يرفض د. محمود علوان، شيخ الطريقة العلوانية وعضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية وخبير التنمية المستدامة، أن يكون التصوف مجرد عبادة وخلوة وأذكار، ويراه مشاركة إيجابية فى كل مناحى المجتمع.
يقول: «لا نرضى لأنفسنا بأن نظل نردد المواعظ والخطب الرنانة، بل ندعو الناس للنزول إلى أرض الواقع وتغييره من شيء إلى شيء أفضل، ومن هذا المنظور نجحنا فى انتشال عشرات الأسر من الفقر والحاجة إلى أسر منتجة أصبحت منتجة ورابحة، والحمد لله أسهمنا فى فتح بيوت كثيرة، حيث نقدم الخامات للأسر ونمدهم بالتمويل اللازم، ثم نشترى منهم منتجاتهم، ونقوم بتسويقها، وهناك أسر دربناهم وشقوا طريقهم للنجاح باستقلال عنّا، وهناك مَن يرغب فى تسويق منتجاته بنفسه، فكل أشكال التعاون متاحة».
ويضيف: «نركز على النساء الأرامل والأولاد والبنات اليتامى وذوى الاحتياجات الخاصة، ونغطى جميع الحرف اليدوية من منتجات غذائية وصناعة كليم وسجاد ومفارش وإكسسوارات، وأعشاب طبيعية ومنتجات خشبية وبلاستيكية وخزفية، ومبدؤنا أن أسرة منتجة تساوى مجتمعًا مستقرًا، بالحدّ من البطالة وآثارها الكارثية من إدمان مخدرات وتحرش جنسى وخلافه من موبقات البطالة».
ويشير د. علوان إلى أن هدفهم الأخير تحقيق التمكين الاقتصادى للأسر المنتجة، وقد شاركوا فى معارض «تراثنا» منذ أكثر من ثلاث سنوات، كما شاركت «جمعية التراحم» فى مبادرة التنمية المحلية «أيادى مصر»، إضافة إلى المشاركة فى المعارض فى كل من أسوان وسوهاج والوادى الجديد والإسكندرية وكفر الشيخ والقاهرة، والمشاركة فى المبادرة الرئاسية «حرفتك مركب نجاحك»، بالتعاون مع وزارة الخارجية.
ويتابع: «على سبيل المثال، أنتجنا الكليم اليدوى من بقايا القماش، بإعادة تدوير بقايا الملابس، مع تصميمات هندسية وألوان براقة، بالتعاون مع مركز تحديث الصناعة، وأنتجنا السجاد من الصوف بعمل الإبرة الشرقية، والمنتجات المطرزة (بانش نيدل)، ومنتجات الكورشيه بالخرز، والإكسسوارات، علاوة على المنتجات الغذائية مثل العسل وزيت الزيتون والأعشاب الطبيعية».
وتلتقط الحديث زينب شحاتة، المدير التنفيذى لجمعية «تراحم»، قائلة: «إذا أخذنا مثلا بالكليم اليدوى مساحة 2 متر طولًا فى 1 متر عرضًا، تُباع القطعة الواحدة بثمانمائة جنيه، علما بأن السيدة التى أنتجتها حصلت على أجر خمسمائة جنيه فى يومين أو أكثر، علاوة على ثمن الخامات، وبذلك تربح السيدة نحو ألف وخمسمائة جنيه فى أسبوع، وهناك مَن دربناهم وشقوا طريق النجاح، وهناك حاليًّا أكثر من 25 أسرة منتجة مرتبطة بنا، حيث نمدهم بالخامات والتمويل ونتسلم منتجاتهم ونقوم بتسويقها».
وتضيف: «الحمد لله كلما شاركنا فى معرض لا نرجع بالمنتجات، حيث نشهد إقبالًا كبيرًا على الشغل اليدوى، ونجحنا فى جذب ذوى الهمم للعمل معنا، تواصلنا معهم بالكتابة، وتفوقوا على الأسوياء، وطموحنا القضاء على الفقر فى مجتمعنا المحلى، خاصة بين الأسر الفقيرة واليتامى والمتسولين، وبدلًا من مدّ يد المتسول طلبًا للإعانة، يتحول الشخص إلى منتج ناجح ويقدم هو الإعانة لغيره من المحتاجين».
من جانبه، يقول إبراهيم مرعى، المشرف على الأعمال اليدوية: «بفضل الله فتحنا مسارات لتفريغ طاقة الشباب العاطل والأسر الفقيرة، ونجحنا فى احتواء بنات فقيرات من ذوى الهمم، والمدهش أن استيعابهم كبير، وتركيزهم مرتفع، ومردود العمل معهم ناجح ومبشر».
ويقول محمد حلمى، عضو مجلس إدارة الجمعية: «هدفنا هو الاستثمار فى الأسر الفقيرة، خاصة المرأة المعدمة والأطفال المعدمين والمشردين، وتحويلهم من دائرة العوز للغنى والاستغناء عن مد اليد، لينفعوا أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم، وهذا نهجنا فى (السجادة العلوانية)، كما قدمنا خمسة آلاف كرتونة مساعدة لأهلنا فى غزة احتوت على الملابس والأدوات الصحية ومساحيق الغسيل والصابون وخلافه، ونؤمن بالعمل الجماعى لتغيير المجتمع نحو القيم الإيجابية».
شيرين عماد (13 سنة)، تلميذة فى السنة الأولى من المرحلة الإعدادية تقول: «أمنيتى أن أصبح مضيفة طيران، ولكننى اليوم أشارك فى العمل اليدوى مع الجمعية بتطريز الخدديات والشنط وتطريز المفارش، وتعلمت مهارات جديدة، وأقوم بادخار أجرى لمساعدة نفسى وشراء ما يلزمني».
وتشاركها زميلتها جودى إمام (10 سنوات) تلميذة فى الصف الرابع الابتدائى، وطموحها أن تصبح طبيبة، وتشارك فى العمل بالتطريز وتعلمت فن الإبرة، وتقول بسعادة: «عندى حصالة أدخر فيها أجرى لما أكبر».