رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

دوامة سوريا


11-7-2025 | 10:50

.

طباعة
بقلم: د. غادة جابر

وكأن بين القدر وسوريا ثأرًا لا يزال يبحث عن وسيلة لأخذ حقه منها، وبين الحقوق المشروعة نبحث دائمًا عن سوريا عربية الهوية، أصيلة التاريخ والأثر، بين فترة حكم انتهت بكل مساوئها ومحاسنها، إلى فترة انتقالية لا زالت بدون ملامح مُبشرة، تسيل تصريحات الغرب بين إنهاء فرض عقوبات وتصالح مع أى طالح!، ففى مارسالماضى بدأت مجازر الساحل السورى وحتى يومنا هذا، تحقيقات بلا جدوى ولا بيان يوضح أن سوريا عادت للجميع، ليست لطائفة دون غيرها، ولكن من الواضح ومن تقاريرمختلفة من داخل سوريا، وعلى ألسنة سوريين، تقول إن التمييز بين العلوى والسنى مُخيف حتى هذه اللحظة، ألم يتحدث الرئيس المؤقت للبلاد أحمد الشرع بأن سوريا للجميع؟! أم أن الجميع من وجهة نظر الحكومة الجديدة لمن ينتمى لهم وبقية الأطياف لا تستحق .

وتأتى نيابة فرنسا لتؤيد استمرار مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد، المتهم بالتواطؤ فى جرائم ضد الإنسانية، جراء هجمات باستخدام أسلحة كيميائية محظورة عام 2013، وأوضحت أن الجرائم الجماعية التى ارتكبتها السلطات السورية هى التى دفعت فرنسا إلى اتخاذ القرار بعدم شرعية الأسد منذ عام 2012، تتحدث فرنسا اليوم بعد مرور 13 عامًا على تجاوزات الأسد تجاه الشعب السورى الأصيل، هل نريد 13 عامًا آخر لتتحرر سوريا من قبضة الشرع بعد ممارسته انتهاكات وجرائم تنكيل وخطف وقتل لكل من هو غير سنى، أم أن هذه الحكومة المزعومة مدعومة من بريطانيا الأم الكُبرى للتنظيمات الإرهابية فى الشرق الأوسط التى تدفع بها لتصل للتمكين من الأرض والشعوب والثروات والخيرات لبلادنا العربية.

وها هو الرئيس الأمريكى الذى عاد ليفاقم التوتر ويؤجج التشرذم والانشقاق بين الشعوب العربية، وقَّع أمرًاتنفيذيًا يُنهى العقوبات على سوريا من أجل دعم مسار البلاد نحو الأستقرار والسلام، ولكن! مع الإبقاء على العقوبات المفروضة على الأسد وشركائه، هل يُشير إلى العلويين واستمرار انتهاك وجودهم واضطهادهم فى الداخل السورى كما يحدث بالفعل؟، وصرحت وزارة الخارجية السورية فى هذه الأيام أن وزيرها أسعد الشيبانى أكد فى اتصال هاتفى مع نظيره الأمريكى ماركو روبيو، تطلع سوريا للعمل مع الولايات المتحدة لرفع العقوبات والعودة لاتفاق فض الاشتباك مع إسرائيل عام 1974.

بل صدر القرار عن دونالد ترامب الرئيس الأمريكى، برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا لدعم حكومة سوريا الجديدة واغتنام الفرصة لتتحول سوريا لدولة مستقرة ومزدهرة تنعم بالسلام الداخلى مع دول الجوار، على حد قول الرئيس ترامب، وبالفعل ألغى الأمر التنفيذى للرئيس الأمريكى العقوبات التى فُرضت على سوريا، ولكن مع الإبقاء على آليات المحاسبة المفروضة على نظام الأسد، وذلك بإدراج 139 فردًا وكيانًا من المرتبطين بنظام الأسد وإيران ضمن قوائم العقوبات لاستمرار المحاسبة عن انتهاكات النظام السابق، سياسة أمريكية تدعم نظام أتت به وتستمر فى التفرقة بين أطياف الشعب السورى تبعًا لهوائها ومخططاتها. 

تضطلع دمشق لرفع عقوبات قانون القيصر «قانون قيصر لحماية المدنيين فى سوريا لعام 2019»، وذلك بالتعاون مع واشنطن للعودة لاتفاق فض الاشتباك مع إسرائيل لعام 1974، وأيضًا بحث مكافحة الإرهاب وإيران، ولكن مع توطيد العلاقات مع إسرائيل!، اتفاق إبراهيمى مع استمرار سياسة القمع لكل من يخالف اتفاقهم، أسلوب ممنهج لتوسيع رقعة الاختلاف والاختطاف والطمع دون النظر لمصلحة البلاد العليا. 

تطلعات حكومة الشرع تتزامن مع توغل إسرائيل داخل سوريا، فى الوقت الذى أقامت فيه جنود الاحتلال نقطة عسكرية فى القنيطرة، مع هدم منازل المواطنيين السوريين، وبينما تتحدث خارجية سوريا عن العودة لفض الاشتباك مع إسرائيل كانت إسرائيل تعمل على إنزال جوى قرب دمشق وتتوغل فى درعا، ونفذت مروحياتها العسكرية إنزالًا فى منطقة يعفور على بعد 10 كيلومترات من العاصمة دمشق، وتوغلت قوات إسرائيلية فى منطقة «رخلة» قرب الحدود مع لبنان غرب سوريا لأول مرة، ودخلت قوات جيش الاحتلال قرية صيصون فى محافظة درعا جنوب سوريا.

فمنذ سقوط نظام الأسد استهدفت هجمات إسرائيل مواقع عسكرية تابعة للجيش السورى وتصاعدت حتى دمرتها بطريقة تمنع إعادة تأهيلها، وتزامنت هذه الهجمات مع توغل برى فى ريف دمشق والقنيطرة ودرعا، حتى سيطرت على المنطقة العازلة ونفذت مداهمات فى المناطق الحدودية، وغطرسة جيش الاحتلال، حتى تفتيش المنازل وهدمها وإطلاق الرصاص على مواطنى سوريا.

وتستمر المشاركات فى دوامة سوريا بالرضا الغربى لحكومة الشرع التى تمارس القمع والتفرقة بين أطياف الشعب السورى حتى هذا التوقيت، فتأتى بريطانيا لتفرض دورها فى المنطقة المنكوبة، بإعادة دبلوماسيتها التىانقطعت منذ عام 2012 مع سوريا، بحجة فساد النظام السابق وانتهاكه حقوق الشعب السورى والميل لانتماءات دون غيرها، رغم أن الحكومنة الجديدة لا تزال تمارس التمييز بين أطياف الشعب السورى.

ختامًا، نجحت بريطانيا وأمريكا وإسرائيل فى تفكيك عدد من الدول العربية، بخلق انتماءات وأطياف مختلفة داخل كل دولة، وأطلقتهم للتناحر، بين علويين وسنة وشيعة ودروز وأكراد، ليست فقط سوريا المكلومة، العراق البائس والسودان المتشرذم واليمن المُنهك وليبيا المتناحرة ولبنان يصرخ ويحنا من فلسطين، هل سيأتى العرب متحدًا؟ 

حفظ الله مصر أرضًا وشعبًا وقيادة.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة