رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مقال بـ"فاينانشيال تايمز": الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يكفي عندما يتعلق الأمر بغزة

2-8-2025 | 14:57

فلسطين

طباعة
دار الهلال

أكد مقال رأي نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" الأمريكية، في عددها الصادر اليوم السبت، أن اعتزام العديد من دول العالم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الفترة الحالية قد لا يكفي عندما يتعلق الأمر بقطاع غزة المنكوب، ودعا المملكة المتحدة وأوروبا إلى اتخاذ إجراءات فعلية، وليس الاكتفاء بلفتات رمزية .

ورأى كاتب المقال ، وهو إتش. إيه. هيلير الزميل المشارك البارز بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، أن إعلان المملكة المتحدة نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، اقتداءً بخطوة فرنسا وتماشيًا مع توجه كندا، أضاف زخمًا جديدًا لمسألة طال انتظارها على الساحة الدولية.

ففي حين أن الاعتراف يُعد تأكيدًا لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وفقًا للقانون الدولي- وهو حق تدعمه غالبية دول العالم- إلا أن هذا الاعتراف، إذا لم يُقرن بإجراءات ملموسة لإنهاء الحرب في غزة وسحب قوات الاحتلال، قد يتحول إلى بديل رمزي عن العمل الحقيقي.

وأشار كاتب المقال إلى حقيقة أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ربط الاعتراف بالدولة الفلسطينية بجملة من الشروط، منها إنهاء الأزمة في غزة وتعهد إسرائيل بعدم ضم أراضٍ في الضفة الغربية والعودة إلى مسار السلام الهادف لحل الدولتين. ورغم أن هذا الموقف يُقدّم كنهج "متوازن"، إلا أنه فعليًا يمنح إسرائيل حق الفيتو على قرار الاعتراف، وهو ما يتناقض مع تصريح ستارمر نفسه بأن "لا ينبغي لأي طرف أن يمتلك حق الفيتو" في هذا السياق .

وذكر أن الموقف الأكثر اتساقا يجب أن يستند إلى القانون الدولي، الذي يعترف منذ زمن طويل بأن الأراضي الفلسطينية هي أراضٍ محتلة وأن إسرائيل هي القوة القائمة بالاحتلال. وبالتالي، فإن الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم ليس منّةً سياسية ولا تنازلًا تفاوضيًا، بل هو واجب قانوني تزداد أهميته مع كل تصعيد على الأرض.

وأضاف هيلير أن الحرب على غزة خلفت بالفعل آثارًا إنسانية مدمرة، لدرجة دفعت منظمات حقوقية إسرائيلية ودولية بارزة إلى تصنيف ما يحدث بأنه "إبادة جماعية"، وهي توصيفات تبنتها دول مثل إسبانيا وإيرلندا. كما أيد هذا الرأي باحثون مرموقون مثل البروفيسور عمر بارتوف، أحد أبرز خبراء الإبادة الجماعية في العالم، بالإضافة إلى المدعي العام الإسرائيلي السابق مايكل بن يائير .

وفي الأروقة السياسية البريطانية، يُقر كبار المسؤولين بشكل غير علني أن هذا التوصيف لم يعد ينتمي لدوائر "التطرف السياسي"، وأن مستوى الإحباط الأوروبي من سياسات إسرائيل بلغ ذروة غير مسبوقة .

وتابع الكاتب أنه في ظل هذه الخلفية، تكتسب التدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية والتي تأمر إسرائيل بوقف أعمال الإبادة الجماعية، أهمية بالغة ليس فقط بالنسبة لإسرائيل، بل أيضًا بالنسبة للدول الأخرى، بما في ذلك الدول الأوروبية، التي يتعين عليها الآن ضمان عدم تواطؤها. ومع ذلك، تجد المملكة المتحدة والدول الأوروبية نفسها عاجزة ليس فقط عن إنفاذ هذه المعايير، بل وفي بعض الحالات، تُقوّضها بنشاط.

وفي تقريرها الأخير، حذّرت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني من أن تصرفات إسرائيل قد تُشكّل انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي وأن تقاعس بريطانيا يُعرّضها للتواطؤ القانوني. وقدّم التقرير توصيات واضحة من بينها تعليق صادرات الأسلحة ووضع شروط على الاتفاقات التجارية أو تعليقها وحظر الواردات من المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية وفرض عقوبات على المسئولين عن الانتهاكات، فيما دعا كاتب المقال أوروبا برمتها لاعتماد هذا الإطار.

وقال إن العديد من الخطوات في هذا الشأن قد اتُخذت إلى الأمام، لكنها لم تكن كافية. على سبيل المثال، علّقت المملكة المتحدة في سبتمبر الماضي أكثر من 30 ترخيصًا لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل، إلا أن هذا الحظر الجزئي استثنى صراحةً مكونات برنامج مقاتلات إف-35.

علاوة على ذلك، وفي ضوء الأدلة المتزايدة على احتمال تورط الجيش الإسرائيلي في انتهاكات جسيمة واسعة النطاق للقانون الدولي، بات من المناسب والضروري- حسبما قال الكاتب- إعادة تقييم التعاون الأوروبي والبريطاني مع المسئولين العسكريين الإسرائيليين على جميع المستويات.

وأضاف أن مثل هذه الإجراءات لا يجب أن تقف عند هذا الحد. فقد اقترب الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من تعليق بعض بنود اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، لكنه تراجع بعد أن تلقت بروكسل وعودًا إسرائيلية بتخفيف المجاعة في غزة، رغم استمرار الانتهاكات الإنسانية ومنع وصول المساعدات، وتدهور الأوضاع في الضفة الغربية على مدار شهور.

وفي خطوة لاحقة، أعلن الاتحاد الأوروبي نيته تعليق مشاركة إسرائيل جزئيًا في برامج البحث والتعليم الأوروبية، إلا أنه فشل في حشد التوافق المطلوب داخل التكتل لاتخاذ حتى هذه الخطوة المحدودة.

كما فرض الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عقوبات محدودة على عدد قليل من المستوطنين العنيفين، وفي حالة المملكة المتحدة وهولندا وسلوفينيا، على اثنين من أكثر وزراء إسرائيل تطرفا. لكن المشروع الاستيطاني ليس جماعة هامشية مارقة، بل هو جهاز سياسة موجه من الدولة، وقد يمتد من الضفة الغربية إلى غزة. ولذلك، دعا كاتب المقال في الختام إلى ضرورة أن تشمل التدابير المستهدفة جميع الوزراء والمسئولين العسكريين والمشرعين الإسرائيليين الذين يُسهلون أو يُحرضون على انتهاكات القانون الدولي، بما في ذلك في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية .

أخبار الساعة

الاكثر قراءة