تعد منطقة السيدة عائشة، من أبرز المناطق التاريخية فى القاهرة القديمة، حيث تحتضن العديد من المعالم الإسلامية والأثرية، مثل: مسجد السيدة عائشة، ومسجد المسبح، ومسجد الغوري، بالإضافة إلى قربها من قلعة صلاح الدين الأيوبى.
وشهدت المنطقة فى السنوات الأخيرة خطة تطوير شاملة، تهدف إلى إعادة تأهيل الميدان والمناطق المحيطة به، وتحسين البنية التحتية، وتسهيل الحركة المرورية، وتحويل المنطقة إلى مقصد سياحى وثقافى.
وزيارة المنطقة بوجهها الجديد فى الوقت الحالى -إذا كنت من عُشاقها وتحفظها عن ظهر قلب- فلن تصدق المساحات الخضراء التى صارت تتمتع بها بامتداد البصر، فى حين أنه كانت تحجب رؤية المكان بالكامل مظاهر عشوائية لم تعد هناك ولم يعد لها أى أثر، بل أصبح المكان جديرا بلقب العالمية ومواصفات الآدمية التى لم يكن لها وجود، وصار المتنفس من نصيب الزائرين والمارة، حتى تشعر كأن المبانى والأرض التقطت أنفاسها، وباتت تبتسم غير عابسة فى وجه العابرين.
فيما يخص تطوير البنية التحتية، يقول محافظ القاهرة د. إبراهيم صابر إنه تم تنفيذ عدة مشروعات لتحسين البنية التحتية والحركة المرورية فى منطقة السيدة عائشة، منها إزالة الكوبرى القديم بسبب وجود عيوب فنية وتسببه فى العديد من الحوادث، وتم إنشاء كوبرى بديل يربط محور صلاح سالم بمحور الحضارات وكورنيش النيل، ويمر من وسط المقابر، مع إجراء تحويلات مرورية لتسهيل الحركة.
أما عن توسعة الميدان وتطويره فقد تمت توسعة ميدان السيدة عائشة وتطويره ليصبح ممشى سياحيا يربط القلعة بمساجد الرفاعى والسلطان حسن والسيدة عائشة، مع زيادة المسطحات الخضراء وغلق الميدان أمام حركة السيارات.
وشملت خطة التطوير ترميم العديد من المعالم الأثرية فى المنطقة، منها ترميم مئذنتى مسجدى المسبح والغوري، حيث تم فك المئذنتين وإعادة تركيبهما بعد معالجة التربة أسفلهما لتأثرهما بالمياه الجوفية، وترميم القباب والشواهد الأثرية الموجودة بالمقابر السلطانية ومقبرة سيدى جلال الدين السيوطى والمقابر والشواهد المجاورة.
وتشمل خطة التطوير بحسب تصريحات محافظ القاهرة، إنشاء مبانٍ خدمية وسياحية، وبالفعل تم إنشاء هذه المبانى فى منطقة عرب اليسار بمحيط القلعة، منها مبنى فندقى بارتفاع طابقين يضم 82 غرفة على مساحة 4400 متر مربع، مع مراعاة عدم التأثير على سور القلعة، بالإضافة إلى منطقة مطاعم وكافتيريات تضم 20 مطعمًا وكافتيريا بمتوسط مساحة 45 مترًا لكل وحدة، ومنطقة خاصة بالمحال والبازارات سوف تضم 16 محلًا بمتوسط مساحة 45 مترًا مربعًا للمحل الواحد، بتصميمات معمارية تتماشى مع الطابع الإسلامى للمنطقة.
لا مخلفات لا عشوائية
وعن إزالة العشوائيات وتسكين السكان.. شملت خطة التطوير إزالة العقارات العشوائية المحيطة بالقلعة وميدان السيدة عائشة، منها إزالة عقارات بالميدان، بينها مبانٍ عشوائية آيلة للسقوط، ونقل سكان أكشاك أبو السعود، حيث تم إخلاء 20 منزلًا من منطقة الأكشاك القريبة من سور مجرى العيون، وتسكين أكثر من 40 أسرة فى حى الأسمرات 3.
وأهمية منطقة السيدة عائشة، تنبع من اعتبارها إحدى أعرق المناطق التاريخية فى العاصمة، وتحمل مكانة كبيرة فى وجدان المصريين، وأعمال التطوير الجارية حاليًا التى تقوم بها الدولة، تستهدف إعادة إحياء المنطقة بالشكل اللائق بتاريخها ومكانتها، وهو ما دفع الدولة إلى القيام بإعادة تخطيط منطقة السيدة عائشة حول منطقة القلعة ومسجد السلطان حسن والرفاعي.. وقامت محافظة القاهرة فعليا بإزالة حوالى 66 عقارا سكنيا، وأكثر من 120 عقارا تجاريا، تضم 345 محلا وعيادات ومخازن، كما تمت إزالة عدد 120 باكية تابعة للمحافظة، وإزالة أكثر من 130 عقارا بمنطقة عرب اليسار، وحوالى 5 بلوكات مطلة على شارع صلاح سالم، وفى الوقت نفسه مع تعويض جميع المستحقين.. كما تم نقل وإزالة موقف السيرفيس بالكامل وإنشاء موقف مؤقت خلف مسجد السيدة عائشة؛ لخدمة أهالى جنوب القاهرة ورفع جميع المخلفات، وتقوم محافظة القاهرة بأعمال إزالة منزل كوبرى الأباجية اتجاه صلاح سالم، بينما تنفذ الهيئة الهندسية للقوات المسلحة محور صلاح سالم البديل بطول 2 كم مربع، وتقوم بجميع أعمال التطوير، سواء منطقة عرب يسار ومنطقة السيدة عائشة ومحور صلاح سالم البديل، بالتنسيق مع ديوان عام محافظة القاهرة.
60 مليونًا تكلفة التطوير
أما عن التكلفة والتمويل فبلغت تكلفة تطوير ميدان السيدة عائشة نحو 60 مليون جنيه فى المرحلة الأولى التى تشمل تطوير الميدان والكوبرى وإخلاء المنطقة من العشوائيات، وإعادة القيمة التاريخية للمكان كمزار دينى وسياحي، مع مراعاة أن تكون التصميمات الجديدة للمبانى فى المنطقة تتماشى مع الهوية البصرية والمعمارية للمنطقة التاريخية، ومستوحاة من الطابع التراثى المحيط، وهو نفس النهج الذى اتُّبع فى مشروع تطوير الفسطاط، إذ جرى الحفاظ على الشكل التاريخى والتراثى للمكان.
حركة مرورية تواكب التطور
ووضعت الحكومة المصرية خطة ترتبط بالجدول الزمنى المحدد للتنفيذ، حيث بدأت أعمال التطوير فى ميدان السيدة عائشة منذ عام 2018، بحسب تصريحات المحافظ د. إبراهيم صابر، ومن المتوقع الانتهاء منها خلال الفترة المقبلة، مع استمرار أعمال الترميم والتطوير فى المناطق المحيطة.