رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

دماء غزة تحرك طوفانا دبلوماسيا تنعش حلم الدولة الفلسطينية

1-8-2025 | 17:39

فلسطين

طباعة
محمود غانم

رسم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي اندلع في السابع من أكتوبر 2023، صورة جديدة للقضية الفلسطينية أمام العالم، وذلك بعد أن أعاد تصديرها إلى المشهد العالمي، عقب سنوات من التهميش والنسيان، إذ دحضت دماء عشرات الآلاف من الفلسطينيين التي سُفكت على الأرض، كل الأكاذيب التي روّج لها الاحتلال فيما مضى.

وفي خضم هذه الإبادة، تنامى وعي الشعوب بعدالة القضية الفلسطينية، وبمظلومية شعب يعيش منذ عقود تحت وطأة الاحتلال، ودعموا حقه في إقامة دولته وفق مقررات الشرعية الدولية.

ويتجلى الدعم الملموس الذي حظيت به القضية الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر 2023، في الحراك الدولي الواسع المؤيد لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، بدعم شعبي لافت.

بالمقابل، أضحت إسرائيل التي كانت تقدم نفسها على أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، في عزلة دولية غير مسبوق، لا سيما في ظل حكم الجنائية الدولية الصادر العام الماضي ضد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو على إثر جرائم الحرب المرتكبة في قطاع غزة.

دعم إقامة الدولة 

بلا أدنى شك، أوجدت الفظائع التي اقترفتها إسرائيل في خضم هذه الإبادة، حالة من الإجماع الدولي على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية مستقلة، كحق مكفول للشعب الفلسطيني، بموجب القانون الدولي.

ويتبيّن ذلك من خلال قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ديسمبر من العام الماضي، الذي أكد -بأغلبية ساحقة (157 دولة)- أن حل الدولتين يظل السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية وتحقيق السلام في الشرق الأوسط.

ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تاريخ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، أعلنت أربع دول من الاتحاد الأوروبي اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، إلى جانب ست دول أخرى خارج الاتحاد.

وفي تطور لافت، أعلنت 15 دولة غربية، من بينها فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وهولندا، يوم الأربعاء، أنها تدرس بشكل إيجابي الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، وذلك قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، المقررة في سبتمبر المقبل.

ومن جانبه، يؤكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من عدوان إسرائيلي متواصل وجرائم حرب ممنهجة، كان له أثر بالغ في إعادة إحياء القضية الفلسطينية على المستويين الشعبي والدبلوماسي حول العالم.

وأوضح الرقب، في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال"، أن الاعتراف الغربي المتنامي بدولة فلسطين، الذي تلوّح به عدة دول مؤثرة مثل فرنسا وبريطانيا وكندا والنمسا وألمانيا، لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة مباشرة لما شهدته حرب غزة من فظائع ومجازر، خاصة تلك التي طالت الأطفال والمدنيين العزل، وتسببت في كارثة إنسانية شاملة، أبرزها المجاعة التي تضرب القطاع بشكل واسع.

وأضاف أن "الدم الفلسطيني أعاد صياغة الوعي العالمي تجاه قضيتنا"، مشيرًا إلى أن هذا التحوّل في الموقف الدولي، وإن كان بطيئًا، يعكس تغيرًا حقيقيًا في المزاج السياسي العالمي، خاصة بين الشباب، الذين باتوا أكثر وعيًا بحقيقة ما يجري في الأراضي المحتلة.

 

السابع من أكتوبر تاريخ مفصلي

وعلى الرغم من أن ما لحق تاريخ السابع من أكتوبر 2023، دمارًا واسعًا في قطاع غزة، ودفع الشعب الفلسطيني أثمانًا باهظة على مستوى الشهداء والأراضي، إلا أن من أبرز إيجابياته أنه أعاد إحياء الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية، هكذا رد "الرقب" بعد سؤاله حول ما إذا كان العدوان الإسرائيلي على غزة، هو ما أحيا فرصة إقامة الدولة الفلسطينية.

وبحسب السياسي الفلسطيني، فقد أصبح هذا الاهتمام أحد المحاور التي تحرّض إسرائيل ضدها، إذ تعتبر مجرد اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية دعمًا للمقاومة الفلسطينية، بل وتصفه بأنه تشجيع لما تسميه "الإرهاب الفلسطيني".

غير أن الحقيقة، هي أن القضية الفلسطينية عادت إلى الواجهة العالمية بفضل دماء الأطفال التي سالت في غزة، وبفعل المجاعة التي تفشت بشكل كبير، وجراء الجرائم التي يرتكبها الاحتلال.

وفي غضون ذلك، يقول الرقب، إنه كان بإمكان الاحتلال أن يستفيد من أحداث السابع من أكتوبر بصورة كبيرة، لكنه نتيجة لنهجه الإجرامي المستمر ضد الشعب الفلسطيني، فقد هذه الفرصة.

ويوضح أن المجتمع الدولي أدان ما وقع بعد السابع من أكتوبر من جرائم إسرائيلية ضد الفلسطينيين، مضيفًا: "صحيح أن هذه الصيغة قد لا ترضي الفلسطينيين بالكامل، لكنها في جوهرها اعتراف بأن ما ارتكبه الاحتلال من جرائم يفوق ما حدث في السابع من أكتوبر من أعمال نضالية، كانت لها دوافع واضحة".

ويؤكد أن العالم بدأ الحين يرى الحقيقة بوضوح، ورغم استمرار الابتعاد الرسمي عن إدانة الاحتلال، إلا أن الحقيقة وصلت، بل وأثرت حتى في داخل الولايات المتحدة، فبالرغم من المواقف "الخجولة" من قبل الإدارة الأمريكية، إلا أن هناك أصواتًا بدأت تخرج بين الحين والآخر تندد بما يقوم به الاحتلال من جرائم ضد الشعب الفلسطيني".

 

ماذا ستخسر إسرائيل؟ 

وعند سؤاله حول ما الذي ستخسره إسرائيل جراء الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟، قال إن الأمر على مستوى الأرض لن يتغير كثيرًا، لأن ذلك يحتاج إلى قرار دولي ملزم تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يُجبر الاحتلال على الانسحاب من الأراضي الفلسطينية، خاصةً أن قرار التقسيم عام 1947 نصّ على قيام دولة عربية إلى جانب دولة يهودية، غير أن إسرائيل اعتدت على الجزء المخصص للدولة العربية.

لكنه أكد أن الخسارة الحقيقية لإسرائيل في الوقت الراهن هي خسارة دبلوماسية وإعلامية، وهو ما وصفه الإعلام العبري بـ"تسونامي" ضدهم.

وكذلك على المدى البعيد، تخسر إسرائيل شعبيتها بين مؤيديها حول العالم، فقد أظهرت استطلاعات الرأي أن الشباب -في كثير من البلدان- باتوا يميلون بشكل كبير إلى دعم الفلسطينيين، نتيجة لما رأوه من فظائع ترتكبها إسرائيل.

واختتم مؤكدًا أن "الاحتلال أنتج لنفسه حالة من الكراهية على نطاق واسع، وكل ذلك بسبب دماء الفلسطينيين التي لا تزال تُسفك دون ثمن".

 

 

الاكثر قراءة