الموافقة على إنشاء منطقة جرجوب الاقتصادية جاءت وفقا لأحكام قانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة الصادر بقانون رقم 83 لسنة 2002، وذلك على الأراضى الواقعة ناحية الساحل الشمالى الغربي، بمساحة إجمالية 402,2 ألف فدان تقريبا، حسب بيان مجلس الوزراء.
الالتفات إلى الأهمية الاستراتيجية لمنطقة جرجوب، التى تتميز بموقع بالغ الأهمية أقصى الساحل الشمالى الغربى بالقرب من الحدود الليبية، لم يكن وليد اللحظة، بل سبقته فكرة إنشاء ميناء جرجوب، حيث تم توقيع العقد الرسمى للمشروع، وبدأت أعمال التنفيذ الرسمى خلال عام 2017 بتكلفة تصل إلى 10 مليارات دولار.
توالت الاستثمارات الدولية فى صورة تحالفات أجنبية ضخمة للاستثمار فى منطقة جرجوب على مدار العامين الماضيين، فخلال مارس 2024 وقّعت القاهرة مذكرة تفاهم مع تحالف تركى لإنشاء مدينة صناعية ولوجستية متكاملة تشمل ميناء تجاريا ومنطقة حرة ومارينا صناعية باستثمارات 7 مليارات دولار، وفى 2025 أعلن وزير الصناعة والتجارة الخارجية عن مشروع صينى مرتقب لإقامة مدينة صناعية كبرى داخل جرجوب، وذلك بخلاف ما كشفت عنه شركة ديمى البلجيكية، وضخّ 26 مليار دولار لإنشاء مصنع ضخم للهيدروجين الأخضر بجرجوب، كما أعلنت وزارة النقل عن توقيع اتفاقية تعاون مع مجموعة كورية لتطوير البنية التحتية للمنطقة، بما يشمل ميناء جرجوب التجارى والمنطقة الصناعية والمرافق اللوجستية، بالإضافة إلى إنشاء صوامع حديثة للحبوب داخل الميناء، بما يضع مصر على طريق التحول إلى مركز إقليمى لتجارة وتداول الحبوب.
ضمن خطة تعزيز دور جرجوب كممر للطاقة يجرى تنفيذ خط أنابيب بترول يمتد من الأراضى الليبية إلى ميناء جرجوب بهدف تصدير الخام إلى أوروبا، ولضمان الدمج الكامل فى منظومة النقل القومى سيتم ربط جرجوب بخط القطار الكهربائى السريع، إلى جانب تنفيذ خط سكة حديد جديد من مطروح إلى السلوم مرورا بجرجوب، ما يسهل حركة البضائع، ويربط المنطقة بالمراكز الصناعية والموانئ الأخرى.
تسعى مصر إلى تكرار تجربة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس من خلال إطلاق مشروع «المنطقة الاقتصادية لجرجوب» بمحافظة مطروح.. هذا ما قاله الدكتور على الإدريسى الخبير الاقتصادى، مؤكدا أنها خطوة تعكس توجه الدولة نحو تعظيم الاستفادة من سواحلها الغربية وتحويلها إلى مراكز جذب استثمارى ولوجستى عالمي.
وتمتد المنطقة الجديدة على مساحة كبيرة، وتشمل أنشطة صناعية وتجارية وخدمات لوجستية وسياحية، إلى جانب التركيز على إنتاج الطاقة النظيفة مثل الهيدروجين الأخضر، واختيار موقع جرجوب لم يأتِ من فراغ، فهى تقع على مقربة من الحدود الليبية وتطل على البحر المتوسط، ما يجعلها مؤهلة لتكون بوابة لتجارة شمال إفريقيا ومركزًا لربط القارة بالأسواق الأوروبية، موضحًا أن المشروع يتكامل مع مشروعات البنية التحتية الجديدة مثل شبكة الطرق القومية والموانئ، ما يسهم فى تقليل تكلفة النقل وزيادة كفاءة سلاسل التوريد.
وأضاف أن الدولة المصرية تراهن على جرجوب فى جذب استثمارات أجنبية مباشرة بمليارات الدولارات، خاصة فى ظل الحوافز الضريبية والتسهيلات التنظيمية المنتظرة، وتعتبره امتدادًا استراتيجيًا لنموذج قناة السويس الذى حقق نجاحات ملحوظة فى الأعوام الأخيرة.
وفى وقت تشهد فيه مصر تحولات اقتصادية كبيرة ومراجعات لسياساتها التنموية، يأتى هذا المشروع ليؤكد استمرار التوجه نحو دعم الاقتصاد الحقيقي، وزيادة مساهمة الصادرات والصناعة فى الناتج المحلى الإجمالي، وتقليل الاعتماد على المركزية فى التنمية من خلال خلق مراكز إنتاج جديدة فى مناطق لم تكن مستغلة من قبل.
هنا، أكد اللواء خالد شعيب، محافظ مطروح، أن مشروع منطقة جرجوب الاقتصادية الخاصة وما سبقه من خطوات فعلية لإقامة ميناء جرجوب يمثل أحد أهم المشروعات القومية والتنموية الجارية على أرض المحافظة، ويعد نقلة نوعية فى ملف الاستثمار والنقل البحرى غرب البلاد، بفضل الموقع الاستراتيجى للمشروع وتكامل خدماته وتنوع أنشطته.
