بداية.. ما الذى دفعك لكتابة منشور حول «فيلم الست» عبر صفحتك الرسمية على «فيسبوك» وإشارتك إلى التشابه بين أحداثه وبين الخط الدرامى لروايتك «حانة الست»؟
كنت أتمنى أن فيلم الست لا يمت لروايتى بأى صلة، خاصة أن الروايات أقل شهرة من الأفلام والمسلسلات، وعادة ما يشتهر الكتاب بأفلام يقولون إنها مأخوذة من قصصهم، وعن نفسى دخلت لمشاهدة الفيلم بدون أحكام مسبقة، وقلت لنفسى سوف أقوم بإحصاء المشاهد التى اقتبسوها من روايتى، لكننى ذُهلت وسألت نفسى: «ما الذى لم يأخذوه من الرواية غير ثلاثة مشاهد.. فما الذى تركوه من عملى؟!»، وأُصبت بصدمة كبيرة وإحباط، لا سيما أننى حريص جدا على تجنب استخدام ألفاظ مثل السرقة والسطو حتى لا أُتهم بالتشهير، فقلت إن «الفيلم ذكر ما ذكرته فى روايتى وأترك الحكم للآخرين»، مع العلم أنى سبق وأن أهديت نسخة من روايتى للكاتب أحمد مراد الذى وضع سيناريو الفيلم وشكرنى وأشاد بها.
ما التفاصيل التى ترى أنها كانت حاضرة فى الفيلم وسبق أن ضمتها الرواية؟
الفيلم يتناول نفس الفكرة العامة فى روايتى ونفس الخطوط الأساسية والفرعية، كلها تتكرر بالتفصيل فى الفيلم، وذكرت ذلك فى بيانى، ونشرته عبر صفحتى على موقع «فيسبوك».
ما فكرة روايتك الأساسية التى تقول إنه تم السطو عليها؟
فكرتى الأساسية تقديم سردية مختلفة لقصة حياة أم كلثوم، تتبنى الوجوه غير المعروفة عنها لكثيرين، حيث وجدت تواطؤا على تقديم أم كلثوم الرمز دون أخطاء، وتجاهل المراجع المهمة، التى ذكرت تفاصيل مهمة، تبدو صادمة للناس، مثل معاناتها وهى طفلة صغيرة من التنمر، وعلاقتها المتوترة مع والدها وشقيقها، والرواية صادرة سنة 2021.
وهل كل ما يُعرف يُكتب على الملأ؟
لا بد أن كل ما نعرفه يُقال ويُكتب، وإلا نكون أجرمنا فى حق أم كلثوم وفى حق أنفسنا، فمعرفة عظمة أم كلثوم تقوم على معرفة واستكشاف نقاط الضعف فى حياتها وما عاشته من عواصف ومواقف صعبة، وعلى سبيل المثال صُفعت أم كلثوم من والدها ثلاث مرات فى بداية شهرتها، وكشخصية عامة لا بد أن أُظهر نقاط الضعف والهشاشة والغضب فى تاريخها، فهى ليست تمثالا من الذهب الخالص ممنوع الاقتراب منه، وهنا نصبح أمام ملاك هبط من السماء وليست مجرد إنسانة، والرواية تقوم على تحليل هذا الجانب النفسى فى حياة أم كلثوم، فتزيد من عظمتها وتوقيرها.
ولكن.. ما الذى يعود على القارئ العادى إذا عرف أن والدها صفعها ثلاث مرات؟
من هنا أثارت الرواية جدلا واسعا، وأصبح السؤال: هل شوهنا صورتها أم كان من الأفضل الاحتفاظ بأسرارها؟، وموقفى أن عظمة أم كلثوم تبرز أكثر مع هذه السياقات السردية المختلفة، حيث ندرك حقيقة ما مرت به من آلام وملاعب وصعوبات وهى قالت لى، ضمن سياق الرواية، إن «جيلكم متمرد ولن يعترف بعبقريتى إلا إذا عاين ضعفى على الطبيعة»، وهكذا كتبت على لسانها فى أول الرواية، ومن هنا تأتى أهمية القول بأن والدها صفعها ثلاث مرات، ولا نكتفى بالقول إنها عاشت حياة عصامية كلها كفاح، لقد ظلت تلبس ثياب الرجال حتى بلغت العشرين، فالرواية تغوص فى الجزء النفسى من شخصيتها كما لم يُشرح من قبل، ولا شك هذا يهم كل محب لها، وسوف يزيد حبه لها 24 قيراطًا، لأنه سيعلم أن وراء عظمتها خلفيات نفسية مؤلمة، وسوف يشعر القارئ بتعاطف كبير معها.
إذن.. ما الدافع وراء انتقادك الفيلم الذى قدم ما كتبته كما تزعم؟
لأن الفيلم قدم هذه السياقات بشكل مختلف، فقدم صورة مشوهة عن أم كلثوم وبشكل منفّر وغير إنسانى، ولا يدعو إلى التعاطف مع كثير من الأخطاء، بعكس الرواية.
هذا يدعونا للسؤال: هل قدمت عملاً إبداعيًا يقوم على الخيال أم قدمت سيرة ذاتية لأم كلثوم؟
قدمت مزيجًا من الاثنين، فالرواية ليست بحثًا تاريخيًا، ولذلك بها خيال وإبداع، وليست مجرد سرد وقائع، فكل ما يخص الحالة النفسية لأم كلثوم قدمته فى شكل خيالى أما الحقائق الصادمة فذكرتها مع الإشارة للمراجع التى اعتمدت عليها، وعددها عشرون مرجعًا.
مثل ماذا؟
مثل واقعة صفع زوجها الدكتور الحفناوى لها، هنا تذكر المراجع أن عبدالناصر ذهب إليه فى البيت بالقميص والبنطلون وبدون حراسة، وقال له: «هذه السيدة مصر ولا يحق لأحد أن يمد يده على مصر»، أى أن «عبدالناصر» لم يتحمل صوت بكاء أم كلثوم، مع العلم أنها كانت صديقة لأسرته وضيفة دائمة عليها.
هذا فيما يخص الفيلم، فلماذا تتهم المسرحية أنها مأخوذة أيضا عن روايتك؟
لأننى دخلت لأشاهد العرض فلم أستطِع أن أكمله وخرجت، وكان مدحت العدل مؤلف المسرحية اعتبر روايتى مخططا استرشاديا يغنيه عن التنقيب فى حياة أم كلثوم، فقدمها كما قدمتها فى الرواية.
هل معنى ذلك أن أم كلثوم أصبحت حكرًا عليك؟
لا.. لكنها عنوان شديد الإغراء للكتابة عنها كل وقت، فهى سيدة بلغت ذروة المجد، ولكن يبدو أن روايتى تشكل حالة من الغواية والإغراء لمحترفى سرقة الأفكار بسهولة وسرعة ودون قراءة مراجع، خاصة أنى ذكرت المراجع العشرين التى اعتمدت عليها والرواية تم إنصافها نقديًا، ولست بحاجة لافتعال ضجة غير مبررة.
أخيرًا.. ما خطواتك المستقبلية؟
حاليا هناك حالة نقاش مع المحامين لأنى أفكر فى تحريك دعوى قضائية ضد الفيلم، لكنى لم أستقر بعد على موقف نهائى وأخير.