ذكر تقرير حديث نشرته الوكالة الوطنية للإحصاء والديموغرافيا في السنغال، أن التعاونيات الزراعية تشكل ركيزة أساسية في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للتنمية فى إطار "رؤية السنغال 2050" التي تضع السيادة الغذائية في صميم أولوياتها، في بلد يعتمد أكثر من 909 الأف أسرة على الزراعة كمصدر رئيسي للعيش.
وفي هذا السياق، يبرز برنامج تنافسية غرب إفريقيا في السنغال (PACAO-Senegal) كنموذج ناجح، حيث تم دعم إنشاء أو هيكلة 29 تعاونية زراعية، وعزز قدراتها التنظيمية والإدارية. وتشمل هذه التعاونيات أكثر من 545 منظمة منتِجة تعمل في سلاسل القيمة الخاصة بالمانجو والبصل، وهما من المحاصيل الاستراتيجية في البلاد.
وتعد التعاونيات الزراعية لدعم الإنتاج والتصنيع والتسويق (SCAPTC) في منطقة بوت (بإقليم تييس) مثالاً بارزاً على نتائج هذا الدعم. وتأسست التعاونيات الزراعية فى عام 2021، وتغطي أربع بلديات في إقليم تييس: بوت، دياندر، كور موسى، ومورولاند، وتضم ما يقارب 2,940 عضوا، منهم 20 منظمة منتِجة وأكثر من 20 فرداً مستقلاً. وقد جاءت ولادة هذه التعاونيات استجابة لحاجة ملحة لتنظيم المنتجين الذين كانوا يعملون بشكل متفرق ومن دون أدوات إدارة أو تنسيق.
ويقول دودو ديوب، رئيس مجلس إدارة التعاونيات الزراعية لدعم الانتاج والتصنيع والتسويق :"قبل تأسيس التعاونيات، لم نكن نملك حتى لوائح تنظيمية. كل فرد كان يعمل بمفرده، بلا خطة أو هيكل واضح."
ومع تدخل برنامج تنافسية غرب إفريقيا في السنغال، تلقى أعضاء التعاونيات تدريبات في الإدارة المالية، والقيادة، وحل النزاعات، والتخطيط الاستراتيجي، مما مكنهم من تحويل بنيتهم من تنظيم غير رسمي إلى مؤسسة فعالة ومستدامة.
ويؤكد مامادو لاي، طالب دكتوراه في الفيزياء التطبيقية بجامعة الشيخ أنتا ديوب، والذي يشغل منصب الأمين العام للتعاونيات: "تعلمنا كيف ندير التعاونيات كمؤسسة أعمال. أصبحنا نعقد اجتماعات منتظمة ونضبط شؤوننا المالية ونحل النزاعات بطريقة بنّاءة. كل هذه المهارات حصلنا عليها بفضل دعم البرنامج."
وأضاف مامادو "اليوم، تعد التعاونيات نموذجاً يحتذى به على مستوى المنطقة، حيث تقوم التعاونيات الأخرى وحتى وزارة الزراعة بإيفاد خبراء لدراسة هذا النموذج والاستفادة منه. وتقول آمي ندايي، الموظفة في برنامج تنافسية غرب إفريقيا السنغال: "تعقد التعاونيات اجتماعاتها بانتظام، وتنظم جمعيتها العامة سنوياً، وأصبح الأعضاء يديرون أنشطتهم بشكل ذاتي. وبذلك تحولت التعاونيات إلى مرجع إقليمى فى برامج التنمية الزراعية."
ويقول دودو ديوب: "أصبحنا نتحكم بكامل العملية من الإنتاج إلى التسويق، لقد تغيرت حياتنا وانعكس هذا التطور على الإنتاجية والدخل."
وأضاف انه بهذا النموذج، تثبت التعاونيات الزراعية في السنغال قدرتها على إحداث تحول جذري في القطاع، ليس فقط من خلال التنظيم والإدارة، بل أيضاً عبر مساهمتها الفعالة في تحقيق أهداف "رؤية السنغال 2050" نحو زراعة مستدامة، ذات سيادة، وقادرة على تلبية احتياجات البلاد.