جُبلنا أن نحيا أشقياء.. منطق يكمن خلف العقول.. لا نستحضره إلا بعد عجز الحلول.. وصول بعبثية دون دواعٍ للفكر!.. ربما كان الفكر مرهقا وربما اعتدنا ضربات الحظ!.. كسالى ملأنا الدنيا بالتفاهات ونردد غريبا من الأمر!.. صادقا ومتآلفا مع المنطق أم لا؟!.. نراه غريبا ورغم الدهشة نردد نبغى المزيد من الدهشة!.. ربما كانت الإثارة ما تعلق بالذهن والمعتاد لا يلفت النظر!.. حق دون بحث أو توقف وتأمل!.. أو خوف من منح أنفسنا نظرات تذهب بنا لمنفى رغم الزيغ والتيه.. فنبتعد متعمدين ألا نستحضر الفضول!.
مرهق يكذبه العقل رافضا أعباءه.. ربما جاءت معه التفاهة والجنون والرجاحة والاحترام والسخط.. نعبر الطرق دون اكتراث.. كل يوم.. كل صباح.. كل مساء.. متخيلين أننا نحافظ على السلامة.. هدوء نأمله رغم اليقين الدفين بالقلق!.. إلا أننا نتجاهله ونتمنى ألا نفاجأ بطعنات تشتت شملنا.. فنحاول أن ننادى كل الأمور لدينا.. نسعى للامبالاة ونتسابق ونتباهى فى الوصول إليها.. مريحة تجعلنا نهجر العواطف والكر والفر!.. لا نذهب للعمق ولا نعتاد السطح!.. نعشق الحياة على الحافة.. ونجتهد فى الاستقرار عليها .
رغم ما يحوينا من صراعات نأمل فى الخيط الرفيع بين كل الأشياء.. نخشى الصدمة والفجأة.. نحيا على الهامش فى الهمة.. أنصافا وفى الحصد نأمل أنكالا وفيرة!.. قسوة وحدة تتسر بالوداعة والطيبة!.
عقلانية وجنون محاولين أن نبدل أشياء تحل محل أخرى.. نفشل فيما يعنينا لكننا نتعمد تغيرها تجاه غيرنا باستثناء أنفسنا!.. أشياء غير مفهومة بين الوعى واللاوعى.. حذر ومسرح وجريمة وتهديدات.. قوانين وأحكام ومحاكمات نعقدها ويعقدها غيرنا.. مفروض علينا ما يخالف وما يتفق لننجو ونغرق!.. مترنحين بين أجل مسمى وآخر غير مسمى.. نتمناه ونحلم به ونحيا النهايات قبل حلولها.. أعيننا متعلقة بها لتتخذ القرار نيابة عنا !.
نتحمل مصاعب الحياة فى طريقنا نحو الخاتمة.. وعلينا أن نرى كل شىء مؤقتا.. هكذا علمتنا الأيام بعد المنتصف.. فنحيا قصة الأمس رغم أنها صارت سرابا خلف الحاضر.. تتقلص فى الحجم وتتضخم قافزة للذاكرة.. بالغة حجما لم نكن نتوقعه.. ربما ابتلع الحاضر وربما قضى على المستقبل وربما كانت حالة وقضية لم يكتب لها البقاء ولم تلد من رحمها حياة أخرى وصرنا ما نحياه بعدها مجرد حالة لاحقة.. لا تملك التواصل حتى النهاية.. علة تهدر أجسادنا وأرواحنا.. كُتب علينا أن نمضى حامليها.. وتخذلنا قلوبنا فى النسيان.. فى الفرار أو القفز.. تستمر أعراضها علينا.. حزن.. دهشة.. نعافر لنتغير ونفشل!.. فلا أحد يتغير مهما واجه من قسوة أو ألم يكفى لتغيير مساره.
نيام لأجل غير مسمى.. مطالبين أنفسنا ألا ننسى وأن نستسلم لتآكل الأيام.. لأعمار صارت أسرى للهوان.. نحلم بسيف الخلاص يقطعها من دوار لم يتبق معه الحلم أو حتى الانتظار.. فى محاولات مهترئة عاجزين نعلم عدم جدواها!.. لكننا نواصل العدو كما نواصل العد للنهاية.. نتجاهل انتكاساتنا.. محاولين إظهار تفهم وصبر.. لكن الصبر صعب لا يستطيع الجبال حتى تحمله!.
من ثقل الهموم فى بداياتنا كنا نشكو.. ومن فراغها بعد المنتصف وتكالب هموم من نوع آخر صرنا نشكو.. من تباعد الأبناء بمشغولياتهم رغم أنهم كانوا جل مشغولياتنا وأى مسئولية أخرى بجوارهم كانت هامشية.. ومن تساقط الأصحاب بمرور الزمن.. ولا أعلم لماذا يتناقص الأصحاب ليس بالموت فقط وإنما بادعاء التشاغل!.. وكأنك الفارغ الوحيد!.. فيدفعنا الوفاء أو ربما التشبث بالحياة لمواصلة منْ قطعونا.. لكن دون جدوى فمنْ اختار الرحيل لا يعود.. فترى همومك بعد المنتصف حقائب صغيرة مملوءة بالندالة والغدر على وشك الانفجار.. تصير معها عصبيا من أتفه الأمور أو تتجه للاكتئاب!.
كنا نفضل أشياء ولا نفضل أخرى.. نعتز بأناس ولا نعتز بغيرهم.. بين الحب والأفضلية والكره كنا.. وبمرور الزمن تزدحم أنفسنا وذاكرتنا بالكثير مما اختلط علينا فى مشاعرنا وآلامنا وأفراحنا.. كل شىء صار مؤلما حتى المفرح منها!.. صرنا لا نفضل أيا على الآخر!.. نحتفظ بالكل كأننا اتخذنا عهدا أن نعذب أنفسنا.. بقاء بحجة الإخلاص حتى الموت.. بأنفس تخذلنا فى الرحيل كما تخذلنا فى البقاء!.. تفعل بنا ما تريد محفوظة محفورة.. تحمل شعارات التعجب وكأنها أصابتنا لتونا! نعيشها وما زلنا نعيشها ربما لأنه لم يعد لدينا الجديد!.. وإن عاد بنا الزمن ترانا نكرر نفس الحياة.. حياة واحدة.. مستعمرة للذكرى.
لكن لاختلاف المفاهيم فيما بيننا حكمة تتسع معها التأويلات لخلق فرص للتملص لإيجاد طرق للحياة.. وأسباب تتجاوز المألوف لتلامس منطقا أو غير منطق لنمضى فى طريقنا!.. حمق اخترعناه من تأويلات عديدة لتحمل مصاعب الحياة ويخلق توازنا لدينا.. حاملين فلسفات من تجارب مكررة لكننا منْ نظن أنها مميزة أو متفردة!.. ظن يمنحنا الحياة.. محاولين توسيع آفاق المعانى لإيجاد نفس أسباب الحياة بوعى وإدراك.. فدائما الأفعال تتجاوز معانى الأشياء لتشكيلات وتصنيفات مختلفة.. نحاول معها أن نحقق انسجاما مع واقع معاش لتلائم الحالة النفسية التى نحياها تحت ضغوط.. بإنكار أو إغراق يدفع بها لطريق الضياع.. للعيش بأريحية فى صور وأفكار وأحاسيس.. قد يكون مجرد العيش تضييعا لذواتنا فى ملاحقته.. وقد تكون الغاية إثبات ذواتنا.. أو قد يمتد لما وراء العيش ليس ليكون مثاليا بالضرورة.. لكن تحقيقا لفكرة توافق الروح والجسد فى مواجهة أو مجابهة أو تعاطٍ مع الواقع.. لنتجانس مع كون خلق متجانسا فنمنح القدرة على الاستمتاع بالحياة.. لا أن نكون رمادا فى إشكاليات الوجود والعدم .
ونأخذ وقتا وتهيئة لاستيعاب أن الحياة بعد المنتصف مجرد دون دون جديد يذكر.. لا وقت للتعلم ولا وقت لاستخراج ما بأعماقنا أو أعماق غيرنا ولا وقت للحزن مهما حوت أنفسنا من قساوة السنين.. ربما علينا أن نفقد الوعى الذى يتلاءم مع زهايمر قارب الحدوث.. ولا يكون إلا وعيا بحضور كل لحظة حتى ولو كان كذبة.. نقهقه ونرقص ما يكفينا من فراغ كل الأشياء.. نلتقط الخيط الرقيق الذى يربطنا بما يتبقى منا.. وننحاز لأنفسنا مهما كانت صامتة أو مزعجة.. وننسى الأكدار، ولا تبقى لنا نقطة ارتكاز غير أنفسنا مهما حوى الواقع من حطام.. لطريق أوشك على الاكتمال ولم يكتمل.. وحتما سيكتمل فجأة دون سابق إنذار!
