رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

توقف العمليات العسكرية يبدد أية مخاوف.. مصر آمنة من «التسريب الإشعاعى»


27-6-2025 | 12:54

.

طباعة
تقرير: رانيا سالم

«التسريب الإشعاعى».. واحد من المصطلحات التى طفت على سطح الأحداث خلال الفترة الماضية، وتحديدًا منذ بدء الضربات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل، وإيران، لا سيما أن «تل أبيب» أعلنت منذ بدء «عدوان الضربات» أن هدفها الرئيسى هو «إنهاء المشروع النووى الإيرانى»، وبالفعل وجهت ضربات عدة إلى منشآت إيرانية تابعة لـ«البرنامج النووى»، ووقتها بدأت الأصوات تعلو حول احتمالية حدوث «تسريب إشعاعى»، وبدأ البعض يتناقل سيناريوهات «ما بعد الضربة»، غير أن الأمر ازداد سخونة مع توجيه الولايات المتحدة الأمريكية ضربة لثلاث منشآت نووية إيرانية «نطنز وفوردو وأصفهان»، ورغم إعلان وقف إطلاق النار مازالت هناك تخوفات من أية تسريبات إشعاعية.

أين مصر من مخاطر التسريب الإشعاعى؟.. سؤال فرض نفسه على أحاديث المصريين خلال الآونة الأخيرة، لا سيما مع تصاعد السيناريوهات المتشائمة تتبادر للأذهان مع استهداف لمنشآت تخصيب وتحويل اليورانيوم بإيران، لتخرج هيئة الرقابة النووية والإشعاعية وتكشف أنها منذ بدء الضربات العسكرية «الإسرائيلية _ الإيرانية»، تتبع مسارين، أولهما المتابعة المستمرة للتقارير الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بخصوص الوضع بتلك المنشآت، والتنسيق مع كافة الجهات المعنية، والثانى متابعة الخلفية الإشعاعية من خلال منظومة الرصد الإشعاعى والإنذار والإبلاغ المبكر بالهيئة، وفيه تستخدم أحدث أجهزة الرصد الإشعاعى المنتشرة على كافة أنحاء الجمهورية.

الهيئة أعلنت كذلك، أن «مصر بعيدة عن أى تأثير مباشر نتيجة لهذه الاستهدافات، كما أنه لم يتم الإبلاغ من أى من الدول المجاورة لإيران عن رصد أى تغيير أو ارتفاع فى مستويات الإشعاع لديها، وتحديدًا بعد استهداف لمنشآت تخصيب وتحويل اليورانيوم بدولة إيران»، مشددة على أنها تتابع على مدار الساعة التطورات المتعلقة بوضع المنشآت النووية بالمحيط الإقليمى وفقًا لتطورات الأحداث الجارية.

وفى هذا السياق، قال الدكتور على عبدالنبى، نائب رئيس هيئة المواد النووية سابقًا: كلٌ من إسرائيل وإيران لديهما منشآت نووية ومحطات نووية، وهناك فرق بين ضرب كل منهما، وطرح سيناريو ضرب المنشآت النووية الإيرانية الخاصة بتخصيب اليورانيوم فى نطنز وفوردو وحتى فى حالة تدميرها، وحدوث حالة تسريب المواد السامة، وانتشارها فى الجو وكانت هناك رياح شديدة، سيكون ضمن هذه المواد ثانى أكسيد اليورانيوم ومستوى الإشعاع فيه ضعيف جدًا، وسادس فلوريد اليورانيوم ومستوى الإشعاع فيه ضعيف جدًا هو الآخر، لكن المادتين سامتان، وبالتالى ستنتشر المواد الكيميائية السامة فى الجو التى لديها تأثير على الإنسان والحيوان والبيئة ولكنها غير مشعة، فضرب المنشآت النووية الإيرانية بالكامل ليس هناك خطورة إشعاعية منه، وهناك خطورة من سُمية هذه المواد.

وفيما يتعلق بـ«المفاعلات النووية»، أوضح «د. علي»، أنه «حال ضرب مفاعل «أراك» وهو مفاعل للأبحاث النووية، يستخدم وقودًا نوويًا طبيعيًا ليس مخصبًا، بعد اتفاقية 5 + 1 التى حدثت فى 2015 تم الاتفاق على غلق المفاعل وبالفعل تم غلقه، وهو مكون من دائرة ابتدائية وأخرى ثانوية، والدائرة الابتدائية تم غلقها بالكامل والتى تحتوى على المفاعل، وتم ردم المفاعل بالخرسانة المسلحة، لكن الدائرة الثانوية استمرت، وعند انسحاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى 2018، بدأ تشغيل الدائرة الثانوية التى لم تُغلق، وأعلنت إيران أنه عند 2026 سيتم تشغيل الدائرة الابتدائية التى فيها المفاعل بعد إزالة الخرسانة التى تم بناؤها، ومفاعل «أراك» يُستخدم فى إنتاج البلوتونيوم 239 وهو الذى يُستخدم فى صناعة القنابل الذرية، فقنبلة نجازاكى والتى ضُربت فى 9 أغسطس 1945 كانت من البلوتونيوم، مقارنة بقنبلة هروشيما فكانت من اليورانيوم 235، فيتم استخدام هذا المفاعل لإنتاج البولوتنيوم، وعند تشغيله ينتج من 10 إلى 12 كيلو جرامًا من البولوتنيوم كل سنة، الـ12 كيلو يمكنها تصنيع قنبلة نووية كل عام، ولو تعرض المفاعل للضرب فلن يكون فيه شيء، لكن فى حالة ضربه سيكون لمحوه من سطح الأرض وحتى لا تعيد إيران تشغيله مرة أخرى».

وأضاف: تمتلك إيران مفاعلات أبحاث فى «أصفهان وطهران وأراك» لكن ليس لها أهمية، وتكمن المشكلة الرئيسية فى إيران فى حال أن تم ضرب مفاعل بوشهر على الخليج العربى، وهو مفاعل روسى لإنتاج الكهرباء، وفيه خبراء روس، ولهذا وجه الرئيس بوتن تحذيرًا لإسرائيل بعدم ضرب المفاعل لوجود خبراء روس فيه، والمفاعل ينتج 900 ميجاوات، ويوجد به مواد شديدة الإشعاعية، وفيه وقود نووى جديد وليس فيه أى خطورة، لكن الخطورة حين يدخل المفاعل ويتم تشييعه ويحدث له انشطار نووى وتفاعل متسلسل تنتج مواد انشطار أخرى نتيجة الإشعاعية، من ضمنها السيزيوم 137 و اليود 131 وبلوتونيوم 239، وهى مواد شديدة الإشعاعية، طالما تم تشييعه ودخل فى تفاعل نووى متسلسل يبقى الوقود شديد الإشعاعية، فى حال استطاعت ضرب المفاعل بوجود الوقود النووى ومخازن الوقود النووى داخل المفاعل سيتحول الأمر إلى كارثة.

وتابع: هناك منشأتان لتخصيب اليورانيوم فى إيران، والاثنان أسفل الأرض، نطنز وفوردو، بالفعل تم ضرب معامل الاختبار التى تعلو سطح الأرض، وضرب محطات الكهرباء التى تولد كهرباء لأجهزة الطرد المركزى تحت سطح الأرض، وهذه المنشآت موجودة تحت الأرض ومحاطة بالجبال على مسافة تحت الأرض 80 مترًا صعب وصول أى قنبلة لها، إلا قنبلة «أم القنابل» فى الولايات المتحدة الأمريكية، وتُحمل على طائرات أمريكية B52، وحتى وإن تم التدمير لن تخرج مواد مشعة ولكن مواد سامة فقط، وتبقى المشكلة الأخطر فى مفاعل بوشهر هو المشكلة للخليج العربى وليس مصر.

«د. علي»، انتقل بعد ذلك للحديث عن المشروع النووى الإسرائيلى، وقال: إسرائيل لديها منشآت نووية ومفاعلات نووية، ومنشآت نووية لتخصيب اليورانيوم، لو كانت إسرائيل قامت بضربها، فإن الوقود الموجود بها لم ينشطر نوويا، وبالتالى ضعيف الإشعاعية، كما أنه لا يوجد سادس فلوريد اليورانيوم، فكل أماكن تخصيب الإشعاع فيه ضعيف ولن يؤثر لكن تبقى السُمية وانتشار المواد السامة، ويبقى الخطر فى مفاعل ديمونا، وهو فى صحراء النقب، ويبعد عن مصر 200 كيلو متر، وهى مسافة بعيدة، لكن فى حالة تدميره هناك مواد شديدة الإشعاعية لأنه تم تفاعل نووى متسلل، ونتج عنه مواد شديدة الإشعاعية وهى نواتج الانشطار، ويمكن أن تنتشر عبر سرعة الرياح وتضر الأردن وتتجه نحو سيناء، لكنها سيبقى تأثيرها بسيطًا لبعد المسافة، فالخلفية الإشعاعية ستزيد بمقدار بسيط لكنها فى القياس المسموح به أو الكمية من الإشعاع المسموح به، فالخلفية الإشعاعية الموجودة فى شبه جزيرة سيناء خلفية ضعيفة، مقارنة بالخلفية الإشعاعية فى مناطق أخرى على مستوى العالم فى البرازيل وإنجلترا.

نائب رئيس هيئة المواد النووية سابقًا، تحدث كذلك عن مصطلح «الأمان النووى»، وقال: فى البداية يجب أن يعلم الجميع أن الإشعاعات النووية ليس لها لون ولا طعم ولا رائحة، تشبه موجات الراديو والتلفزيون والموبايل، فهى موجات كهروكميائية، وبالتالى ما يتناقله البعض من صور على منصات التواصل الاجتماعى ليست تسريبًا إشعاعيًا كما يردد البعض، أما عن رصد الخلفية الإشعاعية، فهناك مراكز للرصد الإشعاعى على الحدود وفى البحر الأحمر وقناة السويس، وخليج السويس وخليج العقبة، وموزعة على كافة أنحاء الجمهورية، وما يقارب 21 مركزًا فى المنطقة الشرقية، لرصد الخلفية الإشعاعية لكل منطقة لو زاد الإشعاع يتم الإبلاغ عنه، لو حدث ارتفاع فى الخلفية الإشعاعية فى منطقة يتم الاتصال بشكل مباشر بالغرفة المركزية لإدارة هذه المراكز لتبليغ عن ارتفاع الخلفية الإشعاعية، وفى حالة ارتفاع الخلفية الإشعاعية يتم خروج فرق متخصصة من الباحثين لقياس معدلات الارتفاع، وتحديد المناطق بشكل دقيق، ومقدار هذا الارتفاع وهل هو بالقدر المسموح به فلا يُشكل فارقًا أم أنه أصبح يمثل خطرًا.

كما شدد «د. علي»، على أن «شبكة الرصد الإشعاعى المصرى لديها خبرات متعددة وتمتلك كوادر، ولها اسمها على مستوى العالم، فالأمر تحت السيطرة التامة وليس هناك خوف من تسريب إشعاعى، فمصر بدأت منذ 1955، ولدينا علماء كبار، ولدينا خبرة متراكمة.

وعن احتمالية استخدام الأسلحة النووية يقول إن أول وآخر قنبلة نووية تم استخدامها فى هيروشيما 6 أغسطس 1945 وبعدها نجازاكى فى 9 أغسطس من العام نفسه، ولن نشهد استخدام آخر للأسلحة النووية، لآن العالم لن يستحمل وجود حرب نووية، لكن امتلاك التكنولوجيا من أجل الردع النووى فقط، ولن تستخدم».

بدوره، قال الدكتور أبوالهدى الصيرفى، الرئيس الأسبق لهيئة المواد النووية، خبير الاستكشاف الجوى: الصراع «الإسرائيلى _ الإيرانى» أصبح مباشرًا منذ ضربات إسرائيل الموجهة لإيران، والبرنامج النووى الإيرانى تلقى ضربة موجعة بعد تدمير موقع نطنز، وهو أهم موقع فى إيران للمنشآت النووية التى يتم فيه تخصيب اليورانيوم تمهيدًا لتحضير الوقود النووى، وتم إصابة موقع أصفهان به 14 جهاز طرد مركزى لتخصيب وتحضير اليورانيوم، وما تبقى من المنشآت النووية الإيرانية هو موقع فوردو وهو أهم موقع مستهدف، وبالفعل تم ضربه من قبل أمريكا فى بداية الأسبوع الحالى.

وأضاف: موقع المفاعل النووى فوردو بإيران يقع على عمق 800 متر من سطح الأرض، ولا يمكن تدميره إلا بقنابل ثقيلة لضرب الأعماق محملة على طائرات قاذفة ثقيلة، وهذه القدرات متاحة فقط فى أمريكا، ومفاعل فوردو يُعتبر أهم المنشآت النووية الإيرانية، فلا يمكن للصواريخ أيًا كان نوعها تدمير مفاعل فوردو.

وعن عمليات الرصد والمراقبة الاشعاعية فى مصر، أوضح الرئيس الأسبق لهيئة المواد النووية، أن «مصر لديها جهاز الأمان النووى والرقابة الإشعاعية، مهمته مراقبة جميع الأنشطة الخاصة بالاستخدام الإشعاعى فى مصر سواء معامل أو منشآت نووية»، مضيفًا أن «مصر تمتلك طائرة استكشاف مجهزة بمعدات متقدمة للغاية لتنفيذ مهام الرصد والمراقبة الإشعاعية على امتداد الحدود، كما أنها تستطيع تقييم مقدار أى تسرب إشعاعى، وبقية العناصر المصاحبة لهذا التسرب، وهناك اتصال بمحلات الرصد الأرضية، وتستطيع من خلال الكميرات الرقمية ا لمركبة وأجهزة تحديد المواقع gbs عمل الخرائط الإشعاعية والتصوير الجوى لهذه التسريبات لو حدثت».

أخبار الساعة

الاكثر قراءة