قال الشيخ علاء أبو العزائم، شيخ الطريقة العزمية ورئيس الاتحاد العالمى للطرق الصوفية، إن مشروعية إحياء مولد النبى وموالد الصالحين واجب على علماء الأمة الإسلامية، من أجل تذكير الشباب المسلم خاصة، وجميع المسلمين عامة، بالمواقف الرائعة للرسول الكريم وآل بيته وصحابته، خلال الهجرة النبوية، الإسراء والمعراج، غزوة بدر، أحد، الخندق، وهذا التذكير مبدأ تربوى قرآني، ركز عليه القرآن ظاهراً، كما أنه مبدأ بشرى عام، فعلته الأمم السابقة على المسلمين من يهود ونصارى، فهى نزعة إنسانية نابعة من المحبة والعاطفة والتبجيل، لرجال الدين والدنيا الأفذاذ الذين نبغوا وقدموا القدوة فى المثل العليا لسواهم.
وأضاف أبو العزائم في حوار مع المصور ينشر لاحقا أنه "بنص القرآن الكريم بقول الله عز وجل: (تلك القرى نقص عليك من أنبائها)، وقال تعالى: (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك)، ويقول: (نحن نقص عليك أحسن القصص)، ويقول: ( فاقصص القصص لعلهم يتذكرون)، ومعلوم أن القرآن ما بين ذكر وتذكرة وذكرى، وقال تعالى: (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين).. وعلى ذلك فإحياء ذكرى الصالحين واجب بأمر إلهي، وفى القرآن الكريم: (واذكر فى الكتاب مريم)، (واذكر فى الكتاب إبراهيم)، (واذكر فى الكتاب إسماعيل)، (اذكر عبدنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولى الأيدى والأبصار).. وبالرجوع إلى آراء المفسرين نجد أن تلك الآيات بصيغة الأمر، ونرددها كلما تلونا كلام الله ليوم القيامة، وجاء الأمر الإلهى بالاقتداء بهم: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده)".
وتابع: "وقد تأمل أئمة المسلمين - عدا (ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب)- هذه الآيات وغيرها، فاستنوا سنة إحياء موالد الأنبياء والصالحين، عدا الثلاثة السابقين الذين ظنوا ذلك شركا، وضلالاً، وقالوا إن فى ذلك انحرافاً، وبالتالى فالاحتفال بدعة، علاوة على ما زعموا من اختلاط الرجال بالنساء!".
واستكمل: "فهل كان إطعام الإمام على الطعام للمساكين والفقراء وعابرى السبيل شركاً وضلالاً، وهناك آيات قرآنية صريحة فى مدح الرسول مثل: (وإنك لعلى خلق عظيم)، و(يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا)، و(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم)، و(أن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)، ومن هنا فإن عمل المولد - وإن لم يفعله الصحابة، ليس فيه مخالفة لكتاب الله، ولا لسنة نبيه، ولا لإجماع المسلمين".
وقال الإمام الشافعى إن ما أحدث من الخير، ولم يخالف شيئا من كتاب أو سنة أو إجماع أو أثر، فهو المحمود، وما خالف ذلك فهو البدعة الضالة، وقال بذلك العز بن عبد السلام، والنووى، وقسم العلماء البدعة إلى خمسة أقسام: (بدعة واجبة، كالرد على أهل الشرك وطبع المصحف، وبدعة مندوبة، مثل استحداث المدارس والمستشفيات والأذان على المنائر، وبدعة مباحة، مثل استعمال السيارات والطائرات، وبدعة مكروهة، مثل زخرفة القصور، والإسراف، وبدعة محرمة، وهى ما أحدث مخالفة للقرآن والسنة).
والأعمال الملحقة بالمولد منها المشروع مثل النية، وشد الرحال، والمواكب، وتلاوة القرآن، والذكر، والإنشاد، والزيارة والصلاة، وإطعام الطعام، وسماع السيرة، وهناك خدمات مشروعة من بيع وشراء وملاهٍ، والأعمال المخالفة وغير المشروعة مثل اختلاط الرجال بالنساء، والسرقة، والنصب، والدجل والشعوذة، وغيرها من المخالفات التى يجب على الشرطة مكافحتها، بحسب "أبو العزائم".
وأضاف: "للرد على أولئك الذين يحرمون الموالد، نقول إن كل المسلمين يحتفلون بمولد إسماعيل بن إبراهيم، وبنجاته من الذبح بفداء عظيم، بكبش من السماء، فكان عيد الأضحى، وسنة الأضحية قائمة فى العيد وفى كل وقت كصدقة، كما أن عيدى الأضحى والفطر، هى أيام أكل وشرب، وذكر لله، وصلاة على النبي، وإذا كانت كل أمة تُعظم كبراءها من رجال، ألا يجب علينا أن نعظم نبينا الذى أخرجنا الله تعالى به من الظلمات إلى النور؟!".
وتابع شيخ الطريقة العزمية أنه "ورد أن يخفف عن أبى لهب العذاب يوم الاثنين لأنه أعتق جاريته (ثويبة) حين بشرته بولادة محمد عليه الصلاة والسلام، وفى ذلك قال الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر الدين الدمشقي: (إذا كان هذا كافر جاء ذمه – وتبت يداه فى الجحيم مخلدا.. أتى أنه فى يوم الاثنين دائما – يخفف عنه للسرور بأحمدا.. فما الظن بالعبد الذى كان عمره – بأحمد مسرورا ومات موحدا).. وورد أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعظم يوم مولده بصيامه، وقال: (فيه ولدت، وفيه أنزل علىّ)، وثبت أن النبى صام يوم عاشوراء حين علم أن يهود المدينة يصومونه لأن الله نجا موسى فيه من فرعون، وقال: (نحن أولى بموسى منهم)، كما عظّم يوم الجمعة وقال: (فيه خلق آدم)، وفى حديث ابن مسعود: (ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحا فهو قبيح عند الله)".
وأصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى فى 30 يوليو سنة 2007م بمشروعية الموالد، وقد نشر جدنا الإمام محمد ماضى أبى العزائم، كتابا أصّل فيه مشروعية المولد، عنوانه (بشائر الأخيار فى مولد المختار)، تناول فيه نسب النبى، وبدء نبوته، وحمله، وميلاده، ورضاعه، وفضله على سائر الرسل الكرام، وأنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، ثم الاحتفال بمولده، وأخيرا نشر عدة قصائد فى مدح رسول الله .