رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

قراءة فى ملف التعليم المصرى (3) وهل يُصلح نظام البكالوريا ما أفسد الدهر؟!


25-9-2025 | 17:20

.

طباعة
بقلم: حمدى رزق

الخطاب التعليمى التربوى المصرى ما قبل ثورة 1952 جسّد (الحالة الليبرالية)، التى رفلت فيها مصر ما بين (23-52)، من القرن الماضى، خطاب تسامحي، يُعلى المواطنة على ما سواها من عصبية وطائفية وإثنية وعرقية، إحساس عارم بالمواطنة، يستبطنه نظام تعليمى تقوم عليه مؤسسات خاصة أسسها أعيان الريف ورجال أعمال المدن.

مؤسسة المساعى (المشكورة) نموذج ومثال.. وقصة تستحق أن تُروى، وتستحق أن تستنسخ، وتسهم وزارة الأوقاف فى إقامة سلسلة من المدارس فى أرياف المدن، فى توجيه حميد لمليارات الأوقاف.

لم يكن بمحافظة المنوفية، حتى أواخر القرن التاسع عشر من مؤسسات تعليمية سوى (الكتاتيب) التى تعنى بتحفيظ القرآن الكريم والتأهيل للالتحاق بالأزهر الشريف، ومدرسة ابتدائية وحيدة تابعة لمجلس المديرية فى مدينة (شبين الكوم) عاصمة المحافظة، لم تكن تكفى لنشر التعليم فى ربوع المحافظة.

ظل الانتقال إلى المدرسة الوحيدة، يعتمد على الدواب حتى منتصف القرن العشرين، فكان يشق على التلاميذ الانتقال إلى مقر تلك المدرسة، ولذا اجتمع لفيف من كبار ملاك الأراضى الزراعية بالمنوفية عام 1892 وقرروا إنشاء جمعية أطلقوا عليها اسم «المساعى المشكورة»، واتخذوا لها مقرا رئيسيا بمدينة شبين الكوم، وجعلوا الهدف الرئيسى من إنشائها العمل على نشر التعليم على أرض المحافظة لإتاحته للكادحين وذوى الموارد المحدودة الذين يستحيل عليهم الاغتراب طلبا للعلم.

قامت الجمعية بإنشاء مدرسة ابتدائية فى عاصمة كل مركز من المراكز الإدارية الخمسة التى كانت تضمها المحافظة آنذاك، وعبرت الجمعية عن وعى رشيد سابق لعصره حين افتتحت (مدرسة البنات الابتدائية) بشبين الكوم 1899 فى مجتمع زراعى تحكمه تقاليد صارمة تحد من حركة الفتاة وانطلاقها.

الدراسة بهذه المدرسة داخلية، فكانت المدرسة الثانية لتعليم الفتيات فى مصر كلها بعد (المدرسة السنية) التى أنشأها الخديو إسماعيل بالقاهرة.

وفى عام 1904 افتتحت الجمعية (المساعى المشكورة) مدرستها الثانوية للبنين بمدينة شبين الكوم لاستقبال تلاميذ المدارس الابتدائية الخمس التابعة لها، فكانت هذه المدرسة هى الخامسة على مستوى الدولة، وكان لهذه المدرسة دور بارز فى تأهيل المتميزين من طلابها للالتحاق بالجامعة المصرية منذ كانت جامعة أهلية وفى مدارس التعليم العالى المختلفة فى أوائل القرن العشرين.

بلغت نسبة التلاميذ عام 1907 فى مدارس الجمعية الابتدائية 15 فى المائة من مجموع تلاميذ هذه المدارس على مستوى الدولة، وبلغت نسبة التعليم فى المدرسة الثانوية 11 فى المائة من مجموع الطلبة فى مدارس مصر كلها.

وظلت مدارس الجمعية وحدها حاملة لواء التعليم والتنوير على أرض المنوفية دون مزاحم حتى منتصف الأربعينيات من القرن العشرين، إذ لم يكن للدولة حتى ذلك الحين ـ بمواردها المحدودة فى ظل الاحتلال البريطانى ـ مدرسة ابتدائية أو ثانوية على أرض المنوفية، وعندما أخذت الدولة بنظام مجانية التعليم عام 1950، ولأن التعليم الحكومى حتى ذلك التاريخ كان تعليما جيدا هبطت أعداد المتقدمين إلى مدارس الجمعية باعتبارها مدارس تعليم خاص بمصروفات، وكان هبوطا حادا لا تستطيع معه الجمعية الاستمرار فى أداء مهمتها بالمجان لكافة المتقدمين إليها، فتنازلت عن المدارس إلى (وزارة المعارف العمومية) عام 1958، بغير مقابل وكل ما اشترطته فى (عقد التنازل) أن تبقى المدارس حاملة لاسم «المساعى المشكورة».

