضحت «د. يمن»، أن «هذه المبادرة تسهم فى تعزيز المعروض من السلع فى الأسواق، وتخلق مناخًا تنافسيا بين المنتجين، مما ينعكس إيجابا على الأسعار، ويخفف من الضغوط الاقتصادية على المواطنين»، مؤكدة أن هيئة التنمية الصناعية تلعب دورا محوريا فى تقديم الدعم للمصانع من خلال تبسيط الإجراءات، وتوفير الحوافز التى تسهم فى استعادة النشاط الصناعى المتوقف.

بدوره، قال المهندس ممدوح حنا، عضو غرفة الصناعات النسيجية، إن «الدولة وضعت استراتيجية متكاملة تستهدف تعزيز الصناعة الوطنية»، مضيفًا أن «هذه الخطة تستند إلى مجموعة من المحاور الأساسية، تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز صناعى إقليمى، وتحقيق طفرة كبيرة فى أداء القطاع الصناعى، بوصفه المحرك الرئيسى للتنمية المستدامة والنمو الاقتصادى الحقيقي».

«حنا»، فى سياق حديثه، لفت إلى أن ما يميز الخطة الحكومية الحالية هو تركيزها على ملف المصانع المتعثرة، التى وصفها بأنها «القلب الصامت» للصناعة المصرية، معتبراً أن إعادة تشغيل هذه الكيانات المتوقفة يشكل أساسا لإعادة هيكلة القطاع الصناعى وزيادة حجم الإنتاج المحلى، مما يسهم بشكل مباشر فى تقليل الاعتماد على الواردات، وتخفيف الضغط على العملة الصعبة، بالإضافة إلى توفير فرص عمل جديدة.

وأضاف: أحد أبرز أهداف هذه الاستراتيجية هو توطين الصناعة وتقليل فاتورة الاستيراد، التى بلغت نحو 35 مليار دولار سنويا، ناهيك عن أن مصر تمتلك موارد طبيعية متميزة مثل القطن والكتان ورمل البناء، والتى يمكن استخدامها لتصنيع منتجات محلية ذات جودة مرتفعة، مما يعزز القيمة المضافة ويزيد من تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق.

وأوضح أن دعم الصادرات وتحسين جودة الإنتاج المحلى يعدان من أهم الأدوات لدخول الأسواق الإقليمية والعالمية، مضيفًا أن «مصر لديها ميزات تنافسية فى صناعات مثل السيراميك، والحديد، والمنسوجات، والملابس»، ومؤكداً أن تطوير الجودة وتقديم أسعار مناسبة يمكن أن يفتح آفاقًا واسعة للمنتج المصرى فى الخارج.

عضو غرفة الصناعات النسيجية، أشار إلى أن الحكومة تعمل على مسارين متوازيين؛ الأول هو إحياء المصانع المتوقفة، والثانى هو التوسع فى بناء مصانع جديدة بالتعاون مع القطاع الخاص، موضحاً أن هذه الجهود ستسهم فى رفع الطاقة الإنتاجية، وتحقيق استقرار السوق، وتلبية الطلب المحلى، إلى جانب دعم القدرات التصديرية، ومشددا على أن المصانع المتعثرة يجب أن تكون فى قلب خطط التطوير الصناعى، لأنها منشآت قائمة بالفعل وتوقفت لأسباب خارجة عن إرادة أصحابها.

كما أكد أن إعادة تأهيل هذه المصانع أسرع أثرا وأقل تكلفة من إنشاء مشروعات جديدة من الصفر، مطالبا بدور أكبر من البنوك عبر منح فترات سماح وتمديد آجال السداد، خاصة للمتضررين من أزمات مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.

وأشار «حنا»، إلى أن منح هذه المصانع فرصة جديدة لإعادة التشغيل سيعود بالنفع على الاقتصاد ككل، حيث سيُسهم فى تشغيل العمالة المتوقفة، وتحقيق عوائد مالية تمكنهم لاحقًا من سداد التزاماتهم البنكية، مما يعيد الثقة بين القطاع الصناعى والمؤسسات التمويلية، مؤكدا على ضرورة تعزيز القدرة التنافسية للقطاع الصناعى من خلال تطوير البنية التحتية، ورفع كفاءة التشغيل، وتخفيض التكاليف اللوجستية، كما دعا إلى تبسيط الإجراءات وتسهيل التراخيص عبر توسيع استخدام المنصات الرقمية لتسريع تأسيس وتشغيل المصانع.

