رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

لماذا لا يتم إصدار سندات دولارية لسداد مستحقات الشركاء الأجانب؟ خارطة بترولية عاجلة


31-5-2025 | 16:49

.

طباعة
بقلـم: غالى محمد

رغم التحديات الصعبة التى تواجه قطاع البترول فى الفترة الأخيرة، فإن الاجتماع الذى عقده الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الأيام الماضية لمناقشة كافة التحديات التى تواجه الصناعة البترولية فى مصر -قد جاء لوضع المزيد من السياسات والإجراءات لمواجهة تلك التحديات.

هذا الاجتماع للرئيس السيسى ليس إلا واحدا من اجتماعاته المستمرة لمتابعة الشأن البترولى، فى إطار أكبر لاهتمامه بقضية الطاقة والحرص على الاستمرار فى تحقيق الأمن القومى للطاقة، الذى يعد قاطرة التنمية الشاملة الذى يحرص الرئيس السيسى على تحقيقها بقوة منذ أن تولى الحكم فى عام 2014.

وقد حرص الرئيس السيسى فى هذا الاجتماع مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، والمهندس كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية، على مناقشة كافة هذه التحديات بكل شفافية، بما فى ذلك تأكيدات الرئيس السيسى على محاسبة المتسببين فى قضية غش البنزين.

جاء هذا الاجتماع ليؤكد فيه الرئيس السيسى -كعادته- على كامل حرصه على توفير كافة أنواع الوقود خاصة من الغاز الطبيعى المستورد لمحطات الكهرباء، حتى لا تحدث انقطاعات فى الكهرباء خلال فترة ذروة الاستهلاك هذا الصيف.

ووفقًا لذلك، فقد تحركت الحكومة مبكرًا برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى، لتوفير كافة الاعتمادات المالية من الدولار لاستيراد كافة الاحتياجات من شحنات الغاز المسال، فضلًا عن واردات الغاز الإسرائيلي.

وبالفعل بدأ استيراد عدد من شحنات الغاز المسال التى يتم ضخها عبر مراكب التغييز بميناء العين السخنة إلى الشبكة القومية للغازات التى تديرها شركة «جاكسو».

والسؤال: هل أخطأت الحكومة فى استيراد الغاز الطبيعى المسال مهما كانت قيمته، أم كان من الأفضل العودة إلى ظاهرة تخفيف الأحمال؟

الأمر المؤكد أن الحكومة بقرارات من الرئيس السيسى قد تحركت فى الاتجاه الصحيح، من خلال الاتجاه إلى التوسع فى استيراد الغاز الطبيعى المسال، حتى لا تعود ظاهرة تخفيف الأحمال.

ورغم أن ذلك سوف يتبعه ارتفاع التكلفة المالية لاستيراد الغاز الطبيعى المسال، فقد حرصت الحكومة على توفير كافة الاعتمادات والتى قد تصل إلى حوالى مليارى دولار شهريًا خلال ذروة الاستهلاك فى هذا الصيف.

وعندما نقول ذروة الاستهلاك، خلال هذا الصيف، فإن الاستهلاك من الغاز الطبيعى يصل إلى حوالى 7.5 مليار قدم مكعب فى اليوم لتوفير كافة احتياجات محطات الكهرباء التى تصل إلى نحو 5.5 مليار قدم مكعب فى اليوم، ونحو 1.6 مليار قدم مكعب فى اليوم للصناعة، وهذا هو الحد الأدنى حتى لا يتوقف النشاط الصناعى، والباقى لاستهلاك المنازل وغيره من الأنشطة.

وإذا كان الاستهلاك خلال فترة ذروة هذا الصيف، سوف يصل إلى نحو 7.5 مليار قدم مكعب فى اليوم، فإن المتاح الآن من الإنتاج المحلى يصل إلى نحو 4 مليارات قدم مكعب فى اليوم، ومن الممكن أن يقل عن ذلك خلال الأشهر القادمة، ليصل إلى نحو 3.7 مليار قدم مكعب فى اليوم، إلا إذا أسرع الشركاء الأجانب فى تنمية بعض الاكتشافات الحالية، لضخ إنتاج إضافى جديد، حتى لو على سبيل تعويض التناقص الطبيعى فى إنتاج الحقول.

وبالتالى فإن المطلوب استيراده خلال ذروة الاستهلاك هذا الصيف سوف يصل إلى نحو 3.5 مليار قدم مكعب فى اليوم، منها نحو ما يقرب من مليار قدم مكعب يتم استيرادها من الغاز الإسرائيلى فى اليوم، ونحو 2.5 مليار قدم مكعب فى اليوم، سوف يتم استيرادها من الغاز الطبيعى المسال.

ومن هنا استطاعت وزارة البترول ممثلة فى الشركة القابضة للغازات الطبيعية تأمين استيراد الشحنات اللازمة من الغاز الطبيعى المسال.

بل إن تحرك وزارة البترول قد تجاوز ذلك، لإبرام عقود طويلة لاستيراد الغاز الطبيعى المسال من شركات قطرية ومن شركة أرامكو السعودية وغيرها، وذلك حتى عام 2030، حتى لا تتكرر أية مشاكل فى توفير الوقود اللازم لمحطات الكهرباء.

وهذا بخلاف التحرك من خلال الشركاء الأجانب لزيادة الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعى من خلال تكثيف البحث والاستكشاف وتحقيق اكتشافات جديدة.

وهذا لن تظهر ثماره قبل عام 2028 لطبيعة الصناعة البترولية، ولا يعنى هذا أن الباب مغلق أمام عودة زيادة الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعى.

