رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

ترويض السائقين


12-7-2025 | 13:58

.

طباعة
بقلـم: غالى محمد

فى الوقت الذى تعددت فيه حوادث الطرق خلال الفترة الأخيرة، لأسباب كثيرة، يتطلع كل المصريين الآن، لسيادة الانضباط المرورى على كافة الطرق فى أنحاء مصر المحروسة، وليس على الطريق الإقليمى وحده.

ولذا فقد جاءت توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى لوزارة الداخلية، بمواجهة المخالفات على كافة الطرق بتطبيق القانون بقوة على السرعات والحمولات المخالفة، فضلًا عن دراسة إغلاق بعض الأماكن فى الطريق الإقليمى، حتى يتم الانتهاء من صيانتها.

 
لذا يترقب كل المصريين تطبيق القانون لمواجهة كافة نوعيات المخالفات على الطرق، والتى تعد من الأسباب الرئيسية لوقوع الحوادث على تلك الطرق، وبشكل أساء إلى المشروع القومى للطرق، والذى شهدت فيه مصر إنشاء أكبر شبكة طرق، وفقًا للمعايير الدولية.

وقد كشفت الحوادث التى شهدتها الطرق المختلفة، مؤخرًا، خاصة على الطريق الإقليمى، عن أن وجود عدة أسباب خطيرة وراء هذه الحوادث، تأتى فى مقدمتها مخالفات السائقين، وغياب الانضباط المرورى على هذه الطرق، خاصة أن بعضها مثل الطريق الإقليمي يعانى من مشاكل فنية، تحتم المزيد من مواجهة المخالفات المرورية عليه.

وأيًا كانت الأسباب المتعددة، التى تقف وراء زيادة حوادث الطرق فى الفترة الأخيرة، فقد أصبح مطلوبًا تطبيق منظومة متكاملة لمواجهة تلك الأسباب.

ولا خلاف على أن العنصر البشرى الذى يتمثل فى عدم التزام السائقين بتعليمات السلامة على الطرق، يأتى فى مقدمة هذه الأسباب، الأمر الذى يحتم التعامل مع السائقين بمنظومة متكاملة، لتفادى حوادث الطرق.

وعندما نركز على السائقين، فليس من منظور العداء لهم، ولكن بهدف ترويضهم، باعتبارهم قوة بشرية فاعلة فى الحياة المصرية، وباعتبار أنهم يقومون بدور حيوى لصالح حركة الاقتصاد المصري، من خلال الدور الاستراتيجى فى نقل البضائع، من وإلى المصانع، ومن وإلى الموانى، ومن وإلى الأسواق ومنافذ البيع والاستهلاك فى كافة أنحاء مصر المحروسة.

وكذلك يقومون بدور حيوى وأساسى فى حركة نقل الركاب على مختلف الطرق، ونقل الأطفال والطلاب إلى المدارس والجامعات.

ليس هذا فقط، وما هذه إلا أمثلة بسيطة، تؤكد أهمية الدور الاستراتيجى والأمنى للسائقين، الأمر الذى يحتم ضرورة ترويضهم للالتزام بقواعد الأمن والسلامة على الطرق.

وهذا لم يعد ترفًا، ولم يعد مقبولًا أن نستسلم بتوجيه الاتهامات فقط لهم، بداية من تعاطى المخدرات، إلى الاستهتار بقواعد القيادة على الطرق المصرية، فى حين أن بعض هؤلاء السائقين عندما يعملون خارج مصر، نجد الالتزام الكامل من جانبهم بقواعد القيادة مائة فى المائة، وذلك لأن التعامل معهم فى هذه الدول بقوة سيف القانون، الذى لا يسمح بأى شكل من الأشكال بأى نوع من المخالفات.

ويأتى فى مقدمة ترويض هؤلاء السائقين على مختلف وسائل النقل من التريلات واللوارى والنقل الخفيف إلى الميكروباصات وغيرها، أن تكون هناك قاعدة بيانات كاملة لكافة السائقين على مستوى الجمهورية.

نعم لا بد من قاعدة بيانات تكون لدى وزارة الداخلية وبشكل تفصيلى لنوعيات هؤلاء السائقين من حيث الوسيلة التى يعملون عليها.

وحينما أقول قاعدة بيانات، فليس مجرد تسجيل أسماء فى كشف على جهاز الحاسب الآلى، ولكن قاعدة بيانات تفصيلية، بحيث يكون لكل سائق صفحة بيانات كاملة عنه.

وأعتقد أن وزارة الداخلية قادرة على ذلك، لأنها هى التى تعطى رخص القيادة لهؤلاء السائقين، لكن يبدو أن العلاقة مع كل سائق تنتهى بمجرد الحصول على رخصة القيادة حتى يعود بعد سنوات لتجديدها.

ولذا، عندما أطالب بقاعدة بيانات كاملة لكل سائق، ليس لأمر ترفي، ولكن بهدف تسجيل حركة كل سائق، على السيارة التى يعمل عليها، والانتقال من سيارة لأخرى.

وفى ذات الوقت، تسجيل كافة المخالفات التى يرتكبها على هذه الصفحة، بداية من تعاطى المخدرات ومخالفات السرعات والحمولات.

وهذا ليس مجرد عملية تسجيل فقط، ولكن بهدف مراقبة تصرفات كل سائق فى الالتزام بقواعد السلامة والقيادة على الطرق.

