رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

هل يشجع نجاح «التجربة البيراميدزية» على خصخصة الأندية؟


14-6-2025 | 20:23

.

طباعة
بقلـم: محمد الحنفى

لا شك أن الإنجازات والنجاحات الكبيرة التى حققها نادى بيراميدز فى مجال كرة القدم المصرية، وتُوجت هذا الموسم بحصد بطولة دورى أبطال إفريقيا لأول مرة فى تاريخه، ومشاركته فى كأس العالم للأندية 2029، ناهيك عن كونه وصيفًا للدورى المصرى للعام الثانى على التوالى، ووصيفًا لبطولة كأس مصر التى حصد لقبها العام الماضى.. لا شك أن تلك النجاحات تشجع -وبشدة- على التوجه نحو خصخصة الأندية الجماهيرية، لا سيما تلك التى تعانى أزمات مالية طاحنة كادت تعصف بها، وتكتب شهادة وفاتها كرويًا واختفائها من المشهد الرياضى مثل الإسماعيلى «فاكهة الكرة المصرية»، والاتحاد السكندرى الملقب بـ«سيد البلد»، بل إن نادى الزمالك أحد قطبى الكرة المصرية الذى يعانى هو الآخر أزمات مالية -ربما يكون فى حاجة ماسة إلى الخصخصة.

من المؤكد أن التجربة البيراميدزية الناجحة التى لم يتجاوز عمرها الـ7 سنوات، تستحق الدراسة قبل الإشادة، والمؤكد أيضًا أنه لولا قيام المستشار تركى آل شيخ رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية –آنذاك- بشراء نادى الأسيوطى سبورت فى عام 2018 من مالكه محمود الأسيوطى وتغيير اسمه إلى «الأهرام» أو «بيراميدز»، ما كان للنادى المغمور الذى أُنشئ عام 2008 وخاض منافسات عديدة فى دوريات القسم الرابع والثالث والثانى، ثم الصعود للدورى الممتاز لأول مرة فى عام 2013، لكنه ما لبث أن هبط إلى دورى المظاليم مرة أخرى موسمين، عاد بعدهما إلى دورى الأضواء فى 2017.. ثم يعيش عصرًا ذهبيًا يحسده عليه ناديا الأهلى والزمالك، فما بالك بالأندية الصغيرة.

لقد استطاع المستشار تركى آل شيخ، بما ضخه من ملايين الجنيهات، تكوين فريق كرة قدم على أعلى مستوى، ضم فيه نخبة من أفضل اللاعبين فى مصر والوطن العربى وإفريقيا، ليكون منافسًا شرسًا وندًا قويًا للكبار.

ففى موسمه الأول تحت الاسم الجديد، أنهى بيراميدز الدورى المصرى الممتاز فى المركز الثالث، وتأهل إلى كأس الاتحاد الإفريقى، كما وصل إلى نهائى كأس مصر، لكنه خسر أمام الزمالك.

ورغم قيام تركى آل الشيخ بإنهاء استثماراته الرياضية فى مصر وبيع النادى للمستثمر الإماراتى سالم الشامسى، فقد أكمل الأخير المسيرة وواصل ضخ الأموال فى خزينة النادى حتى بلغت ميزانيته 2 مليار جنيه هذا الموسم، احتل بها المركز الثانى بعد ميزانية النادى الأهلى، والمتوقع أن تصل إلى 4 مليارات جنيه الموسم المقبل بعد نجاحه فى حصد بطولة أندية دورى أبطال إفريقيا.. هذه الميزانية الضخمة ستسهم بشكل فعال فى تكوين «سكواد» عالٍ يمكّنه من حصد كافة البطولات المحلية والقارية، ليكون إضافة قوية ومهمة تشعل المنافسة على البطولات المحلية التى ظلت حكرًا على قطبى الكرة دون غيرهما من الأندية الأخرى.

إذًا نحن أمام تجربة بيراميدزية ناجحة فتحت شهيتنا للتوجه بسرعة نحو خصخصة الأندية المصرية وخلق نوادٍ عديدة قوية، وهو توجه بات معممًا فى معظم الدول الأوروبية والعربية، بعدما أصبح الاستثمار الرياضى مجالًا جاذبًا لكبار رجال الأعمال فى العالم.

وفى صميم تقييم خصخصة الأندية الرياضية، دعونى أطرح على حضراتكم تجربة خصخصة الأندية الرياضية فى بريطانيا التى بمقتضاها آلت ملكية معظم أندية الدورى الممتاز (البريميرليج) ودورى القسم الثانى (تشامبيونشيب) إلى مستثمرين عرب وأمريكيين وصينيين.

الدورى الإنجليزى الممتاز يا سادة أصبح أغنى دوريات كرة قدم فى العالم، ويصنف حاليًا ضمن أفضل ثلاث بطولات رياضية عالميًا بسبب مستوى الاستثمار الذى يتلقاه من الشركات فى كل أنحاء العالم، كما يتربع على عرش الدوريات الأعلى قيمة تسويقية، تقدر بـ9.24 مليار يورو، بفارق أكثر من الضعف عن الدورى الإسباني، أقرب ملاحقيه بـ4.93 مليار يورو، وفقا لموقع «ترانسفير ماركت»، المتخصص فى الأرقام والإحصائيات، وحسب البيانات، فإن أكثر من ثلث الفرق المحترفة البالغ عددها 92 فريقًا فى الدوريات الأربعة الكبرى فى إنجلترا لديها الآن شكل من أشكال الملكية الخاصة.

وإذا أخذنا نادى أرسنال مثالا ناجحا للخصخصة، سنجد أن النادى أصبح يمتلك الآن احتياطيًا نقديًا يقدر بـ191 مليون جنيه إسترلينى كإحدى الحالات النادرة فى عالم كرة القدم التى تعج فيها دفاتر الأندية بالديون، منذ استحوذ الأمريكى ستان كرونكى الذى يملك نحو 63 فى المائة، من قيمته التى بلغت وقتها 50 مليون إسترلينى، وأصبحت تتجاوز الآن مليارًا إسترلينيًا بفضل نجاحه فى إدارته.

لقد شهدت السنوات الأخيرة تدفقًا غير مسبوق للاستثمارات العربية فى الأندية البريطانية، حيث يملك حاليًا رجل الأعمال المصرى ناصف ساويرس نادى أستون فيلا الإنجليزي، وآلت ملكية نادى شيفيلد يونايتد للأمير السعودى عبدالله بن مساعد، وبسبب النجاح الكبير الذى أحرزته الذراع المالية لإمارة أبوظبى فى تحويل مانشستر سيتى من نادٍ فى المركز التاسع بجدول الترتيب عام 2007 إلى حصد الدورى الإنجليزى الممتاز عام 2011.

كما شهدت العقود الأخيرة من كرة القدم الأوروبية سعى رجال الأعمال العرب إلى امتلاك أندية فى دوريات كبرى، بعد تأكدهم من أن استثمارات كرة القدم باتت واحدة من أفضل الطرق المُربحة، من بينهم رجل الأعمال القطرى ناصر الخليفى الذى اشترى نادى باريس سان جيرمان فى عام.

كما اشترى رجل الأعمال الإماراتى منصور بن زايد آل نهيان فريق مانشستر سيتى عام 2008.

إذًا.. نحن أمام تحدٍّ كبير لا مناص من مواجهته حتى ننهض بالرياضة المصرية خاصة رياضة كرة القدم، فلا بدّ من إقناع مجالس إدارات النوادى الرياضية -ومعظمها أثبت فشله الذريع فى الإدارة- بالموافقة على تكوين شركات تساهم بنسبة كبيرة فى امتلاك أصولها، حتى لو اقتضى الأمر تعديل القانون رقم 71 لسنة 2017 الذى لا يسمح بخصخصة الأندية ويحرم مجالس الإدارات من الدخول فى الشركات التى سيتم تأسيسها.

هذه الأندية من الممكن أن تصبح مصدرًا لانتعاش اقتصادى غير مسبوق، إذا فتحت أبوابها لتدفقات استثمارية مصرية وعربية وأجنبية، ترفع قيمتها السوقية، وتصنع «دورى» مصريا قويا بدلًا من كونها أندية خاسرة، متعثرة، كسيحة، رغم حصولها على دعم سنوى من الدولة، وتتمتع بالإعفاء من كثير من الضرائب والجمارك والرسوم.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة