رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

ثورة المثقفين


4-7-2025 | 17:25

.

طباعة
بقلـم: يوسف القعيد

كانوا قد جاءوا بوزيرٍ إخوانى ليُصبح وزيراً للثقافة. ولم يكونوا يدركون أو على الأقل حاولوا أن يتفهموا طبيعة المثقف المصرى وموقفه الثابت الذى لا يلين من «الأخونة». بصرف النظر عن الموقع أو المجال الذى يمكن أن تقع فيه هذه الأخونة، وما كانوا يدركون أنه الخطأ القاتل الذى سيذهب بهم إلى الأبد ولن يكون لهم مكان، لأنهم لم يحاولوا إدراك طبيعة المثقف.

ولم يكن لديهم وقت لقراءة تاريخ هذا المثقف وإنتاجه وما قدمه للمكتبة العربية والعالمية بعد ترجمته للغات العالم. وكما نجح عربياً فقد كان هناك نجاح عالمى لا يقل أهمية فى لغات العالم كالإنجليزية والفرنسية أو البعيدة عنا كلغات أمريكا اللاتينية وآسيا وأوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وغير هذه البُلدان من الأماكن التى ملأت الدنيا.

إنهم جماعة معادية للثقافة وللمثقفين. وهم لا يمارسون العداء لمنْ بادر به قبلهم. بل إنهم يبدأون بعداءٍ مُطلق وشرير حتى لو كانت كلمة البداية بالنسبة لهم هى العداء. ومنْ يتابع اعتصام المثقفين فى مبنى وزارة الثقافة القديم فى حى الزمالك بشارع حسن صبرى سيعرف ماذا تعنى كلمة مثقف؟ وإلى ماذا يُمكن أن تؤدى؟.

ما من مثقف مصرى حقيقى يعتبر الإبداع الثقافى نقطة البدء فيما يمكن أن يقوم به لإصلاح واقعه للأفضل. لم تكن الثورة هدفها ما يبحث عنه المثقف وهو نشر نتاجه الأدبي. ولكن كان الهدف أعمق وأهم، ويصل إلى التأثير الذى يُمكن أن يُحدثه بنتاجه الأدبى بتغيير الواقع للأفضل.

وليس معنى هذا أن هذه الثورة عندما تقوم وتنجح يكون تأثيرها ثقافيا فقط، بالعكس. فإن تأثيرها يمكن أن يصل إلى البُعد السلوكى والسياسى لمصر كلها وللشعب المصرى بأجمعه من أقصى الشمال لأقصى الجنوب، ومن آخر الشرق لآخر الغرب.

ما زلنا نذكر نحن الذين عشنا تلك الأيام وتجمعنا واعتصمنا وكان هدفنا الأول والأخير إبعاد هذه الجماعة عن أى أمرٍ من أمور بلادنا. ونجحنا فى تحقيق ما كنا نسعى إليه ونحاول جعله من الأمور الممكنة بصرف النظر عمن وقفوا ضد النظام الجديد أو الذى كان جديداً وقتها قبل أكثر من 12 عاماً مضت.

كان العالم يختلف عما حولنا الآن، ولكن إرادتنا كانت هى إرادة هذا الشعب بأكمله ولا يوجد مصرى واحد كان ضد ما يجرى إلا الجماعة إياها التى لا أريد أن ألوِّث قلمى بذكر اسمها. لقد كتبتُ من قبل عن الدور العظيم الذى قام به المثقفون المصريون وتحرُّكهم باتجاه وزارة الثقافة لتحقيق الهدف الذى سعوا من أجله وعملوا لتحقيقه ولجعله أمراً واقعاً يتم فى أرض الواقع.

إن منْ تحركوا يومها من مُبدعى الثقافة المصرية ما زال معظمهم يعيشون على قيد الحياة مثل: خالد يوسف، جمال الغيطاني، سعيد الكفراوي، وبهاء طاهر، حسين عبد الغني. وأرجوهم وأطلب منهم وأُلِّح عليهم أن يُدوِّن كل منهم ما قام به وما فعله، ليس فى الأمر أى إحساس «نرجسي» لأن مصالح البلاد العُليا تعلو على أى شيء آخر.

مرت الرحلة بشوارع حى الزمالك، وانضم لها عدد كبير من المواطنين العاديين إعجاباً بما يقوم به المثقفون، وإدراكاً أن تلك هى مصلحة البلاد العُليا التى لا مصلحة سواها. ومن هناك اتجهوا إلى مقر الوزارة القديم وظلوا هناك إلى أن تجمعوا بشكل كامل ومتكامل، كان منهم منْ يحمل اللافتات، ومنْ كان صدره يمور برغبة حقيقية فى إنقاذ الوطن مما كان يُرادُ به من هذه الجماعة إياها. لدرجة أن ما قام به المثقفون دخل التاريخ، وأصبح ثورة كُبرى أسست مصر الحديثة التى نحيا فيها بأمانٍ واطمئنان، ويفعل كلٌ منا ما يريد برغبته الكاملة دون تدخل من أحد، أو فرضٍ لأمرٍ من الأمور علينا.

إن تاريخ شعبٍ قديم. هذا الشعب اخترع التاريخ وصممه وملأه بالأحداث الكُبرى، وها هى أهرامات الجيزة وغيرها من آثار صعيد مصر ووجهها البحرى تملأ الدنيا كلها بحكاياتها القديمة والتى تجددت بعد 30 يونيو بصورة ما كان أحد يتصور أن تحدُث بهذه الطريقة.

إن إلقاء نظرة على الوضع المصرى فى ذلك الوقت سنكتشف أن كل شيء كان مُهدداً. وقد عِشنا هذا التهديد لحظة بلحظة، ودقيقة بدقيقة. ورأينا كيف عمَّت الفوضى وانتشرت البلطجة فى ظل الانفلات السلوكى للمجتمع. ثم جاءت ثورة 30 يونيو على شكل حشدٍ سلمى لم تشهده البشرية من قبل؛ لتضع الرؤية الاستراتيجية العلمية والعملية لإعداد مشروع قومى يلتف حوله الجميع. وتعمل على إحداث التماسك المجتمعى لخلق استقرار أمنى وسياسى يؤسسان دولة ديمقراطية عصرية قادرة على إحداث التنمية الشاملة الحقيقية لجميع مقدراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بما يضمن صيانة أمنها القومي. وبما يؤدى إلى تعظيم إدراك ووعى المصريين بأنهم المسئولون وحدهم عن ارتقاء وطنهم. وأن عليهم وحدهم صيانة سيادته وسلامة أراضيه فى تلك الفترة الحرجة من تاريخ وطنهم الذى سيبقى إلى يوم الدين بفضل هذه الثورة وهذا الشعب العظيم، وأيضاً القائد الباسل والذى وضع الارتقاء بوطنه وإعادة بنائه من أول وجديد هدفاً يسمو على أى هدف آخر.

إنه الفريق أول فى ذلك الزمان البعيد عبد الفتاح السيسي، وهو الآن رئيس مصر وقائدها وأحد قادة الوطن العربى والعالم الثالث بدُربة ومهارة وامتياز. سيذكره التاريخ طويلاً ويتوقف أمام ما قام به لفترة لن تقل أبداً عن سنواتٍ طويلة.

 
    كلمات البحث
  • وزير
  • إخوانى
  • طبيعة
  • المثقف
  • المصرى

أخبار الساعة

الاكثر قراءة