الموقف المصرى الداعم للقضية الفلسطينية راسخ كالجبال لا تهزه ريح، ثابت كالأوتاد لا تحركه عاصفة، متدفق كالأنهار لا توقفه سدود، متعدد المحطات، متتابع الجولات، موثق بالصوت والصورة فى كل المراحل، ومحفوظ بالكتب والوثائق فى جميع الأزمنة، ودور القاهرة المساند لحقوق الفلسطينيين غنى عن التعريف، لا يحتاج لبيان، فهو نار على علم، لا تخفى مكانته على أحد، وليس محل جدال لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، أما أصحاب الغرض من أهل الشر ومن لف لفهم الخبيث، فهم مرضى القلوب، عديمو الضمير، لا يتناهون عن قول الزور والعمل به، يتنفسون كذبًا، ويتحدثون ظلما، ويقولون إفكًا، يفترون الأكاذيب، ويُنسجون الافتراءات، ويصنعون الشائعات بغرض استهداف الدولة المصرية، والإساءة إلى جهودها الجبارة فى حماية الحق الفلسطينى، وهم واهمون، فالعالم أجمع، يعلم علم اليقين تأثير التحركات المصرية فى التخفيف من معاناة أهل غزة، وحشد الدعم الدولى لصالح إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
تجسيدًا لهذا الموقف المصرى الأصيل، وكعادة الرئيس السيسى فى مصارحة المصريين بكل الحقائق، وسيرًا على نهج المكاشفة الذى لا يحيد عنه فى جميع القضايا، وضع الرئيس النقاط فوق الحروف فى كلمته هذا الأسبوع إلى الشعب المصرى والأشقاء فى غزة وحتى كل الأطراف المعنية، بشأن تطورات الأوضاع فى القطاع، عبر حديث من القلب إلى القلب، وبشكل تلقائى بعيدًا عن الخطابات المكتوبة أو البروتوكولات الرسمية، حتى تصل الرسائل من أقصر طريق، ويفهمها الجميع بدون الحاجة إلى المزيد من الشرح والتفسير، وفى توقيت بالغ الدقة والأهمية فى عمر القضية الفلسطينية، ومنعًا للقيل والقال وكثرة السؤال، فقد أكد الرئيس الثوابت المصرية منذ أحداث أكتوبر 2023، وهى إيقاف الحرب، وإدخال المساعدات، والإفراج عن الرهائن، فهى ثلاثية لا يمكن فصل واحدة منها عن الأخرى مهما كانت الحيل أو الخدع الإسرائيلية للحصول على المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية ثم العودة للعدوان من جديد، وهنا يلزم التنويه لدور المفاوض المصرى البارع على مدى أكثر من 21 شهرًا، تحمّل فيها ماتنوء بحمله الجبال من الأكاذيب المدبرة من دولة الاحتلال إلى الاتهامات الباطلة من بعض المحسوبين على المقاومة الفلسطينية، ورغم ذلك لا تراجع ولا استسلام عن مواصلة مسار التفاوض لزيادة ضخ المساعدات إلى المحاصرين فى غزة مع وقف كامل للحرب؛ تمهيدًا لبدء محادثات حل الدولتين، كضمانة أساسية لاستقرار المنطقة، وليس هناك حل آخر.
وبعبارات جامعة مانعة، وكلمات محددة جدد الرئيس التذكير بالموقف المصرى الثابت من القضية الفلسطينية حتى تكتمل الصورة أمام الجميع، وفقا لمبدأ «ممارسة السياسة بشرف»، ومن هذه العبارات الرئاسية « دور مصر محترم ومخلص وشريف، ما اتغيرش ومش هيتغير»، و «موقفنا واضح فى رفض التهجير لأنه يؤدى إلى تفريغ فكرة حل الدولتين وهو الحل السلمى للقضية»، و«لا يمكن أن نقوم بدور سلبى تجاه أشقائنا فى فلسطين»، أما رسائل الرئيس السيسى لأهل غزة تحديدًا مضمونها الأساسى «لا جوع ولا خوف»، لأن مصر تواصل طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ما قبل يونيو 1967حتى يعود الحق المسلوب، والأرض لأصحابها، وفى نفس الوقت حريصة على إدخال المساعدات للقطاع بكميات كافية، وقال الرئيس عن جهود مصر فى الفترة الماضية «إحنا خلال الـ21 شهر اللى فاتوا كنا حريصين على إدخال أكبر قدر من المساعدات»، و« معبر رفح لم يتم إغلاقه من جانبنا أبدًا» و«أخلاقياتنا وقيمنا لا تسمح بمنع دخول المساعدات»، أما فى المرحلة القادمة فقد أكد الرئيس السيسى «أن حجم المساعدات المصرية الجاهزة المستعدة للدخول كبير وضخم»، ولا بد من إدخال أكبر قدر من المساعدات فى المرحلة الحالية للتخفيف عن أشقائنا الفلسطينيين.
ومن أجل زيادة الضغوط على دولة الاحتلال لتيسير دخول المساعدات ووقف الحرب، وجه الرئيس السيسى نداء عامًا لكل دول العالم، والاتحاد الأوروبى، وأشقائنا فى المنطقة العربية والرئيس الأمريكى ترامب لبذل المزيد من الجهود، وإنهاء هذه المعاناة، فالوقت قد حان لتضع هذه الحرب أوزارها، ويالها من دعوة إنسانية فى المقام الأول، يكررها الرئيس منذ قمة القاهرة للسلام التى قال فيها للحضور من قادة العالم، بعد أسبوعين فقط من بدء الحرب الإسرائيلية الغاشمة: «نحن فى أوقات صعبة تمتحن إنسانيتنا قبل مصالحنا، وتختبر عمق إيماننا بقيمة الإنسان، وحقه فى الحياة، وتضع المبادئ التى ندعى أننا نعتنقها فى موضع التساؤل والفحص.
ومن المؤكد أن مواقف القاهرة الحاسمة فى مواجهة توابع العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة منذ أحداث 7 أكتوبر 2023 عصية على الحصر، وصعبة فى العد، لكن كنوع من إنعاش الذاكرة لهؤلاء المتربصين عن عمد، والمزايدين عن سوء نية خصوصًا من مدخل المساعدات الإغاثية، نقول بالفم المليان، وبقناعة تامة مدعومة بالوقائع المؤكدة والتواريخ المثبتة، إن القيادة السياسية ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى سبقت الجميع، بما فيها الفصائل الفلسطينية من التنبيه المبكر إلى خطورة المؤامرة الإسرائيلية، وتعاملت باحترافية شديدة بالتأكيد على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لاستقرار المنطقة، وأول تعليق مصرى على عملية طوفان الأقصى حسب بيان وزارة الخارجية طالب دولة الاحتلال بوقف الاعتداءات والأعمال الاستفزازية بحق الشعب الفلسطينى والالتزام بقواعد القانون الدولى، ثم توالت مباحثات الرئيس السيسى مع القادة سواء على المستوى العربى أو الإقليمى أو الدولى، ومنها على سبيل المثال فى الساعات الأولى اتصالات مكثفة مع كل من نظيريه الفلسطينى محمود عباس، وملك الأردن عبدالله الثانى، والتشديد المصرى الأردنى الفلسطينى على ضرورة وقف التصعيد وضبط النفس لمنع تدهور الأوضاع، وأن إرساء الأمن والاستقرار المستدام بالمنطقة يتطلب التوصل إلى حل عادل وتسوية شاملة للقضية الفلسطينية، ثم تكرر هذا الموقف الثابت مع شتى الزعماء، ومختلف الرؤساء، وجميع المسئولين الأمميين والدوليين، والدفع فى اتجاه الوقف الفورى للحرب وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين وتأمين أوضاعهم الإنسانية، وضمان وصول المساعدات الإغاثية بدون أى عوائق أو تأخير.
وبلغة الأفعال، وكله موثق بالصوت والصورة والفيديو، لم تتوانَ القاهرة عن تقديم كافة أنواع المساعدات للأشقاء المحاصرين فى غزة، وتتابعت قوافل الدعم تحت إشراف الهلال الأحمر المصرى، وكانت الدفعة الأولى من المستلزمات الطبية فى 10 أكتوبر 2023 عبر معبر رفح، وتوالى نهر المساعدات المصرية بدخول مؤسسة حياة كريمة على الخط سريعًا بعد أيام قليلة، وتأكيد تضامنها الكامل مع الشعب الفلسطينى من خلال تقديم الدعم والمساندة عبر مبادرة «كتفنا فى كتف أهلنا فى فلسطين»، وأيضًا سارع التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى بتوجيهات من الرئيس السيسى، على تجهيز قافلة محملة بكميات ضخمة من المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية لدعم الفلسطينيين بقطاع غزة، إلى جانب بقية المؤسسات المصرية، فالكل كان حاضرًا لتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطينى، وظل معبر رفح مفتوح دائمًا حتى بعد تدمير جيش الاحتلال له من الجانب الفلسطينى والسيطرة عليه، فضلاً على الإنزال الجوى للمساعدات، ويكفى أن نُشير إلى أن حجم تلك المساعدات المصرية تعدت الـ35 ألف شاحنة عبر المعابر إلى غزة، قدم منها بنك الطعام المصرى نحو 933 طنًا من المواد الغذائية، بينما ساهم التحالف الوطنى للعمل الأهلى بـأكثر من 500 شاحنة إغاثية، وقام الهلال الأحمر المصرى بتنسيق وتوزيع ما يزيد على 63 ألف طن من المساعدات، ليصل إجمالى ما قدمته مصر لغزة إلى أكثر من 130 ألف طن من المساعدات المتنوعة، وكانت ومازالت طوابير شاحنات المساعدات ممتدة أمام معبر رفح لتخزق عيون المزايدين والمتربصين.
أما دور مصر فى إفساد مخطط التهجير، فهو واضح كالشمس، ظاهر كضوء النهار، لا تخطئه عين، وكانت كلمة الرئيس السيسى فى قمة القاهرة للسلام فى 21 أكتوبر 2023 هى الضربة القاضية لتلك المؤامرة الإسرائيلية لتصفيةالقضية الفلسطينية، فقد أكد الرئيس بشكل قاطع «أن العالم لا يجب أن يقبل، استخدام الضغط الإنسانى، للإجبار على التهجير وقد أكدت مصر، وتجدد التشديد، على الرفض التام، للتهجير القسرى للفلسطينيين، ونزوحهم إلى الأراضى المصرية فى سيناء إذ إن ذلك، ليس إلا تصفية نهائية للقضية الفلسطينية وإنهاء لحلم الدولة الفلسطينية المستقلة، وإهدارًا لكفاح الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية والإسلامية، بل وجميع الأحرار فى العالم، على مدار 75 عامًا، هى عمر القضية الفلسطينية.. كما أؤكد للعالم بوضوح ولسان مبين، وبتعبير صادق، عن إرادة وعزم جميع أبناء الشعب المصرى فردًا فردًا: إن تصفية القضية الفلسطينية، دون حل عادل، لن يحدث وفى كل الأحوال «لن يحدث على حساب مصر».
يا لها من حقارة، وما أبشعها من سفالة، أن يخرج علينا من يدّعى نصرة القضية الفلسطينية كذبًا من مدخل توجيهالاتهامات الباطلة للدولة المصرية رغم دورها البطولى فى توصيل المساعدات لأهالى قطاع غزة، وقيادة مفاوضات الهدنة من أجل وقف الحرب وصولاً إلى مواصلة التحركات الدبلوماسية لتنفيذ حل الدولتين، ورفض المشاركة فى ظلم الشعب الفلسطينى مهما كانت الإغراءات، ومهما تعددت الضغوط، إن هؤلاء حلفاء دولة الاحتلال، يتآمرون ليل نهار على تغيير مجرى الغضب الشعبى العربى والدولى من تل أبيب التى تقود حرب إبادة ضد الشعب الفلسطينى إلى القاهرة حامية القضية، إن هؤلاء السفلة من عملاء الصهيونية فى التنظيم الدولى للإخوان وأذرعه الأخطبوطية فى عدة بلدان، ومن يسيرون على نهجهم الخبيث يستهدفون مصر بالتنسيق مع الإسرائيليين.
نعم، استهداف مصر مؤامرة مؤكدة، لأنها أول من نظّمت مؤتمرًا دوليًا هو قمة القاهرة للسلام ضد العدوان، وقالت كلمتها ضد مخطط العقاب الجماعى وحصار وتجويــع أهل غزة؛ أملاً فى التهجير القسرى لهم من القطاع، والوقوف بعزيمة لا تلين، وإرادة لا تنكسر ضد مخططات التهجير فى السر والعلن، رغم أن القاهرة تعلم أن هذا الموقف المشرف تحدٍ لقرار الأمريكان والإسرائيليين، مع الوقوف بالمرصاد لكل محاولات دولة الاحتلال فى القضاء على حق الفلسطينيين لإقامة دولتهم المستقلة، بل وتقديم القاهرة الخطة الأفضل لوقف الحرب وإعادة الإعمار وعطلت مشاريع إسرائيل وأفشلت مخططاتها، كما أنها جعلت من معبر رفح منصة دولية لإدانة الاحتلال عبر الشاشات فى كل الدولمن خلال حضور كبار المسئولين والزعماء مثل سكرتير عام الأمم المتحدة ورؤساء دول ووزراء خارجية من مختلف أنحاء العالم، فضلاً عن استقبال الجرحى الفلسطينيين وتوفير العلاج وجميع مطالبهم، ولا يخفى أيضًا أن مصر رفضت منذ البداية انقلاب حماس، ومحاولتها تقسيم فلسطين بين غزة والضفة فى الوقت الذى كانت إسرائيل تسعى لتكريس الانقسام، وبصراحة تامة، وبشكل مباشر، أقول بضمير مستريح، مَن يهاجم مصر لا يدعم فلسطين وهو بالضرورة يخدم إسرائيل، من يدفعون للتظاهر أمام سفارة مصرية، فليذهبوا إلى سفارات إسرائيل وأمريكا إن كانوا أبرياء من داء العمالة وليسوا مصابين بفيروس الأخونة، لأن تلك الدعوات القميئة لا تخدم فلسطين لكنها تدعم إسرائيل، وتمنحها صك براءة من جرائم الإبادة والتطهير العرقى.
حمى الله مصر وشعبها وقيادتها
ومؤسساتها الوطنية من كل سوء