ولفت إلى أن تطوير الموانئ وشبكات الطرق ومناطق التخزين واللوجستيات يمثل عنصرا حاسما فى تحسين كفاءة الصناعة وسرعة توزيع المنتجات، وهو ما ينعكس إيجابيًا على مناخ الاستثمار الصناعى فى البلاد، مؤكدا أن هذه الجهود تتماشى مع أهداف رؤية مصر2030، التى تسعى لبناء قطاع صناعى قوى قادر على توفير فرص عمل، وخفض الواردات، وتحقيق الأمن الاقتصادى والاجتماعى، مشددا على أن ملف المصانع المتعثرة هو مفتاح التحول الحقيقى لصناعة مصرية مزدهرة قادرة على المنافسة الإقليمية والدولية.

من جانبه، قال الدكتور محمد البهى، عضو هيئة المكتب باتحاد الصناعات المصرية، إن «إعادة تشغيل 987 مصنعًا متعثرًا، خطوة تمثل إنجازًا كبيرًا سيحدث نقلة نوعية فى القطاع الصناعى المصرى، خاصة أن هذه المصانع كانت متوقفة منذ نحو 14 عامًا لأسباب مالية وفنية متراكمة»، مضيفًا أن «ملف المصانع المتعثرة كان من أكثر الملفات تعقيدًا وتأثيرًا سلبيًا على الصناعة، لما يمثله من تعطيل لطاقة إنتاجية ضخمة وخسارة لمئات الآلاف من فرص العمل».

وأضاف أن الأزمة بدأت منذ عام 2011، وازدادت تعقيدًا خلال سنوات الاضطراب السياسى والاقتصادى، مرورًا بجائحة كورونا، ثم تداعيات الحروب والأزمات العالمية، مما أثر على تشغيل المصانع وأدى إلى تعثرها، مشيرا إلى أن الحلول الحكومية عبرت عن رغبة حقيقية فى إزالة كافة المعوقات أمام مشروع الدولة المصرية لإعادة إحياء القطاع الصناعى والتى بدأت بتسوية الملف المالى عبر قرارات البنك المركزى السابقة بإلغاء الفوائد التراكمية، ما أزال عبئًا كبيرًا عن كاهل أصحاب تلك المصانع.

وأكد «البهي»، أن الأهم من المعالجة المالية هو ما تم من تدخل فنى مباشر لحل المشكلات الفنية والتشغيلية، إضافة إلى تسهيل الإجراءات وتذليل العقبات أمام المصانع الصغيرة والمتوسطة، التى كانت تعانى من تعقيدات فى الحصول على التراخيص وتعدد جهات الولاية.

وقال خالد أبو المكارم، رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية، إن تشغيل المصانع المتعثرة لا يمثل فقط استعادة لطاقة إنتاجية مهدرة، بل هو فرصة حقيقية لزيادة الصادرات وتعميق التصنيع المحلى موضحا أن الحكومة تبذل جهودا حثيثة لحل أزمة المصانع المتعثرة، إذ تشير التقديرات إلى وجود ما بين 1200 و1350 مصنعًا متوقفًا عن الإنتاج لأسباب متنوعة، وقد أطلقت وزارة التجارة والصناعة مبادرة لإعادة تشغيل هذه المصانع بالتعاون مع البنك المركزى وعدة جهات تمويلية وتنموية، تتضمن تقديم قروض ميسرة، وجدولة الديون، والتدخل الفنى لتحديث خطوط الإنتاج.

وأضاف «أبو المكارم» أن القطاع الكيماوى تحديدًا يمتلك فرصا كبيرة للتوسع فى الأسواق الخارجية، لكن يحتاج إلى دعم مستمر من حيث التمويل الميسر والربط مع سلاسل التوريد العالمية، مشيرا إلى أهمية توفير المواد الخام بأسعار مناسبة، وتحسين الخدمات اللوجستية فى المناطق الصناعية، خاصة تلك المرتبطة بالتصدير مثل بورسعيد والسخنة، ولافتا إلى أن خريطة الصناعة يجب أن تأخذ فى الحسبان البنية التحتية اللازمة لدعم التصدير، بدءا من الطرق والموانئ، ووصولًا إلى تسهيل إجراءات الجمارك والتخليص.

كما أكد الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، أن إطلاق الحكومة مبادرة لدعم الشركات فى القطاعات الصناعية ذات الأولوية، عن طريق تقديم تمويل بقيمة 30 مليار جنيه لشراء المعدات والآلات وخطوط الإنتاج، والتى تستهدف 7 قطاعات صناعية أساسية، كالأدوية والصناعات الغذائية والهندسية والكيماوية والملابس الجاهزة والغزل والنسيج والتعدين ومواد البناء، هى مبادرة هامة وفى توقيت مناسب خاصة وأن المبادرة تستهدف توفير تمويل قدره 75 مليون جنيه للعميل الواحد بسعر فائدة منخفض يبلغ 15 فى المائة ولمدة 5 سنوات، مؤكدا أنها تستهدف زيادة الإنتاجية وتعزيز النمو الاقتصادى .

وأوضح «غراب»، أن هذه هى المبادرة الثانية ضمن عدد من المبادرات أطلقتها الحكومة خلال الأيام القليلة الماضية منها مبادرة أطلقها البنك المركزى لتمويل المعدات والآلات الصناعية، والثالثة تتمثل فى إنشاء صندوق خاص لدعم المصانع المتعثرة والتى يجرى دراستها حاليا مع البنك المركزى، ومبادرة أخرى تهدف لإنشاء صندوق خاص لتمويل المنتجين فى مختلف المجالات وخاصة الصناعية والزراعية والسياحية والخدمية، وتقديم حلول تمويلية ميسرة للشركات المتوسطة والصغيرة، موضحا أن هذه المبادرات تسهم فى تعزيز معدل النمو الاقتصادى فى القطاعات الإنتاجية وزيادة معدلات التشغيل وتوفير الكثير من فرص العمل لخفض معدلات البطالة، إضافة إلى زيادة حجم الصادرات المصرية ما يصب فى صالح الاقتصاد الوطنى .

وأشار «غراب»، إلى أن إطلاق مزيد من المبادرات لدعم القطاعات الإنتاجية وتوفير التمويلات والطاقة اللازمة تصب فى صالح تعميق المنتج المحلى وتعظيم الصناعة الوطنية لمساعدة المنتجين على توفير التمويلات اللازمة بفائدة مخفضة وميسرة من أجل توفير مستلزمات الإنتاج والمواد الخام والآلات والمعدات اللازمة للتطوير، ما يخفف من الأعباء المالية على المنتجين فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، ما يشجع الصناعة المحلية والمستثمرين المحليين على زيادة إنتاجهم وخفض تكلفة الإنتاج، ويسهم فى زيادة مساهمة القطاع الصناعى فى الناتج المحلى الإجمالى، إضافة إلى تعزيز تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق العالمية، ونمو حجم الصادرات المصرية سنويا، وزيادة موارد مصر من النقد الأجنبى .

وأضاف، أن «تقديم المحفزات الاستثمارية خاصة للقطاع الصناعى والزراعى تعمل على دوران عجلة التنمية وتعزز من نمو الناتج المحلى الإجمالى بشكل مستمر ومستدام، كما أنها تسهم فى خفض معدلات التضخم بصورة كبيرة، إضافة لأهميتها فى تمكين القطاع الخاص وضخ مزيد من الاستثمارات المحلية فى الاقتصاد الوطنى، إضافة إلى أن إطلاق صندوق لدعم المنتجين فى المجالات الصناعية يعمل على زيادة نسبة المكون المحلى ما بين 50 فى المائة إلى 60 فى المائة فى المنتجات كاملة الصنع المصدرة للخارج، إضافة لتشجيع القطاع الخاص على العمل والتنافس والتوسع فى المشروعات وزيادة الخطوط الإنتاجية، ما يسهم فى زيادة الإنتاج وتقليل الواردات ما يخفض الضغط على العملة الدولارية، إلى جانب أن هذه المبادرات تعد بمثابة عودة الحياة للمصانع المتعثرة والتى تحتاج الدعم التمويلى، ما يعيدها مرة أخرى للعمل والإنتاج» .

أما الدكتور أحمد عبد الحافظ الخبير الاقتصادى، فأشار إلى أنه فى ظل التحديات الاقتصادية الحالية، يعد تشغيل المصانع المتوقفة خطوة ضرورية لتعزيز النمو الاقتصادى وخلق فرص العمل، مطالبًا بإزالة كل المعوقات التى تحول دون إعادة تشغيل المصانع المتعثرة، مثل الروتين فى الإجراءات أو الديون أو نقص المواد الخام وغيرها من المعوقات.

وقال إنه «وفقًا للبيانات الحكومية فإن عدد المصانع المتعثرة وصل إلى 13 ألف مصنع، والفريق كامل الوزير وزير الصناعة وجه باتخاذ إجراءات عاجلة لحل جميع هذه المشكلات وإعادة التشغيل»، مؤكدا أهمية إعادة تشغيل هذه المصانع لتوفير المزيد من فرص العمل من خلال حل التحديات التى تواجه إعادة التشغيل، خاصة المتعلقة بتوفير تمويلات ميسرة مع التأكد من جدوى المشروع قبل إعادة تمويل تشغيل المصنع.

«عبد الحافظ»، لفت إلى أن توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسى بعدم غلق المصانع، وضرورة التوسع فيها رأسيًا وأفقيًا، كان سببًا فى رفع آلاف المصانع المتعثرة من القوائم البنكية السوداء، موضحا أن سوء الإدارة وغياب الكفاءات وقلة العمالة المدربة تُعد من أهم الأسباب وراء ظاهرة المصانع المتعثرة، ومطالبًا بوجود شراكة بين القطاعين العام والخاص لتسهيل مهمة الإنقاذ.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة