توظيف الذكاء الاصطناعى فى خدمة «ضيوف الرحمن» لموسم 2025، أمر ليس بجديد فمن قبل أتاحت السلطات السعودية استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى لتسهيل موسم الحج على مدار المواسم السابقة، لكن موسم 2025 شهد توسعا فى هذه الخدمات، واتباع نظم تحليل البيانات الضخمة وتخصيص الخدمات عبر الذكاء الاصطناعى من أجل موسم أيسر على حجاج بيت الله الحرام، لتُحدث تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعى بحق ثورة حقيقية فى موسم الحج لعام 2025 عبر تحول رقمى غير مسبوق.
فموسم الحج السابق، كان هناك توظيف للذكاء الاصطناعى، بهدف تحسين تجربة الحجاج وضمان سلامتهم وسهولة أداء المناسك، وتم الاستعانة بالمرشدين الآليين فى شكل ربوتات ذكية تنتشر فى الحرم المكى وفى باقى المشاعر المقدسة لتوجيه الحجاج نحو مساراتهم والإجابة عن استفساراتهم عبر لغات عدة لخدمة كافة الحجاج على مستوى العالم، بلغت 11 لغة.
كذلك، وظفت تقنيات الذكاء الاصطناعى فى الربوتات الطبية التى ساعدت على تقديم خدمات صحية للحجاج، حتى يتم نقلهم إلى المستشفيات الطبية، كما تم تطوير «سوار الحج الذكى» من أجل متابعة بيانات الحالة الصحية للحجاج الخاصة بقياس نسبة أكسجين الدم، ومعدل نبضات القلب، وخدمات المساعدة الأمنية أو الطبية الطارئة، حتى يتم سرعة الوصول إلى موقع الحاج ومساعدته.
«إدارة الحشود» كانت من أهم أهداف تسخير تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى موسم حج 2024، عبر تحليل البيانات، وتوجيه حركة الحجاج ومنع التكدس فى نقاط معينة، وسهولة سير الحجاج بين المشاعر المقدسة، واستحدثت «مكانس التطهير الذكية» وهى تعمل بأسلوب إلكترونى ويدوى عبر تطبيق ذكى تم توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعى فيه.
كما استعانت المملكة بأنظمة التعرف على الوجوه للحجاج وتسجيل الدخول، وهى من أهم أنظمة الذكاء الاصطناعى التى تتعلق بالأمن والرقابة للحفاظ على تأمين الحجاج طوال موسم الحج، وظهر للمرة الأولى «تاكسى الحرم الطائر» لنقل حجاج بيت الله الحرام بين المشاعر المقدسة، بهدف تيسير التنقل بين المشاعر المقدسة، وخاصة فى حالات الطوارئ، وتيسير نقل المعدات الطبية.
ويُعد «تاكسى الحرم الطائر» أول تاكسى جوى، وهو إحدى مبادرات منظومة النقل والخدمات اللوجيستية ضمن 32 تقنية حديثة تم تطبيقها فى موسم حج 2024، بجانب السيارات الكهربائية والقطار الهيدروجينى لتكتمل حلقات النقل الذكى لخدمة الحجاج.
كذلك، تسعى المملكة العربية السعودية فى موسم الحج هذا العام إلى مزيد من استخدامات وتوظيف تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعى من أجل الارتقاء بموسم الحج وجعله أكثر مرونة وكفاءة، وتم توظيف مجموعة كبيرة من التقنيات والبرامج المبتكرة التى ستحدث نقلة نوعية فى إدارة هذا الحدث الدينى العالمى.
«الخدمات الإلكترونية»، هو الرابط التى تتيحه وزارة الحج والعمرة التابعة للمملكة العربية السعودية والتى أكدت من خلاله أنه «أسهل وأيسر لتوفير خدمات إلكترونية عبر البوابة الإلكترونية للوزارة بغرض تسهيل وتسريع إنجاز معاملات المستفيدين الرسمية عبر استخدام هذه الخدمات الإلكترونية الخاصة بالوزارة.
وتم توفير عدد من المنصات الرقمية للحجاج للوصول إلى معلومات حول مناسك الحج، بجانب خدمات الحجز والإيواء والنقل، وتطوير عدد من هذه المنصات كتطبيق «نسك» فتم تطوير وتحديث التطبيق ليرافق الحجاج طوال مناسك الحج وفى كافة المشاعر المقدسة، عبر شرح تفصيلى ومبسط لكيفية أداء المناسك المختلفة، وعدد من الإرشادات الهامة لتيسير أداء الحج، فيقدم التطبيق خريطة تفاعلية لكافة المشاعر المقدسة بكافة الخدمات بها، وتطبيق «توكلنا»، وتطبيق «بطاقة الشعائر الذكية»، ومن خلال هذه البطاقة يتم إتاحة عدد من الخدمات الرقمية كعرض بطاقة الحاج، وبيانات باقته وبياناته الصحية.
ويشار هنا إلى أن المنصات الرقمية يتم متابعتها من قبل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعى «سدايا»، ومركز عمليات مكة الذكية «Smart Moc» بالشراكة مع وزارة الداخلية ممثلة فى مديرية الأمن العام.
«الذكاء الاصطناعى يُحدث ثورة فى موسم الحج 2025»، هذا ما أكده الدكتور عمرو صبحى، خبير أمن المعلومات والتحول الرقمى، بعدما نجحت السلطات السعودية فى تسخير كافة تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعى فى خدمة ضيوف الرحمن، وتوفير تجربة حج آمنة وميسرة.
«صبحى»، أكد أن «المملكة تشهد تحولاً رقمياً غير مسبوق، عبر توظيف لتقنيات الذكاء الاصطناعى فى مختلف جوانب خدمة ضيوف الرحمن، فلم يعد استخدام تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعى يقتصر على تسهيل الإجراءات، بل أصبح عنصرًا أساسيًا فى كثير من مسارات موسم الحج بدءاً من إدارة الحشود، وتعزيز الأمن، مروراً بتقديم الخدمات الطبية، وتوجيه الحجاج، وصولاً إلى الدور الكبير الذى تلعبه روبوتات الذكاء الاصطناعى فى كل مرحلة من رحلتهم الإيمانية لمناسك الحج».
خبير أمن المعلومات والتحول الرقمى، انتقل بعد ذلك للحديث عن «إدارة الحشود»، وقال: أطلقت منصة «بصير» بالتعاون مع وزارة الداخلية، والتى تعتمد على خوارزميات متقدمة لتحليل حركة الحشود والتنبؤ بمناطق الازدحام، هذه التقنيات تساعد فى توجيه الحجاج بفعالية ووفق ترتيب المناسك، بدءً من الإحرام وحتى طواف الوداع، مما يؤدى إلى تحسين كبير فى انسيابية الحركة وسلامة الحجاج، فمن خلال توظيف الذكاء الاصطناعى سيتم التغلب على كافة أشكال الازدحام والحشود، عبر منصات التنبؤ بالحشود .
وأضاف: تستعين المملكة بالروبوتات فى خدمة الحجاج، وذلك بعدما أثبتت نجاحها خلال الموسم الماضى، وهى روبوتات مدعومة بالذكاء الاصطناعى تلعب دورًا مهمًا ومتعدد الأوجه فى خدمة حجاج بيت الله الحرام فى مكة، فيتم توظيفها لتعزيز تجربة الحجاج من خلال تقديم خدمات طبية، إرشادية، لوجيستية، وتعقيمه متطورة، ضمن منظومة متكاملة تهدف إلى الارتقاء بمستوى الخدمة وضمان سلامة ضيوف الرحمن فى جميع مراحل أداء المناسك.
«صبحى» أشار إلى أن «روبوتات الحج الذكية تعمل فى العديد من الخدمات منها الروبوتات الطبية الذكية، فتم إدخال روبوتات طبية متنقلة مزودة بالذكاء الاصطناعى لتقديم استشارات صحية فورية للحجاج بلغات متعددة، تساعد فى الوقاية من الأمراض مثل الإجهاد الحرارى، مشاكل الضغط، السكر، والجفاف، هذه الروبوتات مزودة بقاعدة بيانات ضخمة وخوارزميات تشخيصية تقدم معلومات دقيقة وتوجه الحاج إلى أقرب نقطة طبية عند الحاجة.
أضاف: الروبوتات الإرشادية الدينية مثل روبوت «منارة 2» فى المسجد الحرام، الذى يجيب على استفسارات الحجاج الدينية بشكل فورى وبـ11 لغة، مع إمكانية التواصل عبر مكالمة فيديو مع علماء مؤهلين إذا كان السؤال خارج المحتوى المخزن، هذا الروبوت يدمج بين التراث الإسلامى والتقنية الحديثة لتقديم إرشاد دينى دقيق ومتعدد اللغات.
هناك أيضا روبوتات توصيل مياه زمزم ومن الروبوتات التى سيتم استخدامها بكثرة فى موسم 2025 بعد ثبات نجاحها فى الموسم الماضى، فيتم استخدام روبوتات مستقلة لتوزيع زجاجات مياه زمزم داخل المسجد الحرام، تعمل بشكل مستقل لساعات طويلة وتتفاعل مع الحجاج بطريقة مريحة، مما يساهم فى تحسين جودة الخدمات اللوجيستية وتوفير المياه المباركة بسهولة وفى حالة الانتهاء من الشحن تقوم بالذهاب الى محطة الشحن الخاصة بها كى تقوم بعملية الشحن الذاتى.
وأوضح «صبحى» أن هذه الروبوتات مزوّدة بخاصية تُعرف بـ« Auto Docking & Self-Charging System» أى أنها تعود تلقائيًا إلى محطة الشحن الخاصة بها عند انخفاض مستوى البطارية، دون تدخل بشرى، هذه الخاصية تعمل من خلال مستشعرات ملاحية (GPS ) تمكّن الروبوت من تحديد موقعه والمسار الأمثل لمحطة الشحن.
«روبوتات التعقيم، والتى تعتبر من أهم الروبوتات التى تم استخدامها وسيزداد معدل عملها فى موسم حج 2025»، حسبما أشار «صبحى» هى روبوتات متخصصة لتعقيم المسجد الحرام ومرافقه بشكل شامل وفعال دون تدخل بشرى، تغطى مساحات واسعة بسرعة عالية، مما يضمن بيئة نظيفة وآمنة للحج وأيضا مزودة بخاصية الذهاب إلى محطة الشحن الذاتى.
ولفت «صبحى»، إلى أن «المملكة انتبهت منذ عدة سنوات لتوفير التطبيقات والمنصات الرقمية، التى يتم تطويرها بشكل دورى لتقديم المزيد من الخدمات للحجاج والمعتمرين، ومنها تطبيق «نسك» الذى يوفر للحجاج إمكانية حجز المواعيد وتنظيم زياراتهم، مثل زيارة الروضة الشريفة، مما يقلل من التزاحم ويسهل أداء المناسك، وبطاقة «شعائر» الذكية، والتى تعمل بتقنية الاتصال قريب المدى (NFC) وتحتوى على معلومات شخصية وصحية للحاج، مما يسهل عمليات التحقق وتقديم الخدمات بسرعة ودقة مع العثور على الحجاج فى أسرع وقت ممكن دون فقدان أحد من قافلته»..
«الأمن والسلامة والمراقبة» مجال آخر كان لتطبيقات وأنظمة الذكاء الاصطناعى دور هام فى موسم الحج 2025، حيث استعانت حسبما أكد «صبحى» المملكة العربية السعودية بالكاميرات الذكية فيتم تركيب كاميرات مزودة بتقنيات التعرف على الوجه فى المواقع المقدسة، مما يساعد فى تعزيز الأمن ومراقبة الحشود، بجانب أنظمة التعرف على الصوت وهى تُستخدم لتحديد نداءات الاستغاثة أو الحالات الطارئة وسط الحشود، مما يتيح استجابة سريعة من قبل الجهات المعنية.
واستطرد: توظيف الذكاء الاصطناعى شمل النقل الذكى عبر الحافلات ذاتية القيادة فتم تجربة حافلات ترددية ذاتية القيادة لأول مرة فى موسم الحج، تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعى والكاميرات والحساسات للقيادة دون تدخل بشرى، مما يسهل تنقل الحجاج داخل المشاعر المقدسةarabicradio.net، والسكوترات الكهربائية والتى تُستخدم لتسهيل تنقل الحجاج داخل المشاعر المقدسة، مما يقلل من الوقت والجهد المبذول فى التنقل.
وأشاد باستحداث المملكة الرعاية الصحية الذكية عبر الطب المرئى التى توفير خدمات الطب المرئى التى تتيح للحجاج إجراء فحوصات طبية سريعة وآمنة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى، مما يعزز من جودة الرعاية الصحية المقدمة، ومراقبة الحالة الصحية عبر تقنيات الذكاء الاصطناعى لمراقبة الحالة الصحية للحجاج، مثل قياس نسبة الأكسجين فى الدم ونبضات القلب، مما يتيح التدخل السريع فى الحالات الطارئة.
كافة الخدمات السابقة التى تم تسخيرها عبر توظيف الذكاء الاصطناعى تأتى فى مقدمتها الترجمة والتواصل عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعى عبر توفير خدمات الترجمة الفورية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى، مما يسهل التواصل بين الحجاج من مختلف الجنسيات والجهات المعنية، والمساعدات الافتراضية التى تُستخدم مساعدات افتراضية مدعومة بالذكاء الاصطناعى للإجابة عن استفسارات الحجاج وتقديم الدعم اللازم لهم.
وأشار عمرو صبحى إلى أن «المملكة العربية السعودية فى موسم حج 2025 اتبعت نظم تحليل البيانات وتحسين الخدمات عبر تحليل البيانات الضخمة والتى تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعى لتحليل البيانات الضخمة المتعلقة بالحجاج، مما يساعد فى تحسين الخدمات المقدمة وتحديد المجالات التى تحتاج إلى تطوير، واستخدام الذكاء الاصطناعى لتخصيص الخدمات المقدمة للحجاج بناءً على احتياجاتهم الفردية، مما يعزز من رضاهم عن التجربة».
