رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الإخوان فى مرمى النيران الأمريكية.... ترامب يعيد فتح ملف «الجماعة» كمنظمة إرهابية


24-8-2025 | 18:11

.

طباعة
تقرير: إيمان السعيد

مرة أخرى، تعود إدارة ترامب لمناقشة مسألة تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية. ففي ولايته الأولى، تراجعت حدة هذه الجهود وسط خلافات بين مسؤوليه آنذاك، أما الآن فيبدو أن الأمور تسير بوتيرة مختلفة. فقد صرح وزير الخارجية ماركو روبيو، في مقابلة تليفزيونية، بأن الحكومة الفيدرالية الأمريكية بصدد اتخاذ هذه الخطوة. وردًا على سؤال عن إمكانية تصنيف الإخوان ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) كمنظمات إرهابية، قال روبيو إن «جميع الأمور المطروحة للنقاش قيد الدراسة». ومع ذلك، فإن المضي في هذا القرار سيستدعي التعامل مع جدل واسع داخليًا وخارجيًا، إذ يُتوقع أن تواجهه الجماعات الإسلامية في الولايات المتحدة وخارجها عبر المسارات القانونية والإعلامية وغيرها.

أوضح روبيو، خلال ظهوره في برنامج صباحي، أن مراجعة قوائم التصنيفات الإرهابية أمر دائم، وأن بعض الكيانات قد تُصنف بأنها داعمة أو مشاركة مباشرة في الإرهاب. وأضاف: «لم ننفذ هذا منذ وقت طويل، وهناك الكثير من العمل أمامنا». وأشار إلى أن من بين الأسماء التي تثير القلق جماعة الإخوان، مؤكدًا أن العملية تتطلب دراسة كل فرع من فروع الجماعة على حدة.

كما أقر روبيو بأنه قبل توليه المنصب لم يكن على دراية كاملة بالإجراءات القانونية والبيروقراطية التي تحكم هذه الملفات، موضحًا أن أي تصنيف من هذا النوع يمكن الطعن فيه أمام المحاكم، وأن الأمر يتطلب توثيقًا قانونيًا متينًا. وحذر من أن قاضيًا فيدراليًا واحدًا قد يصدر قرارًا على مستوى البلاد يوقف التنفيذ، ما يستدعي الحذر الشديد.

تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية ليس طرحًا جديدًا لدى الجمهوريين. ففي 16 يوليو، قدم عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، بينهم تيد كروز وتوم كوتون، مشروع قانون لعام 2025 لتصنيف الجماعة على خلفية صلاتها بحركة حماس. وأوضح كروز أن الجماعة تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأمريكي. كما أشار إلى أن دولًا عربية وأوروبية صنفت الإخوان بالفعل منظمة إرهابية، داعيًا واشنطن للحاق بها سريعًا. المشروع المقابل في مجلس النواب قُدم في اليوم نفسه برعاية مشتركة من نواب ديمقراطيين وجمهوريين، بينهم جاريد موسكوفيتز وماريو دياز بالارت، الذين أكدوا أن للجماعة تاريخًا موثقًا في دعم الإرهاب ضد الولايات المتحدة وحلفائها.

التحدي أمام إدارة ترامب يكمن في إيجاد مقاربة حازمة لا متعجلة، إذ إن بعض فروع الإخوان تستوفي معايير التصنيف، بينما أخرى أقل وضوحًا. هذا التباين كان سببًا في فشل محاولات سابقة، كما حدث في عهد جورج بوش الابن، حين توقف الزخم بعد خلافات حول مستويات التطرف داخل الفروع المختلفة.

أما إدارة أوباما، فلم تكن لديها رغبة في استهداف الإخوان، بل حاولت استقطابها لاحتواء الأوضاع، ورأت في الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شريكًا محتملًا، قبل أن تتدهور العلاقات بعد احتجاجات «غيزي» في إسطنبول عام 2013.

وعندما تولت إدارة ترامب السلطة عام 2017، كان هناك اهتمام واضح بالملف، إذ عقد الكونجرس جلسات استماع، وجرى نقاش على مستويات عليا. لكن الخطة لم تتبلور، وعلقت النقاشات في التعقيدات البيروقراطية، ثم جاءت جائحة 2020 لتدفع القضية إلى الهامش حتى نهاية الولاية. أما إدارة بايدن، فقد تجاهلت الأمر تمامًا طوال أربع سنوات.

والآن، لدى إدارة ترامب ثلاثة خيارات رئيسية قابلة للتطبيق. المسار الأول هو إصدار أمر تنفيذي يمكن للرئيس من خلاله تصنيف جماعة الإخوان بكامل فروعها ككيان محظور. هذه الخطوة ستؤدي إلى تأثير واسع، لكنها ستثير اعتراضات من الذين يرون أن بعض الفروع لا تمارس العنف، وبالتالي لا تستوفي المعايير. ورغم أن الأمر التنفيذي سيظل قائمًا حتى تتولى إدارة جديدة إلغاءه، فإنه سيشكل ضربة قوية للجماعة على المستوى الدولي.

المسار الثاني هو تصنيف من وزارة الخارجية كمنظمة إرهابية أجنبية يضيف هذا الإجراء الجماعة إلى قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO). قد يكون خيارًا فعالًا بقيادة روبيو، لكنه يحتاج إلى مسار قانوني معقد، يتضمن إعداد وثائق إثباتية ومراجعتها على مستويات متعددة داخل الوزارة. إذا اكتملت الإجراءات واستوفت المعايير، سيمنح القرار شرعية دولية ويفتح المجال لتعاون أكبر مع الحلفاء. أما المسار الثالث فهو عقوبات وزارة الخزانة ضمن التصنيف العالمي للإرهاب (SDGT) يركز على استهداف فروع أو شخصيات محددة داخل الإخوان، استنادًا إلى أدلة تراكمية.

في الوقت ذاته، شددت عدة دول أوروبية الرقابة على نشاط جماعة الاخوان المسلمين واعتربتها شبكة تعمل بأسلوب خفي لدفع أجندات غير ديمقراطية وتقويض الاستقرار، حتى وإن لم تكن متورطة مباشرة في أعمال إرهابية. ففي عام 2021، كانت النمسا من أوائل الدول التي حظرت الجماعة بموجب قانون مكافحة الإرهاب، بما في ذلك منع رموزها وأنشطة الكيانات التابعة لها. وفي فرنسا، كشف تقرير حكومي في يونيو 2025 عن أن منظمات مرتبطة بالإخوان، مثل اتحاد المنظمات الشبابية المسلمة في أوروبا (FEMYSO) والمجلس الأوروبي للمسلمين (CEM)، تمارس نشاطًا ضغطياً واسعًا داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي. وردًا على ذلك، أمر الرئيس إيمانويل ماكرون باتخاذ إجراءات تشمل إغلاق المؤسسات المشتبه بارتباطها بالجماعة، وتجميد أصولها، وإطلاق حملات توعية قبل الانتخابات المقبلة. كما دعا تحقيق برلماني أوروبي إلى النظر في إدراج كيانات مرتبطة بالإخوان، مثل اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، على قائمة الإرهاب الأوروبية، مشيرًا إلى أن دولًا مثل النمسا وألمانيا سبقت في اتخاذ خطوات تقييدية ضد الجماعة.

ويرى الدكتور طارق وهبي، خبير الشؤون الدولية، أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة التي تملك القدرة الحقيقية على تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية، وذلك لأن عددًا كبيرًا من عناصرها انتقل إليها مرورًا بأوروبا، وخاصة فرنسا وبريطانيا، عبر تأشيرات للدراسة أو التجارة أو غيرها. ويوضح وهبي أن الولايات المتحدة، بما توفره من حرية واسعة في المعتقد الديني وحماية دستورية، قد وفرت بيئة سمحت لأفراد ينتمون إلى الإخوان المسلمين بتأسيس شبكة واسعة من الأعضاء، والحصول على قاعدة دعم قوية، خصوصًا في مجال التمويل عبر إنشاء مراكز إسلامية. هذه المراكز مكنتهم من جمع الأموال وإرسالها إلى مناطق النزاع. ويرى وهبي أن إدراج الإخوان كمنظمة إرهابية لن يكون سابقة جديدة، لكنه سيضع قيودًا أشد على عمليات جمع وتحويل الأموال، مما قد يحد من مشاريع وأهداف بعض المنتسبين للجماعة. كما يشير إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية تفرض بالفعل عقوبات وإجراءات صارمة على بعض البنوك داخل الولايات المتحدة التي يثبت تورطها في تحويلات مالية لأشخاص مرتبطين بالجماعات المتطرفة.

الاكثر قراءة