لكل إنسان من اسمه نصيب، فهو صلاح من الصلاح أو الشيء الصالح، وفعلا كل علمه صالح ومنتج، فهو أحد العلماء المتخصصين عالميا فى الذكاء الاصطناعى والنانو، ذكاء وغيرها من علم الفوتونات، واختارته جمعية علماء آسيا، وهى من كبريات الجمعيات العلمية عالمياً، عضوا بها، لذلك قبل أن أكلمه، جاء فى ذهنى الاشتراك فى الاسم (صلاح) مع «مو صلاح» أو «زويل الكرة المصرية» الذى يبدع فى معمله بالملعب، فالإبداع طريقه فى كافة المجالات الاجتهاد، إذن فاسم صلاح قوة إبداع ومغناطيس مصرية، وكلاهما برز وتوطن علميا ورياضيا فى إنجلترا رغم التنشئة فى مدارس وريف مصر بالدلتا، ولكن حديثى اليوم المستقل عن زويل جديد، وهو د. صلاح عبية، العالم والموهوب علمياً وعملياً، وذو الصلاح العلمى، وهو الآن، ولم يبلغ عامه الستين، فاز بأغلب الجوائز وصولا لجائزة النيل مؤخرا، والحمد لله -وبلا حسد ولكن افتخارا به- له 600 بحث منشور ومتخصص فى الفوتونات (الضوئيات) والذكاء الاصطناعى، وأستاذ كرسى باليونيسكو، ومنه دعم المرأة فى العلوم ونشر العلم للشباب.
لذلك بعد أن باركت له، حيث أعرفه شخصيا منذ سنوات، بادرت بسؤاله: متى ندرّس للتلاميذ الذكاء الاصطناعى؟، فضحك وقال لى إنها حتمية تاريخية وعلمية لأن القادم، وسريعا أى فى سنوات مقبلة، سيكون التعامل معه أو مع سيطرة الآلة الذكية -وهذا ما لا أتمناه- ولكنه واقع يجب أن نبدأ به، ومن المرحلة الإعدادية أيضا، وبشكل مبسط للطلاب، ثم تصبح مادة فى المرحلة الثانوية، لأن الذكاء الاصطناعى هو التخصص التكنولوجى الذى يدخل فى كل المهن والتخصصات من الإعلام للطب ومن للفن للأسلحة فى الحروب، تنهدت وقلت له ربنا كريم، ربما نضعها مادة حتى خارج المجموع، وبنسبة نجاح 70 فى المائة هى الأخرى.
استكملنا حوارنا، فقال إنهم الآن يعملون على معالجات صغيرة لاستخدامات الطاقة السلمية الطبية وأيضا حول الطاقة الشمسية والمستشعرات وتكثيف إنتاجها وزيادتها، فالذكاء الاصطناعى أصبح منهجا ضروريا للحياة، خاصة أننا مقبلون على عصر الجامعات الذكية وندرة المواد.
د. صلاح عبية، وهو من عائلة قديمة مترسخة بمدينة شربين بالدقهلية، تعلم بمدارسها، وهو متفوق دائما والتحق بهندسة المنصورة، وتخرج فيها عام 1991، وذهب بمنحة للدراسة فى الخارج، أصدرت عنه مجلة نيتشر العالمية مؤخرا تقريرا عن إنجازاته، وهى من المرات القليلة التى تصدر المجلة تقريرها عن عالم مصرى، بل إن أكبر المراكز العلمية فى العالم تصنّفه من العشرة الأوائل عالميا فى تخصصه، كما حدث من معهد كاليفورنيا مؤخرا.
أما أسماء الجامعات والمعاهد العلمية التى عمل بها أو أسس تخصص الفوتونات فيشيب لها الوجدان، كما أنه عضو بالمجمع العلمى المصرى، ولأنى أعرفه كما قلت بل والتقينا أيضا بعد ذلك فى صالونات ثقافية أى أنه قارئ للمعرفة وللأدب ومتذوق كبير للموسيقى، يحفظ تاريخ مصر عن ظهر قلب، ومتفاعل مع الأحداث، بل ويقرأ المقالات الصحفية، وتلك نقطة شكرته عليها.. إنه تكوين شامل يثبت نقاء الفوتون المصرى منذ القدم.
عرفت اسم د. صلاح من قبل أن يرأس مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، أى أن بيننا عاملا مشتركا هو الحب للبحث العلمى، الغريب أن مَن عرفه إلى د. زويل كان د. محمد غنيم عالمنا الفذ، بل إن مَن فاز بجائزة النيل فى الفرع الثانى بالعلوم هو د. محمد الدياسطى- وسأكتب لاحقاً عنه- مدير مركز محمد غنيم، أقصد مدير مركز الكلى بالمنصورة، وأستأذن فى أن أبوح بسر، وهو أننى اتصلت وتحدثت مع د. غنيم قبلها لأقول له «مليوون مبروك، فحضرتك وراء هذا الإنتاج المتميز والفوز بهذه الجوائز لأنه الداعم الذى دعم وراعى وكشف عنهم أنه د. غنيم مثل المغناطيس يلتقط الجواهر وهكذا هو العالم الحقيقى، بلا ضغينة وأحقاد الكبار والصغار»، أجاب بتواضع أنه اجتهادهم، وكذلك فى فوز جامعة المنصورة هذا العام وبأعلى نسبة جوائز للمرة الثانية والثالثة، وقد كتبت عن ذلك مقالا منذ عامين، والحمد لله لم تتراجع بل تتقدم.
كان د. زويل هو الحاضر الغائب فى حوارنا، خاصة أنه عاد ليعمل مع د. زويل وسرد لى القصة وأنه فى زيارة له بمصر من لندن فى عام 2012، ومصر كلها تهتف «يسقط يسقط حكم المرشد»، وفى عقلى أقول وليحيا العلام وسنينه.
فى ذلك الوقت، اتصل به د. زويل ليطلب لقاءه وبدون سابق معرفة وعلاقة، وقد كان، وفى اللقاء عرف منه أن «CV» له كان عن طريق د. محمد غنيم واستمر اللقاء 4 ساعات متواصلة بين أحاديث العلم فى الفيزياء والفوتونات، وقبل أن أغادر قال لى د. زويل: «ستعمل معنا من الأسبوع القادم وتؤسس مركزا للفوتونات»، لم أتردد وكأن مصر كانت تنادينى أيضا، عدت بعد شهر لأنه كان لدى ارتباطات ومراكز وطلاب أعمل معهم، وأصبحت مديرا للمراكز البحثية بمدينة زويل، وبعدها طلب منى أن أصبح المدير الأكاديمى والإدارى للمدينة كلها، وقد كان وبدأت الرحلة أو الهتاف لمصر وللعلم من الداخل، أنصت إليه وتتداعى لى مشاهد معركة غير علمية حول أراضٍ ومبانٍ لجامعة زويل التى حضرت بنفسى عام 2000 وضع حجر الأساس لها.
انتهت المعركة، بل غادر د. زويل دنيانا، وبقيت المدينة يرأسها د. صلاح، ودارت فى الأمور أمور، ورحل د. عبية عنها أيضا مؤقتا، ولكنه لم يلبث أن يعود لها فهتاف مصر يناديه ليعود ويرأس مدير المراكز البحثية يجذب له طلابه وينشئ مدارس ومعاهد بحثية، وينتج بحثا علميا وأفكارا وتطبيقات، فالعلم خطوات لإنتاج المعرفة وتطبيقات المعرفة، فلو كانت الأولى فقط فهى موجودة فى الكتب، ولكننا نريد مرحلتين أو ثلاث مراحل لإنتاج المعرفة والعلم، ومنها ما قاله حول قرار وخطوة د. زويل والمدينة العلمية بتدريس مقرر ومنهج باللغة العربية حول الثقافة العلمية أو مسمى التاريخ العلمى القديم والعربى، ودرسته د. يمنى الخولى، كان الهدف هو تحسين اللغة العربية -المتعثرة عند الطلاب- وأيضا التعمق بالتاريخ والثقافة، قلت أحسن الدستور المصرى فى إدخال تدريس اللغة العربية والتاريخ إجباريا، فنحن أمة لها تاريخ طويل، ويا ليت الجامعات تطبق هذه التجربة أيضا.
تشعب بنا الحوار، ولكنى استمعت لحديث آخر معه، ومن المعلومات الهامة والحكاوى التى سردها أن الجامعات فى الخارج، لا سيما فى أوروبا الشرقية، شرط الحصول على درجة الدكتوراه ولو كانت فى الطب على سبيل المثال، هو إجراء الباحث دراسة فى العلوم الإنسانية أو الفن والموسيقى التى يعشقها د. صلاح عبية.. أنهيت مؤقتا اللقاء، وأنا أحلم أن يصبح هو الترند مع علمائنا، وأن ما قاله د. صلاح يتحقق، بدءا من تدريس الذكاء الاصطناعى بالمدارس وانتهاء بشرط بحث مرجح، وربما دكتوراه موازية بالعلوم الإنسانية لمَن يدرس العلوم التطبيقية، وقلت -وأنا أختم الحوار -ربما نوبل فى الطريق لنسعى إليها ومَن جاور الصلاح يصلح أو مَن جاور اسم زويل ينتج علما، ويصبح العلم ترندات.