رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

فى ظلال ثورة (التعليم كالماء والهواء..) وهل يُصلح نظام البكالوريا ما أفسد الدهر (4)؟!


5-10-2025 | 20:25

.

طباعة
بقلم: حمدى رزق

التعليم فى ظلال ثورة يوليو أخذ بعدًا وطنيًّا، وللأمانة، خالد الذكر الزعيم «جمال عبد الناصر» لم يدّعِ قط أنه أدخل (مجانية التعليم) فى مصر، وكلنا يعرف دور العلامة طيّب الذكر الدكتور «طه حسين» فى المناداة بذلك، بالنسبة للمرحلة الابتدائية عندما عمل مع وزير المعارف «أحمد نجيب الهلالى» فى عام 1943م. وكذلك بالنسبة للتعليم الثانوى والفنى عندما أصبح وزيرا للمعارف فى وزارة الوطنى العظيم «مصطفى النحاس» فى عام 1950.

وعُرفت عنه (عن عميد الأدب العربي) مقولته الشهيرة.. «التعليم كالماء والهواء»، التى عمل على وضعها موضع التنفيذ حتى أقيلت وزارة الوفد عقب حريق القاهرة مباشرة فى 27 يناير 1952م.

 

ولقد خبُر «عبد الناصر» نفسه أهمية (مجانية التعليم) التى كانت مرتبطة ومرتهنة بالتفوق، عندما سعى للحصول عليها وهو (يوزباشى بالجيش المصرى) لشقيقه «الليثى»، فكتب إلى صديقه «حسن النشار» فى عام 1938م، ما نصه: «عندى موضوع وأظنك تعرف له حلا، وهو رغبتى فى إدخال الليثى مجانا، فإنه أخذ مجموعا أكثر من 70 فى المائة، وطبعا هذا يقلل المصاريف علىَّ أنا على الخصوص.. أرجو أن تهتم بمسألة ليثى وتجاوبنى بصراحة.. هل هذا فى مقدورك؟ حتى أعرفك بمجرد إرسال الطلب».

وأدرك عبد الناصر (الحمل الثقيل) الذى تتكبده الأسرة المتوسطة من أجل تعليم أبنائها، من خلال مشاركته (شخصيا) والده فى تحمل هذا العبء بالنسبة لإخوته.

عزمت حكومة الثورة أن تترجم أمانى الشعب إلى حقائق، وقررت أن تفتح أقصى ما تسمح به الظروف المادية والمالية من مدارس، فأنشأت مؤسسة أبنية التعليم وحررتها من كل قيد، وكانت النتيجة مذهلة واستثنائية أن بنى فعلا خلال أعوام الثورة الأولى 372 مدرسة.

وكان «عبد الناصر» مدركا للأسباب الاجتماعية التى دعت إلى التخاذل عن التوسع فى التعليم قبل الثورة، فقال فى حفل توزيع الأراضى على الفلاحين فى بلدة «معمل القزاز» ما نصه: «كانوا ينظرون إلى الفلاح على أنه العامل الزراعى اللى بيعمل فى الأرض بتاعتهم، واللى بيقنع دائما بأى أجر، واللى يجب ألا يشعر بحرية أو بتعليم أو يرتفع مستواه الاجتماعى؛ لأن رفع مستواه الاجتماعى أو شعوره بالحرية أو حصوله على القدر الكافى من التعليم، قد يدفعه إلى أن يرفع صوته ويطالب بحقه.. حيطالب بحقه من مين؟ حيطالب بحقه من الإقطاعى، لأنه مش ممكن بعد ما يفهم وبعد ما يتعلم حيقبل هذا الوضع ويرضى أن يعمل كعبد وأجير فى الأرض، والأرض تكون محكومة لعدد محدود من الناس»!

وقد كان «عبد الناصر» عازما على المضى فى تنفيذ برنامج للتعليم يقوم على أسس قومية، ويقضى على الأمية المتفشية فى البلد، ويعطى الفرصة للمرأة، «فهى نصف المجتمع، وإذا سارت فى طريق التعليم الصحيح فإنها تساعدنا على أن نبنى مجتمعنا البناء الصحيح»، كما ذكر عبد الناصر فى حديثه إلى مراسلة جريدة «الهوجار» الأرجنتينية، فى 15 يناير 1955م.

ومنذ بداية الثورة كان «عبد الناصر» يرى أن التربية والتعليم من أسس الوجود القومى، «وأنها فى آخر الأمر حق وواجب؛ حق من حقوق المواطن، وواجب من واجباته، وحق للدولة على المواطنين وواجب تؤديه لهم.. ولذلك رأت الثورة أن تلغى عن وزارة التربية والتعليم اسم «المعارف» ليكون اسمها الجديد تعبيرا عما تفهمه الثورة من هذه الوزارة، ولقد كان لإدخال (عنصر التربية) بالاسم والفعل فى وزارة التربية والتعليم صدى كبير.. إذ شهدت المدارس ألوانا عديدة من النشاط الاجتماعى والرياضى والثقافى فى داخلها وخارجها».

وأعلن «عبد الناصر» الأهداف العامة للسياسة التعليمية فى العيد الثالث للثورة فى 22 يوليو 1955، فقال إنها «توفير فرص متساوية لجميع أبناء الشعب لكى يأخذوا قسطا متساويا من التعليم الابتدائى المجانى، ووضعت لذلك برنامجا لإعداد نحو 4000 مدرسة و40 ألف معلم ومعلمة، لكى تصل إلى هذا الهدف فى حوالى 8 أعوام.. إن هذا الحد الأدنى من التعليم هو حد الكفاف فى الحياة الروحية لشعب من الشعوب».

وقد تم فى نفس الوقت وضع برنامج لإرسال المبعوثين فى بعثات صيفية وأخرى طويلة فى كافة أنحاء العالم.

وفى عام 1956 صدر الدستور وتم الاستفتاء عليه فى 22 يونيو، وقد نصت المادة 48: « التعليم حر فى حدود القانون والنظام العام والآداب»، وقد وردت بالنص من قبل فى دستور 1923.

أما الجديد وقتئذ فهو ما نصت عليه المادة 49: «التعليم حق للمصريين جميعا تكفله الدولة، بإنشاء مختلف أنواع المدارس والمؤسسات الثقافية والتربوية، والتوسع فيها تدريجيا. وتهتم الدولة خاصة بنمو الشباب البدنى والعقلى والخلقى».

والمادة 50: «تشرف الدولة على التعليم العام وينظم القانون شئونه. وهو فى المراحل المختلفة بمدارس الدولة بالمجان فى الحدود التى ينظمها القانون».

والمادة 51: « التعليم فى مرحلته الأولى إجبارى وبالمجان فى مدارس الدولة».

والخلاصة.. أن حكومة ثورة 23 يوليو وضعت التعليم ضمن أولوياتها ليسير فى نفس الوقت فى خط متوازٍ مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، فلا يمكن لأى دولة أن تنهض وتتقدم إلا بتطوير التعليم.

ما حدث بعدها من عثرات تعليمية فهذا مدخر للأسبوع المقبل.

 

الاكثر قراءة