رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«الحوثى» يضرب مجددًا.. توترات البحر الأحمر تتصاعد


21-7-2025 | 01:31

.

طباعة
تقرير : أمانى عاطف

فى تصعيد لحملتهم الرامية إلى قطع حركة الملاحة البحرية من وإلى إسرائيل، شن الحوثيون فى اليمن هجمات جديدة أكثر عنفًا على السفن فى البحر الأحمر، ما أدى إلى إغراق اثنتين ومقتل بعض أفراد طاقم إحداهما خلال أسبوع. وتحث إسرائيل الولايات المتحدة على استئناف ضرباتها ضد الجماعة وتشكيل تحالف واسع، ويبقى السؤال: ما تداعيات عودة الهجمات؟ وهل يعود التصعيد بين إيران والولايات المتحدة؟

عد دعوة إسرائيل لتشكيل تحالف دولى فى البحر الأحمر وشن هجمات مشتركة قوية ضد الحوثيين، أبدت ألمانيا والنمسا انفتاحهما على تعزيز العملية العسكرية الأوروبية فى البحر الأحمر، وذلك بعد إعلان الحوثيين أن السفينة «إترنيتى سي» تعرضت لهجوم بزوارق مسيرة وصواريخ كروز وبالستية على مدار ثلاثة أيام قبل غرقها نهاية الأسبوع الماضى، وقد قُتل أربعة بحارة، بينما تم انتشال ستة أحياء واحتجازهم كرهائن، ولا يزال 15 فى عداد المفقودين، السفينة هى ناقلة بضائع سائبة ترفع العلم الليبيرى. وقبل ذلك بيومين، استُهدفت سفينة «ماجيك سيز»، المملوكة لشركة يونانية، فى هجوم مماثل.

وتمثل هذه الهجمات أحدث فصول حملة الحوثيين ضد النقل البحرى بسبب حرب إسرائيل على غزة، وتأتى فى وقت تستمر فيه حرب اليمن، التى قاربت عقدًا من الزمان، فى أفقر دولة فى العالم العربى، دون بوادر توقف، كما يتزامن استئناف الهجمات مع اقتراب وقف إطلاق نار محتمل بين إسرائيل وحماس، وبينما تدرس إيران استئناف المفاوضات بشأن برنامجها النووى فى أعقاب الغارات الجوية الأمريكية التى استهدفت مواقعها الحساسة، وسط تصعيد عسكرى غير مسبوق. ويأتى ذلك أيضًا بعد توصل الحوثيين فى مايو الماضى إلى اتفاق تهدئة بوساطة عمانية مع الولايات المتحدة لضمان سلامة الملاحة فى البحر الأحمر.

وقد أدانت الولايات المتحدة الهجمات الأخيرة، ووصفتها بأنها «أعمال إرهابية غير مبررة»، مؤكدة على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية تامى بروس أن هذه الهجمات تُبرز الخطر المستمر الذى يشكله الحوثيون على حرية الملاحة والأمن البحرى والاقتصاد الإقليمى والدولي.. فيما حذرت تقارير غربية من عودة التصعيد، وذكرت مجلة «نيوزويك» الأمريكية أن ما حدث يُنذر بحرب جديدة فى البحر الأحمر، مع احتمالات لتجدد الغارات الغربية ضد الحوثيين، خاصة أن حادثة «ماجيك سيز» قد تمثل بداية مرحلة جديدة من الصراع، يتعرض فيها الشحن العالمى مجددًا للخطر.

ويرى الدكتور طه على، الكاتب والمحلل السياسى المختص بشؤون الشرق الأوسط، أن أخطر تداعيات التصعيد الحوثى هى تعطيل أحد أهم شرايين الملاحة العالمية، حيث يمر عبر البحر الأحمر نحو 25 فى المائة من حركة الحاويات، وأكثر من مليون برميل نفط يوميًا.. وهذا لا يؤدى فقط إلى ارتفاع كلفة التأمين على السفن، بل ينعكس مباشرة على أسعار الطاقة والسلع الاستهلاكية عالميًا، بسبب تأخير وصول المواد الخام وسلاسل الإنتاج. كما أن ربط الحوثيين هجماتهم بالصراع الفلسطينى الإسرائيلى يعمق التوترات الإقليمية، ويفتح الباب واسعًا أمام تحالفات عسكرية قد تحول البحر الأحمر إلى مسرح عمليات مسلحة شبه دائم، مع ما يحمله ذلك من مخاطر بيئية كبيرة، كحدوث تسريبات نفطية قد تؤدى إلى كوارث بيئية عابرة للحدود.

ورغم التصعيد، لا يبدو أن الدعم الإيرانى للحوثيين سيتوقف. ويوضح «على» أن الضربات الإسرائيلية والأمريكية التى طالت منشآت إيرانية حساسة، دفعت طهران إلى إعادة ضبط انخراطها فى الصراعات الإقليمية، عبر تقليل الحضور المباشر وتكثيف الدعم غير المباشر والوكلاء، وعلى رأسهم الحوثيون، الذين أصبحوا بمثابة الخط الأمامى للرد الإيرانى فى المنطقة، دون التورط فى مواجهة مباشرة مع واشنطن أو تل أبيب. ومع ذلك، من المتوقع أن تتجه إيران إلى تقليص شكل الدعم ليكون أكثر سرية وأقل وضوحًا، لتفادى مزيد من الضغوط السياسية والدبلوماسية فى المرحلة الحالية.

لكن، هل سيتمكن الحوثيون من الاستمرار بنفس القوة فى ظل احتمال تراجع الدعم الخارجي؟ يرى طه على أن الجماعة تمتلك حاليًا عدة عناصر تمكنها من الصمود، أبرزها تراكم الخبرات العسكرية والتقنية فى مجال الصواريخ والطائرات المسيرة، إضافة إلى شبكات التهريب الممتدة عبر القرن الإفريقي، وسيطرتهم على مناطق استراتيجية مثل صنعاء والحديدة، بما يوفر لهم قاعدة بشرية واقتصادية تدعم عملياتهم وتجند مقاتلين جددًا.

إلا أن تحديات كبيرة تلوح فى الأفق، أبرزها هشاشة منظومة التصنيع المحلى للسلاح مقارنة بما كانت إيران توفره من تكنولوجيا دقيقة. كما أن الحصار البحرى والضربات المستمرة التى تستهدف مخازن الأسلحة تقلص من قدرة الحوثيين على التجديد. وفقدان الصواريخ الدقيقة أو قطع الغيار الخاصة بالطائرات المسيرة يحد من قدرتهم على تنفيذ هجمات بعيدة المدى مثل استهداف الموانئ أو السفن التجارية فى إيلات أو البحر الأحمر. أضف إلى ذلك أن تصاعد الغضب الشعبى فى الداخل بسبب التدهور الاقتصادى قد يضعف الجبهة الداخلية للحوثيين فى صنعاء.

وبناءً على ذلك، لا يُتوقع أن ينهار الحوثيون بشكل فورى إذا ما تراجع الدعم الإيراني، لكن من المرجح أن يدخلوا مرحلة تكتيكية دفاعية، يتراجعون فيها مؤقتًا عن العمليات الكبرى مع محاولات لإعادة التموضع إقليميًا، والبحث عن مصادر بديلة للدعم، بما يضمن لهم البقاء فى معادلة النفوذ الإقليمى.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة