يحتفل المصريون بذكرى ثورة 30 يونيو، هذا اليوم الذي عادت فيه مصر من نفق مظلم كانت تسير فيه تحت حكم الجماعة الإرهابية، إلا أن وقوف الشعب المصري في 30 يونيو 2013، للمطالبة بالإطاحة بحكم الإخوان وإنهاء "حكم المرشد" أعاد للبلاد هويتها وقوتها، داخليًا وخارجيًا، لتشهد مصر طوال الأعوام الـ12 الماضية مسيرة جديدة للبناء والتنمية في كل ربوع الجمهورية وفي شتى المجالات.
استعادة الهوية المصرية
ويقول الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، إن ثورة 30 يونيو تُعد محطة مفصلية وغاية في الأهمية بتاريخ مصر المعاصر، بل في تاريخها الممتد لآلاف السنين، موضحًا أنه على الرغم من المحطات التاريخية الكثيرة التي شهدتها مصر، لم تمر البلاد بصراع مماثل مع الفاشية الدينية كما حدث قبل هذه الثورة.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن ثورة 30 يونيو كانت في جوهرها انتفاضة شعبية نابعة من إدراك المصريين لفشل جماعة الإخوان في إدارة شؤون البلاد، موضحا أن الظروف السياسية التي سبقت ثورة 25 يناير 2011 مهدت الطريق لوصول الإخوان إلى السلطة، فخلال السنوات العشر الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، تمكنت جماعة الإخوان من التغلغل في مفاصل الدولة والنقابات المختلفة، وزادت أعداد خلاياها النائمة، مما مكنهم من المشاركة في البرلمان.
وأكد شقرة أنه عندما اندلعت التظاهرات الثورية الهائلة في 25 يناير 2011، استغلت الجماعة الإرهابية الانتهازية الوضع ونجحت في ركوب الموجة الثورية، رافعة سقف المطالب بإسقاط نظام مبارك وإبعاده عن السلطة تمامًا، موضحا أنه مع نجاح هذه المطالب، بدأت الجماعة في التخطيط للوصول إلى الحكم، فقاموا بترشيح خيرت الشاطر، ولكن بسبب الأحكام القضائية التي كانت ضده، رُفض ترشحه، فلجأت الجماعة إلى ترشيح محمد مرسي كـ "مرشح احتياطي".
وأضاف أنه بدأ وصول محمد مرسي إلى السلطة مصحوبًا بتهديدات صريحة بحرق القاهرة إذا لم ينجح، وبعد وصوله، بدأت عملية تمكين شاملة للجماعة داخل مؤسسات الدولة المختلفة، بالرغم من رفعهم لشعار "النهضة"، سرعان ما بدأ الصدام مع القوى السياسية الأخرى، وعادت أعمال العنف والاغتيالات، وشعر المواطن المصري بالخطر الشديد، خاصة بعد حرق الكنائس وسحل المواطنين من الشيعة، مما أثار تخوفًا عميقًا لدى الشعب وأشعل شرارة ثورة 30 يونيو 2013 العظيمة.
وأشار إلى أن ثورة 30 يونيو نجحت في مواجهة نشاط الإرهابيين، وعملت على استعادة الاستقرار والهدوء إلى الشارع المصري، خاصة في سيناء، كما نجحت الثورة في دراسة الأوضاع المتدهورة في جميع قطاعات الدولة، ومن ثم بدأت في المعالجة الشاملة والتطوير لكل قطاع.
وشدد على أن مصر شهدت إنجازات عظيمة على أرض الواقع، سواء فيما يتعلق بشبكة الطرق القومية، أو بناء العاصمة الإدارية الجديدة والمدن الذكية الأخرى، وتطوير المستشفيات المصرية، كما بذلت الثورة الوليدة جهودًا مضنية في معالجة التحديات الاقتصادية ومواجهة الآثار المترتبة على الإصلاح الاقتصادي، موضحًا أنه على الرغم من هذه الإنجازات النوعية، لا تزال الثورة تواجه تحديات داخلية وخارجية كبيرة وخطيرة، تتطلب يقظة وجهودًا مستمرة.
انطلاق جديدة لمصر في جميع المجالات
وقال النائب تيسير مطر، رئيس حزب إرادة جيل وأمين تحالف الأحزاب المصرية، إنه في الثلاثين من يونيو، استعادت مصر هويتها وعادت إلى أبنائها ومكانتها الدولية، وكان هذا اليوم نقطة تحول مفصلية في تاريخ المصريين، حيث استجاب الرئيس عبد الفتاح السيسي – حينما كان وزيرًا للدفاع آنذاك- لإرادة الشعب وتولى المسؤولية ليزيل الغمة التي خيمت على البلاد.
وأكد مطر، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه بعد فترة عصيبة تولت فيها الجماعة إرهابية مقاليد الحكم، شهدت مصر غيابًا تامًا للأمن والاستقرار، وتدهورًا في الحياة اليومية، ولم يكن المواطن يشعر بالأمان حتى في الشارع، وهو ما أثر سلبًا على الاقتصاد والعمل والحياة بجميع جوانبها، ثم جاءت ثورة الثلاثين من يونيو لتعيد الأمن والأمان إلى مصر، وتفتح آفاقًا جديدة للمصريين.
وأوضح أنه لم يقتصر تأثير الثلاثين من يونيو على الداخل المصري، بل امتد ليشمل العلاقات الدولية، حيث استعادت مصر ريادتها وأصبحت علاقاتها الدولية متميزة ومستقرة، مؤكدا أنه لولا هذا اليوم، لكنا ما زلنا نغوص في بحر الظلمات، حيث عادت لمصر قوتها وريادتها كذلك عاد الإعلام لدوره الريادي، حيث أصبح الإعلاميون قادرين على التعبير عن آرائهم بحرية ودون خوف أو قلق، بعدما شهدوه من إرهاب وعنف خلال عام حكم الإخوان، حيث تعرضت مدينة الإنتاج الإعلامي للحصار وغيرها من الانتهاكات بحق الصحفيين والإعلاميين.
وشدد على أنه كان يوم الثلاثون من يونيو 2013 بمثابة نقطة انطلاق جديدة لمصر في جميع المجالات، حيث تحققت إنجازات على كافة الأصعدة ومنها المشهد السياسي وقوة الأحزاب، مؤكدا أنه على المستوى السياسي، تغيرت الصورة بشكل كبير، لم تعد مقولة "الأحزاب الكرتونية" قائمة، بل أصبح للأحزاب وجود وتأثير، حتى وإن كان بعضها لا يزال يحتاج إلى المزيد من العمل على الأرض.
وأشار إلى أن الظروف الاقتصادية لا تخلو من التحديات، إلا أن المواطن المصري بات يجد احتياجاته الأساسية من علاج وغذاء، وتختلف طموحات الأفراد، فمنهم من يرى الحياة في توفير الأساسيات، ومنهم من يطمح إلى بناء مستقبل أفضل، مؤكدا أن طموحاتنا اليوم تتزايد مع إنجازات الرئيس المستمرة، والتي نراها على أرض الواقع، وتظل الطموحات متجددة، ومع الإنجازات المستمرة، تزداد آمالنا في مستقبل أفضل لمصر.
ثورة إنقاذ حقيقي لمصر والمصريين
وقال النائب محمود القط عضو، مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إنه بعد مرور 12 عاما على ثورة 30 يونيو أصبح واضحا أن هذه الثورة كانت الإنقاذ الحقيقي لمصر والمصريين، فبعد ما نشهده من تغير في خريطة الشرق الأوسط وانهيار للقيم والأعراف الأممية اصبح واضحا أن الدولة المصرية كانت مستهدفة ليكون سقوطها بداية تشكيل الشرق الأوسط الجديد.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذه الثورة المجيدة قام الشعب المصري لشعوره بالخطر على شخصيته المصرية الوسطية القائمة على التعايش يتم اختطافها من جماعة إرهابية تريد أن تصبح مصر دولة مليشياوية تحكمها جماعات ومليشيات لذلك، انتفض الشعب المصري، موضحًا أنه القوات المسلحة المصرية التى هى من نسيج هذا الشعب، كعادتها اتخذت قرارها أن تكون الدرع الحامي له ولمقدراته وهو ما أجهض مخطط إسقاط الدولة المصرية وتغيير هويتها الوسطية.
وأكد أن هذا التحرك بالتبعية عطل المخطط الأكبر وهو شرق أوسط مليشياوي لا حدودي قائم على الجماعات والمليشيات وهو ما ظهر تبعاته في الدول المحيطة بمصر على مدار السنوات، مضيفا أنه لذلك نجد أنفسنا اليوم نقف شامخين بما قمنا به منذ 12 عامًا من محاربة الارهاب وبناء مؤسسات الدولة وإعادة بناء البنية التحتية والعمل على قدم وساق على كافة المحاور لتحقيق التنمية الشاملة وكأننا نسابق الزمن ونستعد للخطر القادم الذى كان لا يراه الشعب المصري لكن كان يراه جيدا الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وأشار إلى أنه على مدار السنوات ظهرت أصوات تتعجب من سرعة تنفيذ المشروعات والإسراع بتسليح القوات المسلحة والشرطة ولكن اليوم أصبحنا نرى بعين الحقيقة والواقع أننا لولا ما قمنا به وما تعبنا من أجله ما كنا نعيش في أمان ونقف شامخين وسط حدود ملتهبة من جميع الجهات وشرق أوسط يسوده الاضطراب، مؤكدا أنه نتخذ مثالا في تدريب وتأهيل الشباب لما حدث من طفرة لاستعادة شباب الدولة المصرية فالمشروعات القومية كانت الطريق لتقليل نسب البطالة والتدريب والتأهيل في كافة القطاعات كان السبيل الوحيد لأن يكون الشباب قادر على تحمل المسؤولية في السلطة التشريعية ولتنفيذية.
وتابع: الرئيس عبدالفتاح السيسي بنفسه يشرف على تأهيل الشباب ليتواكب مع الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات ويكلف جميع مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية لتعمل بكامل طاقتها ليكون لدينا شباب مؤهل للاستفادة وتطوير الذكاء الاصطناعي وليس استخدامه فقط.
وشدد على أن الدولة المصرية بعد 30 يونيو قررت مسار التنمية الشاملة بالتعاون بين جميع مؤسساتها ليكون التكامل هو المنهج وصلابة وتماسك المجتمع هو الوقود الذي يعين الرئيس عبدالفتاح السيسي على قيادة مسيرة بناء وتقدم الجمهورية الجديدة.