رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

تسقط الأنظمة وتظل الشعوب


26-6-2025 | 23:21

.

طباعة
بقلـم: أحمد النبوى

قالوا زمان «عدو عدوى صديقى».. هذا المثل الشعبى يردده الشعب المصرى الآن تجاه ما يحدث فى الحرب الدائرة بين إيران والكيان الصهيونى المحتل، ولكن علينا أن نتوقف لحظات لنفكر فى حالة الانقسام المتواجدة فى الشارع المصرى تجاه إيران بين مؤيد ومعارض، ولماذا هذا الخلط الذى يحدث عند البعض؟ ولماذا نحكم على دولة من خلال النظام السياسى الذى يحكمها؟

فى البداية علينا جميعا أن نعى أن إيران دولة إسلامية شيعية، ونحن فى مصر على مدار تاريخنا منذ المصريين القدماء دولة موحدة لله، وفى التاريخ المعاصر قبل ثورة يوليو 52 كان يعيش فى مصر مواطنون من كل الأديان ولهم مطلق الحرية فى اختيار عقيدتهم ولم يكن هناك أى تصنيف دينى فى المجتمع المصرى.

ولا ننسى أن مصر ظلت تحت حكم الدولة الفاطمية قرنين من الزمان بالمذهب الشيعى، وأن الجامع الأزهر منارة العلم فى العالم الإسلامى بأكمله، والذى يعد حصنا للإسلام الوسطى تم إنشاؤه فى عهد الدولة الفاطمية لنشر المذهب الشيعى بين أبناء الشعب المصرى قبل أن يتحول إلى المذهب السنى، فهل خلال تلك الفترة تشيع المصريون؟ التاريخ والمؤرخون يقولون: لا.

والتساؤل هل المصريون يكرهون الشيعة؟ الإجابة أيضا.. لا، وأكبر دليل هو عشق الشعب المصرى لآل البيت ولمساجدهم وأضرحتهم سواء فى الأزهر أو مسجد الحسين أو السيدة نفيسة أو السيدة زينب وغيرها والتى حملت تلك المناطق أسماءهم.

وهناك تأكيد آخر على هذا الكلام، وهو زواج الأميرة فوزية أخت الملك فاروق من ولى العهد الإيرانى الأمير محمد رضا بهلوى عام 41، فهل يُعقل أن يقوم ملك مصر بتزويج شقيقته الصغرى من عدو أو شخص يحمل مذهبا يكرهه هو والشعب والإجابة أيضا.. لا.

هنا نؤكد أن المصريين ليس عندهم أدنى مشكلة مع المذاهب أو حتى الأديان السماوية الأخرى، ولكن المشكلة هنا بدأت مع الثورة الإسلامية فى إيران عام 78 وظهر نظام بمرجعية إسلامية، وهنا أستطيع أن أقول إن المصريين يرفضون استخدام واستغلال الدين لتحقيق مكسب سياسى كما حدث مع جماعة الإخوان الإرهابية التى حاولت «أخونة» الدولة فى عام، وكان الحكم بيد المرشد، فهم لا يريدون مصلحة الوطن لأنهم لا يعترفون بالأوطان، ولكنهم تابعون لمصلحة جماعتهم أو فرقتهم تحت ستار الدين لمصالحهم الشخصية.

التاريخ يؤكد لمنْ لم يقرأ أن فترة حكم عبدالناصر كان هناك توتر وقطيعة فى العلاقات بين مصر وإيران وخاصة بعد نكسة يونيو وهجوم عبدالناصر الشديد على الشاه كرمز لمصالح أمريكا، ولكن حصل تقارب فى الأيام الأخيرة بتدخل الملك حسين عاهل الأردن بمشاركة السادات، وكانت العلاقات على وشك العودة وإعادة السفراء مرة أخرى؛ إلا أن وفاة عبدالناصر أجلت ذلك، وبعد الوفاة بادر شاه إيران بإعلان الحداد ثلاثة أيام ومشاركة وفد رسمى برئاسة رئيس الوزراء فى جنازة عبدالناصر، وبعدها بدأت صفحة جديدة بين مصر وإيران توّجت أثناء حرب أكتوبر؛ حيث أرسل السادات برقية لشاه إيران يقول له إن مصر تواجه مشكلة حادة بسبب البترول الذى لن يكفيها فى هذا التوقيت أكثر من 15 يوما قادمة، وكان الشاه على مستوى المسئولية وقدر حجم المشكلة ودقة عنصر الوقت لإنقاذ الموقف، وعلى الفور أمر الشاه ناقلات البترول الإيرانية فى عرض البحر بتغيير وجهتها؛ لتستهدف الإسكندرية رأسا وتفرغ حمولتها من البترول هناك.

وفى نفس اللحظة وصلت السادات برقية من الشاه يقول فيها: (فى الطريق إليك 600 ألف طن بترول كانت فى طريقها إلى موانئ أوروبا وأمرت بإرسالها إلى الإسكندرية كشحنة أولى، وأرجو أن ترسل وزير البترول المصرى إلى طهران ليحدد ما يطلبه من البترول تباعا).

وبعد اندلاع الثورة الإسلامية فى إيران رحبت مصر بالشاه ضيفا مكرما على البلاد بعد لجوئه لعدد من الدول، وكانت محطته الأخيرة فى مصر حتى توفاه الله وتم دفنه فى القاهرة، وكان موقف السادات تجاه الشاه سببا من أبرز أسباب قطع العلاقات بين مصر وإيران مجددا وحالة التصعيد التى بلغت حد تسمية أحد أشهر الشوارع فى طهران باسم الإرهابى خالد الإسلامبولى قاتل السادات.

وبعد ثورة يونيو استمرت حالة الهجوم الإيرانى على مصر، وتعامل معها الرئيس السيسى بسياسة حكيمة اتبعها فى ملف العلاقات الخارجية من أول يوم لتوليه رئاسة مصر، وهى السياسة التى استمرت حتى يومنا، وأجبرت الجميع على إعادة العلاقات مع مصر بدون تقديم أى تنازلات؛ فمصر استطاعت أن تعود لتقود المنطقة وتكون لاعبا أساسيا فى الأحداث؛ وقد شاهدنا جميعا كيف استطاع الرئيس السيسى إعادة مصر لمكانتها الطبيعية التاريخية رغم كل المخططات ورغم كل الضغوط.

وفى السنة الأخيرة شاهدنا تقاربا فى العلاقات بين مصر وإيران على المستوى الرئاسى، بالإضافة إلى زيارة وزير الخارجية لمصر، وقبل يومين أجرى الرئيس السيسى اتصالا هاتفيا بالرئيس الإيرانى.

عزيزى القارئ هذا ليس مقالا للتاريخ، ولكنه دعوة للقراءة للتاريخ قبل أن تصدر حكمك على أحد فى المطلق، وأيضا عليك أن تعى أن الأنظمة التى تحتمى تحت ستار الدين كلها صناعة مخابرات سواء كانت جماعة الإخوان على يد الإنجليز وبعد ذلك تسلمها الأمريكان، ويكفيك أن تعرف أن الثورة فى إيران قامت بعدما توحد الموقف العربى فى حرب 73 ومن بعدها لم يتحد بنفس هذه القوة، وهنا ظهرت الفتنة المذهبية وفرِّق تسُدْ بين الدول العربية، بل وظهور الجماعات الجهادية والتى استخدمتها أمريكا فى حربها ضد الاتحاد السوفيتى، وبعد ذلك تحولت تلك الجماعات كورقة تستخدمها أمريكا ضد الأنظمة العربية لصالح العدو الدائم، وهو الكيان الصهيونى، وعلينا جميعا ألا ننخدع بالأحداث الجارية وننسى الحصار الذى يعيش فيه أهلنا فى غزة وأن القضية الفلسطينية هى الأصل فى كل ما يحدث فى الشرق الأوسط، وأن السلام القائم على الأقل بحل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 67 هو الحل لكل الحروب الدائرة فى المنطقة، ولا تنسَ عزيزى القارئ أن الحرب ليست بالأسلحة فقط، وأننا لسنا بعيدين عنها لأن العدو يستخدم أسلوبا جديدا ضد العرب وهو تزييف الحقائق ونشر الجهل بين الشعوب اعتمادا على سياسة التغييب الفكرى والاعتماد على ما تبثه لجانهم الإلكترونية من خلال السوشيال ميديا التى تتحكم بها أمريكا واللوبى الصهيونى.

 
 
 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة