رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

القضية دولة فلسطين وليس القطاع


8-10-2025 | 16:29

.

طباعة
بقلـم: أحمد النبوى

ما بين أكتوبر عام 1973 مرورا بأكتوبر 2023 وأكتوبر 2025 عاشت دولة الاحتلال الصهيونى أسوأ أوقاتها، وأصبح شهر أكتوبر مثل الكابوس المزعج للصهاينة، رغم عدم وجود مقارنة حقيقية مع أكتوبر 73 وأى أكتوبر آخر، فالسابع من أكتوبر خسِر فيها كلا الطرفين، فحماس خسرت الكثير، وسمحت للمحتل أن يتوغل بعملياته الوحشية ضد أهالى غزة واستشهاد الآلاف من الأبرياء، بجانب تدمير القطاع بالكامل، وعلى جانب المحتل خسر الكبرياء والغطرسة وعدم مقدرته على الوصول إلى أماكن الأسرى، بالإضافة إلى خسارته الكبرى من دعم دول العالم له ضد حماس، وفى أكتوبر 2025 أعلن الجانبان استمرار خسائرهم على مدار عامين

ولكن النقطة المضيئة الوحيدة فيما حدث هو تعاطف شعوب العالم مع القضية الفلسطينية؛ نتيجة الجرائم الوحشية ومحاولة الإبادة الجماعية التى قام بها المحتل ضد الفلسطينيين فى غزة، وهو الأمر الذى حرَّك الضمائر، وأعاد تقييم الأحداث على مستوى العالم بأكمله، والذى وصل إلى اعتراف العديد من دول العالم بالدولة الفلسطينية، وهو أمر جيد جدا لصالح القضية رغم أنه بالنسبة لنا كشعوب ودول عربية وإسلامية ليس بجديد؛ لأن الكيان بالنسبة لنا مجرد محتل، ولكن علينا أن نتحرك جميعا من منطلق الاعتراف بدولة فلسطين لكسب مزيد من الحقوق لدولة فلسطين.

وهنا لا يمكن أن أغفل دور مصر التاريخى الثابت والواضح والممتد منذ عقود والمستمر حتى اليوم، والذى تخشاه دولة الاحتلال؛ لذا تجد محاولات لتهميش دور مصر أو الاستعانة بوسطاء آخرين، وهذا الأمر بالنسبة لمصر لا يقلقها؛ لأن مصر كبيرة وتعى القضية جيدا ولن تتأخر فى دعم القضية، سواء كانت بمفردها أو بوجود أشقاء عرب آخرين.

وكما قلت فى مقال سابق إن مصر منذ بداية العدوان على غزة، وهى تخطط وتستعد لليوم التالى لوقف العدوان فكتبت: لأن مصر تعى جيداً تاريخ الصراع مع الكيان المحتل، فهى دائما تستبق بخطوة الأحداث، كما فعلت باستضافة القاهرة لاجتماعات اليوم التالى للحرب، والتى جمعت بين حركتى حماس وفتح وبمشاركة جهاز المخابرات العامة المصرية، للوصول إلى توافق فلسطينى حول اللجنة المجتمعية التى ستتولى إدارة قطاع غزة، والتى توقفت فى ديسمبر من العام الماضى بعد التوصل إلى نتائج مبشرة للتوافق بين الجانبين، وطالبت أن تعود تلك الاجتماعات مرة أخرى والبناء على آخر التوافقات لسرعة توحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية.

