تستضيف مصر فى هذه الأيام حدثًا رياضيًا عالميًا، هو كأس العالم للأندية لكرة اليد، البطولة التى تجمع نخبة الأندية من مختلف القارات، وتضع القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة فى دائرة الضوء العالمى، بمشاركة قطبى الرياضة المصرية، الأهلى والزمالك.
وسط أجواء تنافسية حماسية، يقف خلف التنظيم فريق عمل ضخم يقوده عمرو صلاح، مدير البطولة، الذى لعب دورًا محوريًا فى التفاوض والتحضير للحدث، فى هذا الحوار، يتحدث «صلاح»عن كواليس التفاوض مع الاتحاد الدولى، ومعايير النجاح من وجهة نظره، ومستقبل الرياضة المصرية داخل العاصمة الإدارية، إلى جانب أسرار تفوق كرة اليد المصرية رغم الفوارق المادية بينها وبين كرة القدم..
حدثنا عن كواليس التحضير والتفاوض مع الاتحاد الدولى لإقامة بطولة كأس العالم للأندية فى مصر؟
بدأت المفاوضات منذ عام ونصف العام تقريبًا، بين الاتحاد المصرى لكرة اليد والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية. تواصلنا مع الاتحاد الدولى لكرة اليد ونجحنا فى إبرام اتفاق يقضى بأن تستضيف مصر كأس العالم للأندية ثلاث نسخ متتالية، إضافة إلى استضافة كأس العالم للقارات ثلاث مرات متتالية أيضًا، بدءًا من عام 2027.
وهذه البطولة الأخيرة كانت متوقفة منذ سنوات طويلة، لكننا أعدناها إلى الحياة. ومن المقرر أن تنطلق النسخة الأولى من العاصمة الإدارية الجديدة، ولا شك أن ذلك يمثل إضافة كبيرة لمكانة مصر على خريطة الرياضة العالمية، كما يعكس ثقة الاتحاد الدولى فى قدرتنا على التنظيم وتقديم نسخة استثنائية من هذه البطولات.
وما معيار النجاح بالنسبة لك فى هذه البطولة؟
معيار النجاح لا يُقاس بعامل واحد فقط، بل بمجموعة متكاملة من المؤشرات، أولها الحضور الجماهيرى، فالجماهير هى روح أى بطولة وصوتها الحقيقى، ثم يأتى انتشار اللعبة وارتفاع نسب المشاهدة عبر الشاشات، وهو ما يساعد على توسيع قاعدة عشاق كرة اليد. كذلك نولى اهتمامًا خاصًا بإبراز اللاعبين المحترفين فى أوروبا، الذين ينشطون فى أندية كبرى مثل برشلونة وفيزبريم، أمام الجماهير المصرية. هؤلاء النجوم يمنحون البطولة بُعدًا عالميًا ويجذبون الأنظار.
ولا يمكن إغفال جانب السياحة الرياضية، إذ نسعى لإظهار جمال مصر وقدرتها على استقبال ضيوفها بأفضل صورة، من خلال تنظيم على أعلى مستوى.
أما العنصر الأبرز، فى نظرنا، فهو إظهار البنية التحتية الحديثة للعاصمة الإدارية وقدرتها على استضافة أحداث كبرى، بما يعكس صورة حضارية عن الدولة المصرية.
وكيف ترى مستقبل الرياضة المصرية داخل العاصمة الإدارية الجديدة؟
العاصمة الإدارية أصبحت بالفعل إحدى منارات الرياضة فى العالم، ونحن قادرون على تنظيم أى بطولة دولية على أرضها، وهذا ليس مجرد كلام، بل شهادة مباشرة من الفرق المشاركة فى كأس العالم للأندية، التى أبدت انبهارها الشديد بالبنية التحتية والإمكانات التنظيمية، وتعد المدينة الأولمبية داخل العاصمة من بين الأفضل عالميًا، فهى تضم ملاعب وصالات مجهزة بأحدث التقنيات، حجم المشروعات الرياضية هناك يجعلنا نمتلك القدرة على المنافسة على استضافة أى بطولة كبرى مستقبلًا، سواء كانت إقليمية أو عالمية. ومن الواضح أن العاصمة لن تكون فقط مركزًا إداريًا للدولة، بل ستصبح مركزًا رياضيًا عالميًا يجذب الاتحادات والنجوم من مختلف أنحاء العالم.
حققت كرة اليد المصرية نجاحات متواصلة، رغم أنها لا تملك الإمكانيات المالية التى تحظى بها كرة القدم.. تعقيبك؟
كرة اليد المصرية لديها قصة نجاح مختلفة تمامًا. منذ عام 1989 بدأنا فى تأسيس بنية تحتية قوية ونظام إدارى متماسك داخل الاتحاد المصرى. وركزنا على تكوين قاعدة واسعة من الناشئين والبراعم، والالتزام الكامل بتطويرهم عبر برامج علمية دقيقة، وهذا النهج استمر جيلًا بعد جيل، وكانت نقطة التحول الكبرى مع تولى الدكتور حسن مصطفى رئاسة الاتحاد الدولى لكرة اليد، ما منح اللعبة فى مصر بُعدًا عالميًا ودعمًا مؤسسيًا.
اليوم لدينا نحو 26 محترفًا فى أوروبا، وهو أكبر عدد بين كل الألعاب المصرية، بخلاف اللاعبين المحترفين فى الأندية الخليجية. حتى الناشئين الذين يحترفون حديثًا أصبح مستواهم يقارب الأوروبيين فى الاحترافية والأداء.
وهذه المنظومة المتكاملة جعلت كرة اليد المصرية على القمة، رغم قلة الموارد مقارنة بكرة القدم، ما يميز اللعبة هو روح الالتزام والعمل الجماعى، بالإضافة إلى عشق المصريين لها، ما يفسر حضورها الدائم فى المشهد الرياضى العالمى.
وهكذا يتضح أن نجاح مصر، سيدة القارة السمراء، فى استضافة بطولات عالمية لكرة اليد ليس محض صدفة، بل هو نتيجة تخطيط طويل الأمد ورؤية واضحة للرياضة كقوة ناعمة تعكس وجه مصر الحضارى والثقافى المميز.
ومع البنية التحتية العملاقة فى العاصمة الإدارية الجديدة، يبدو أن مصر تتأهب لمرحلة جديدة تصبح فيها قبلة للأحداث الرياضية الكبرى، لتواصل كتابة قصة نجاح ممتدة من الصالات إلى العالم كله، وتؤكد أن الرياضة أصبحت جسرًا إضافيًا للتواصل مع الشعوب وتعزيز صورة أرض الفراعنة عالميًا.