بل على العكس تمامًا فمصر لديها إمكانات واعدة فى شرق وغرب البحر المتوسط، لتحقيق اكتشافات اقتصادية جديدة، شريطة الالتزام بسداد مستحقات الشركاء الأجانب دون تأخير، لأن الشركاء الأجانب لن يزيدوا استثماراتهم إلا إذا حصلوا على مستحقاتهم دون تأخير.

ولا أقصد هنا المستحقات الشهرية بل لا بد من التعجيل بسداد مستحقات الشركاء الأجانب القديمة التى تصل إلى حوالى 6 مليارات دولار.

وهناك اقتراح للدكتور «مدبولى» بدراسة إصدار سندات بهذه القيمة، بضمان بعض كيانات قطاع البترول. وليس فى ذلك أدنى مشكلة للتخلص من مشكلة مستحقات الشركاء الأجانب والتى أدت هى فقط إلى المشكلة التى نعانى منها الآن فى تراجع الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعى، لصالح استيراد الغاز الطبيعى المسال بأسعار مرتفعة تقترب من 17 دولارا للمليون وحدة حرارية شاملة تكلفة إعادة التغييز والنقل وفوائد سداد قيمة الشحنات بالأجل.

لا بديل عن حل جذرى، بإصدار مثل هذه السندات، حتى يعود الشركاء الأجانب إلى ضخ استثمارات جديدة، لتحقيق المزيد من الاكتشافات الغازية الكبيرة فى شرق وغرب المتوسط والصحراء الغربية وخليج السويس، وغيرها، ويزيد الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعى.

ودون ذلك، سوف نظل ندور فى دائرة مفرغة لا حل فيها سوى سداد مستحقات الشركاء الأجانب بالتوازى مع إعطاء المزيد من الحوافز التى تحقق مصالح الجانب المصرى فى زيادة الإنتاج من الغاز الطبيعى والشركاء الأجانب.

ولا خلاف على مراجعة بعض الاتفاقيات وتعديلها بزيادة أسعار شراء الغاز الطبيعى من الشركاء الأجانب، شريطة أن يكون ذلك وفق دراسات اقتصادية للفوائد التى سوف تتحقق وبشفافية أيضا، وبحيث يشارك فى عمليات التفاوض مع الشركاء الأجانب المزيد من الخبراء بدلًا من استبعاد الذين يجيدون التفاوض مع الشركاء الأجانب بحرفية عالية.

وليس سرًا أن الشركاء الأجانب يطالبون بزيادة شراء أسعار الغاز الطبيعى من حصتهم مقارنة بأسعار استيراد الغاز الطبيعى المسال.

وبالفعل مجلس الوزراء فى اجتماعه الأخير وافق على زيادة ربحية الشركاء الأجانب كمبدأ عام فى الاتفاقيات البترولية بعد التفاوض فى كل اتفاقية على حدة، ووفقًا لما يتحقق من زيادة الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعى وتحقيق اكتشافات جديدة.

ووفقًا لذلك فإن تعديل أى اتفاقية لا بد أن يرتبط بما يتحقق من زيادات فى إنتاج الغاز الطبيعى وتحقيق اكتشافات جديدة وسرعة تنميتها لضخ إنتاجها فى أسرع وقت إلى الشبكة القومية للغازات الطبيعية، إزاء كل هذا فإننا نشهد إجراءات وتحركات على كافة المحاور لكى يتوفر الغاز الطبيعى لمحطات الكهرباء وللمصانع وللاستثمار الجديد فى الصناعة.

وهنا لا بد من وقفة بأنه ليس معيبًا أن نستورد الطاقة وأن نستورد الغاز الطبيعى المسال بصفة خاصة، لأن الكثير من الدول بما فيها كبرى الدول الصناعية تستورد الطاقة وتستورد الغاز الطبيعى المسال لتحافظ على تفوقها فى الإنتاج الصناعى.

وبالتالى ليس عيبًا أن تستورد مصر الغاز الطبيعى المسال، حتى لو فترة مؤقتة حتى لا نعود إلى ظاهرة تخفيف الأحمال لكن لا يعنى هذا، أن نستسلم لاستيراد الغاز الطبيعى المسال لفترة طويلة، ولدينا احتمالات لتحقيق اكتشافات كبيرة فى شرق وغرب المتوسط، شريطة سداد مستحقات الشركاء الأجانب بشكل عاجل.

كما أنه قد آن الأوان لإعادة النظر فى استراتيجية استخدام الغاز الطبيعى، سواء من الإنتاج المحلى أو مستوردًا، للتركيز على تصنيعه بدلًا من حرقه فى محطات الكهرباء، والتوجه إلى التوسع فى إنتاج الكهرباء من الطاقات الجديدة والمتجددة.

لن نخجل أن نقول إننا نحرق الغاز الطبيعى المسال الذى نستورده بأسعار مرتفعة لإنتاج الكهرباء لبعض الأنماط الاستهلاكية التى يجب على الحكومة أن تتصدى لها، لمزيد من خطط ترشيد الاستهلاك الحازمة بدلًا من دفع مليارات الدولارات شهريًا، لاستيراد الغاز الطبيعى لإنتاج الكهرباء للمولات والكافيهات التى تسهر حتى الصباح وللأسوار التى تتم إضاءتها عبثًا بالكهرباء التى نستورد بها الغاز الطبيعى بالمليارات لكن فى جميع الأحوال لا بد أن نرى الأيام القادمة المزيد من السياسات الإيجابية فى قطاع البترول بعد الاجتماع الذى عقده الرئيس السيسى فى الأيام الماضية لمتابعة العمل فى هذا القطاع الحيوى.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة