رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الرئيس السيسى: نحن فى زمن تتعاظم فيه الحاجة إلى خطاب دينى مستنير وفكر رشيد وكلمة مسؤولة


23-4-2025 | 23:45

الرئيس السيسي خلال حفل تخرج الدورة الثانية لأئمة الأوقاف فى الأكاديمية العسكرية المصرية

طباعة
تقرير: محمد رجب

«الحفاظ على الهوية ومواجهة كل أشكال التطرف»، مهمة قومية تتبناها الدولة المصرية بكافة مؤسساتها ومبدأ ثابت يؤكده الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كل مناسبة، وكم من جهود بذلتها الدولة فى التأكيد على هذا التوجه وهو ما شدد عليه الرئيس السيسى، بأن مهمة تجديد الخطاب الدينى لا تنحصر فى تصحيح المفاهيم المغلوطة فحسب، بل تمتد لتقديم الصورة المشرقة الحقيقية للدين الحنيف، كما تجلّت فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما نقلها الصحابة الكرام، وكما أرسى معالمها أئمة الهُدى عبر العصور، وذلك خلال كلمته أمس الثلاثاء بحفل تخرج الدورة الثانية لتأهيل أئمة وزارة الأوقاف فى الأكاديمية العسكرية المصرية، بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية.

وقال الرئيس السيسى :«إننا نحتفل بتخريج كوكبة جديدة من الأئمة الذين سوف يحملون على عاتقهم أمانة الكلمة، ونشر نور الهداية، وترسيخ قيم الرحمة والتسامح والوعى، مشيرا إلى أنه قد وجه وزارة الأوقاف، بالتعاون مع مؤسسات الدولة الوطنية، وعلى رأسها الأكاديمية العسكرية المصرية، بوضع برنامج تدريبى متكامل يُعنى بصقل مهارات الأئمة علميًا وثقافيًا وسلوكيًا، بهدف الارتقاء بمستوى الأداء الدعوى، وتعزيز أدوات التواصل مع المجتمع، ليكون الإمام نبراساً للوعى، متمكناً من البيان، بارعاً فى الإقناع، أمينًا فى النقل، حاضرًا بوعى نافذ وإدراكٍ عميق لمختلف القضايا الفكرية والتحديات الراهنة».

وأضاف الرئيس السيسى: نحن اليوم أمام ثمار هذا التعاون البناء، نرى فيه هذه النخبة المشرقة من الأئمة الذين تلقَّوا إعدادًا نوعيًا يمزج بين أصول علوم الدين الراسخة وأدوات التواصل الحديثة، متسلحين برؤية وطنية خالصة، وولاءٍ لله ثم للوطن، وإدراكٍ واعٍ لتحديات العصر ومتغيراته، مع المحافظة على الثوابت.

وتابع: إننا فى زمن تتعاظم فيه الحاجة إلى خطاب دينى مستنير، وفكرٍ رشيد، وكلمة مسؤولة، تتجلّى مكانتكم بوصفكم حَمَلة لواء هذا النهج القويم، وقد أدركنا منذ اللحظة الأولى أن تجديد الخطاب الدينى لا يكون إلا على أيدى دعاة مستنيرين، أغنياء بالعلم، واسعى الأفق، مدركين للتحديات، أمناء على الدين والوطن، قادرين على تقديم حلول عمليةٍ للناس، تداوى مشكلاتهم وتتصدى لتحدياتهم، بما يُحقق مقاصد الدين ويحفظ ثوابته العريقة.

كما أكد الرئيس السيسى أنه لا تنحصر مهمة تجديد الخطاب الدينى فى تصحيح المفاهيم المغلوطة فحسب، بل تمتد لتقديم الصورة المشرقة الحقيقية للدين الحنيف، كما تجلّت فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما نقلها الصحابة الكرام، وكما أرسى معالمها أئمة الهُدى عبر العصور، مطالبًا الخريجين وهم يخطون أولى خطواتهم فى هذا الدرب النبيل، بأن يحفظوا العهد مع الله، ثم مع وطنهم وأن يكونوا دعاة إلى الخير، ناشرين للرحمة، وسفراء سلام للعالم بأسره، ومشددًا على أن مصر بتاريخها العريق وعلمائها الأجلاء ومؤسساتها الراسخة، كانت وستظل منارةً للإسلام الوسطى المستنير الذى يُعلى قيمة الإنسان، ويُكرّم العقل، ويحترم التنوع، ويرسى معانى العدل والرحمة.

وأوضح الرئيس السيسى أن ما نشهده اليوم يؤكد مضى الدولة المصرية بثباتٍ وعزمٍ فى مشروعها الوطنى لبناء الإنسان المصرى بناءً متكاملًا، يُراعى العقل والوجدان، ويجعل من الدين ركيزةً للنهوض والتقدم، فى ظل قيم الانتماء والوسطية والرشد».

كما وجه الرئيس التحية لوزارة الأوقاف، والأكاديمية العسكرية المصرية، وكل مؤسسة وطنية، وكل عقلٍ وفكرٍ ويدٍ أسهمت فى إنجاز هذا العمل الجليل وآمنت بأن بناء الإنسان هو بناء للوطن، وتحصين لجيلٍ قادم، وتمهيدٌ لمستقبل أكثر إشراقًا.

ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسى عدة رسائل تحمل رؤية الدولة فى إعداد إنسان متوازن ومسؤول، قادر على الإسهام الإيجابى فى المجتمع، مشيراً إلى أهمية الاقتداء بالإمام السيوطى كنموذج يحتذى به، حيث قدم مساهمة استثنائية من خلال تأليف 1164 كتابًا خلال حياته.

وأكد الرئيس السيسى أن الكلمات وحدها لا تكفى لإحداث تأثير فى المجتمع، بل يجب أن تُترجم إلى أفعال إيجابية وفعالة تُشكل مسارًا يُتبع ويُنفذ.. وضرب مثالًا على ذلك باستخدام مقار المساجد، إلى جانب كونها أماكن للعبادة، لتقديم خدمات تعليمية للطلاب، مشدداً على ضرورة حسن معاملة الجيران، والاهتمام بتربية الأبناء، ومواكبة التطور دون المساس بالثوابت، مختتمًا حديثه بالتأكيد على أهمية الحفاظ على اللغة العربية، ودور الدعاة فى أن يكونوا حماة للحرية، مما يعكس رؤية شاملة للتنمية المجتمعية، مؤكداً أن الدورة التى حصل عليها الأئمة بالأكاديمية العسكرية المصرية عكف على إعدادها علماء متخصصون فى علم النفس والاجتماع والإعلام وكل المجالات ذات الصلة.

من جانبه قال الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف، :«إن الوزارة تقدم اليوم نموذجًا مشرفًا من الأئمة الجدد، جيلًا جديدًا من الدعاة إلى الله على بصيرة، جيل تم إعداده بعناية فائقة وجهد مضنٍ من أسرهم، ومنهم شخصيًا، ومن أساتذتهم، الذين لم يبخلوا يومًا بعلم أو معرفة، لتقديم رجال يحملون مواريث النبوة، وقادرين على أداء أمانة الكلمة على الوجه الأكمل».

وأضاف «الأزهرى»، خلال كلمته فى حفل تخريج الدورة الثانية لتأهيل أئمة وزارة الأوقاف من الأكاديمية العسكرية المصرية، والتى حملت اسم دفعة «الإمام محمد عبده»، أن «هذه الدفعة من الأئمة تم إعدادها عبر مراحل متعددة، بدأت من التكوين العلمى العميق داخل الأزهر الشريف، مرورًا بمشوار طويل من التحصيل العلمى والتدريب المهنى المكثف داخل وزارة الأوقاف، وصولًا إلى المرحلة الأهم وهى التأهيل العسكرى والوطنى داخل الأكاديمية العسكرية المصرية، وهى نقلة نوعية وفريدة فى إعداد رجل الدعوة على أعلى مستوى من الانضباط والوعى والمهارة».

وأشار الوزير ، إلى أن هذه الدورة بالأكاديمية العسكرية جاءت بتكليف مباشر من الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى لم يكتفِ بالتوجيه فقط، بل تابع بنفسه مراحل الإعداد، وحرص على توفير أفضل بيئة تأهيل ممكنة، وهو ما يعكس مدى اهتمام الدولة المصرية بإعداد الأئمة إعدادًا شاملًا يجمع بين العلم والانضباط وروح الوطنية.

كما أوضح وزير الأوقاف، أن رجال الأكاديمية العسكرية المصرية بذلوا جهدًا مشكورًا فى هذا المسار، مقدمًا الشكر للفريق أشرف سالم زاهر، مدير الأكاديمية، وكل القائمين على التدريب والدعم والتأهيل، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل جزءًا من رؤية الدولة المصرية لبناء الإنسان، تلك الرؤية التى يتم تنفيذها بمنتهى الدقة والاحترافية والإخلاص.

وتابع «الأزهرى»: أنتم – موجّهًا حديثه للأئمة الخريجين – تحملون أمانة عظيمة، وراية ثقيلة، أنتم ورثة النبوة، ومهمة رجل الدين فى هذا العصر باتت أكثر تعقيدًا وخطورة، لأن بناء وعى الإنسان المصرى يحتاج إلى علم وفكر وحكمة، كما يحتاج إلى سلوك عملى وقدوة صالحة.

واختتم «د. أسامة»، كلمته بدعوة الأئمة إلى أن ينطلقوا بكل قوة وثقة فى الميدان، وأن يكونوا فى خدمة الناس، وخدمة المساجد، وأن يملأوا العقول بالعلم، والقلوب بالإيمان، والمجتمع بالأمل، مطالبًا إياهم بأن يقدموا خطابًا روحانيًا أخلاقيًا راقيًا، يطفئ نيران الكراهية، وينشر المحبة، ويحيى الضمائر والقلوب، ويُعيد للدين صورته المشرقة الحقيقية.

تطوير الخطاب الدينى خطوة تصر عليها الدولة المصرية دون تراجع، واتخذت فيها خطوات واضحة، كان على رأسها إعداد الأئمة بما يتوافق مع أهداف الجمهورية الجديدة، والتى نفذت منها وزارة الأوقاف الكثير من المستهدفات، آخرها برنامج إعداد الأئمة، والذى يأتى فى إطار رؤية الدولة لتطوير الخطاب الدينى، وترسيخ قيم الانتماء، والتصدى للفكر المتطرف من جذوره.

وأشار إلى أن البرنامج التدريبى المتكامل تم إعداده بعناية لرفع كفاءة الأئمة، ليكونوا على قدر المسؤولية الفكرية والمجتمعية الملقاة على عاتقهم.

ويُعدّ هذا البرنامج ثمرة تعاون غير مسبوق بين وزارة الأوقاف والأكاديمية العسكرية، ويهدف إلى تكوين الإمام العصرى القادر على الجمع بين العلم والانضباط والقدرة على التأثير المجتمعى، ليكون داعية فاعلا فى ساحات الوعى والتنوير.

يقول الشيخ حمادة مصطفى، أحد الأئمة المتخرجين من الأكاديمية العسكرية المصرية: «التحقت فى 30 أكتوبر الماضى، وكانت مدة الدراسة 6 أشهر، بشروط واضحة أهمها اجتياز الاختبارات، فالتجربة كانت استثنائية، وأضافت لى الكثير فى حياتى العلمية والدعوية.

وأوضح أن الدفعة التى ضمّت 550 إمامًا من وزارة الأوقاف، وجاءت تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية، بالتنسيق مع مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الأكاديمية العسكرية المصرية، بهدف إعداد كوادر دعوية قادرة على مواجهة التحديات الفكرية، ونشر الوعى الدينى الصحيح، ومكافحة الفكر المتطرف.

وأشار إلى أن فترة التدريب استمرت 24 أسبوعًا، وشملت دراسة شرعية معمقة إلى جانب مجالات متعددة مثل الإعلام، الأمن القومى، علم النفس، ومهارات التواصل، كما أن البرنامج كان شديد الانضباط، وكان التفاعل مع الضباط والأساتذة على مستوى راقٍ من الاحترام والتقدير المتبادل، مؤكدا أن ما اكتسبه من معرفة خلال فترة الدراسة جعله أكثر وعيًا بطبيعة المرحلة، وأكثر قدرة على إيصال رسالة الإسلام بشكل واضح ومتوازن.

 
 

الاكثر قراءة