رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الاعترافات الدولية و«مأساة غزة»


25-9-2025 | 17:10

.

طباعة
بقلـم: عبدالقادر شهيب

هل الاعترافات الدولية الجديدة بالدولة الفلسطينية ستنهى مأساة أهل غزة فى المدى المنظور؟، للإجابة عن هذا السؤال يجب تذكر عدد من الحقائق المهمة.

 

أولا: لقد حاولت إسرائيل وأمريكا أثناء إعلان نحو عشر دول الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وخاصة بريطانيا وفرنسا وبلجيكا.. ومارس الأمريكان ضغوطا كبيرة لمنع ذلك، رغم أن هناك عددا كبيرا من الدول اعترفت على مدى سنوات بالدولة الفلسطينية بلغ نحو 150 دولة من بين 163 دولة عضو بالأمم المتحدة.. ولكن من بين الدول العشر الجديدة المعترفة بالدولة الفلسطينية دولا كانت داعمة تاريخيا لإسرائيل، وأيضًا تنتهج سياسات ترضى عنها أمريكا، وهذا يعنى أن أمريكا ترى أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يضر بإسرائيل دوليا، والأخطر قد يفتح الباب لانتهاج سياسات واتخاذ قرارات عقابية ضدها.

ثانيا: أن رد فعل أمريكا وإسرائيل على الاعترافات الجديدة بالدولة الفلسطينية كان يتسم بالضيق الشديد والغضب الكبير.. فأمريكا أعلنت أن ذلك يعد مكافأة للإرهاب وجائزة تُمنح لحماس التى تصنف لديها منظمة إرهابية، كما يعطل وقف الحرب فى غزة ويجهض جهود وقف إطلاق النار فيها.. أما إسرائيل، فقد ردت بأن لا مكان لدولة فلسطينية ولن تسمح بإقامتها، وأنها سوف تضم أراضى الضفة الغربية لها، وأنها مستمرة فى الحرب حتى تقضى على حماس وتحقق ما تسميه النصر الكامل، وهو يعنى عمليا تهجير أغلب أهل غزة، وتقاسم أرضها مع الأمريكان، كما قال وزير إسرائيلى متطرف.

ثالثا: أن اعتراف أغلبية دول العالم بالدولة الفلسطينية على مدى السنوات السابقة، ومنح هذه الدولة عضوية مراقب بالمنظم الدولية، لم يوفر حماية للفلسطينيين من سلبهم الأراضى التى ستُقام عليها هذه الدولة، وهى كما قال ماكرون، ونقولها قبله، هى أراضى 67، أى الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، أى أننا إزاء دولة فلسطينية اعترفت بها أغلبية دول العالم لكنها تُسلب منها أرضها. ولا يمكن أن تُقام دولة بلا أرض لأن الدولة تتكون من شعب وأرض وحكومة، وعندما تُسلب الأرض يتحول الشعب إلى لاجئين، وهذا ما يريده ترامب بالنسبة لأهل غزة، بعد أن طمع فى أرضهم، وأراد أن يستثمرها.

رابعا: أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قِبل عشر دول جديدة، من بينها بريطانيا وفرنسا وبلجيكا، رغم دلالاته الإيجابية العديدة، فإنه لا يكفى لوقف حرب الإبادة التى يتعرض لها الآن أهل غزة لأنها ليست حرب إسرائيل وحدها وإنما هى أيضا حرب أمريكا معها، وليس ترامب وحده.. ولعلنا نتذكر أن الحرب بدأت وبايدن رئيسا لأمريكا، وأن أمريكا قدمت المال والسلاح لإسرائيل الذى تقتل به الفلسطينيين ووفرت لهم الحماية الدولية بالفيتو فى مجلس الأمن وكان بايدن يتبنى حل الدولتين.. وهذا يعنى أن وقف تلك الحرب البشعة مرهون الآن بتعرض أمريكا لضغوط عربية ودولية لأنها شريك لإسرائيل فيها برعاية الديمقراطيين والجمهوريين، بل لعلها الشريك الأكبر فى هذه الحرب وستنال نصيبها من الغنائم، وهو ما يتمثل فى أرض قطاع غزة التى ينوى ترامب إقامة ريفيرا الشرق عليه.

هذه الحقائق الأربع تقدم لنا إجابة سليمة عن السؤال المطروح الآن حول الاعترافات الجديدة بالدولة الفلسطينية ووقف الحرب الوحشية فى غزة.. وهذه الإجابة هى نعم إن الاعترافات الجديدة بالدولة الفلسطينية خطوة متقدمة ومفيدة فى كفاح الفلسطينيين لنيل الاستقلال والتحرر من الاحتلال العنصرى البغيض، ولذلك سعت أمريكا لمنع هذه الاعترافات أو على الأقل تأجيلها.. ولكن هذه الاعترافات لا تفيد بشكل مباشر وعاجل فى إنهاء ماساة أهل غزة الذين يتعرضون على مدار الساعة للقتل الجماعى والتجويع الممنهج والطرد من أرضهم.. فإن إنهاء هذه المأساة يتعين أن تقترن الاعترافات القديمة والجديدة بإجراءات عقابية لإسرائيل وضغوط واضحة على شريكتها فى هذه الحرب -أمريكا.. وهذا يمكن أن يحدث فى حالة واحدة فقط هى أن نبدأ نحن العرب بالضغط على أمريكا بسلاح المصالح.

 

 

 
 
 

الاكثر قراءة