رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«سوق الكهرباء المشتركة».. فرصة تاريخية لتأمين «طاقة العرب»


18-10-2025 | 12:19

.

طباعة
تقرير: رانيا سالم

مع تحديات أمن الطاقة، لم تعد الحاجة إلى إطلاق سوق عربية مشتركة للكهرباء رفاهية بل أصبحت أمرًا ملحًا، وهو أمر انتبه إليه عدد من الدول العربية، كما أثبتت مصر جديتها عبر إصدار الرئيس عبدالفتاح السيسى القرار الجمهورى رقم 212 لسنة 2025 بالموافقة على كل من الاتفاقية العامة لإنشاء السوق العربية المشتركة للكهرباء، والتى يتم فيها التبادل بين الدول العربية فى مجال تجارة الكهرباء على أسس تجارية وقانونية وتشريعية، فيتيح للمستثمرين بيع وشراء الكهرباء على أن تتم الاستفادة من تنوع مصادر الطاقة ما بين طاقات متجددة ونفط وغاز طبيعى، والاستفادة من الاختلافات السنوية والفصلية واليومية فى الطلب على الطاقة وتفاوت أوقات الذروة فى الأحمال لكل دولة.

 

«السوق العربية المشتركة للكهرباء» تهدف إلى تعزيز استقرار الإمدادات الكهربائية للدول العربية، وخفض التكاليف الخاصة بإنتاج الكهرباء، وفى الوقت ذاته يتم دعم استثمارات الطاقة المتجددة (شمسية- رياح- مائية)، والعمل على ترسيخ مكانة الدول العربية كمصدر للطاقة النظيفة الخضراء عالميًا، على أن يتم تحسين كفاءة استهلاك الكهرباء، والتوسيع فى المشاريع التنموية.

13 عامًا.. الفترة الزمنية المخطط لها من أجل استكمال البنية التحتية وتطوير السوق المشتركة بشكل تدريجى لتنهى الخطوات التنفيذية مع 2038، وفقًا للاتفاقية التى وقّعت عليها 12 دولة عربية فى اجتماع وزراء الكهرباء والطاقة فى جامعة الدول العربية فى ديسمبر 2024، ليوافق عليها كل من مصر والمملكة العربية السعودية والأردن والإمارات والسودان وسوريا وفلسطين وقطر والكويت وليبيا والمغرب واليمن، كما وافق عليها البرلمان المصرى وتبعها إصدار قرار للرئيس السيسى بالموافقة على الاتفاقية بقرار 212 لسنة 2025.

هناك تحديات تواجه وجود سوق عربية مشتركة يتصدرها التمويل وعدم الاستقرار فى عدد من الدول العربية، لكن هذا لا ينفى أن التقديرات تشير أن تلك السوق يمكنها أن توفر ما يتراوح من 107 إلى 196 مليار دولار من تكاليف المنظومة الكهربائية بالدول العربية حتى 2035، وأن 80 فى المائة من الشبكة الكهربائية المطلوبة للسوق متوافرة بالفعل.

الموافقة على «الاتفاقية العامة لإنشاء السوق العربية المشتركة للكهرباء» و«اتفاقية السوق العربية المشتركة للكهرباء»، هو القرار الذى أصدره الرئيس السيسى رقم 212 لسنة 2025، القرار يتضمن اتفاقيتين؛ أولاهما الاتفاقية العامة التى تحدد اتفاقية السوق وآليات تطويره، والثانية تحدد الإطار المؤسسى والتجارى للسوق بما يتضمن حوكمة التشغيل والتعاون بين الدول الأعضاء، وهما الأسس التشريعية والقانونية لبناء البنية الأساسية للسوق المشتركة الكهربائية.

الموافقة المصرية على اتفاقية السوق العربية المشتركة سبقها عدد من المشروعات العربية المشتركة فى مجال الربط الكهربائى، أكبرهما الربط المصرى - السعودى، والربط المصرى غربًا وشرقًا مع عدد من الدول العربية، فالسوق العربية للكهرباء تمثل لمصر فرصة استراتيجية للتحول من دولة منتجة إلى لاعب رئيسى فى سوق طاقة عابرة للقارات.

وأوضح الدكتور مصطفى الشربينى، استشارى الكهرباء والطاقة، عضو المجلس العربى للطاقة، عضو لجنة البحث العلمى وريادة الأعمال بمجلس الوحدة الاقتصادى بجامعة الدول العربية، أن «وجود سوق عربية مشتركة للطاقة يعنى إقامة إطار إقليمى منظم لتبادل وبيع وشراء الكهرباء بين الدول العربية، بما يشبه إلى حد كبير «السوق الأوروبية للكهرباء»، فيتيح هذا السوق ربط الشبكات القومية، وتبادل الفوائض الكهربائية، واستخدام الموارد المتاحة بكفاءة، مع تشريعات موحدة تنظم عمليات التشغيل والتسعير والتجارة».

وجود سوق عربية مشتركة، حسبما أكد «الشربينى»، يمثل الانتقال من التعاون الثنائى المحدود بين بعض الدول إلى منظومة عربية موحدة لتبادل الكهرباء على نطاق واسع، تسمح بتداول الطاقة مثل أى سلعة فى سوق مفتوحة، وفق قواعد واضحة وعقود تجارية عابرة للحدود.

وأضاف أن «سوق الكهرباء العربية ستجعل من الكهرباء سلعة إقليمية استراتيجية يمكن تصديرها وتداولها لحظيًا، مثل أسواق الغاز أو النفط، بما يعزز التكامل الاقتصادى ويزيد من قوة الموقف العربى فى أسواق الطاقة العالمية».

كما لفت إلى مقومات عدة يجب توفيرها، فى مقدمتها وجود شبكة ربط كهربائى بين الدول العربية قوية وواسعة تغطى كافة الدول المشاركة يتم ربطها عبر مراكز تحكم متصلة، يسبقها وجود إطار قانونى وتشريعى موحد يحدد قواعد السوق هذا السوق للشراء والبيع والتبادل من أجل تنظيم عمليات التبادل التجارى وحماية وضبط الاستثمارات الضخمة لهذا السوق من أجل جذب مزيد من الاستثمارات سواء العربية أو الأجنبية لهذا السوق المشتركة، بما يحقق العائد من تأسيس السوق العربية المشتركة.

وشدد «د. الشربينى» على ضروة توافر «إرادة سياسية فاعلة تدعم استدامة السوق على المدى الطويل»، وذلك من أجل أن تنجح السوق العربية المشتركة على غرار السوق الأوروبية، فهناك تحديات عدة تقابل تحقيق هذا السوق، فالطريق نحو سوق عربية مشتركة للكهرباء ليس خاليًا من العقبات، على حد وصفه، فالتحديات كبيرة لكنها ليست مستحيلة، وتأتى فى صدارتها التمويل الضخم المطلوب لبعض مشاريع الربط الجديدة، فتتطلب المرحلة التكميلية من المشروع تمويلات بمليارات الدولارات لتقوية الشبكات وتطوير المنظومة التشغيلية، كما أن الأوضاع السياسية غير المستقرة فى بعض الدول قد تعطل الربط أو تبادل الطاقة بشكل منتظم.

وتابع: يُضاف إلى ذلك الحاجة إلى مواءمة القوانين المحلية، بسبب تفاوت التشريعات والقوانين المحلية بين الدول، بما يلزم معه عملية توحيد أو مواءمة تدريجية، كما أن هناك نقصا فى الكوادر الفنية والإدارية فى بعض الأسواق الناشئة لإدارة سوق بهذا الحجم والتعقيد، وبناء منظومة تنظيمية متكاملة.

«د. الشربينى»، انتقل بعد ذلك للحديث عن مكاسب مصر من إنشاء سوق مشتركة عربية للكهرباء، وقال: مصر تقف فى موقع القلب من خريطة الربط الكهربائى العربى، مما يجعلها مركز عبور وتجارة للطاقة بين المشرق والمغرب، وبين إفريقيا، ومن أبرز مكاسب مصر تعظيم العائد الاقتصادى من فائض الكهرباء عبر تصديره لدول تحتاج الطاقة، ما يفتح بابًا جديدًا من الإيرادات بجانب الغاز وقناة السويس، وزيادة الاستثمارات فى الطاقة المتجددة داخل مصر لتلبية الطلب الإقليمى، وهو ما يعزز مكانتها كمصدر رئيسى للطاقة النظيفة فى المنطقة، وفى الوقت ذاته سيتم رفع كفاءة تشغيل الشبكة المحلية من خلال تبادل الأحمال وتقليل فترات الذروة المحلية، والأهم أنه سيدعم دور مصر كمركز إقليمى للطاقة، ليس فقط على المستوى العربى، بل أيضًا فى الربط مع أوروبا وإفريقيا عبر مشاريع الربط الجارى تنفيذها، فالسوق العربية للكهرباء تمثل لمصر فرصة استراتيجية للتحول من دولة منتجة إلى لاعب رئيسى فى سوق طاقة عابرة للقارات.

 
 
 
 

الاكثر قراءة