قراءة معكوسة!.. تجمد دون إقدام.. كل شىء معلق دون امتلاك.. نفد ونفد حتى صارت الشطحات والأمل بالنفحات.. حيرة وقلب فارغ.. عبث وتململ.. صرت المتسول لفجأة الزمان رغم التكبر فى عنفوان الزمان!.. عاجز بصروف الزمان.. أنادى فيضا أو جرفا أو حتى فواقا يحظى بالميلاد.. ضربة رأس تخرج التيه أو حتى للنسيان!.. بسؤال عقيم لماذا لم تأتِ؟!.. طرقت ولم تسمعنى!.. مررت ولم تلمحنى!..كيف ؟!.. لم أغفُ ولم ألمحك تطرق بابى!.. فى غيابك عشقت الهمس وخاصمت النوم حتى الأحلام عشتها فى ظلك!.. ألا من وقع أقدامك راكضا؟!.. ومن صوب سهامك مصيبا؟!.. ما عدت على حول الرؤية أتحمل!.. ومن عبث أركانى أقدر!.. ولا على توقع الأسوأ أتحمل!.. ها أنا بقسم العهد لك مستعدة.. بألوان وهندام ومساحيق المهرج!.. حتى الدموع فى العيون تحبس!.. بعهد الحياة أرشوك تمنحنى فجأة سلام الانعتاق!.
تقتحمنا الأيام فى قسوة وتصيب أغوارنا ونرفض أن تنتهى أو نرحل!.. بين أمرين نصير؟!.. حلم بالنسيان وجثوم تحت وطأة البؤس.. نختلس النظر والناس نيام!.. نهفو لحلم حتى وإن كان سباتا!.. ننادى الحياة من ورائه ونجهل عقابها!.. بالوجود نعافر فى مضى الأيام.. نرجوه وننسى أن فى مضيها النهاية!.. نطوى الزمن وهو منْ يطوينا!.. يتوقف بنا وعندنا ويمر ليقطع سيفه غيرنا!.
فى رحلة التشظى لم نبلغ ولم نعبر!.. تتآكل حيواتنا عسى المرجو أن يصل!. لم يكتمل نصابه ولم يبلغ أحد مآربه.. كل مثقل بالوهم والحاجة.. كائنات ممزقة تحاول البقاء دون ملامح!.. نعيد ونكرر ونسأل وما زال كل شىء بالغياب يصرخ!.
حسابات واحتمالات ولا نجيد الحساب!.. فنحن منْ اعتمدنا الفجأة فى البدايات والنهايات؟!.. نظن أننا نمر فى درب النجاح!.. ربما كنا وربما جاءت الأشياء بالهزيمة؟!.. حسرات وخيبات.. ومكاسب تنقذ أرواحنا تجاه أشياء تصير غير ذات قيمة.. أو تصير كل القيمة!.. ربما كانت أشياء خادعة تمنح الشغف والوهم والزيف فى أحلام!.. دون التوجس والتوقع للوصول!.. أو ربما أصابتنا الصدمة بحقيقتها!.. فقذفتنا بعيدا نتألم ونتعذب ونتحسس أنفسنا أين ما وصلنا إليه؟!.
لا شىء يبدو واضحا يمنحنا سلامة الطريق والحركة فى الاتجاه الصحيح!.. قد نضل عن أشياء وقد نتراجع عن كل شىء خوفا من شىء ما!.. نسير ربما من خوف أو فوق خوف!.. نتحسس.. نتوجس ونتجسس!.. ربما مناهضة رغبات تعطيل وتوفيق بعدها!.. نعقد مطلقات لنتلقى الحياة فى سبيل رغبناه!.. عهدناه.. رفضنا معه خنوعا وخضوعا.. فربما رجونا آفاقا وسموا حسيا وروحيا!.. الحياة الحقة!.. بسير على أطراف الأصابع باستحضار حالة النداء لمجهول!.. ربما أعجزتنا المخاطر ونحن منْ قررنا اقتحامه بمقاربة لخوض المستحيل!.. فاخترنا التوجه بالسير حافظين أسئلة باعثة لخوض مضماره.. دفعنا للإقبال على أهوال طريق لم يكفِ الفضول ليحرضنا.. بل كان ليخفف عن أنفسنا خوض وتحمل اكتشافه.. فامتلكنا الحافز الجارف دون توقف.. بعقيدة تكفى لعدم إماطة إرادة السير فى خباياه لنمنح الحياة.
تغرق وتعاند وتكابد حتى تتمكن من مناحى الحياة المجردة والمحسوسة.. دون خيار تخوض رغم انشغالك بحوارات ومتداولات مألوفة وغامضة.. تحمل خوفا لا يكفى بتوقع كل ما هو غريب.. تشتبك بكل مكنونات الغريب متمنيا محالفة الحظ بعيدا عن أهوال الطريق.. تخوض وتجسد الحركة فى خفة ورشاقة.. تلتمس ما يدفعك ويجعلك تغير مسارك عبر طريق المقاييس والاعتبارات مهما تعرج الطريق وانعطف.. فى معاندة الاهتزاز والسقوط فى خطوات السعى نحو هدف حقيقى دون وهم.. رغم أهمية الوهم فى زرع دافع الحياة حالما بالمفاجأة السعيدة، واللطف من تلك المباغتة.
يراودك هاجسها ويقاسم أحلامك.. ويتجلى فى سمات تتراكم على طول الطريق فى إلحاح الهدف.. تردد ربما منحنى القدر التخلص من معوقات وصدأ الحاجات نحو السمو الوجودى.. وقد تتعثر بمعطيات المكان والزمان فيضيق رحابه ويعاكس تشكيلاته بهواجس موبوءة.. تدفعك للزهد لمنح نفسك سلاما ولو مؤقتا.. أو ربما إحباطا ويأسا يدفعك لنيْل بعضه.. على أى شكل تحيا بما يكفى؟!.. أينما تحل وترتحل مهما أصبت بملل أو معاندة من اختلالات تدفع للسقوط.. ومهما حملت من كدٍّ واجتهاد وبناء شروط الشغف والرغبة فى الوصول.. لا يقطع صعوبتها مهما تعددت أشواطها سوى الحلم بأمان الفجأة.
حياة بالمقلوب علينا أن نحياها.. بلا شيء محدد فى بداية الرحلة نندفع فى البحث عنه!.. ربما كان ما نجهله من ماهيات!.. نسير وكفى حتى نتعثر فى أمور نستكشفها وتعصف بنا فى نهايات مبكرة!.. ورغم قوة الصفع وقسوة الدرس نزداد تعلقا بالحياة.. يملؤنا نهم الحياة بأهداف لا نقبل بما تلقيه لنا الأقدار، ولا بالصدفة التى قد تمنحنا خيرا!.. وبمرور الوقت واعتلائنا سدة الفشل تدرك ذواتنا وعقولنا أن المتبقى من أعمارنا أقل مما فات.. فنزداد تعلقا بأمور قد ننتهى دون الوصول إليها ولا ننساها!.
وغالبا نكتشف خطأنا فى رحلة قد نضل الطريق حتى فى وجهتها.. لكن نبلغ من العند ما نرفض تغييرها أو تغيير أهدافنا.. حتى وإن كانت لدينا المقدرة.. وتتعدد مرات فشلنا ونصر على معاودة نفس الأخطاء وكأننا نبحث عن شىء غامض يصعب العثور عليه!.. هكذا نقنع أنفسنا سواء كنا على صواب أم على خطأ؟!.
قد يبدو كلامى غريبا لكنه حقيقة أعترف بها.. وكل منا فى قرارة نفسه يحمل من الأسباب أن يكتشفها فى نفسه أبسطها الكسل!.. فأنفسنا تعذب أنفسنا لتجد الراحة وربما مستحيل الراحة.. نضيق على أنفسنا وننتظر المفاجأة.. نحمل الكثير من الأوهام التى نتمنى تحقيقها.. نملأ أنفسنا بالأشباح.. نتململ من طول المسافات وتعثر الأحلام ولا نحرك ساكنا.. سوى صور تتراءى أمام أعيننا وذاكرة امتلأت بالمفقودين فى الزمان والمكان!.
نتوقف ونبكى فى أماكننا ونتمنى الذهاب بعيدا أو أن يأتى إلينا البعيد!.. نخاف الصمت والبوح أو أى شىء يكشف هشاشتنا.. نتمنى الغريب غير المألوف!.. لكننا نتمسك بالمألوف خوفا وتعودا على الألم.. نحمل الأضداد وعلى مضض!.. حياة تسكننا دون راحة أو سعادة.. نذهب للعزلة رغم كرهنا لها.. نحيا التخبط فى التجربة والفراغ ونخاف من سوء العاقبة.. نتحدى أنفسنا ونتآمر عليها بالمنكر خلف كل شىء!.
نحيا التردد رغم إصرارنا على بقاء الحال على ما هو عليه.. نمقت التمرد وننعت المتمردين بالحمقى والجنون ولا نصل لشىء حتى منْ استطاع!.. لا يقين بالوصول لشىء!.. فالأشياء دائما تنفلت من بين أيدينا.. نرضى ونحبط ونغضب ولا نفرح بما تناله أيدينا رغم الجهد.. فالسعادة فى الهبة والمفاجأة.. ربما تختصر المسافات فى تحقيق رغباتنا.. نتجاوزها سريعا ونقف عند عتبتها.. ربما تحقق كل شىء فى ومضة عين بلا مشقة؟!.
نُكمل المسير أيا كانت ملامح الخيال.. نعتلى مقامات الحيرة بإرادتنا والقليل منْ يضع نقطة الختام نصب عينيه.. وآخر ينشغل عن مهمته ويمضى وقته، وحينما يوشك على النهاية يبحث عن مهرب رغم استسلامه لدفع الطريق.. يبحث عن ملجأ يحقق وجوده رغم تغابيه عنه عمدا!.
كلٌّ يفرض عليه التواجد بمفترق طرق.. لا يعلم أين يذهب؟!.. يعود من حيث أتى أم يكمل؟!.. وغالبا العودة غير ممكنة!.. فيواصل على أمل أن تنتهى رحلة الشقاء.. بلحظة تتعادل بالراحة.. قد تأتى وقد لا تأتى؟!.. فلا أحد يعلم متى وكيف تنتهى الرحلة؟!.. ربما أردنا شيئا كان نقيضا؟!.. ونتساءل أين الحقيقة؟!.. كل شىء متروك للصدفة!.
وننشغل بالصدفة السعيدة انشغالنا بمخلص آخر الزمان صانع المعجزات... فى وقت يضيع كل شىء، وبمعنى آخر احتمالية الضياع إلا التعلق بعمل مفاجئ يغير المقادير.. لا يضيع من قلوبنا رغم السعى والأخذ بالأسباب!.. علينا أن ننتظر شيئا غريبا مناقضا لطبيعة أحوالنا.. مدهش يقهر المأساة.. يأتى بالمعانى البعيدة ويحقق الدلالات المستترة.. فى صور حقيقية حتى وإن خالفت منطق الأحداث.. طفرة.. ثورة تحمل مراوغة وفرض لأمر واقع جديد.. يغير كل مسارات العمليات.. إلى طرق أخرى تلون الحياة وتعزف سيمفونية الفرح وترفض الموت.. التجلى الجميل بمعانى العوض الجميل دون أن نفعل شيئا!