مقاوما ما أصابك دون حلول وسط.. دوامة لا يشفع معها ذكاء ولا غباء.. علينا أن نعترف أننا فى نهائى النصف الثانى.. مهما كنت فاشلا أو ممن سرت للأمام وحققت نجاحات وتضحيات.. لا تتويج ولا كأس لبطولة النهائى!.. رغم أنى مشفقة على النوع الثانى الذى يضرب بقوة رافضا العودة لنقطة الصفر.. التى تساوى رحمة له رغم أنها نقطة بداية والدفع اليها تعجيزياً .. غالبا لا يقدر أحد عليه إلا منْ أصابته الأمراض وأكمل ما تبقى من حياته بالأدوية والمهدئات .
تدفعنا خطواتنا التائهة فى بدايات بغير خبرة ونهايات مليئة بالخبرة التى تعلمنا أننا بالفعل تائهون!.. وحتما تقربنا الأيام من الموت.. مستحقو الشفقة طوال الوقت.. تتوالى الأيام وتتلاشى وذاكرتنا تحتضن أشياء بعينها.. نسبح فى فكرها ولا يهم ما نتحمله.. فالزمن عوَّدنا تكرار دورته حتى نهاية محددة.. وقت يمر سريعا ويلتهم كل شىء والتغيير حاسم قاسٍ.. يقولون إن وجه الحياة يتغير كل مائة عام وأقول إن الإنسان يصيبه التغير كل خمسين عاما.. يريد أن يحيا لا أن يموت مما يصعب عليه الحياة.. يحيا فى مساومات بروحه وجسده حتى لا تسلب منه نعمة الحياة.. يتحرك فى شجاعة وصبر.. فى عد تنازلي يفرض عليه أن تأتى النهاية.. وسط متاهة يدور ويصطدم ولا يبرح مكانه.. لا شىء يرده للأمام ولا للخلف.. لا شىء حقيقى سوى الدفع القاسى والكدمات.
ولا أحد يملك مرآة الحياة.. بل يملك مرآة لنفسه تقترب وتبعتد عن الصدق.. فالصدق غير موجودة لدى الكثيرين.. لذا فالكثير يرى الحياة بعين عوراء.. فى صور غير مكتملة تغيب معها الحقائق.. عبثا نوازن بعين واحدة ولا نعرف عما نبحث؟!.. لا نرى الحقيقة ولا نستطيع أن نعلن أننا نراها.. مجرد تكهنات وافتراضات وظنون.. نواصل البحث فى رحلة الصواب والخطأ.. مدفوعين لإعادة النظر تحققا وتصويبا لحدود الصورة.. محققين نجاحا أو برؤية منقوصة مشوهة.. تعكس نواقصنا الداخلية مسقطين إياها على الواقع دون تبادل وفاعلية.. أو العكس فى حالة ديناميكية فى الأخذ والعطاء.. رغم أننا لسنا مطالبين بالكشف عن العوالم والأشخاص، لكننا مطالبون بوعى وتفهم وتأويل يواكب تغير الزمن .
يناشد الخمسينى الحياة بلسان حال رغم سخرية الأقدار نبغى ختما ومرحا وعودة.. نرجو قدرا ونكتم رغبة ونحيا بحسن الظن.. قول وفعل ومراد متحصل!.. ربما كان النسيان دون حقيقة تفضح.. فلم نعد نسعى لحقيقة بثقوب الفراغ.. بهامش الحياة.. نتقبل ونستسلم.. مجاملين.. مبالين من زمان يطعن كل أحمق على أعتابه.. ينشد ويجاهد ليحظى بالهدوء!.. وربما كان الوجود فى دنيا الوجود.. جنوح وجنون وحكمة غير متحصلة.. تواصل بلا ديمومة أو استقرار فى طابور الخطوب !.