الصمت.. لا يكون دائما أبلغ من الكلمات، والصبر.. لا يكون أحيانا من الفضليات، فقد تتغير المفاهيم وفقا للمتغيرات وما نواجهه من تحديات وأزمات، ولأن لكل مرحلة رجالها، ولكل ملحمة أبطالها، كأن الأقدار ترسل مع كل تحد جديد شخصا على قدر هذا التحدي، جاء اختيار القيادة السياسية برؤية حكيمة ثاقبة للدكتور بدر عبدالعاطى وزيرا للخارجية منذ عام تقريبا؛ ليكون الرجل المناسب فى المكان والوقت المناسبين؛ ليتضح معه جوهر وأسس السياسة الخارجية للدولة المصرية خلال المرحلة الراهنة عبر مواقف متتالية، يمكن عنونتها بالندية ومعاملة المثل بالمثل، ومن أزمة غزة إلى أزمة السودان وغيرها من الأزمات المتلاحقة يؤكد الدكتور بدر عبدالعاطى دائما أنه رجل من طراز فريد، ووزير بحجم التحديات العظيمة التى تواجه الوطن والمنطقة كلها.
ما تناولته وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة وبعض القنوات مؤخرا حول تصريحات د. بدر عبدالعاطى أو المكالمة المسربة على حد وصفهم قد يكون أمرا طبيعيا، لكن ما ليس طبيعيا بالمرة وقد يصل إلى حد أن يكون من خوارق الطبيعة، هو قيام بعض القنوات والصفحات التابعة للكيانات المعادية على مختلف انتماءاتها بلىّ الحقائق لتشويه الصورة المصرية بأى شكل كان؛ ليدعوا كذبا أنها مؤشرات على ضعف الدولة المصرية وارتعاش مسئوليها، ولأنهم –أبناء الشر- صم عمى لا يفقهون.. خالفوا كل منطق بما يدعون، فحقد «الإرهابية» الأعمى يصيب عقول أتباعها وشركائها بفطر عفن مأفون، ليغردوا وحدهم بعيدا عن كل مصرى وعربى وكل إنسان عاقل متزن، وكأنهم يقرون على أنفسهم أنهم بلهاء أغبياء حتى النخاع، فمواقف الدكتور بدر كلها تؤكد –رغم هدوئه الدائم وصرامته الرصينة- أن الرجل يتمتع بشخصية قوية متزنة تدعمها دولة أقوى، ليس فقط منذ توليه واحدة من أهم الحقائب الوزارية، بل ومنذ انخراطه للعمل فى السلك الدبلوماسي، لذا ذابت كل محاولات التشويه أمام سيل جارف من الشهادات والتحليلات التى تناولت محبة وزير الخارجية المصرى، وأثنت على مواقفه التى تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن مصر بجمهوريتها الجديدة أقوى وأحكم من أى وقت سبق، لا تخشى أحدا ولا ترضخ لأحد، دولة ماضية فى طريق تحقيق أهدافها، لا تعوقها العقبات ولا تردها المؤامرات، وإذا كان المغرضون لا يدركون معانى اللغة، ولا يعرفون الفارق بين كلمات مثل «نشجب» و«نرفض»، أو بين «نعترض» و«نحذر ولن نسمح» فى الخطابات الرسمية، نذكر هؤلاء وأنفسنا بأبرز مواقف الدكتور بدر عبدالعاطى وما صدر فى حقه من شهادات وإشادات وثناء.
ستظل أبرز الصور المعبرة التى تلخص مئات الألوف من الكلمات، هى الصورة التى التقطت خلال لقاء د. عبدالعاطى بوزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو فى واشنطن خلال فبراير الماضي، وما حصدته من انتشار واسع على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، لما حملته من رسائل واضحة كتبتها لغة جسد «عبدالعاطي» بوقفته الشامخة بكل ندية ومساواة أمام وزير خارجية أقوى دول العالم وفى مقر خارجيتها وداخل عاصمتها، أيضا ما قاله الوزير عبدالعاطى خلال لقائه مع ممثلى وسائل الإعلام الأجنبية يوم الثلاثاء الماضى والذى أكد خلاله مجددا رفض مصر القاطع لتوسيع العمليات العسكرية فى غزة ولمحاولات تهجير الفلسطينيين، ولا يمكننا أن ننسى كلماته خلال حواره مع «أخبار الأمم المتحدة»، والتى قال فيها إن مصر حذرت مرارا من وجود نية مبيتة للتصعيد فى المنطقة، أيضا تصريحاته الخاصة بأزمة السد الإثيوبى فى سبتمبر الماضى وما قاله فى حوار لجريدة الأهرام فى نفس الشهر إننا «لن نسمح بأن ينال الضرر من الأمن المائى المصرى نتيجة تصرفات أحادية»، وأن الأمن المائى المصرى يشكل أولوية قصوى، وهى نفس الكلمات التى تضمنها الخطاب الذى أرسله عبدالعاطى لرئيس مجلس الأمن الدولي، ولا ننسى أيضا تصريحاته الأولية حين توليه الحقيبة الوزارية والتى أكد خلالها اعتزامه مواصلة مسيرة تعزيز العلاقات مع الشركاء الإقليميين والدوليين والدفاع عن القضايا العربية والإفريقية فى مختلف المحافل الدولية، وخلال النسخة السادسة من مؤتمر المصريين بالخارج والذى عقد مطلع الشهر الحالى، أوضح د. بدر أن السياسة الخارجية لمصر سياسة شريفة فى زمن عزّ فيه الشرف، وهى نفس الرسالة التى أكدها سابقا الرئيس السيسى خلال مناسبات عدة، كذلك وصفه محاولات تشويه مصر بمحاولات دنيئة ممنهجة تعكس أغراضا مشبوهة، مؤكدا أن المزايدة على الدور المصرى “إفلاس سياسى وأخلاقي”، كل المواقف والتصريحات تشير إلى سياسة الندية التى تنتهجها مصر ووزير خارجيتها، وقد لا يعرف البعض أن وزير الخارجية المصرى الحالى بدأ حياته العملية كباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عام 87 قبل أن يلتحق بالعمل فى وزارة الخارجية كسكرتير ثالث فى السفارة المصرية بتل أبيب ومسئول عن شئون إسرائيل الداخلية وعملية السلام فى الشرق الأوسط حتى عام 95، وأنه كان عام 2007 رئيسا لقسم فلسطين بوزارة الخارجية، ثم رئيسا للبعثة المصرية فى بروكسل من 2008 وحتى 2012 حين شغل منصب نائب وزير الخارجية المسئول عن الاتحاد الأوروبي، وعمل كناطق رسمى باسم الخارجية فى 2015 قبل أن ينتقل للعمل سفيرا بألمانيا، وكان له دور كبير فى تطور العلاقات المصرية الألمانية، ليشغل بعدها منصب مساعد الوزير للشئون الأوروبية قبل أن يتم اختياره سفيرا لدى بلجيكا ولوكسمبورج ومندوبا لمصر لدى الاتحاد الأوروبى والناتو، وهذه الفترة لم تمنعه من توجيه الانتقادات لأوروبا والغرب لموقفهم من الحرب على غزة، ولتتضح الصورة أكثر سأذكر هنا شهادة الكاتب الصحفى شارل المصرى التى حكى خلالها كيف انتصر له د. بدر عبدالعاطى حين كان متحدثا باسم الخارجية، بعدما تمت معاملته بشكل لا يليق من ضابط بسفارة إحدى الدول الأوروبية ليفاجأ بعد دقائق قليلة من اتصاله بعبد العاطى باتصال من سفيرة هذه الدولة تطلب لقاءه لاحتساء القهوة؛ ليجد نفس الضابط الذى تعامل سابقا بما لا يليق هو نفسه منْ يصطحبه للقاء السفيرة التى استقبلته بترحاب؛ ليجد جواز سفره وقد حصل على تأشيرة لمدة 3 سنوات، وهو انتصار واضح لمواطن مصرى يعبر عن طريقة تفكير الوزير عبدالعاطى قبل حتى أن يتولى مسئولية الوزارة، مواقف عدة تؤكد أننا بحق أمام وزير لا همّ له إلا الانتصار لوطنه وكرامة مواطنيه، ورجل عظيم بحجم التحديات التى نواجهها.. كل التحية لوزير ورجال الخارجية المصرية.. وللحديث عنهم بقية.