رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مدارس «التكنولوجيا التطبيقية».. المسار الذهبى لـ«تعليم المستقبل»


26-6-2025 | 23:23

.

طباعة
تقرير: نهال بلال

منذ 7 سنوات تقريبًا، انطلقت منظومة مدارس التكنولوجيا التطبيقية فى مصر، وكانت البداية فى 2018 بـ«ثلاث مدارس» فقط، ثم شهدت توسعًا سريعًا، ليصل عددها إلى 79 مدرسة فى 23 محافظة حتى عام 2024، ومن المتوقع أن يتجاوز العدد 100 مدرسة مع انطلاق العام الدراسى 2025/2026، لتغطى كل محافظات الجمهورية، وذلك فى إطار خطة تطوير منظومة التعليم الفني، وتحقيق أهداف رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.

وتعتبر المدارس التكنولوجية نموذجا حديثا ومتكاملا، يهدف إلى تقديم تعليم فنى عالى الجودة، ويمثل بديلًا قويًا أو مسارًا جديدًا لمسار الثانوية العامة التقليدية، وتُدار المدارس بالشراكة بين الوزارة وكبرى شركات القطاع الخاص والعام، وبمساهمة شركاء دوليين، لضمان توافق التعليم مع معايير الجودة العالمية ومتطلبات سوق العمل، كما أن هذه المدارس تستوعب أكثر من 12 ألف طالب وطالبة، وتضم حوالى 1400 معلم وإدارى، تم اختيارهم وفق معايير دقيقة تضمن الكفاءة والتميز، ووقّعت الوزارة ما يقرب من 100 بروتوكول تعاون مع شركاء صناعيين لتأسيس مدارس جديدة، وتوفير تخصصات تتماشى مع احتياجات سوق العمل الفعلية.

تقدم المدارس التكنولوجية نموذجًا متطورًا للتعليم الفني، يدمج بين الدراسة النظرية والتطبيق العملى داخل المصانع والشركات، باستخدام مناهج قائمة على «الجدارات»، التى تركز على إكساب الطالب المهارات والكفاءات المطلوبة فى سوق العمل، ويتم تطوير المناهج بالتعاون مع الشركاء الصناعيين لضمان ارتباطها بالواقع العملي، ويحصل الطالب عند التخرج على ثلاث شهادات، شهادة معتمدة من وزارة التربية والتعليم، وأخرى من الشريك الصناعي، وثالثة دولية معترف بها خارجيًا.

وعلى مدار السنوات الماضية، أحدثت هذه المدارس تحولًا كبيرًا فى الصورة الذهنية عن التعليم الفنى فى مصر، ورفعت من معدلات الإقبال عليه. فخلال العام الجاري، تقدم أكثر من 40 ألف طالب للالتحاق بهذه المدارس، تم قبول نحو 8 آلاف منهم فقط بعد اجتيازهم اختبارات إلكترونية ومقابلات شخصية دقيقة، ويُلاحظ تزايد رغبة الطلاب المتفوقين، الحاصلين على أكثر من 90 فى المائة فى المرحلة الإعدادية فى اختيار هذا المسار بدلًا من الالتحاق بالثانوية العامة، تقديرًا لجودة التعليم وفرص التوظيف المرتفعة التى توفرها هذه المدارس.

وقد أظهرت النتائج أن 53 فى المائة من خريجى هذه المدارس التحقوا مباشرة بسوق العمل، فيما واصل 43 فى المائة دراستهم فى الجامعات والمعاهد العُليا، كما حصل 18 فى المائة منهم على شهادات اعتماد دولية. وتعمل وحدة تشغيل وإدارة مدارس التكنولوجيا التطبيقية على متابعة خريجى المدارس، وتنظيم ملتقيات توظيف، وتحديث قواعد البيانات الخاصة بسوق العمل، وإلى جانب ما سبق أُدرجت تخصصات مستقبلية مثل «الذكاء الاصطناعى، والبرمجيات، وصيانة الطائرات، والزراعة الحديثة، والتسويق الرقمي، والفندقة»، ضمن مناهج تعليمية مرنة تتجاوب مع التغيرات الاقتصادية.

ويُشترط للالتحاق بهذه المدارس أن يكون الطالب حاصلًا على الشهادة الإعدادية العامة أو الأزهرية، وألا يزيد عمره على 18 عامًا، مع الالتزام بالتوزيع الجغرافي. يتم التقديم عبر الموقع الإلكترونى للوزارة، ويخضع المتقدم لاختبار إلكترونى فى اللغتين العربية والإنجليزية والرياضيات والتفكير المنطقي، تلى ذلك مقابلة شخصية، وفى حال عدم قبوله فى الرغبة الأولى يتم ترشيحه للمدرسة التالية حسب اختياراته.

أما اختيار المعلمين فيخضع لمعايير صارمة، منها أن يكون المتقدم من العاملين بالتربية والتعليم، ولا يزيد عمره على 50 عامًا، على أن يكون بنظام الندب، مع تقديم أوراق خبرة وشهادات معتمدة. كما توجد شروط خاصة لاختيار المدير الأكاديمي، تشمل امتلاك الخبرة فى التعليم الفنى والقدرة على القيادة والتواصل واستخدام التكنولوجيا الحديثة.

وتضم مدارس التكنولوجيا التطبيقية فصولًا ذكية لا يزيد عدد الطلاب فيها على 25 طالبًا، ومعامل وورشًا متطورة، وغرف خدمات، ومرافق رياضية وثقافية. وتشرف على إدارتها وحدة متخصصة بوزارة التربية والتعليم، تتولى تطوير المناهج، وتدريب المعلمين، ومتابعة الأداء الأكاديمى والإداري.

وتعد «المدارس التكنولوجية» من أبرز قصص النجاح فى قطاع التعليم، لما تحققه من تكامل بين التعليم وسوق العمل، وما تحظى به من دعم سياسى ومؤسسى واسع، وتعاون مع كبرى الكيانات الاقتصادية، واعتماد مناهجها دوليًا، وتقديمها مسارا تعليميا محترما وجذابا يمثل بديلًا حقيقيًا عن الثانوية العامة، يلبى طموحات الطلاب، ويخدم خطط التنمية فى مصر.

وفى هذا السياق، أكد الدكتور تامر شوقى، الخبير التربوي، أن «الدولة المصرية شهدت خلال السنوات القليلة الماضية اهتمامًا غير مسبوق بالتعليم الفنى بأشكاله كافة، باعتباره القاطرة الحقيقية للتنمية وأحد المفاتيح الأساسية لتحقيق النهضة الاقتصادية»، موضحًا أن «هذا التوجه شمل التوسع فى مسارين رئيسيين، هما التعليم الثانوى الفني، الذى يضم التعليم الفنى التقليدى ومدارس التكنولوجيا التطبيقية، إلى جانب إنشاء الجامعات التكنولوجية التى أصبحت تمثل مسارًا تعليميًا متكاملًا وموازيًا للجامعات التقليدية».

«د. تامر»، أضاف أن «طلاب المرحلة الإعدادية اليوم أمام فرصة ذهبية للالتحاق بالتعليم الفني، خاصة بعد أن تغيرت النظرة المجتمعية لهذا النوع من التعليم، وأصبح أكثر جذبًا من التعليم الثانوى العام من حيث الفرص المستقبلية، سواء فى سوق العمل أو فى استكمال التعليم الجامعي»، لافتًا إلى أن خريجى التعليم الفنى باتوا يتمتعون بفرص عمل واسعة ومتنوعة، مع رواتب مجزية على المستويين المحلى والدولي، فضلًا عن إمكانية الالتحاق بالجامعات التكنولوجية أو إجراء المعادلة المؤهلة للجامعات الحكومية.

كما أشار إلى أن «التعليم الفنى والتكنولوجى التطبيقى يتميز بتخصصات حديثة تواكب متطلبات العصر، مثل الذكاء الاصطناعى وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والغزل والنسيج، والتصنيع الغذائى والدوائي، والمفاعلات النووية، مما يجعله أكثر ارتباطًا باحتياجات سوق العمل الفعلية، كما أنه يعتمد على التدريب العملى واكتساب المهارات داخل ورش المدارس، وكذلك فى المصانع والشركات من خلال الشركاء الصناعيين، وهو ما يمنح الطلاب خبرة حقيقية تؤهلهم مباشرة لسوق العمل».

«شوقي»، فى سياق حديثه أكد أن «بعض مدارس التكنولوجيا التطبيقية تقدم مكافآت مادية منتظمة للطلاب خلال سنوات الدراسة، ما يمثل عنصر جذب إضافيا، ويعكس مدى التحول الجاد فى رؤية الدولة لهذا القطاع الحيوي، وفى المقابل، يعانى التعليم الثانوى العام من صعوبات تتعلق بصعوبة المناهج وضغط الامتحانات، وهو ما يدفع عددًا كبيرًا من الطلاب إلى البحث عن بدائل أكثر واقعية وملائمة لطموحاتهم»، مشددًا على أن «التعليم الفنى لم يعد خيارًا بديلًا أو درجة ثانية، بل أصبح مسارًا رئيسيًا وموازيًا لتعليم الثانوية العامة، ويُعد من أهم مفاتيح بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة».

وفى ذات السياق قالت الدكتورة إيلارية عاطف زكي، خبيرة المناهج وطرق التدريس: التعليم الفنى فى مصر يشهد تحولًا نوعيًا وغير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، والدولة المصرية أولت اهتمامًا بالغًا بهذا النوع من التعليم باعتباره القاطرة الحقيقية للتنمية، ومحورًا أساسيًا لتحقيق النهضة الاقتصادية الشاملة، كما أن التوسع فى التعليم الفنى شمل جناحين رئيسيين، هما التعليم الثانوى الفني، سواء التقليدى أو التكنولوجى التطبيقي، إلى جانب الجامعات التكنولوجية التى أصبحت تمثل امتدادًا طبيعيًا لهذا المسار.

«د. إيلارية»، أضافت أن «الفرصة أصبحت متاحة بشكل أفضل حاليًا أمام طلاب المرحلة الإعدادية للالتحاق بالتعليم الفني، بعدما تغيّرت النظرة المجتمعية إليه وأصبح يوفر آفاقًا واعدة لم تكن متاحة من قبل، كما أن خريجى هذا النوع من التعليم باتوا يتمتعون بفرص عمل حقيقية وواسعة، برواتب مجزية، سواء داخل مصر أو خارجها، فضلًا عن تيسير الالتحاق بالجامعات التكنولوجية، وكذلك الجامعات الحكومية من خلال نظام المعادلة».

وأوضحت أن «مسار التعليم الفنى والتكنولوجى التطبيقى يتمتع بمميزات عديدة تجعله أكثر جاذبية من التعليم الثانوى العام، أبرزها أنه يفتح نفس الفرص الجامعية، ويقدم تخصصات حديثة مطلوبة فى سوق العمل، مثل الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا المعلومات، والاتصالات، والتصنيع الغذائى والدوائي، والمفاعلات النووية، وتكنولوجيا الغزل والنسيج، وغيرها من المجالات التى تمثل مستقبل الاقتصاد».

«د. إيلارية»، لفتت إلى أن «التعليم الفنى يركز بشكل أساسى على المهارات العملية، ويبتعد عن الاقتصار على الجانب النظري، مما يساعد الطلاب على الاندماج السريع فى سوق العمل»، مشيرة إلى أن هناك فرصًا كبيرة للتدريب داخل ورش المدارس وفى مصانع وشركات الشريك الصناعي، وهو ما يمنح الطالب خبرة واقعية ومباشرة.

كما أوضحت أن «بعض مدارس التكنولوجيا التطبيقية تقدم مكافآت مالية منتظمة للطلاب طوال فترة دراستهم، وهو ما يعكس دعم الدولة لهذا التوجه، ويزيد من إقبال الطلاب عليه، وفى المقابل، التعليم الثانوى العام يعانى من صعوبات كبيرة، سواء من حيث ضغط المناهج أو تعقيد نظام الامتحانات، مما يدفع كثيرًا من الطلاب وأولياء الأمور إلى التفكير الجاد فى بدائل أكثر فاعلية وملائمة لمتطلبات العصر»، مختتمة حديثها بتأكيد أن «التعليم الفنى لم يعد خيارًا بديلًا أو هامشيًا، بل أصبح مسارًا ذهبيًا حقيقيًا لبناء مستقبل أكثر استقرارًا وواقعية، يتماشى مع احتياجات الدولة وسوق العمل فى آن واحد».

أخبار الساعة

الاكثر قراءة