الفكر المصرى والاستراتيجية التى تتعامل بها مع القضية الفلسطينية نابع من دور مصر فى التعامل مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية مصرية، بالإضافة إلى أن مصر أكثر دولة خاضت جولات مع المحتل سواء حربا مباشرة أو حروبا نفسية وإعلامية، بجانب طبعا المفاوضات التى استمرت على مدار سنوات، بخلاف المناوشات الدائرة على مدار عقود، وهو ما جعل مصر قادرة من فهم وتحليل استراتيجية المحتل بشكل ممتاز، وتستطيع التعامل معه بنفس أسلوبه الذى يتبعه، فعلى مدار عامين لم تنزلق مصر فى فخ الاحتلال الصهيونى فى غزة، ومنذ بداية الأحداث وموقف مصر ثابت وواضح ولم يتغير، فمصر دعت إلى إنهاء الحرب على غزة وساندت أهالى القطاع بكل ما تستطيع، ليس فقط بمساعدات شاملة، ولكن بمفاوضات طويلة وكثيرة بجانب تدويل القضية، بالإضافة إلى سياسة ضبط النفس مع كل محاولات الاستفزاز سواء لإدخال مصر فى عمل عسكرى أو الحملات الإعلامية الممنهجة لإظهار مصر بأنها تغلق المعبر وترفض إدخال المساعدات إلى أهالى القطاع، وهى الحملات التى توافق عليها اللجان الإلكترونية للجماعة الإرهابية مع إعلام المحتل، والتى وصلت كما شاهدنا جميعا إلى محاولة الاعتداء على السفارات المصرية بالخارج، أو بالسقطة التاريخية التى قام بها أعضاء الجماعة الإرهابية وأعوانهم عندما تظاهروا أمام مقر السفارة المصرية فى دولة الاحتلال برعاية وحماية جنود الاحتلال، وكل تلك المحاولات كانت تأكيدا على أن مصر تسير بالطريق الصحيح، وأنها تتعامل بحكمة وحنكة تؤرق المحتل فيرفضها ويحاول إخراجها من المعادلة؛ لأنه يعى أن سياسة مصر ليست الدفاع عن قطاع غزة بشكل منفرد، ولكن غزة جزء لا يتجزأ من فلسطين، وأن القضية هى دولة فلسطين وليست قطاع غزة.

وهو الأمر الذى يتوافق مع ما جاء فى بيان حماس عن موافقتها على تسليم إدارة قطاع غزة إلى هيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط)، يتم تشكيلها على أساس التوافق الوطنى الفلسطينى، وتحظى بدعم عربى وإسلامى.

وبشأن القضايا الأخرى الواردة فى المقترح، والمتصلة بمستقبل غزة وحقوق الشعب الفلسطينى، شددت الحركة على أن «هذه الملفات مرتبطة بموقف وطنى فلسطينى جامع، وبالاستناد إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة»، مؤكدة أنها ستكون جزءاً من هذا الإطار الوطنى، وستشارك فيه «بكل مسئولية».

وهذا يؤكد على أن الاجتماعات التى حدثت فى مصر جاءت بنتائج إيجابية بين الفصائل، ولكن علينا جميعا أن نعى أن القضية ليست قطاع غزة ولكنها القضية الفلسطينية ككل، وكما ينادى الرئيس السيسى دائما أنه لكى يتحقق السلام يجب أن يكون بحل الدولتين على حدود الرابع من يونيو من عام 67،

وأتوقع أن تستضيف مصر قريبا اجتماعات للفصائل الفلسطينية بالقاهرة لاستكمال ما تم التوصل إليه نهاية العام الماضى، بالإضافة إلى أن مصر سوف يكون لها دور كبير فى المرحلة المقبلة بإعادة الرئيس الفلسطينى محمود عباس إلى المعادلة العالمية بعد محاولات المحتل تهميش دوره وتصدير حماس للعالم كمنظمة إرهابية، وأعتقد أن مصر بقيادة الرئيس السيسى قادرة على إعادة تنظيم تلك الأمور بجانب إدخال المساعدات إلى القطاع وهو ليس بأمر جديد على مصر والمصريين، بالإضافة إلى طرح خطة مصر لإعادة بناء غزة بدون تهجير وهى جاهزة ومطروحة للنقاش مع الدول العربية.

ولا ننسى أن مصر قامت بإعادة إعمار غزة عام 2021 ولكن كانت الأوضاع أفضل حالا من اليوم، وإن كانت إعادة الإعمار تحتاج إلى خمس سنوات بدون تهجير أهالى القطاع، فيجب أولا التوصل إلى اتفاق دائم للسلام لضمان إعادة البناء، وذلك لن يحدث لقطاع غزة منفردا ولكن للقضية الفلسطينية كاملا.

 

الاكثر قراءة