**

تزامنا برزت فى الصورة المجتمعية المدارس التابعة للكنائس، ومدارس الكنيسة الإنجيلية فى مصر نموذج ومثال.

تأسست الطائفة بمرسوم السلطان العثمانى فى عام 1850، ثم تأسست أول خدمة إنجيلية منظمة فى مصر عام 1854، وتبعها تأسيس أول كنيسة إنجيلية فى عام 1860 بالموسكي. 

ومنذ تأسست أولت التعليم اهتماما خاصا سيما (تعليم البنات) وافتتحت أول مدرسة للبنات بحارة السقايين بالقاهرة فى يونيو 1860 م، ثم مدرسة أخرى فى حى الأزبكية، ومدرسة ثالثة للبنات بالإسكندرية عام 1856، وهى أول مدرسة بنات بالمدينة.

وفى سنة 1866 م تم افتتاح مدرسة للبنات فى كل من الفيوم وسنورس والمنصورة، كما تأسست مدرسة للبنات فى أسيوط سنة 1865 م، وهى أول مدرسة للبنات فى صعيد مصر، وفى سنة 1881 م تم شراء أربعة أفدنة بشارع (ثابت) بأسيوط أقيم عليها المبنى الحالى للمدرسة.

واستمرت الكنيسة فى التوسع فى إنشاء مدارسها حتى وصل عدد المدارس فى الدلتا سنة 1904 م إلى 135 مدرسة، بالإضافة إلى 250 مدرسة تم إلحاقها بالكنائس المحلية، والكثير منها سلم إلى وزارة التربية والتعليم سنة 1962، حين عجزت الكنيسة عن الإنفاق عليهاـ أما الآن فلدينا قرابة 25 مدرسة بجميع مراحلها تعليم اساسى وثانوى ولغات وعربى وأربع مدارس دولية أحدثها مدرسة رمسيس البريطانية بالقطامية التى افتتحت منذ 2013.

**

المدارس الكاثوليكية فى مصر، تتنوع إدارتها بين عدد من الهيئات والجهات الكاثوليكية مثل رهبنة الآباء اليسوعيين «الجيزويت»، وجمعية الصعيد للتنمية، وعدد من الرهبانيات الأخرى التابعة للكنيسة الكاثوليكية، وعددها 168 مدرسة، ولكل مدرسة إدارة خاصة بها، لكن تجمعها إدارة أكبر وأشمل هى الأمانة العامة للكنائس الكاثوليكية بمصر.

**

تعتبر خدمة مدارس الأحد، من الخدمات التعليمية التى قررتها الكنيسة الأرثوذكسية، عبارة عن حلقات درس تُعقد كل أحد فى الكنائس المختلفة، وتهدف لترسيخ المبادئ التربوية القبطية فى نفوس الأطفال، وتخلق جيلًا محبًا للسلوك المسيحي، تقسم فصول التربية الكنسية بالمراحل الدراسية للأطفال حتى الفتيان بالمرحلة الثانوية.

يطلق كلمة خدام على منْ يقومون بتعليم الأطفال داخل مدارس الأحد ويقوم بالتدريس للمخدومين، للإناث يطلق بالقبطية (تاسونى) أى المسئولة عن المخدومين، ويكون لكل مرحلة عمرية مسئول أكبر ويطلق على أمين الخدمة.

بدأت باسم مدارس الأحد سنة 1908 (درساً بعد القداس) ثم تطورت – بدأت حركة نشرها فى الثلاثينيات (حوالى 1935 م.).

 وتحوَّل فى مصر إلى يوم الجمعة لكونها يوم الإجازة الرسمية فى الدولة المصرية، أصبحت «مدارس الجمعة»، ولكن بالطبع هذا المصطلح لا يُستخدم، والمُستخدم هو «التربية الكنسية»، وهو عبارة عن فصول مُقسَّمة بالمراحل الدراسية للأطفال بدءًا من سن الحضانة والمرحلة الابتدائية، ثم الفتيان فى المرحلة الإعدادية والمرحلة الثانوية، ثم بعد ذلك يتحول الأمر إلى اجتماعات، وفيها ينتقل الشباب فى مرحلة الجامعة.

 وفى المراحل الدراسية المختلفة، يتلقى فيها الحاضرون فى كل مرحلة مبادئ التعليم الدينى حسب السن، وذلك من خلال مناهج دراسية مدروسة لكل مرحلة، ويكون هناك خدام (بالقبطية باسون pacwn - خادم - أستاذ) يقومون بالتدريس للمخدومين، وللإناث يخدمهم خادمات (بالقبطية تاسونى tacwni).. ويكون هناك خادم كبير مسئول عن كل مرحلة دراسية يُطلق عليه «أمين الخدمة» أو «أمينة الخدمة».

 
 
 

الاكثر قراءة