فإن تعددت مخالفاته التى يجرمها القانون، فيكون ذلك واضحًا، ويتم استدعاؤه، بهدف التعامل معه لعدم تكرار هذه المخالفات، وإن لم يلتزم بتكرار المخالفات فليتم إلغاء رخصة القيادة وإبعاده عن مهنة السائق.

وعندما أطالب بذلك، ليس من منظور العداء للسائقين، ولكن بهدف إعادة الانضباط لهذه المهنة، التى لا يوجد أدنى معلومات عن عالمها، بتوجيه الاتهامات إليهم عند وقوع أى حادث جسيم.

فى حين، تعانى هذه المهنة من حالة فوضى وغياب المعلومات والتواصل مع أى سائق، حتى أصبح السائق يفرض قانونه على الطريق، لأنه يريد تحقيق أعلى عائد مادى خاصة من جانب سائقى التريلات واللوارى من الرحلة التى يقوم بها، ولا سيما أنه يعرف أن صاحب التريلا أو اللوارى يحقق عوائد ضخمة، قد تصل إلى 300 ألف جنيه شهريًا، وبالتالى أصبح هدف السائق أن يحصل على أكبر عائد من هذا الذى يحصل عليه المالك، ولا سيما أن بعض السائقين، الذين يرون هذا العائد الضخم للمالك، يعملون لأن يكونوا من أصحاب هذه التريلات أو اللواري.

ومن هنا تأتى مخالفات السرعة والحمولة وعدم الالتزام بقواعد القيادة الآمنة على الطريق، مستغلًا عدم التواجد الأمنى من كمائن ولجان مرورية على هذه الطرق، وعدم كفاية الرادارات والكاميرات على كافة الطرق، بما فى ذلك الطرق الجديدة.

هذا فقد آن الأوان، أن تكون هناك قاعدة بيانات لعالم السائقين، ليس بهدف العداء معهم، ولكن بهدف ترويضهم وإعادتهم إلى حظيرة الانضباط المرورى.

وعندما أطالب بأن تكون هناك قاعدة بيانات، تساعد على التواصل مع هذا العالم، وإعادة الانضباط إليه، فهذا لا بد أن يكون بالتوازى مع تحقيق الانضباط المرورى بالقانون على كافة الطرق وزيادة عدد الرادارات والكاميرات، فضلًا عن زيادة عدد لجان تحليل المخدرات للسائقين.

وألا يكون ذلك مؤقتا ورد فعل لتلك الحوادث الجسيمة التى وقعت مؤخرًا، بل لا بد أن يكون ذلك دستور عمل لوزارة الداخلية، وهى قادرة على ذلك، لو تطلب ذلك توفير المزيد من الاعتمادات المالية من جانب رئيس الوزراء، حتى تستطيع وزارة الداخلية توفير كافة الإمكانات للتواجد المرورى بكفاءة على كل الطرق.

لأنه بصراحة تفتقد معظم الطرق التواجد المرورى وغياب الخدمات المرورية، من سيارات إسعاف، أو وجود وسائل اتصال لمواجهة حوادث الطرق بمجرد وقوعها.

ليس هناك متسع ولا وقت للمجاملة، بأن نخفى الحقيقة، بأن الكثير من الطرق بلا خدمات تحقق الأمان على هذه الطرق، لكن هذا لا يعنى أن تسود المخالفات القاتلة على هذه الطرق.

وإذا كانت بعض هذه الحوادث الجسيمة التى وقعت مؤخرًا قد كشفت عن تجاوز السرعات، فإن هناك اقتراحا أن تلزم وزارة الداخلية كافة التريلات واللواري، بتركيب محدد سرعة، ولأقول مثبت سرعة.

ويؤدى تركيب محدد السرعة، بتحديد السرعة على كافة الطرق بنحو 80 كيلو مترًا مثلًا، وبشكل يصعب على سائق التريلا أو اللورى زيادتها عما فعل.

وهناك جهات حيوية فى مصر تفعل ذلك، وتقوم بتركيب محدد السرعة على كافة وسائل النقل لديها.

ويمكن لوزارة الداخلية أن تلزم كافة الوسائل التى تعمل فى النقل على ذلك، مع استمرار المراقبة والتفتيش العشوائى للتأكد من تركيب محدد السرعة.

وأصبح هذا الأمر ملحًا، إضافة إلى ضرورة دراسة تركيب كاميرات داخل كل كابينة تريلا أو لورى، لسهولة رصد حركتها، سواء من خلال اللجان المرورية على الطرق، أو ربط هذه الكاميرات بنظام للتتبع من خلال وزارة الداخلية.

والقصد من ذلك، أن هناك وسائل تكنولوجية يمكن أن تساعد على ترويض السائقين وإلزامهم بتجنب المخالفات، جنبًا إلى جنب مع تطبيق القانون عليهم بقوة.

وقبل هذا وذاك، مواجهة الخلل فى إنشاء بعض هذه الطرق والعمل على صيانتها بأقصى سرعة.

كما أن هناك مَن يطالب، بأن يكون لكل تريلا أو لورى أو أتوبيس سائقان فى كل رحلة، أيًا كان طول رحلات هذه الوسائل، لأن هذا سوف يساعد على تجنب المخالفات بمعدلات كبيرة، وبحيث لا يقوم السائق الواحد بالقيادة فترات طويلة، قد تؤدى إلى تعاطيه المخدرات، أو النوم على الطريق ووقوع الحوادث.

لكل هذا، أصبح لا بديل عن منظومة عاجلة لترويض السائقين، حتى نتخلص من كابوس حوادث الطرق، والتى أصبحت تسيء إلى المشروع القومى للطرق، وتزيد الكثير من الضحايا.

 

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة