رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

اضطراب أسعار الطاقة.. ارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ النمو العالمى.. فاتورة الحرب


27-6-2025 | 12:56

.

طباعة
تقرير: أميرة جاد

رغم إعلان انتهاء العمليات العسكرية بين إسرائيل وإيران إلا أن آثارها السلبية على القطاع الاقتصادى لم تكن فى منأى عن تسديد الفاتورة، التى أحرقت نيرانها كل الطموحات الدولية فى تعافى الاقتصاد العالمى.

الحرب الإسرائيلية الإيرانية دفعت الاقتصاد العالمى نحو حالة عدم اليقين، والتى انعكست على الأسواق العالمية وأسعار السلع الأساسية وسلاسل الإمداد الدولية، حيث ارتفعت أسعار النفط ارتفاعًا حادًا؛ إذ قفز خام برنت من حدود 68 دولارًا للبرميل إلى نحو 74 دولار، مدفوعًا بتوقعات تضرر إمدادات الطاقة، لكنها تراجعت مع وقف إطلاق النار إلى نحو 64 دولاراً تقريباً.

 

وكان الارتفاع الذى شهدته أسعار الطاقة تسبب فى موجة تضخمية جديدة، أفسدت الآمال التى بدأت تتشكل منذ بداية العام بتباطؤ التضخم العالمي، حيث حذّر معهد التمويل الدولى من أن «استمرار الحرب قد يخفض النمو العالمى بنسبة 0.3 نقطة مئوية، ويؤدى إلى انكماش اقتصادى فى الشرق الأوسط بنسبة 1.7 فى المائة بدلًا من نمو متوقع بـ3.4 فى المائة»، كما تشير التوقعات بأن كل 10 دولارات زيادة فى سعر النفط تُضيف ما لا يقل عن 0.3 فى المائة إلى معدل التضخم العالمي، وهو ما بدأ يظهر بالفعل مع عودة أسعار الغذاء للارتفاع، فقد زاد القمح بنحو 2.8 فى المائة، والسكر بـ3.1 فى المائة، والذرة وفول الصويا بنسب متفاوتة، مدفوعة بارتفاع تكاليف الشحن والمخاوف من اضطراب الإمدادات.

وقد انعكست التوترات فى البحر الأحمر ومضيق هرمز على حركة الملاحة التجارية، مما زاد تكاليف التأمين بنسبة قاربت 40 فى المائة، وأجبر بعض السفن على تغيير مساراتها، وهو ما سبّب تأخيرات ورفع أسعار السلع عالميًا، وبالتبعية بدأت توقعات النمو تتراجع فى معظم التقديرات الدولية. بعد أن كان صندوق النقد الدولى يتوقع نموًا عالميًا بنحو 3.5 فى المائة هذا العام، ظهرت تحذيرات من احتمالات نزول المعدل إلى ما دون 2.5 فى المائة إذا استمر الصراع. منطقة الشرق الأوسط وهى بطبيعة الحال الأكثر تضررًا.

تداعيات الحرب «الإسرائيلية - الإيرانية» على الاقتصاد العالمى ليست بعيدة عن مشهد الاقتصاد المصرى الذى من المتوقع أن تشهد مؤشراته تحركات فى أكثر من اتجاه، سواء على صعيد المالية العامة والتى تعبر عنها الموازنة أو على صعيد الاقتصاد الكلى والجوانب المتعلقة بالسياسات النقدية، حيث من المتوقع أن يؤدى استمرار الحرب إلى ضغوط واسعة على الموازنة العامة للعام المالى الذى سيبدأ بعد أيام، وهو ما أكدته منى مصطفى، رئيس قسم البحوث بأحد بنوك الاستثمار، قائلة: إن «استمرار الحرب من شأنه زيادة الضغط على الموازنة العامة وإرباك خطط الحكومة فى خفض العجز الكلى الذى من المتوقع له الزيادة حال استمرار الحرب».

مشيرة إلى أن وزارة المالية قدّرت فى الموازنة الجديدة دعم المواد البترولية بنحو 154 مليار جنيه، وكان استمرار الحرب سيفرض مراجعة هذه التقديرات بسبب ارتفاع أسعار النفط وتكاليف الشحن، حيث قدرت موازنة 2025–2026 سعر البرميل عند 75 دولارًا، إلا أن أى زيادة عن هذا المستوى تترتب عليها أعباء مالية مباشرة، حيث تشير التقديرات الرسمية إلى أن كل دولار إضافى فى سعر النفط يضيف نحو 197 مليون دولار شهريًا إلى فاتورة الاستيراد، أى ما يقارب 2.4 مليار دولار وهو ما يرفع عجز الموازنة، ما لم تواجه الحكومة هذه الزيادة المحتملة فى أسعار النفط بزيادة فى الإيرادات العامة التى حتما ستتأثر باستمرارية الحرب.

فى السياق نفسه، قال محمد رضوان، المحلل المالى: من تداعيات الحرب الإيرانية الإسرائيلية التأثير على الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة ممثلة فى الأموال الساخنة استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة، والتى تمثل مصدرًا لا يُستهان به للعملة الأجنبية التى تحتاجها مصر لاستيراد السلع الاستراتيجية وسداد أقساط وخدمة الدين الخارجي، والتراجع المتوقع لهذين المصدرين للعملة الأجنبية إلى جانب السياحة كان سيدفع «المالية» إلى تغطية الفجوات الدولارية بطرح سندات بأسواق المال الدولية للحصول على العملة الأجنبية، وهو ما يمثل عبئا جديدا على الموازنة، حيث من المتوقع أن ترتفع الفوائد على الديون الجدية بسبب ارتفاع المخاطر السياسية والاقتصادية للحرب، وهو ما قد يرفع معدلات العجز الكلى للموازنة العامة».

أضاف أنه من المعروف استمرار الحرب حتمًا كان سيؤدى إلى ارتفاع معدلات التضخم العام فى مصر لأكثر من سبب، أهمها أن ارتفاع أسعار النفط سيرفع بالفعل تكلفة النقل الخارجى والشحن والتأمين، وكذلك النقل الداخلى مما يرفع بالتبعية أسعار السلع والخدمات المستوردة وغير المستوردة، إلى جانب أن استمرار الحرب كان من شأنه تقليص الموارد الدولارية لمصر وهروب الاستثمارات غير المباشرة، مما يؤدى إلى مزيد من الطلب على الدولار وهو ما يدفع الجنيه المصرى للتراجع أمام الدولار الذى تؤدى زيادة سعره إلى زيادة مباشرة فى أسعار السلع والخدمات المستوردة»، موضحًا أن «الأيام الأولى للحرب شهدت بالفعل زيادة سعر صرف الدولار جنيهًا واحدًا فى مقابل العملة المحلية، وهناك استطلاعات رأى مختلفة لبعض المنصات المالية رجحت تحرك الجنيه بين 52 و55 جنيهًا للدولار فى حال استمرار الحرب».

«الحرب لا تأتى بخير حتى لو كانت خارج أراضينا»، بهذه الكلمات بدأ الدكتور إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات، قبل أن يضيف أن التعاطى مع التداعيات الاقتصادية للحرب العسكرية بين إسرائيل وروسيا يتطلب وضع سيناريوهات مختلفة للتعامل معها وتخفيف آثارها على الشارع المصري، والحكومة قد شكلت بالفعل لجنة أزمات برئاسة رئيس الوزراء مصطفى مدبولى لمتابعة تداعيات الحرب.

«الدسوقى» لفت إلى أن هذه اللجنة من الضرورى لها مواجهة التداعيات الاقتصادية من خلال اتباع استراتيجية متعددة المحاور تجمع بين الإجراءات العاجلة والخطط طويلة الأمد مثل تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الخارج ومع ارتفاع أسعار النفط والغاز عالميًا، يُنصح بتفعيل آليات التحوط فى عقود استيراد الطاقة، والتوسع فى تصدير الغاز الطبيعى المُسال من محطات مثل دمياط لتعزيز الإيرادات الدولارية، بالإضافة إلى سرعة تعزيز الأمن الغذائى والمخزون الاستراتيجى لضمان استقرار السوق المحلى.

الاكثر قراءة