رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

بعد أزمة «فيديو المتحف الكبير».. حوكمة الــ«AI».. حل قانونى لحماية «الملكية الفكرية»


24-8-2025 | 18:14

.

طباعة
تقرير: أميرة صلاح

يشهد العالم اليوم ثورة رقمية غير مسبوقة مع الانتشار الواسع لتقنيات الذكاء الاصطناعى، تلك الثورة التى غيّرت شكل الإبداع والإنتاج فى مختلف المجالات، لكنها فى الوقت ذاته فتحت الباب أمام تحديات قانونية وأخلاقية معقدة، خاصة فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية، فمع كل إنجاز تكنولوجى جديد، تزداد المخاوف حول استغلال أعمال المبدعين والمصممين والمثقفين دون إذن، أو نسبتها إلى أنظمة الذكاء الاصطناعى التوليدى.

شهدت الأيام القليلة الماضية أزمة «فيديو ترويجى»، أعده مصمم يدعى عبدالرحمن خالد، متعلق بـ«المتحف الكبير»، وهو الفيديو الذى كان سببًا فى حدوث أزمة مع وزارة السياحة والآثار التى اتخذت الإجراءات القانونية ضد مصمم الفيديو، غير أن الأمر لم يتوقف عند الحد، فقد كشفت الأزمة عن ثغرات فى الوعى المجتمعى والقانونى بحقوق الملكية الفكرية، وطرحت العديد من الأسئلة حول كيفية حماية الحقوق الفكرية فى ظل تطور الذكاء الاصطناعي، وكيفية حماية حقوق المبدعين والمثقفين فى هذا التطور.

وقال الدكتور أشرف جابر ، أستاذ القانون المدني، كلية الحقوق، بجامعة حلوان، مقرر لجنة حماية حقوق الملكية الفكرية بالمجلس الأعلى للثقافة، إن «هناك العديد من التحديات، ولعل أبرزها مدى تمتع مخرجات الذكاء الاصطناعى بحماية حقوق الملكية الفكرية، وهل تندرج ضمن مفهوم المصنفات الرقمية أم لا؟، هذا فضلا عن تحديد صاحب الحق على مخرجات الذكاء الاصطناعي، وأيضا انتهاك نماذج تدريب الذكاء الاصطناعى المصنفات المحمية، ونسخ هذه المصنفات عن طريق خوارزميات الذكاء الاصطناعى التوليدي، مثال Chat GPT، وكذلك انتهاك البيانات الشخصية، ومنها ما قد يعد مصنفا محميا بمقتضى قانون حماية حقوق الملكية الفكرية.

«جابر»، انتقل بعد ذلك للحديث عن كيفية حماية المصممين والمبدعين والمثقفين من الانتهاكات التى قد تحدث نتيجة استخدام الذكاء الاصطناعى فى إنتاج أعمالهم، وأوضح أنه «يمكن حماية المصممين والمبدعين من خلال حوكمة الذكاء الاصطناعي، بمعنى تأطيره بضوابط ومعايير قانونية وأخلاقية».

وفيما يتعلق بأزمة «الفيديو الترويجي»، أشار مقرر لجنة حماية حقوق الملكية الفكرية بالمجلس الأعلى للثقافة، إلى أنه بالنسبة للقضية المثارة بشأن الإعلان عن المتحف المصرى الكبير، والذى وصف بأنه «ترويجى»، فيمكن النظر إليه من جهتين: الأولى أنه يعد تعديا على حقوق الملكية الفكرية باستخدام بيانات تدريب الذكاء الاصطناعى دون إذن من صاحب الحق فيها، وذلك فى وضع محتوى رقمى، هذا فضلا عن التعدى على خصوصية الغير، والثانى أنه يكشف عن غياب الوعى بحقوق الملكية الفكرية خاصة فى ظل الذكاء الاصطناعى، الأمر الذى يؤكد على ضرورة العمل على تعزيز التوعية بها.

كذلك، ألقى «جابر»، الضوء على الآليات حالية فى القانون المصرى للتعامل مع محتوى الذكاء الاصطناعى وحماية حقوق المبدعين، مؤكدًا أنه «لا يزال الكتاب الثالث من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصرية بحاجة إلى تعديلات جوهرية ليتواكب مع واقع الذكاء الاصطناعي. وقد سبق أن قدمت لجنة حماية حقوق الملكية الفكرية اقتراحا ببعض هذه التعديلات».

كذلك، أوصى مقرر لجنة حماية حقوق الملكية الفكرية بالمجلس الأعلى للثقافة، المؤسسات والشركات لتجنب المشكلات القانونية المتعلقة بالذكاء الاصطناعى والملكية الفكرية، باتباع عدة إجراءات، يأتى فى مقدمتها التحقق من مراعاة أنظمة الذكاء الاصطناعى التى تستعمل فى نطاق العمل لسياسات الحوكمة، وكذلك اتخاذ كل التدابير الضرورية لحفظ خصوصية البيانات الشخصية المتعلقة بالعاملين أو العملاء، كما يعد ضروريا أيضا التعامل بحذر مع احتمالات تحيز خوارزميات الذكاء الاصطناعى.

وحول ما يتعلق بـ«دور الهيئات الحكومية فى تعزيز الوعى لدى المبدعين حول حقوقهم القانونية فى عصر الذكاء الاصطناعي»، كشف «د. جابر»، أن الجهاز المصرى للملكية الفكرية قد بدأ بالفعل فى تشكيل لجان متخصصة لمراجعة كافة القوانين والتشريعات ذات الصلة بالملكية الفكرية، فضلا عن إعداد حملة وطنية توعوية شاملة لتعزيز الوعى بحقوق الملكية الفكرية، هذا إلى جانب ما تقوم به لجنة حماية حقوق الملكية الفكرية بالمجلس الأعلى للثقافة من جهود متواصلة عن طريق الندوات وورش العمل، سواء فى مقر المجلس أو فى الجامعات والأكاديميات العلمية لتعزيز الوعى لدى الشباب بتلك الحقوق. وفى ذات السياق أيضا، فقد أصدرت اللجنة أول مجلة إلكترونية ربع سنوية تعنى بحقوق الملكية الفكرية صادرة عن المجلس الأعلى للثقافة، وهى مجلة ثقافة الملكية الفكرية».

وأضاف: فى النهاية يمكننا القول إن حماية حقوق المبدعين ليست ترفًا قانونيًا، بل ضمانة حقيقية لاستمرار الابتكار وتشجيع المواهب، بما يضمن أن تظل التكنولوجيا فى خدمة الإنسان، لا أن تتحول إلى أداة لانتقاص حقوقه.

الاكثر قراءة