أعترف أننى من مُدمنى برنامج «حديث من مصر» الذى يأتى مساء الخميس من كل أسبوع، وتُقدمه بمهنية عالية واقتدار الدكتورة دُرِّية شرف الدين. والحلقة الأخيرة كانت الجزء الأول من حديثٍ أجرته صاحبة البرنامج مع الفنانة التى تُعد جزءًا من تاريخنا الجميل فريدة فهمى.
دار الحديث عن فرقة رضا للفنون الشعبية، وجلستُ أستمع وأُشاهِد وأنا أسترجع جزءًا مُهمًا من تاريخى الشخصى والإنسانى، بعد أن أصبحت هذه الفرقة جزءًا من التاريخ. لا نملك إلا أن نحكى عنها وعما قدمته لنا من فنونٍ جميلة عشنا معها سنوات لا يُمكن أن تُنسى، ولا تفقد مكانها فى الذاكرة الإنسانية. خاصة ذاكرة من كان مِثلى مُغرمًا بالفن وبالتحديد فنون مصر العظيمة.
وفرقة رضا للفنون الشعبية كانت جزءًا من وجداننا، وتذكرتها كاملة فى هذه السهرة التى شكَّلت جزءًا أول من موضوعٍ كبير من جزءين حول الفرقة ودورها التاريخى، ومن كانت تروى لنا هى فريدة فهمى وما أدراك ما فريدة فهمى، وما أدراك ما فرقة رضا للفنون الشعبية.
وفرقة رضا لمن لا يعرف هى فرقة استعراضية مصرية بدأت فى نهاية الخمسينيات من القرن الماضى تحت قيادة محمود رضا، وقدمت عروضًا لاقت القبول والاستحسان، وتُعتبر أول فرقة خاصة للفنون الشعبية.
وكانت البداية عندما فكر الفنان محمود رضا فى تكوين أول فرقة خاصة للفنون الشعبية بالاشتراك مع الراقص الأول والمصمم والمؤلف الموسيقى على رضا، والراقصة الأولى فريدة فهمى وذلك بعد الرحيل المفاجئ للفنانة نعيمة عاكف، بالإضافة إلى خبرتها فى التدريب وتصميم الأزياء، وهكذا قدمت الفرقة أول عروضها على مسرح الأزبكية فى أغسطس 1959.
بلغ عدد أعضاء الفرقة عند التأسيس 13 راقصة و13 راقصًا، و13 عازفًا، أغلبهم من المؤهلين خريجى الجامعات، وصمم محمود رضا الرقصات التى استوحاها من فنون الريف والسواحل والصعيد والبرية وقام بإخراجها تحت إشراف الدكتور حسن فهمى ورعايته، وبفضل هذا التكوين الراقى اكتسب فن الرقص احترام كافة طبقات المجتمع.
وفى عام 1961 صدر قرار جمهورى بضم الفرقة إلى وزارة الثقافة وأصبحت الفرقة تابعة للدولة، وقام على إدارتها الشقيقان محمود وعلى رضا، وفى عام 1962 انتقلت عروض الفرقة إلى مسرح متروبول، حيث أصبح لها منهج خاص وملامح مميزة فى عروض الرقص الشرقي، ثم كان اللقاء الفنى بين محمود رضا والموسيقار على إسماعيل الذى أثمر أول أوركسترا خاص بالفنون الشعبية بقيادته، والذى أعاد توزيع الموسيقى لأعمال الفرقة السابقة، وقام بتلحين الأوبريتات الاستعراضية: وفاء النيل، على بابا والأربعين حرامي، ورنة الخلخال.
ومن بعض رقصات الفرقة: حرامى القُفَّة، بائع العرقسوس، المراكبي، الشمعدان، العصايا، خمس فدادين، الشاويش عطية، النوبة، زينة البدو، بنت إسكندرانية، زوج الأربعة. وقامت الفرقة ببطولة أربعة أفلام سينمائية لاقت نجاحًا جماهيريًا عريضًا وهي: إجازة نصف السنة، غرام فى الكرنك، حرامى الورقة، الرجل الثانى.
طافت الفرقة دول العالم مرات عديدة واحتلت المراكز الأولى فى معظم المحافل والمهرجانات الدولية والتى حضرها معظم ملوك ورؤساء الدول، وقدمت حوالى أكثر من 3000 عرض فى مصر والعالم على أكبر المسارح العالمية منها: مسرح هيئة الأمم المتحدة فى نيويورك وجنيف، مسرح الأولمبيا بباريس، مسرح ألبرت هول بلندن، مسرح بيتهوفن فى بون، ومسرح ستانسلافسكى فى الاتحاد السوفييتي.
من العروض التى قدمتها الفرقة داخل مصر: عروض الأعياد القومية والمناسبات الفنية لمحافظات مصر، افتتاح فرق الناشئين لكأس العالم تحت 17 سنة بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر، المؤتمر التعليمى بفندق موفنبيك مصر الجديدة. وتقدم الفرقة برامجها الدائمة سنويًا على مسرح البالون بالقاهرة، وتشترك فى الموسم الصيفى بالإسكندرية والمدن الساحلية الأخرى.
أما العروض خارج مصر: مهرجان القطن المصرى بنيودلهي، المهرجان الشعبى بيوغسلافيا، مهرجان برلين السينمائي، مهرجان الفلكلور المصرى ببيروت، مهرجان قرطاج بتونس، مهرجان الحديقة بلندن، مهرجان هيوستن بأمريكا، مهرجان الصداقة الدولى باليابان.
أما عن مطربى الفرقة: كارم محمود، محمدالعزبى، فايد محمد فايد، عمر فتحي، محمد رؤوق، عادل فايد، فؤاد عبدالحميد، مصطفى سامي، خالد عبدالحليم. وعن أهم الشخصيات التى شاهدت العروض: الزعيم جمال عبدالناصر والرئيس الروسى خروشوف، الملك حسين (مهرجان جرش بالأردن)، الرئيس أنورالسادات، والرئيس حسنى مبارك.
حصلت الفرقة على عدة جوائز منها: جائزة مهرجان يوغوسلافيا، وسام الكوكب من الأردن، وفى عام 1968 فازت بثلاث مسابقات: الأولى والثانية عن رقصة: النوبة، يامراكبي، والجائزة الأولى فى مهرجان جوهانسبرج، كما حصلت على شهادات تقديرية فى جميع العروض الداخلية والخارجية ومازالت تشارك فى المناسبات الفنية والقومية والعالمية والمؤتمرات الدولية والمهرجانات.