ربما كنا مخطئين وربما كنا على حق.. لكن ما بداخلنا من فراغ بعد إهدار كل السنين جعلنا نتمنى يوما نمضى وراءه.. نعرف معناه أو لا نعرف!.. لكننا سنشعر به أو نتعلم أن نشعر به.. يمحو ما بنا من وجع وألم مهما كان غريبا.. قويا!.. سننحنى ونلملم شتاته.. ليكن ما يكون سنحلق ونبكى ونصرخ حتى يأتى أو يسقط فوق رءوسنا، سنقابله بقراءة معكوسة لقدومه!.. ضحك وبكاء.. تدافعا.. تخاذلا أو إضاعة لفرصة فنحن منْ نُجيد فوات الفرص!.. ربما لفرط تأخره صرنا لا نعلم كيف سنكون وكيف سيكون اللقاء؟!.
ونمل من تكرار استلهام الحياة من رحم الصعاب رغم واقعيته.. لأنه يفرض علينا نهجا وجدانيا ليس للكل طاقة به.. ويجعلنا فى استعداد دائم لاختلال الترتيب الزمنى والمنطقى للأحداث.. فى تجارب وصراع لأفق نظام غير عادل.. نقفز ونتقافز من حالة لأخرى بين أناس من الغموض ما يخلق فى نفوسنا الرعب من صفع لافت وتخييب للآمال.. نفطن الدرس ونعود مرة أخرى للخلف خطوات تجبرنا على التقليل والتهميش.. كل نفس ذائقة التقريع والعقاب مهما كانت جادة أو مجتهدة أو خيرة أو شريرة!.. فالواقع المتعدد والمعقد يلقى بُظلاله على الكل فى إجبار حتى وإن غاب التناغم!.. علة الأشياء مهما كانت قدراتنا!.
نحيا الشد والجذب فى ظروف غريبة.. تغلق مفاتيح النصر والهزيمة، وتحتفظ بتلك اللحظة مهما بلغنا الحذر أو التهور!.. علينا أن نمارس فعل الحضور وحسب فى مسار الأحداث.. حتى لا يتم نسياننا والحكم علينا بالاستبعاد والإقصاء.. لنتابع التواجد على قيد الحياةعلى أية هيئة مشحونين بمشاعر الخوف!
نحمل يقين وجودنا كمهمة تسمح بالنجاة من الصراعات والتشابك.. لتحقيق معنى وجودنا ولا يشترط سموها أو حقارتها.. فنحن من الاختلاف ما نرقى وننحط فى صور لا متناهية تشعر الكل بالحياة دون ملل!.. فكلٌّ يقاوم الفناء مدفوعا للشغف والتلاعب من أجل حياة يرى فيها الاستحقاق.. سواء كان وجوده مستمدا من ذات سوية أو طفيلية تتغذى على طاقات غيرها من ضحايا تحقق وجوده المنقوص!.. يستقى الحياة باختلاف الزمان والمكان والدور.. مزيفا وحقيقيا رافضا التلاشى مهما كانت صورته؟!.
نتعلم أن نبتلع الأيام ونندهش كيف ابتلعناها؟!.. فعلنا وما زال الهضم عسرا دون دواء يساعد على المرور!.. رغما عنا حشر فى حلوقنا ونفخت بطوننا مرضا ووهنا.. وصرنا نختبئ من كل شىء يكشف مرضنا.. نسرق لحظات ونتمنى غيرها.. نسابق نركض.. نطعن نقتل نفوز بالثأر والنصر.. تطول أجنحتنا وتتسع ونعلم بعودة لكسرها.. لا ضير فلسنا أول ولا آخر المختلين!.. ولا زلنا فى اشتياق لنشوة وسعادة واختراع ومنفذ وثقب يسمح لنا بلحظة السيطرة ولو كانت واهية.. ولو حتى فى الخيال ربما!.. فنحن لا نتوقف عن تخيل عالم به نكون!.. كل شىء.!.. بعض شىء؟!.. أيا كان شيئا؟!.. نركض من أجله بأقدام تلامس الصخر!.