رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مصر راعية السلام فى الشرق الأوسط.. جهود الوساطة تنجح في وقف حرب غزة

9-10-2025 | 15:28

اتفاق وقف الحرب على غزة

طباعة
أماني محمد

عامان من المعاناة والعدوان، آن لها أن تنتهي بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، من مصر، من مدينة شرم الشيخ أرض السلام، لتتكلل جهود مصر المستمرة على مدار الأشهر الماضية منذ اندلاع العدوان في 7 أكتوبر 2023، باتفاق يقضي بوقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى والانسحاب الإسرائيلي من القطاع وإدخال المساعدات.

وكان للجهود والوساطة المصرية المستمرة، دورًا محوريًا، حيث ارتكز الموقف المصري على عدة ثوابت داعمة لحقوق الشعب الفلسطيني وحمايته وضمان حقه في إقامة الدولة المستقلة، ورفض مخططات التهجير القسري، حيث أكد سياسيون أن هذه الجهود ساهمت بشكل كبير في دعم الأشقاء الفلسطينيين والدفاع عن حقوقهم المشروعة منذ عام 1948 ولا تزال مستمرة، موضحين أن الدور المصري كان شاملا ومستمرًا في كل المستويات.

 

اتفاق وقف الحرب على غزة

ومع حلول الثانية عشر من ظهر اليوم، دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، حيث تنص المرحلة الأولى على تبادل الأسرى من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني والانسحاب الإسرائيلي من خطوط الانسحاب المتفق عليها وبدء دخول المساعدات إلى القطاع، مع بدء المباحثات بشأن المرحلة الثانية.

وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن العالم شهد لحظة تاريخية تُجسّد انتصار إرادة السلام على منطق الحرب، من شرم الشيخ، ارض السلام ومهد الحوار والتقارب، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة بعد عامين من المعاناة، وفقاً لخطة السلام التي طرحها الرئيس ترامب، وبرعاية مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية.

وأوضح أن هذا الاتفاق لا يطوي صفحة حرب فحسب، بل يفتح باب الأمل لشعوب المنطقة في غدٍ تسوده العدالة والاستقرار."

تلقى د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج مساء أمس وصباح اليوم العديد من الاتصالات الهاتفية من نظرائه بالدول العربية والإسلامية والأفريقية والأوروبية والآسيوية، للإعراب عن ترحيبهم البالغ بالتوصل لاتفاق وقف الحرب في غزة وفقا لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام.

وأكد الوزراء خلال الاتصالات على تقديرهم الكامل للدور الذي اضطلعت به القيادة المصرية الرشيدة والحكيمة من أجل تيسير المفاوضات والتوصل لهذا الاتفاق التاريخي الذي يدشن لإنهاء الحرب في قطاع غزة بما يضمن حقن دماء الشعب الفلسطيني البريء وإطلاق سراح الرهائن وعدد من المحتجزين الفلسطينيين، فضلا عن دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية الي قطاع غزة بالكميات المطلوبة تمهيدا لإعادة إعمار القطاع مع بقاء الفلسطينيين علي أرضهم.

وأعرب الوزير عبد العاطي خلال الاتصالات عن التطلع لأن يصبح التوصل للاتفاق إيذاناً بإغلاق فصل مظلم ومؤلم فى تاريخ المنطقة استمر على مدى عامين متواصلين، ليضيف إلى معاناة الشعب الفلسطينى الإنسانية القاسية على مدار ثمانية عقود، وأن يصبح هذا الاتفاق بداية لفصل جديد فى المنطقة ينعم فيه الشعبان الفلسطينى والاسرائيلى بالأمن والاستقرار ويفتح الباب لسلام عادل ودائم بينهما.

 

دور مصري مهم على كل المستويات

وقال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن مصر لطالما كان لها دورًا محوريًا وفاعلًا في القضية الفلسطينية، وحتى اليوم، حيث ساهمت بشكل كبير في دعم الأشقاء الفلسطينيين والدفاع عن حقوقهم المشروعة منذ عام 1948، ولا تزال تواصل هذا الدور حتى الآن، وهو ما تأكد في أزمة العدوان الغاشم على غزة خلال العامين الماضيين، حتى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من مصر.

وأوضح بدر الدين، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه خلال فترة العدوان على غزة، اضطلعت مصر بدور مهم على المستويات الإنسانية، والدبلوماسية، والسياسية، مشيرا إلى أنه على الصعيد الإنساني، حرصت مصر على إبقاء معبر رفح مفتوحًا بشكل دائم لتقديم الدعم والمساعدات، رغم أن العقبات في كثير من الأحيان كانت تأتي من الجانب الإسرائيلي، كما استقبلت مصر الجرحى الفلسطينيين وقدمت لهم الرعاية في مستشفياتها، إلى جانب تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وأضاف أنه على المستوى الدبلوماسي، كانت لمصر تحركات نشطة، سواء عبر الدبلوماسية الرئاسية أو دبلوماسية القمم، حيث كانت القضية الفلسطينية دائمًا حاضرة بقوة في لقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسي مع قادة وزعماء العالم، ما ساهم في إحداث تحول ملحوظ في الموقف الدولي تجاه القضية، وبدأت غالبية دول العالم تعترف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وآخرهم فرنسا وبريطانيا وأستراليا وغيرهم الشهر الماضي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ولفت إلى أنه على الصعيد السياسي، دعت مصر باستمرار إلى ضرورة فتح أفق سياسي يؤدي إلى تحقيق حل الدولتين، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن الاتفاق بشأن وقف الحرب على غزة تضمن عدة بنود مهمة، وجاء استكمالًا للجهود المصرية التي ركزت على القضايا الأساسية، مثل وقف إطلاق النار، وتقديم المساعدات الإنسانية، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من غزة، بالإضافة إلى النقاشات المتعلقة بمستقبل القطاع وإمكانية التوصل إلى حل نهائي وشامل للقضية الفلسطينية، التي طالما ألقت بظلالها السلبية على استقرار المنطقة والعالم بأسره.

وأشار إلى أنه يُتوقع أن يكون هناك التزام من الطرفين بتنفيذ بنود الاتفاق، خاصة في ظل وجود متابعة دقيقة من الجانب الأمريكي، ورغبة حقيقية في تحقيق السلام، مشدد على أن مصر تستمر في أداء دورها المحوري كوسيط رئيسي، من خلال التنسيق بين مختلف الأطراف، وبوصفها دولة إقليمية ذات تأثير كبير.

 

تقليص الفجوات وتقريب وجهات النظر

وقال الدكتور محمد مرعي، الخبير في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن ما شهدته مدينة شرم الشيخ، يُعد تحولًا استراتيجيًا بالغ الأهمية في منطقة الشرق الأوسط، موضحا أن المؤشرات والمعطيات جميعها تؤكد الاقتراب من الوصول إلى وقف شامل لهذا الصراع المحتدم، والذي استمر أكثر من عامين، ووقف حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة منذ 2023.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه، بجهود كبيرة بذلتها مصر، يستند أساسًا إلى الخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويشكل خطوة رئيسية نحو إعلان وقف إطلاق النار بشكل نهائي، مع تحديد آليات الانسحاب الكامل من قطاع غزة، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى سكان القطاع بشكل مستدام، إلى جانب تنفيذ عملية تبادل الأسرى بين الجانبين.

وأشار مرعي إلى أنه كان لمصر دور حيوي في تقليص الفجوات بين حركة حماس وإسرائيل، في تلك المفاوضات، حيث نشطت التحركات الدبلوماسية المصرية خلال الأسابيع الماضية، مما أدى إلى تقريب وجهات النظر، ومهّد الطريق لاجتماع شرم الشيخ الذي جمع كافة الأطراف المعنية بإنهاء هذا الصراع، خلال الأيام الماضية، حيث لعبت مصر دورًا محوريًا واستراتيجيًا في هذه المفاوضات، والتي توجت بالوصول إلى هذا الاتفاق.

وأكد أنه في فبراير الماضي، كانت هناك خطط أمريكية معلنة من إدارة ترامب تهدف إلى تهجير سكان غزة إلى سيناء والأردن، وقتها، عبّرت مصر بوضوح عن رفضها التام لهذا التوجه، وأعلنت أنها لن تكون طرفًا في أي مخطط يستهدف تهجير الفلسطينيين، حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي هذا الموقف بعد 72 ساعة فقط من اندلاع الحرب، في السابع من أكتوبر 2023، حين أدركت مصر أن الهدف الاستراتيجي الحقيقي من هذه الحرب هو تدمير غزة بالكامل، ودفع سكانها إلى التهجير القسري.

وشدد على أن ما يحدث اليوم يمثل نقطة تحول كبيرة، حيث يُنتظر خلال الأيام المقبلة إعلان التوقيع رسميًا على اتفاق وقف إطلاق النار، تمهيدًا لتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، والتي تتضمن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين الأحياء، مقابل الإفراج عن نحو ألفي أسير فلسطيني من داخل السجون الإسرائيلية منهم أصحاب المؤبدات والأحكام العالية.

ولفت إلى أن هناك ضمانات دولية حقيقية تدعم تنفيذ الاتفاق، من الولايات المتحدة، ومصر، ودول أخرى، وتمنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من إفشال الاتفاق أو التحايل عليه، مشيرا إلى أن إسرائيل وصلت إلى مرحلة بدأت فيها تدفع ثمنًا باهظًا لاستمرار هذه الحرب، سواء على مستوى سمعتها الإقليمية والدولية، أو على صعيد علاقاتها مع المجتمع الدولي، وهو ما اعترف به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرارًا، فقال إن إسرائيل خسرت معركة العلاقات الدولية، وهو ما دفعها إلى استثمار كبير في تحسين صورتها داخل الولايات المتحدة وأوروبا.

وأكد أن ما قامت به إسرائيل خلال عامين من العدوان يحتاج إلى سنوات طويلة لتجاوزه، وقد لا يمكن استعادته إلا إذا كانت هناك جدية حقيقية في الانخراط بمسار عملية السلام في الشرق الأوسط، مشددا على أهمية "اليوم التالي" بعد وقف الحرب، والذي سيشهد خطوات متعددة وهي تنفيذ تبادل الأسرى بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، وبدء عملية إعادة إعمار قطاع غزة.

وأوضح أنه تم التوافق على أن حركة حماس لن يكون لها دور في إدارة القطاع بعد انتهاء الحرب، وهناك إجماع دولي على هذا المبدأ، والأهم من ذلك أنه لا تهجير لسكان غزة، وهذا مبدأ ثابت أكدت عليه مصر والمجتمع الدولي.

 

التزام الجانب الإسرائيلي

ومن جانبه، قال الدكتور رامي عاشور، أستاذ العلاقات الدولية، إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في شرم الشيخ، تضمّن وقفًا لإطلاق النار، مقابل إفراج حركة حماس عن جميع الأسرى الإسرائيليين، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، وعدد من البنود، مؤكدا أنه كان للدور المصري أهمية كبيرة ومحورية، إذ ساهمت مصر، إلى حدّ كبير، في إغلاق الثغرات التي كانت إسرائيل تستغلها لاستئناف الحرب.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن جهود الوساطة من قبل مصر كانت ولا تزال مستمرة، من أجل التوصل إلى بنود كاملة تحل كل القضايا العالقة، بما ينهي الحرب بشكل كامل، مؤكدا أن المرحلة الحالية حساسة وتتطلب استئناف العمل من أجل إنجاح المفاوضات بشكل كامل، وهو ما سيتضح من خلال إتمام صفقة الأسرى، وما سيحدث في اليوم التالي لتسليمهم، ووضع رؤية اليوم التالي للحرب.

وشدد على أهمية التزام الجانب الإسرائيلي بما تم الاتفاق عليه، لأن الاحتلال قد يستغل أي ذريعة ويعود لاستئناف القتال ويدمر كل جهود الوساطة، سواء كانت مصرية أو أمريكية.

وأكد أن هناك مراحل تالية من المفاوضات، لتثبيت وقف إطلاق النار والوصول إلى إنهاء الحرب بشكل كامل، وهذا سيتضح بعد إتمام تسليم الأسرى، موضحا أن الجانب الإسرائيلي، لم يكن يهمه سوى قضية الأسرى، أما الظروف العامة فهي غير مستقرة ولا يمكن التنبؤ بما قد يحدث لاحقًا، خاصة وأن إسرائيل، لا ترى أن إنهاء الحرب يصب في مصلحتها.

الاكثر قراءة