أكد عبدالحكيم عبد الناصر، نجل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، أن ثورة 23 يوليو لا تزال حاضرة بقوة في ضمير المصريين، بما رسخته من مبادئ العدالة الاجتماعية، وإتاحة الفرص أمام أبناء الشعب للوصول إلى أعلى المناصب، مشددًا على أن التجربة الناصرية رغم ما تعرضت له من تشويه، ما زالت تلهم الأجيال الجديدة بقيمها ومشروعها الوطني.
وقال عبدالحكيم في حوار خاص مع المصور ينشر لاحقا، إن الرئيس الراحل كان مستمعًا جيدًا في محاضر الاجتماعات، يضع مصلحة المواطن نصب عينيه، ويؤمن بحق الجميع في التعليم والعمل والعلاج، مضيفًا: "والدي كان يعتبر أن الاجتهاد هو السبيل للمكانة الاجتماعية، وكان حريصًا على خلق مجتمع يتساوى فيه الجميع في الفرص والحقوق".
وعن حياته الأسرية، أوضح عبدالحكيم أن أسرة عبد الناصر عاشت كغيرها من الأسر المصرية، وتلقى الأبناء تعليمهم في مدارس قومية، قائلاً: "كنا نرتاد نادى هليوبوليس، وكان والدي يحدثنا دائمًا عن أهمية الحفاظ على مصر.. لم يكن هناك انفصال بين دوره كأب ودوره كقائد، لكنه كان شديد الحنو داخل البيت، وابتسامته ما زالت محفورة في ذاكرتي رغم مرور أكثر من 50 عامًا على رحيله".
وكشف عبدالحكيم عن وجود أرشيف موثق لحقبة عبد الناصر قامت بجمعه شقيقته الدكتورة هدى عبد الناصر، وهو متاح حاليًا للجمهور من خلال موقع إلكتروني خاص وأرشيف مكتبة الإسكندرية، مشيرًا إلى أن الهدف من هذا التوثيق هو تعريف الأجيال الجديدة بحقيقة ما جرى، بعيدًا عن التشويه الذي تتعرض له الحقبة الناصرية، مؤكدًا على ضرورة الرجوع إلى المصادر الرسمية وعدم الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على معلومات تاريخية.
المشروع القومي.. مستمر رغم التحديات
وشدد عبدالحكيم على أن الظروف الحالية أفضل كثيرًا مقارنة بما كانت عليه مصر قبل الثورة، خصوصًا مع ارتفاع نسبة التعليم وامتلاك الدولة طاقات شابة مؤهلة. لكنه في الوقت نفسه حذر من التحديات التي تواجه الدولة، داخليًا وخارجيًا، خاصة مع استمرار نشاط بقايا الجماعة الإرهابية وبعض الخلايا النائمة، بالإضافة إلى مخططات الفوضى التي طالت العديد من دول المنطقة.
وأكد عبدالحكيم أن هوية مصر العربية لا تقبل الجدل، مشيرًا إلى تفاعل الشعوب العربية مع الأحداث القومية مثل دعمهم لمنتخب المغرب في كأس العالم، مضيفا أن "القومية العربية متجذرة في شعوب المنطقة، والدولة المصرية ما زالت تقود العالم العربي رغم المتغيرات".
واعتبر عبدالحكيم أن أبرز ما يمكن استخلاصه من تجربة يوليو هو أهمية بناء كوادر وطنية تلتزم بمشروع واحد لا يتغير بتغير الحكومات، منتقدًا غياب هذا المفهوم في العالم العربي مقارنة بثبات المشروع الصهيوني الذي استمر رغم تغير الحكومات في إسرائيل.
وفي رده على الانتقادات الموجهة للثورة، قال: "كل تجربة إنسانية معرضة للصواب والخطأ، ولكن العبرة بميزان الإيجابيات والسلبيات، وثورة يوليو كانت قادرة على تصحيح أخطائها".. واستشهد بتجربة نكسة 1967 وكيف رفض الشعب استقالة عبد الناصر، ما أدى إلى إصلاحات عميقة داخل الجيش، مهدت لاحقًا لانتصار أكتوبر 1973.
وختم عبدالحكيم تصريحاته بالتأكيد على أن بقاء عبد الناصر في الحكم لم يكن لشخصه، بل لرمزيته كمشروع وطني آمن به الشعب المصري.