ما تتفرد به كل من الأقصر وأسوان فى تلك الآونة، يجعلهما على قمة التأهب لاستقبال الوفود السياحية من كل مكان فى العالم، وهو ما أكده، محمد عثمان، رئيس لجنة السياحة الثقافية فى الصعيد، الذى لفت إلى أن الأقصر وأسوان على موعد مع موسم سياحى استثنائى، مدعومة بمقومات السياحة المتفردة بها المحافظتان، بخلاف الدعم والزخم الكبير لزيارة الآثار المصرية، بعد افتتاح المتحف المصرى الكبير مطلع شهر نوفمبر الماضى، ما ضاعف من جذب السائح القاصد لنمط السياحة الثقافية والأثرية فى مصر من القاهرة حتى أسوان.
وأضاف «عثمان»، أن الأقصر وأسوان تشهدان الموسم الشتوى الجارى باعتباره أحد أفضل المواسم السياحية منذ عدة سنوات، حيث تشهد المقاصد الأثرية والطبيعية إقبالًا متزايدًا من السياح من مختلف الجنسيات، مشيرًا إلى أن التجربة السياحية فى أسوان باتت أكثر تكاملًا بفضل التطوير الكبير الذى تشهده المحافظة على مستوى الخدمات والبنية التحتية.
رئيس لجنة السياحة الثقافية فى الصعيد، أكد أن أسوان أصبحت مقصدًا مفضلًا لعشاق السياحة البيئية، خاصة فى محمية سالوجا وغزال، إلى جانب تزايد الإقبال على التجربة النوبية بما تحمله من عمق ثقافى وتراث مميز، وأعتبر أن هذا التنوع فى الأنشطة هو ما يعزز قدرة أسوان على المنافسة عالميًا، كما أنه ولأول مرة، تشهد الأقصر تدفقا سياحيا من 32 دولة مختلفة، وهو تنوع غير مسبوق يعكس حالة الأمن والأمان التى تتمتع بها المقصد السياحى المصرى.
كما أفاد رئيس لجنة السياحة الثقافية فى الصعيد، بوجود طلب كبير على حجوزات الرحلات النيلية الطويلة «النايل كروز» بين القاهرة وأسوان خلال الموسم السياحى الشتوى وإجازة الكريسماس، منوهًا بأن الرحلات النيلية الطويلة تتراوح مدتها ما بين 10 أيام لأسبوعين، وتبدأ من القاهرة حتى أسوان، كاشفًا عن أن نسب إشغالات الفنادق العائمة العاملة بين القاهرة وأسوان ستسجل 100 فى المائة فى الإشغالات، على خلفية الإقبال الكبير من السياح الأجانب على زيارة المواقع والمتاحف الأثرية الموجودة بالقاهرة والجيزة والأقصر وأسوان خلال فصل الشتاء وإجازة الكريسماس.
وأضاف «عثمان» أن نسب إشغال فنادق الأقصر وأسوان، سواء الثابتة أو العائمة، ارتفعت بنسبة تُقدر بـ40 فى المائة، منذ افتتاح المتحف المصرى الكبير، لافتًا إلى أن نسب إشغال فنادق الأقصر وأسوان «الثابتة» ستُسجل نسبة 100 فى المائة خلال الفترة من 20 ديسمبر الجارى وحتى منتصف يناير القادم، وذلك بسبب حجوزات إجازات الكريسماس ورأس السنة، وستظل النسبة مرتفعة فى الإقبال طول موسم الشتاء.
أما فيما يخص نسب الإشغالات فى المراكب النيلية «النايل كروز» العاملة فى الرحلات بين الأقصر وأسوان والعكس، فأوضح رئيس لجنة السياحة الثقافية فى الصعيد، تسجيلها لنسبة إشغالات تتخطى الـ90 فى المائة خلال موسم الشتاء وأعياد الكريسماس، متوقعًا أن يزيد عدد الفنادق العائمة العاملة بين الأقصر وأسوان خلال موسم الشتاء لأكثر من 230 فندقا عائما، من إجمالى 262 فندقًا، والمرخصة من وزارة السياحة.
كما أوضح رئيس لجنة السياحة الثقافية فى الصعيد، أن من عوامل الجذب والزخم السياحى إزاحة الستار عن إنجاز أثرى عالمى داخل المعبد الجنائزى للملك أمنحتب الثالث بالبر الغربى فى الأقصر، حيث تم الكشف عن تمثالين ضخمين من الألبستر، وتماثيل للمعبودة سخمت، بعد انتهاء مشروع ترميم دقيق بالتعاون مع الجانب الألمانى.
وأكد «عثمان» أن هذا الاكتشاف سيُغير الخريطة السياحية للأقصر، ويصحح المفاهيم الأثرية السابقة؛ إذ أثبتت الاكتشافات أن المعبد لا ينحصر فقط فى «تمثالى ممنون» الشهيرين، بل يمتد عمرانه حتى الجبل، ما يضيف مقصدا جديدا ومهمًا للسياحة الثقافية فى عاصمة التاريخ.
فى السياق ذاته، قال ثروت عجمى، رئيس غرفة شركات السياحة بالأقصر، إن «الأقصر تشهد حاليًا انتعاشًا هائلًا فى الرحلات السياحية، ويمكن رؤية ذلك بوضوح من خلال رصد زيادة أعداد السائحين بالأسواق وعلى كورنيش النيل وداخل الأماكن السياحية والأثرية فى الأقصر»، لافتًا إلى أن هناك تدفقات من دول أوروبا، وفى مقدمتهم إسبانيا وايطاليا والولايات المتحدة الامريكية، إضافة إلى الجنسيات الأخرى من دول شرق آسيا.
وأكد «عجمى» أن مطار الأقصر الدولى يستقبل حاليًا قرابة الـ20 طائرة مباشرة أسبوعيًا من العاصمة الإسبانية مدريد، بالإضافة إلى 10 طائرات من إيطاليا، فضلًا عن رحلات الطيران الأخرى من بعض المدن الأوروبية، ورحلات الطيران لجنسيات من شرق آسيا وأمريكا الجنوبية، وتحديدًا السوق البرازيلى، الذى بات من أكثر الأسواق إقبالًا على السياحة الأثرية والثقافية المصرية فى الفترة الأخيرة.
كذلك، أوضح رئيس غرفة شركات السياحة بالأقصر، أنه «يوجد تنسيق مستمر بين وزارة السياحة، ممثلة فى مكتب هيئة تنشيط السياحة فى الأقصر وأسوان، وغرفة الشركات للعمل على استقبال الزيادات المتوقعة فى أعداد الزوار»، منوهًا بأن الحملات الترويجية التى أطلقتها وزارة السياحة فى عدد من أسواق دول أوروبا وأمريكا الجنوبية وشرق آسيا، كانت لها مردود إيجابى على السياحة المصرية بصفة عامة والسياحة الثقافية والأثرية بصفة خاصة.
وتابع رئيس غرفة شركات السياحة بالأقصر: الشغف لدى السائح القاصد الأقصر مختلف هذا العام، حيث غلبت على السياح الرغبة الكبيرة فى الاستماع إلى القصص التاريخية والتعمق فى الحضارة المصرية عند زيارة المعابد، ما انعكس على طول مدة الجولات، فضلًا عن زيادة الطلب على الجولات المتخصصة.
كما أشار «عجمى» إلى ارتفاع الإقبال على رحلات البالون الطائر، لافتًا إلى رفع أغلب شركات البالون الطائر شعار «كومبليت» فى الحجوزات اليومية، بخلاف وجود شركات لديها حجوزات حتى نهاية شهر يناير المقبل.
وفيما يتعلق برحلات «النايل كروز»، أكد «عجمى» وجود إقبال كبير عليها، مشددًا على أن ارتفاع الإشغالات يعود إلى الجمع بين الطقس الدافئ الذى يعشقه السائح، لا سيما السائح الأوروبى الهارب من الصقيع فى بلاده، وبرامج الرحلات المتنوعة فى المزارات، بخلاف اهتمام السائح بتجربة الإقامة فى المراكب النيلية المطلة على المعابد الأثرية.
كما أوضح رئيس غرفة شركات السياحة بالأقصر، أن «غالبية السياح الذين حجزوا إقامتهم بالفنادق الثابتة والعائمة العاملة بين الأقصر وأسوان خلال الكريسماس ورأس السنة، من الإسبان والفرنسيين والإيطاليين والألمان، فضلًا عن تواجد أعداد جيدة من أمريكا وبريطانيا».
ولتأكيد الطفرة فى زيادة أعداد السياح، واستعداد القائمين على السياحة فى الأقصر لمجابهة هذه الأعداد وتوفير أماكن تناسب إقامتهم، بخلاف الفنادق الثابتة باختلاف فئاتها ما بين 3 إلى 5 نجوم، أو الفنادق النيلية «النايل كروز»، بات هناك توجه واضح لترخيص شقق الإجازات، وفقًا لتصريحات «عجمى»، الذى كشف إقبال أكثر من 3 آلاف شقة فندقية بالأقصر للحصول على الترخيص ضمن النمط الفندقى الجديد وحدات شقق الإجازات (Holiday Homes)، لزيادة حجم الطاقة الفندقية بالأقصر لاستيعاب أعداد أكبر من السائحين، مشيرًا إلى رغبة مُلاك الشقق سالفة الذكر للدخول تحت مظلة وزارة السياحة، ولافتًا إلى أن أغلب هذه الشقق كانت تعمل بشكل مستقل ومنفصل، قبل صدور الضوابط الخاصة المنظمة لعمل هذه الشقق من قِبل الوزارة.
وشدد «عجمى» على أن منح الترخيص يكون بعد فحص لجان وزارة السياحة والتأكد من تطبيق معايير الجودة والسلامة والنظافة والصحة المهنية داخل هذه الوحدات قبل منح الترخيص اللازم للتشغيل واستيفاء الاشتراطات لضمان تقديم تجربة إقامة آمنة ومريحة تعكس الصورة المتميزة للسياحة فى مصر.
ولم يغفل رئيس غرفة شركات السياحة بالأقصر، الحديث عن توقعاته للسياحة المصرية بنهاية عام 2025، وتوقعه لما ستحققه السياحة فى 2026، مؤكدًا قدرة مصر على تحقيق أرقام قياسية فى أعداد السائحين خلال السنوات القادمة، مضيفًا أن التقديرات الدولية تشير إلى ارتفاع أعداد السياح مع نهاية عام 2025 لتُسجل 17.8 مليون سائح، ووصولًا إلى أكثر من 20 مليون زائر بحلول عام 2026، فيما تتوقع مؤسسات مثل صندوق النقد الدولى أن ترتفع الإيرادات السياحية من نحو 16.7 مليار دولار فى 2024-2025 إلى 17.1 مليار دولار فى 2025-2026، مع استمرار ارتفاعها حتى تصل إلى نحو 27.4 مليار دولار بحلول 2029-2030، فى ظل استمرار تطوير المقصد السياحى المصرى والترويج العالمى للمشروعات الكبرى مثل المتحف المصرى الكبير.
وشدد «عجمى» على أن هذه المؤشرات تعكس نجاح الدولة فى ربط الثقافة بالاقتصاد والسياحة، بما يعزز صورة مصر على المستوى الدولى، ويوفر فرصا استثمارية جديدة لدعم القطاع وزيادة مساهمته فى الناتج القومى، مؤكدا أن المتحف المصرى الكبير أصبح عنصر جذب رئيسيا بما يسهم فى استدامة النشاط السياحى، ويعزز قدرة مصر على المنافسة عالميًا فى سوق السياحة الثقافية والشاطئية والترفيهية.