يقف لبنان على حافة أزمة داخلية جديدة، في ظل تصاعد الضغوط الخارجية على القيادة السياسية لسحب سلاح «حزب الله»، وهو ما يرفضه الحزب بشكل قاطع، قبل وقف الاعتداءات الإسرائيلية على البلاد، وبدء عملية إعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة.
كان موضوع سحب سلاح «حزب الله» قد أُلمح إليه في بنود اتفاق لوقف إطلاق النار الذي دخل بين الحزب وإسرائيل حيز التنفيذ في نوفمبر 2024، إذ نص «على تفكيك كل المنشآت العسكرية غير المرخصة والمعنية بصناعة السلاح في لبنان، ومصادرة جميع الأسلحة غير المرخصة بدءًا من منطقة جنوب الليطاني».
ويُعتبر هذا الأمر أحد مكاسب إسرائيل الاستراتيجية، إذ لطالما شكّل «حزب الله» تهديدًا ثقيلًا لها على الحدود الشمالية منذ تأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي.
الأزمة تنفجر
وانفجرت أزمة نزع سلاح الحزب اللبناني، اليوم الثلاثاء، في ظل الاجتماع الذي عقدته الحكومة اللبنانية لاتخاذ قرار حول آلية تنفيذ محتملة لقضية نزع السلاح من الفصائل المسلحة في البلاد، بما في ذلك حزب الله.
يأتي ذلك في أعقاب خطاب «غير مسبوق» ألقاه الرئيس اللبناني ميشال عون، الخميس الماضي، دعا فيه صراحة إلى سحب سلاح جميع القوى المسلحة، بمن فيها «حزب الله»، وتسليمه إلى الجيش، في خطوة عكست تحوّلًا لافتًا في خطاب المستوى السياسي.
وهذا الخطاب لم يأتِ بمعزل عن الضغوط الخارجية، حيث جاء في أعقاب زيارة المبعوث الأمريكي توماس باراك إلى لبنان، حيث تسلّم بدوره ردًا رسميًا من الرئيس عون على مقترح بلاده المتعلق بسلاح «حزب الله» وانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان.
وعلانية، دعا المبعوث الأمريكي القيادة اللبنانية إلى العمل بشكل فوري على مسألة احتكار السلاح في أيدي الدولة.
وقد ترأس عون اجتماع الحكومة الذي عقد بالقصر الرئاسي في «بعبدا» وسط البلاد، ظهر اليوم، على وقع هذه الضغوط الخارجية الرامية إلى تجريد «حزب الله» من ترسانته العسكرية.
وتجسدت هذه الضغوط فيما أكده مصدر لبناني مطّلع على مضمون المباحثات الجارية بهذا السياق، حيث قال إن «واشنطن تضغط على لبنان ليسلّم حزب الله سلاحه ضمن جدول زمني»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة اللبنانية عن المصدر.
وفي مقابل ذلك، أكد «حزب الله»، اليوم، أنه لن يقبل بنزع سلاحه تحت وطأة العدوان الإسرائيلي على لبنان، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ منذ أكثر من ثمانية أشهر.
وقال الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم: «إننا لا نقبل التخلي التدريجي عن قوتنا مقابل استمرار العدوان الإسرائيلي، ولا نقبل الضغوط علينا»، مؤكدًا أن «الأولوية ليست لسحب السلاح، خدمةً لإسرائيل، ولن يحصل حل دون توافق داخلي لبناني».
وشدد على أنه إذا شنت إسرائيل حربًا جديدة على لبنان، ستسقط صواريخ الحزب عليها، مؤكدًا أن جماعته قادرة على مواجهة إسرائيل وهزيمتها.
وكان قاسم، الذي قال إن المبعوث الأمريكي جاء بإملاءات تقضي بنزع قوة وقدرة حزبه، قد أكد الأسبوع الماضي أن «السلاح ليس أولوية الآن، بل الأولوية للإعمار ووقف العدوان».
ويطالب «حزب الله»، قبل أن يناقش مسألة نزع السلاح، بأن تُكمل إسرائيل انسحابها من الأراضي اللبنانية، حيث ما تزال تحتل خمس نقاط هناك منذ حربها الأخيرة، فضلًا عن بدء عملية إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب.
قبل نهاية العام
وبُعيد ما قاله قاسم، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، مساء الثلاثاء، تكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية 2025، وعرضها على المجلس قبل نهاية الشهر الحالي.
وفي ظل موقف «حزب الله» الرافض لذلك، فإن الحكومة بهذا الشكل تتجه إلى الدخول في صدام مع هذه الجماعة، مما قد يُفجر أزمة داخلية.