رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

بعد عملية «عين الصقر» فى سوريا.. انتقام أمريكى وليس حربًا


26-12-2025 | 11:57

.

طباعة
بقلـم: نجوان عبداللطيف

عبارة واضحة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يصف فيها العملية العسكرية التى قامت بها القوات الأمريكية ضد 70 هدفًا، تمثل البنية التحتية لقوات تنظيم داعش فى سوريا، بأنها رد قاسى على قتل داعش للجنود الأمريكيين قبل أسبوع فى إدلب، بما يضعها فى إطار أنها عملية انتقامية.

أكد على ذات الفكرة وزير الحرب الأمريكى، بيت هيجسيث، الذى قال: «هذه ليست بداية حرب، إنه إعلان انتقام. اليوم طاردنا وقتلنا أعداءنا.. الكثير منهم.. وسنستمر فى ذلك». هذه العملية بتلك الكيفية وهذه السرعة تطرح سؤالًا مهمًا: لماذا لم تقُم الولايات المتحدة الأمريكية بضرب تلك الأهداف التى تخص تنظيم داعش والتى استطاعت أجهزتها الاستخبارية تحديدها، ومن المؤكد أن ذلك لم يتم فى خلال 7 أيام فقط؟

 

 

هل الولايات المتحدة الأمريكية حريصة بالفعل على القضاء على تنظيم داعش كما تعلن ذلك مرارًا وتكرارًا، وتشكل تحالفًا دوليًا ضخمًا لمواجهة الإرهاب؟ أم أنها تعمل على إضعاف تنظيم داعش فقط لكن مع بقائه لاستخدامه فى مخططاتها غير المعلنة؟ ماذا جرى فى سوريا مؤخرًا؟ لماذا يضرب التحالف الأمريكى الأردنى السورى معاقل داعش فى سوريا الآن فقط؟

يوم السبت قبل الماضى، 13 من ديسمبر الحالى، أعلنت وزارة الحرب الأمريكية (البنتاجون) مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدنى وإصابة آخرين فى كمين لأحد عناصر تنظيم داعش فى سوريا بالقرب من «تدمر»، استهدف قوات أمريكية وسورية، أثناء قيامها بتأمين اجتماع أمنى بين قائد أمريكى برتبة مقدم ومسئول من وزارة الداخلية السورية لبحث سبل مواجهة داعش، وأطلق العنصر الداعشى النيران عليها من خلال رشاش وردت القوات عليه بإطلاق النيران وقتلته، كما أكد وزير الحرب الأمريكى، بيت هيجسيث، عبر منصة «إكس»، أن قوات شريكة قتلت منفذ الهجوم، وقال: «ليكن معلومًا إذا استهدفتم الأمريكيين فى أى مكان فى العالم فستمضون بقية حياتكم القصيرة فى قلق، وأنتم تعلمون أن الولايات المتحدة تتعقبكم»، وأشارت بعض التقارير الإعلامية السورية إلى أن الداعشى مرتكب الحادث انضم للأمن الداخلى قبل شهرين، وأن تقييمًا صدر فى العاشر من ديسمبر بشأنه بيّن أنه قد تكون لديه أفكار تكفيرية متطرفة. وكان قرار سيصدر بحقه يوم الأحد فى أول يوم دوام فى الأسبوع، وأشارت وزارة الداخلية السورية فى بيان لها أن الدورية التى تعرضت للهجوم هى دورية مشتركة بين قوات الأمن الداخلى السورية وقوات أمريكية، وأن الهجوم وقع أمام مقر محصن تابع لقيادة الأمن الداخلى، وبخلاف الضحايا الثلاث الأمريكيين هناك جرحى من الجانبين، بينهم 3 جنود أمريكيين أيضًا.

وزير الخارجية السورى، أسعد الشيبانى، أعرب فور وقوع الحادث عن إدانة سوريا بشدة لهذا الهجوم الإرهابى، وقدم التعازي لأهالى الضحايا وللشعب الأمريكى.

وفى أول تعليق للرئيس ترامب، نعى ثلاثة من الوطنيين العظماء كما وصفهم، وكان حريصًا على الإشارة إلى التعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية وسوريا فى مواجهة الإرهاب، قائلا: «سوريا بالمناسبة، كانت تقاتل إلى جانبنا، وأن الرئيس السورى مصدوم مما حدث»، وأكد ترامب أن الولايات المتحدة سترد.

يوم الجمعة الماضى، أى بعد أسبوع تقريبًا، أعلن الرئيس ترامب قيام القوات الأمريكية بعملية عسكرية انتقامية على داعش، قائلا: «استهدفنا تنظيم داعش فى سوريا الذى يحاول تنظيم صفوفه بعد هزيمته الساحقة.. أمرت بشنّ غارات مكثفة على الإرهابيين الذين قتلوا 3 من أبطالنا الوطنيين الأسبوع الماضى، لقد ضربنا كل موقع بدقة متناهية».

وقال وزير الحرب الأمريكى، بيت هيجسيث، إن القصف استهدف مقاتلى داعش وبنيته التحتية ومواقع الأسلحة، وأن العملية تحمل اسم «عين الصقر».

وكانت القيادة المركزية الأمريكية قد حددت أن الضربات أصابت أكثر من 70 هدفا لداعش فى أنحاء وسط سوريا، وأن مقاتلات أردنية من سلاح الجو الملكى قدمت دعما للعملية.

وذكرت الصحف الأمريكية، نقلا عن مسئولين أمريكيين، أن الضربات نُفذت باستخدام طائرات من طرازى إف«15» و ايه«10»، إلى جانب طائرات هليكوبتر من طراز أباتشى، وراجمات الصواريخ الأمريكية المتطورة (هيمارس).

وأعلن الجيش الأردنى أن الضربات استهدفت منع داعش من التواجد قرب الحدود الجنوبية لسوريا التى تمثل عمقًا أمنيًا للأردن، وأن العملية تأتى ضمن التحالف الدولى لمواجهة الإرهاب.

وأوضح البيان الأردنى أن استمرار نشاط داعش فى جنوب سوريا خلال الفترة الأخيرة كان أحد دوافع المشاركة، خاصة بعدما أعاد التنظيم بناء قدراته فى تلك المنطقة، فى وقت انضمت فيه الحكومة السورية مؤخرًا إلى التحالف الدولى ضد داعش قبل شهر أثناء زيارة الرئيس السورى أحمد الشرع لواشنطن، وأن الجيش الأردنى شارك بطائراته فى العملية فى إطار هذا التحالف الدولى.

وللولايات المتحدة قوات متمركزة فى شمال شرق سوريا فى إطار جهود مستمرة منذ عشر سنوات، لمساعدة قوات قسد (قوات سوريا الديمقراطية)، التى يقودها الأكراد السوريون فى محاربة تنظيم داعش، وقد استطاعت تشتيت قوات داعش، إلا أنها لم تستطع القضاء عليها، واليوم بعد تولى أحمد الشرع قيادة سوريا وجبهة التحرير الوطنى، التى هى منشقة عن تنظيم القاعدة، يصبح التحدى الكبير أمام واشنطن هو ضم قوات «قسد» التى لديها خبرة كبيرة فى مواجهة داعش إلى الجيش السورى تحت قيادة الشرع، وعلى الرغم من الاتفاق بين الطرفين بضغط أمريكى فى مارس الماضى على توحيد القوات قبل بداية العام الجديد 2026، فإن «قسد» تعمل على إرجاء ذلك لتنفيذ بعض مطالبها.

هل فعلت الولايات المتحدة كل ما تستطيع للقضاء على «داعش»؟

البعض يعزى وجود «داعش» فى الأصل لعمل استخباراتى أمريكى، حيث دعمت أمريكا الجهاديين من «السنة «لمواجهة إيران وأذرعها فى سوريا والعراق. وأنها تركت بعض ذيول التنظيم فى العراق، حتى يواجه النفوذ الإيرانى وحزب الله، أو تنشغل إيران بمواجهته، ومن ثم إذكاء الصراع فى المنطقة بين الشيعة والسنة، وفى سوريا كانت تضع الأولوية لإسقاط الأسد ونظامه، وكانت ترى أن نهاية داعش تصبّ فى مصلحة الأسد، ويعتقد البعض أن الولايات المتحدة تركت داعش تدخل تدمر دون أن تستخدم كل ما لديها لمنعها.

بعض الأمريكيين لديهم قناعة بأن مشكلة داعش هى مشكلة العرب، ويقع عليهم العبء الأكبر فى حلها، ودور الولايات المتحدة ينحصر فى الدعم فقط.

خبراء عسكريون يرون أن مواجهة داعش الآن أكثر صعوبة عن مواجهتها عندما كانت تسيطر على مناطق بعينها، وأن التعامل مع الذئاب الفردية أمر شديد الصعوبة، فضلًا عن انتشارها فى العالم.. بالإشارة للعملية الإرهابية التى تم تنفيذها فى أستراليا مؤخرًا.

تلك كلها تكهنات وتحليلات، لكن.. لماذا لم تضرب أمريكا معاقل داعش الـ70 من قبل، ولماذا يقول وزيرها للحرب إن العملية ضد داعش انتقام وليست بداية؟.. سؤال تبقى الإجابة عنه غامضة.

أخبار الساعة