وأشار المحافظ إلى أن مشروع الميناء مقام على مساحة تبلغ 2169 فدانًا بمدينة النجيلة غرب مطروح، ويشمل إنشاء ميناء تجارى ضخم متعدد الأغراض، إلى جانب منطقة صناعية ولوجستية متكاملة، ومجتمعات عمرانية وخدمية، ضمن رؤية شاملة لتحويل الساحل الشمالى الغربى إلى منطقة تنموية شاملة تخدم الاقتصاد القومى وتوفر فرص عمل لشباب مطروح والمحافظات المجاورة.
وأوضح «شعيب» أن الدولة تسابق الزمن لتنفيذ مشروع ميناء جرجوب، الذى تم البدء فى أعماله منذ عام 2017، باستثمارات متوقعة تتجاوز 10 مليارات دولار، ويستهدف المشروع خلق أكثر من 30 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة فى مراحله المختلفة.
وتابع: «ميناء جرجوب ليس مجرد مشروع نقل بحري، بل هو شريان استثمارى ضخم سيساهم فى خلق مجتمعات صناعية وتجارية جديدة، وسيعزز من ربط مصر بدول حوض المتوسط، خاصة أوروبا وشمال إفريقيا، ويُسهل حركة الصادرات والواردات بعيدًا عن تكدس موانئ الإسكندرية ودمياط.
ولفت خالد شعيب إلى أن المشروع يتكامل مع خطة تطوير البنية التحتية فى مطروح، حيث تم تنفيذ طريق «سيوة – جرجوب» لخدمة عمليات النقل من واحة سيوة إلى الميناء، خاصة شحن الملح ومنتجات النخيل، كما تجرى دراسة إنشاء خط سكة حديد بين سيوة وجرجوب لتقليل تكلفة النقل وحماية الطرق من الأحمال الزائدة.
وواصل: «ربط ميناء جرجوب بشبكة الطرق القومية مثل محور الضبعة – القاهرة، وطريق الإسكندرية – مطروح، يدعم دوره كميناء تصديرى واستثماري، ويعزز قدرة المنطقة الغربية على جذب رءوس الأموال المحلية والأجنبية للاستثمار فى المنطقة الاقتصادية لضمان سهولة تصدير تلك المنتجات عبر الميناء الجديد».
وفى إطار خطة الدولة للتنمية المتكاملة، أكد محافظ مطروح أن الميناء والمنطقة الاقتصادية يأتيان ضمن مجموعة من المشروعات التنموية الكبرى الجارى تنفيذها بالمحافظة، من بينها مدينة العلمين الجديدة، ومشروع الضبعة النووي، وتنمية واحة سيوة، وميناء رأس الحكمة، مؤكدًا أن هذه المشروعات مجتمعة تهدف لتوفير فرص عمل بديلة وآمنة للشباب، وتقوية الروابط المجتمعية والاقتصادية للدولة مع محافظات حدودية.
واستكمل: «نتعامل مع ملف توفير فرص عمل من منظور تنموى فى الأساس، بتوفير فرص العمل وتحسين جودة الحياة، وهذه المشروعات الكبرى هى الضمانة الحقيقية لتثبيت السكان وتشجيعهم على البقاء والمشاركة فى التنمية»، مشددًا على أهمية التعاون مع أبناء مطروح فى تنفيذ هذه المشروعات، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية حريصة على تنمية القطاع الغربى للبلاد، والعمل على حل أى تحديات على أرض الواقع، مضيفًا أن «القبائل البدوية فى مطروح شركاء حقيقيون فى التنمية، وهم حائط صد ضد أى محاولات لإثارة الفتن أو تعطيل المشروعات القومية».
واتفق معه فى الرأى العمدة عبد الكريم بو خريط، أحد عواقل مطروح بمجلس العمد والمشايخ بالمحافظة، مؤكدًا أن مشروعات الدولة القومية وعلى رأسها المنطقة الاقتصادية بجرجوب، تمثل نقلة حضارية وتنموية كبرى لأبناء مطروح والمنطقة الغربية بأكملها، موضحًا أن مجلس العمد والمشايخ يقف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية فى تنفيذ المشروعات التنموية العملاقة، مشيرًا إلى أن أبناء القبائل يشعرون بأنهم شركاء فى عملية البناء، وأضاف قائلًا: «نحن أبناء مطروح نُدرك تمامًا أهمية هذه المشروعات، وسنظل داعمين لها بكل قوة، لأننا حراس البوابة الغربية لمصر، ونثق أن هذه التنمية ستغير وجه المحافظة وتوفر مستقبلًا أفضل للأجيال القادمة».
كما أعرب العمدة قاسم الجراري، عمدة قبيلة الجرارات بمدينة النجيلة عن فخره، بما تشهده محافظة مطروح من إنجازات تنموية غير مسبوقة، مؤكدًا أن ميناء جرجوب يُعد من أهم المشروعات التى ينتظرها أبناء مطروح منذ سنوات، منوهًا بأن الميناء سيساهم فى تعزيز حركة التجارة والتصدير، وسيوفر فرص عمل حقيقية لأبناء القبائل، مشيدًا بالجهود المبذولة لربط مطروح بالعاصمة المركزية القاهرة عبر شبكة طرق عملاقة.